كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الرابع:
حول عواطف الاحترام وروح الغيرة والمحبة والتعلق والثقة الذي يجب أن يكون فينا نحو البتول القديسة.
الفصل الأول
عن عظائم أم الله
العبد
مهما كانت عواطفنا نحوك أيتها البتول القديسة فلن تبلغ درجة تتناسب مع عظائمك التي فاقت دائماً مدى تصورنا. فحتى نتكلم عنك كما يجب ينبغي أن نعرف كيف نتكلم عن أعظم كائن من بعد الله وعن أعجب ما يوجد بعده في نظام النعمة والكمال والقدرة والمجد. منك ولد يسوع، وإذا الإنجيل لا يتوسع أكثر من هذا في مديحك فهو لأن هذه الكلمة هي كافية لأن تكون الأساس لكل مديح يمكن أن يوجه إليك. ليست مرتبة أم الله التي نلتها سوى نوع من القربى نشأت لك مع الكائن الأسمى، إذ من نتائج الأمومة الإلهية التقرب بقدر الإمكان من الألوهية. هذه المرتبة عقدت بينك وبين الرب ميثاقاً أضحت بقوته ابنة الله الآب وأماً للابن الإلهي وعروسة للروح القدس بنوع عجيب لا يليق إلا بك، وغدوت بقوة عين الميثاق كملكة حقيقية على الكون كله وسلطانة للسماء. فالقول بأن مريم ولدت يسوع معناه بأنه لا شيئ أسمى من مريم. فيا أيتها الأم القديسة: إن الأسمى بين الملائكة بالنعمة والكمال لا يقدر أن يكون إلا من عداد عبيدك وخدامك نظراً لما يفصل بينك وبينه من البون الشاسع إن الشرف المنعكس عليك من ابنك هو مقياس شرفك، وبسمو الابن تعرف الأم. ليس من العسير أن ندرك بأن لقب أم يسوع السامي هو ينبوع النعم التي أفاضها الله عليك، ومصدر الامتيازات والألقاب الأخرى التي زانك بها. لقد خولك هذا اللقب نوعاً من السيطرة على كنوز نعم يسوع، وقوة مطلقة في التشفع لديه. إنني لفاهم بأن النتائج العامة التي لحقت بالبشرية بسبب الخطيئة الأصلية لم تشمل قط أم إلهي الكلية الحب والمستحقة المحبة والمختارة منذ الأزل لهذه المرتبة.
كما وأفهم أيضاً بأن منحك لابن الله تلك الحياة التي افتدانا بها على الصليب قد استحق لك لقب وسيطة الخلاص دون إلحاق أي تنقيص أو تقليل من قيمة ابنك الذي هو الوسيط الوحيد. مع ذلك أفهل يمكنني أن أفهم جيداً عظمة مرتبتك؟ آهاً! إن كل ما في أم الله لعظيم ومثير لإعجاب السيرافيم أنفسهم! لقد اختصرت بكلمة قلتها أمام نسيبتك أيلشباع كل ما صنعه الله معك إذ أنشدت. لقد صنع بي عظائم القوي والقدوس اسمه. والكنيسة المقدسة، بالرغم من محبتها لك وغيرتها على مجدك، تعلن بأنها غير قادرة على أن تجد العبارات اللأئقة لتنشد مديحك، خاصة عندما تتأمل بأنك قد حملت في أحشائك من لا تسعه السماوات! يا أم إلهي العجيبة! أنني أشعر نحوك في نفسي بأعمق وأجلى إعجاب! إن منظر عظائمك وسموك يلقيني في رعب مقدس وفي خشوع يجعلني كعدم وكلا شيئ أمامك.
No Result
View All Result
Discussion about this post