كتاب امجاد مريم البتول
القديس ألفونس دي ليكوري
الحزن السادس: في طَعن يسوع بالحربة، وتنزيله من على الصليب
يا عابري الطريق أنظروا وتأملوا هل رأيتم وجعاً مثل وجعي، (مراثي أرميا ص1ع12) فيا أيتها الأنام المتعبدون للبتول القديسة المحزونة اسمعوا ماذا تقول هي نحوكم اليوم:” يا أبنائي الأعزاء أنا لا أريد منكم أن تهتموا في تعزيتي، كلا، لأن قلبي لم يعد بعد موضوعاً قابلاً لأن يحصل (ما دمت في الأرض) على تعزيةٍ ما، بعد موت ابني الحبيب يسوع. فإن كنتم إذاً تريدون أن ترضوني فأنا لا أريد منكم إلا هذا الشيء، وهو أنكم تلتفتون نحوي وتتأملون فيَّ لتنظروا هل يوجد في العالم وجعٌ مثل وجعي، عند مشاهدتي مخطوفاً مني بعذاباتٍ كلية القساوة ذاك الذي كان هو موضوع حبي كله”. ولكن أيتها السيدة إن كنتِ لا تريدين أن تتعزي، وما زلتِ متعطشةً لاقتبال أحزانٍ أخرى. فأنا أقول لكِ أنه ولا بموت ابنكِ قد انتهت أحزانكِ. لأن سيفاً آخر مزمعٌ أن يلج في نفسكِ بعد موته، وهو مشاهدتكِ واحداً من الجند يطعن جنب حبيبكِ بحربةٍ طعنةً بربريةً. ثم بعد ذلك تقتبلين بين يديكِ وفي حضنكِ جسد ابنكِ بعد تنزيله من على الصليب. وها نحن نأخذ الآن بالتأمل في الموضوع السادس لأحزان هذه الأم الإلهية. الأمر الموجب التأمل حسناً والدموع الحارة. فإلى هنا يبان أن أوجاع هذه السيدة قد جاءت رويداً رويداً واحداً فواحداً. وأما في هذا الموضوع السادس فكأن الأحزان بأسرها قد داهمتها معاً.*
فأمرٌ خالٍ من الارتياب هو أنه يكفي القول لأمٍ مع أن ابنها قد مات لأن يلتهب قلبها بنار حبه. ويطعن بسهم فقده. ولهذا قد اعتاد البعض لكي يخففوا نوعاً أحزان الأمهات الفاقدات أولادهن بالموت. أن يأتوا أمامهن بذكر تلك الأشياء التي كان بنوهن سببوا لهن بها (إذ كانوا أحياء) الغيظ أو الإهانة. ولكن إذا أردت أنا أن أتبع نحوكِ أيتها السيدة هذه الطريقة عينها لتخفيف حزنكٍ. فأي حادثٍ يمكنني أن أجده لأذكركِ في أن ابنكِ قد أغاظكِ به كلا، لأن هذا الابن الإلهي قد أحبكِ دائماً وأطاعكِ مطلقاً وكرمكِ على الدوام. ولذلك من يستطيع أن يصف أحزانكِ وآلامكِ على فقده سواكِ أنتِ التي اختبرتِ مفعولها في ذاتكِ. فيقول أحد الكتبة العباد: أنه بعدما مات فادينا على خشبة الصليب فالعواطف الأولى التي مارستها مريم البتول قد كانت أن ترافق بالروح نفس ابنها الكلية القداسة مقدمةً إياها لدى الآب الأزلي، وكأنها كانت تقول له:” إلهي أنني أقدم لك نفس ابنك وابني البريئة من العيب التي قد أطاعتك حتى الموت. فأنت إقبلها بين يديك. وها هوذا عدلك الإلهي قد أستوفى ما يحق له. وإرادتك المقدسة قد أكتملت. وقد أنتهت الذبيحة العظيمة المقربة لأجل مجدك الأبدي: ثم ألتفتت نحو جسد ابنها المائت هاتفةً: أيتها الجراحات ذات الحب المضطرم إنني أسجد لكِ وأهنئكِ، لأنه بواسطتكِ قد أعطى الخلاص للعالم، فأنتِ مزمعةٌ أن تبقي مفتوحةً في جسم ابني الحبيب لكي تكوني ملجأً منيعاً لجميع أولئك الذين يبادرون نحوكِ محتمين فيكِ، لأنه كم وكم من البشر هم عتيدون أن يقتبلوا بواسطتكِ غفران خطاياهم. وبكِ تلتهب قلوبهم بمحبة الخير الأعظم”.*
