كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الرابع:
الفصل العاشر
عن الثقة التي يجب أن تكون لنا بمريم، وخاصة للخطأة الذي يرومون العودة إلى ربهم ونيل الغفران عن خطاياهم
مريم
يظهر يا بني بأن ثقتك بي ليست بعد كاملة! إنك تماطل أحياناً في الالتجاء إلي في حاجاتك، وأحياناً تبدو كمن يشك بنواياي الصالحة نحوه. أريد أن تكون لك في عين الثقة التي للولد في أمه التي يقتنع بحنوها وصلاحها. أريد أن تلتجئ إليّ في كل وقت ومكان، وفي كل احتياجاتك الروحية والزمنية، للنفس والجسد، لأهلك وأصدقائك. إن عدم اللجوء إلي ّ إلا من وقت لآخر، كما يفعل بعض المسيحيين في فرصة أعيادي أو بمناسبة بعض الأعمال المهمة أو في الحاجات الأكثر ملحة، لا يدل على ثقة كاملة بي. خذ المثال من الكنيسة: فهي لا تطلب شيئاً من الله إلا باستخدامها وساطتي، ولاتوجد نعم لا تلتجئ إليّ في طلبها التجاءها إلى تلك التي أوكل الله إليها توزيع هذه النعم على أولادها. وتصرف الكنيسة هذا يطابق تماماً روح الله. فليكن إذاً هذا التصرف قاعدة لك. لتكن لك على مثالها ثقة متواصلة، شاملة، مضطرمة، حلوة، ممتلئة محبة. اذهب إلى الله بيسوع وإلى يسوع بأمه! إنني إحدى الطرق الأكثر أمناً للوصول إلى يسوع والحصول عليه والقبول لديه برضى.
العبد
إنني أعترف ياملكة السماء بقدرتك وبجودك. ولكن: أليس من غيراللائق بك أن تهتمي بخاطئ مثلي؟ هل لبتول هذا عظم نقائها وغيرتها على مجده تعالى أن تلقي علي نظرة إشفاق؟
مريم
يابني: ألست ملجأ الخطأة؟ إنني أتشفع بجميع الذين سيندبونني بثقة بقصد الرجوع إلى الله وخدمته إن الله الذي يروق له اهتمامي بالخطأة لم يرفض قط المصالحة التي طلبتها لهم. لا بل: أنا الملجأ الوحيد المتبقي لخطأة كثيرين والواسطة الوحيدة التي يقدمها لهم الرب للعودة إلى صداقته. لكم وكم من المسيحيين قد نلت نعمة غفران المآثم العظيمة العدد؟! لقد التمسوا مني أن أسترهم تحت كنف حمايتي خوفاً من عدالة الله، فحاميتهم حتى صالحتهم مع ديانهم. من الخطأة من لا زال قاصداً المضي في حياته الأثيمة، معللاً نفسه بأنني سأمنحه نعمة عدم الموت في حال الخطيئة. إن ثقة كهذه هي ثقة ملؤها الجسارة والاعتداد بالنفس، ولاشيئ يهينني مثل هذه الثقة المزيفة. إلا أن من الخطأة أيضاً من يأن تحت ثقل سلاسل آثامه وهو يحاول تقطيع هذه السلاسل، ولمعرفته بمدى ضعفه تراه يثق بي مؤملاً شفاعتي لنيل نعمة الغفران والشجاعة. ليأت إلي مثل هذا وليقترب مني، إنني لن أرذله بل سأقبله بمحبة.
العبد
يا أم إلهي: ما إن بلغ صوتك هذا إلى أذني حتى تبدد اضطرابي وعادت إلي ثقتي بك أكثر من أي وقت مضى. إنك في نظري مثل الحمامة التي ظهرت من بعد الطوفان، حاملة غصن الزيتون رمز السلام. ألا أقبلي تحت حمايتك الخلاصية خاطئاً متألماً، مختزياً، منسحقاً على معاصي حياته السابقة، وقاصداً محوها بدمه. نالي لي نعمة البكاء على خطاياي بكاء مراً وأن أفضل الموت على أن أقترف من جديد خطيئة تغيض ربي! ألا يا من أحللت السلام بين الله والبشر بواسطة ثمرة أحشائك المقدسة، ضعي السلام بيني وبين ضميري، وبيني وبين ربي! يابتولاً قديرة وممتلئة جودة وصلاحاً: كم يجب أن نشكرك على جزيل الإحسانات التي ننالها من الله بواسطتك. لتتكرس لك كل القلوب، ولتتفتح كل الأفواه لترتيل مدائحك. لتقل السماء للأرض دائماً: المحبة والمجد لمريم، ولتجاوب الأرض للسماء قائلة: المحبة والمجد لمريم دائماً وإلى الأبد.
No Result
View All Result
Discussion about this post