أما اليهود فإذ أرادوا ألا يكدر فرح ذاك السبت العظيم الواقع في عيد الفصح. قد رغبوا تنزيل جسد يسوع من على الصليب، ولكن لأنهم لم يكونوا يستطيعوا أن ينزلوا أجساد المصلوبين قبل أن تكون انفصلت عنها الأنفس بالموت. فلهذا جاء الجند ومعهم عصي حادة فكسروا ساقي اللص الأول وساقي اللص الآخر ليموتا سرعةً. وأما مريم البتول فكانت واقفةً هناك تبكي على موت حبيبها يسوع. وحالما شاهدت الجنود جاؤوا بالأسلحة وكسروا ساقات اللصين متحهين ضد جسد ابنها أيضاً. ففي الابتداء استوعبت منهم خوفاً. ولكن بعد ذلك، يقول القديس بوناونتورا، قد تفوهت نحوهم هكذا قائلةً: واحسرتاه أن ابني قد مات فأعدلوا عن أن تفترئوا عليه أكثر . وتغاضوا عن أنكم تسببون لي أنا أمه المسكينة آلاماً أمر: إلا أنه وفيما كانت هي تخاطبهم بهذا الكلام الصوابي. وإذا بها شاهدت واحداً من الجند قد دنا من جسد يسوع. وبقوةً شديدةٍ طعنه في جنبه بالحربة التي كانت بيده. وللوقت خرج من ذاك الجنب الأقدس المفتوح على هذه الصورة بطعن الحربة دمٌ وماءٌ (يوحنا ص19ع34) ففي هذه الطعنة ومن جرائها قد ارتج جسد يسوع مع صليبه. وانقسم قلبه المقدس. كما أوحى للقديسة بريجيتا. وإنما خرج من جنبه المطعون دمٌ وماءٌ، لأنه لم يكن باقياً في جسده تعالى شيء من دمه كله سوى تلك النقط القليلة التي استمرت مخزونةً في قلبه. فهو أراد أن تهرق هذه أيضاً من أجلنا ويخرج في أثرها الماء ليشير إلينا بأنه لم يعد عنده دمٌ يقدمه عنا. فيقول لاسبارجيوس العابد: أن الإهانة والإفتراء الصادرين عن هذه الطعنة بالحربة قد ألحقتا بيسوع، وأما الوجع والتألم المختصان بها فألتحقا بقلب مريم. ثم أن الآباء القديسين يرتاؤون بأن هذه الطعنة هي حقيقة ذاك السيف الذي قال عنه البار سمعان الشيخ لوالدة الإله متنبئاً بأنه كان عتيداً أن يحوز في نفسها. السيف الذي لم يكن من الحديد بل من مرارة الحزن الذي طعنت به نفسها المباركة الموجودة على الدوام ساكنةً بالحب داخل قلب أبنها المطعون بهذه الحربة. وفيما بين الآخرين الذين فسروا ذلك على هذه الصورة هو القديس برنردوس القائل (في مراثيه على العذراء): أن الحربة التي طعن بها جنب يسوع قد جازت في نفس مريم التي لم تستطع أن تفارق هذا القلب المطعون. كما كان سبق لها الإيعاز بذاك السيف الذي كان عتيداً أن يحوز في نفسها: بل إن العذراء المجيدة عينها قد أوحت للقديسة بريجيتا قائلةً: أنه حينما كانت الحربة تجذب خارجاً من قلب ابني كان يظهر رأسها مغموساً بالدم. ووقتئذٍ كان يبان أن قلبي أنطعن مفتوحاً عند نظري قلب ابني الحبيب مطعوناً بها:.*
حتى أن الملاك أخبر القديسة بريجيتا في الوحي: بأن أوجاع مريم البتول من قبل هذه الطعنة كانت بهذا المقدار شديدةً مؤلمةً، بنوع أنها بأعجوبةٍ إلهيةٍ لم تمت هي وقتئذٍ من مرارة التوجع: ثم أنه كان يوجد لهذه السيدة في حين أوجاعها الأخرى من يخففها عنها نوعاً وهو يسوع حياً متشفقاً عليها. أما في الوجع المذكور فلم يكن معها هذا المعزي الذي قد مات:.*
ومن حيث أن هذه الأم الإلهية كانت تخاف بالصواب من أن أعداء ابنها يمارسون ضد جسده الطاهر إهاناتٍ أخرى ذات افتراءٍ نفاقي. فقد توسلت إلى يوسف الرامي في أن يلتمس من بيلاطس أن ينزل هذا الجسد من على الصليب، حتى يمكنها قلما يكون بعد موت حبيبها أن تحفظ جسمه ناجياً من الإهانة والإفتراء الممكن أن يلتحقا به جديداً. فمن ثم انطلق يوسف عند بيلاطس، وأعرض لديه حال الأحزان والأوجاع الملمة بقلب هذه الأم المتألمة على ابنها، وكيف كانت هي تشتهي أن تنال تنزيل جسده عن الصليب. وحسب رأي القديس أنسلموس أن بيلاطس حينئذٍ قد أخذته الشفقة على أمٍ هذه صفتها، ورثي لها، آذناً ليوسف بأن ينزل جسد ابنها عن الصليب. ويدفنه حيثما يشاء. وهذا الأذن قد وضع بالعمل وهكذا أنزلوا جسم المخلص من الخشبة. أواه أيتها البتول الكلية القداسة. هوذا العالم رد إليكِ ابنكِ الذي كنتِ بحبٍ هكذا عظيمٍ أعطيتيه إياه: ولكن واحسرتاه (تقول مريم للعالم) بأية حالٍ أنت ترده لي: أن حبيبي أبيض أشقر منتخب من بين ربواتٍ: (نشيد ص5ع10) فأنا سلمتك ابني كلي البياض أحمر اللون، وأنت ترجعه إليَّ الآن لا بلونه بل مسوداً مصبوغاً بالدماء معدوماً من قبل الجراحات المكتسية بها أعضاء جسده. أنا دفعته إليك قريداً في جماله وحسنه وأنت ترده لي فاقد الصورة وعديم الجمال. فهو كان يجتذب القلوب إلى الغرام بحبه بمجرد النظر إلى بهاء طلعته. والآن تكره العيون أن ترمقه لسوء حاله. فيقول القديس بوناونتورا: أواه كم من السهام الأليمة قد رشقت قلب هذه الأم المحزونة، وكم من السيوف اجتازت في نفسها، حينما أحضر لديها جسد يسوع منزلاً من على الصليب. فيكفي التأمل في الحزن الذي يلم اعتيادياً بكلٍ من الأمهات عندما تشاهد جسد ابنها ميتاً. فقد أوحى إلى القديسة بريجيتا بأنه في حين تنزيل جسد يسوع من الصليب قد استعملت ثلاثة سلالم. وأن التلاميذ قد صعدوا عليها فأقتلعوا أولاً المسامير من يدي الجسم الطاهر ومن رجليه، وسلموها بيد والدته (كما كتب سمعان ميتافراسته) وبعد ذلك البعض منهم كان ماسكاً الجسد من فوق وبعضهم من أسفل، وهكذا أنزلوه من الخشبة. أما برنردينوس البوسطي فيلاحظ متأملاً كيف أن هذه الأم الموعبة من مرائر الحزن أقبلت نحو التلاميذ لتعانق جسد حبيبها المحمول منهم. رافعةً يديها منتصبةً على رؤوس أصابع رجليها لمساعدتهم، وكيف أنها بعد أخذها إياه في حضنها وسندته على ركبتيها جالسةً تحت صليبه. محدقةً بنظرها في جسمه، متأملةً في فمه المفتوح، وعينيه المعتمتين، ولحمانه الممزقة المملوءة جراحاتٍ، وعظامه المجردة، ثم كيف أنها رفعت إكليل الشوك المغروس في رأسه متأملةً في الثقوبة الموجودة في هامته المقدسة من تلك الأشواك ناظرةً إلى يديه ورجليه المثقوبة من المسامير وقائلةً:” واحسرتاه يا ابني ونور عيني إلى أية حالٍ أوصلتك محبتك العظيمة للبشر، فترى أي شرٍ صنعت أنت معهم حتى أنهم عاملوك بهذه القساوة. فأنت كنت معي أباً لي وأخاً وعروساً، وأنت حبيبي وتنعمي ومجدي وكل شيءٍ كنت أملكه. فأنظر إليَّ يا ابني بما أنا فيه من الأحزان والأوجاع وأرمقني بنظرك معزياً إياي. ولكن أواه أنت ما عدت تشاهدني، فأعطيني كلمةً يا كلمة الله وعزني بلفظةٍ واحدةٍ، وأويلاه أنت ما عدت تفه بكلمةٍ لأنك قد مت”. ثم بعد ذلك يلاحظها برنردينوس المذكور ملتفتةً نحو آلات آلامه قائلةً نحوها: أيتها الأشواك القاسية، والمسامير والحربة الجارحة المؤلمة، كيف أمكنكِ أن تعذبي بهذا المقدار خالقكِ. ولكن أنتم يا معشر الخطأة أنتم هم الذين عاملتم ابني هذه المعاملة السيئة المرثى لها.*
أي نعم إن مريم العذراء هكذا كانت تتشكى بالصواب منا حينئذٍ إلا أنه لو أمكنها أن تكون هي الآن موضوعاً قابلاً لأن تحزن وتتألم. فترى أي شيء لكانت تتكبد منا عند مشاهدتها إيانا نحن البشر. بعد أن صلب ابنها عنا ومات من أجلنا نجدد ثانيةً صلبه وموته بفعلنا الخطايا والآثام التي هو تألم من جرائها ومات ليفي عنها. فإذاً يليق بنا ويلزمنا ألا نحزن بعد قلب هذه الأم الموجوعة. وإذا كنا فيما مضى نحن أيضاً سببنا لها التألم بمآثمنا، فلنصنعن الآن ما تقوله هي لنا عن لسان النبي أشعيا هاتفةً نحونا: ارجعوا أيها الفجار إلى القلب: (ص46ع8) أي ارجعوا أيها الخطأة إلى قلب ابني يسوع المجروح، وعودوا إليه تائبين وهو يقتبلكم محتضناً. فاهربوا منه بحسب كونه قاضياً وأرجعوا إليه بحسب كونه فادياً. اهربوا من المحكمة القضائية إلى منبر الصليب: (كما يقول عن لسانها الأنبا غواريكوس) ثم أن هذه السيدة قد أوحت للقديسة بريجيتا بأنها حين اقتبالها جسد يسوع من على الصليب في حضنها، قد أغلقت هي بيدها عينيه. ولكنها لم تقدر أن تجمع ذراعيه وتضمهما إلى صدره. مريداً مخلصنا أن يشير إلينا بأنه يرغب أن ذراعيه تستمراه مفتوحتين ليعتنق بهما جميع الخطأة التائبين الراجعين إليه تعالى من كل قلوبهم: فيا أيها العالم (تقول هذه السيدة المتألمة مع حزقيال النبي ص16ع8) قد مررت بك وإذا حينك حين الأحباء. فهوذا ابني قد مات ليخلصك يا أيها العالم. فليس هو حينك بعد الآن حين الخوف والجزع، بل حين الحب والانحباب، حين الانعطاف بالحب الحقيقي نحو من أظهر لك حقائق حبه إياك باحتماله حباً بك هذا المقدار من الآلام الشديدة: فيا أيها الخطأة، يقول القديس برنردوس، إن قلب المسيح قد جرح جرحاً حسياً ظاهراً، حتى عندما تعاينوا هذا الجرح المنظور تفطنوا بجرح المحبة الغير المنظور التي هو أحبكم بها: وهنا تختتم والدة الإله خطابها الذي عن لسانها يقوله العلامة أيديوطا بهذه الكلمات وهي: إن كان ابني قد أرتضى بأن يفتح جنبه بطعن الحربة لكي يعطيك قلبه أيها الإنسان، فعادلٌ وصوابي هو أنك تعطيه أنت قلبك واهباً إياه له: ويقول أوبارتينوس الذي من كازاله: إن كنتم يا أولاد مريم البتول تريدون إرادةً ثابتةً أن تجدوا مكاناً في قلب يسوع، فأمضوا جملةً مع هذه السيدة وهي تستمد لكم هذه النعمة:*
* نموذج *
قد أخبر التلميذ (في كتابه الملقب برحمة مريم البتول) عن أحد الخطأة الأشقياء الذي فيما بين مآثمه الأخرى الشنيعة كان قتل أباه وأخاه الطبيعيين. فهذا يوماً ما دخل في زمن الصيام الكبير إلى أحدى الكنائس وأستمع هناك من الكاروز عظةً مختصةً بسمو المراحم الإلهية. ومن ثم تقدم من تلقاء ذاته إلى منبر الاعتراف مقراً بخطاياه، فلما أستمع منه معلم الاعتراف تلك الكبائر المملوءة شناعةً ونفاقاً، قد أرسله إلى أمام أحد الهياكل المختصة بوالدة الإله المتألمة، ليتوسل إليها هناك في أن تستمد له من الله تألماً قلبياً وتوجعاً حقيقياً على تلك الخطايا وتنال له نعمة غفرانها. فهذا الخاطئ أطاع الأمر وذهب أمام الهيكل المشار إليه وأبتدأ أن يتضرع بحرارةٍ لهذه الأم الرؤوفة. إلا أنه في الحال سقط هو على الأرض مائتاً، ففي الصباح التالي حينما كان الكاهن يطلب من الشعب الحاضر أن يتوسلوا لله من أجل نياح نفس ذاك الإنسان المتوفي بموت الفجأة، وإذا بحمامةٍ كلية البياض دخلت إلى الكنيسة طائرةً وطرحت عند قدمي الكاهن المومى إليه الورقة التي كانت هي ماسكتها برجليها، فأخذ الكاهن الورقة ففتحها ورأى مكتوبةً فيها هذه الكلمات وهي: أن نفس هذا الراقد حالما خرجت من جسدها قد دخلت من دون مانع إلى الملكوت السموي. وأما أنت فواظب على كرزك فيما يختص بعظم المراحم الإلهية. فيا لاقتدار العذراء المتألمة على إكتساب الندامة للخطأة.*
† صلاة †
أيتها البتول المتألمة يا ذات النفس العظيمة في الفضائل والشجاعة في الأوجاع أيضاً. إنه إذ كانت هذه وتلك أي الفضائل والأوجاع إنما تتولد فيكِ عن لهيب نار ذاك الحب الذي به تحبين الله. لأن قلبكِ لا يعرف أن يحب شيئاً غيره تعالى، فأرحميني يا أمي أنا الذي ما أحببت الله بل أني أغظته مراتٍ هكذا عديدةً، إلا أن أحزانكِ تعطيني رجاءً عظيماً في نوال غفران خطاياي، غير أن هذا لا يكفيني. فأنا أريد أن أحب سيدي، فمن هو الذي يمكنه أن يستمد لي منه عز وجل هذه النعمة نظيركِ أنتِ التي هي أم المحبة الجميلة. آهاً لي يا مريم فأنتِ من عادتكِ أن تعزي الجميع بمنح المواهب فعزيني إذاً أنا أيضاً آمين.*
†
No Result
View All Result
Discussion about this post