كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الرابع:
الفصل الحادي عشر
عن الصلاة المعروفة بالسلام الملائكي
إنك تردد هذه الصلاة يومياً للاستغاثة بالعذراء مريم. ولكن هل فكرت يوماً بما تحويه من أمور ممجدة لها ومسلية ومرشدة لك؟ تأمل بهذه الكلمات قليلاً عند أقدام المذبح لتتمكن من تلاوتها بالاحترام الذي تثيره فيك وبالانتباه الذي تفرضه عليك. إنك تسلم على مريم كممتلئة نعمة. أفهل فهمت ما حوته هذه الكلمات من عظائم؟ معنى ذلك أنها قد جعلت حصتها النعمة المقدسة والنعم الحالية والفضائل الفائقة الطبيعة وكل مواهب الروح القدس. فعندما تتلفظ بهذه الكلمات افرح بهذا ملئ النعم الذي حازت عليه واطلب منها أن تجعل لك حصة في كنزها هذا الثمين. إنك تقول لها: الرب معك. وبالحقيقة إن الرب كان مع مريم بطريقة خاصة لم يكن بها مع أي مخلوق، حتى ولا مع الأبرار. إنه كان فيها بحماية خاصة وبتوجيه كل قوى نفسها. فضع في قلبك عندما تتلفظ بهذه الكلمات شوقاً حاراً وصحيحاً إلى أن تشارك هذه البتول القديسة بسعادتها التي لا تثمن. وماذا للإنسان أن يتمنى حين يكون الله معه؟ ومالذي لا يرجوه حينئذ؟ ومالذي يقدر أن يحزنه؟ إنك تهنىء مريم بكونها مباركة في النساء، أعني لكون أن الله قد خصها بامتيازات لم يجد بها على غيرها. أعرب إذاً بعاطفة باطنية عن فرحك بمحبة الله لمريم وبالبركات المعطاة لها من قبل الأرض والسماء. وتزيد قائلاً مع القديسة اليشباع بأن ثمرة بطنها يسوع هي مباركة. وبالحقيقة أن ثمرة أحشاء مريم هي مباركة ومسجود لها وممجدة في كل الكون.
فعليك إذاً أن تتذوق حينئذ اللذة التي تشعر بها النفس المحبة ليسوع لدى تأملها بهذا الأمر. ثم إن الكنيسة تجعلك تطلب من العذراء أن تصلي لأجلك أنت الخاطئ. وبذلك تريد أن تفهمك بأنك لا تستحق بسبب معاصيك أن يستجيبك الله، وإن مريم ستستجاب إذا صلت لأجلك. وبالحقيقة إن الله يستجيبها لأنه أمه، وهذا ما يحدو بالكنيسة إلى أن تحملك على أن تندبها بهذا الاسم الحلوعلى قلبها والعظيم المجد لها. فكأنك تقول لها: يامريم القديسة: إنك أم الله: لذلك فقدرتك بالقرب من ابنك لا يحدها شيئ، وهذه القدرة تكون بالاتحاد مع جودك أساس ثقتي بك. وأخيراً إنك تطلب من العذراء الطاهرة أن تصلي لأجلك الآن وفي ساعة موتك. إن أخطار الخلاص كثيرة في الحياة، وأنت في حاجة متواصلة إلى حماية كذلك قوية. إلا أن الحاجة إلى هذه الحماية تبلغ أقصى ضرورتها في ساعة الموت حين يضاعف أعداء الخلاص جهودهم لإهلاك النفس. إن ساعة الموت هذه ساعة مرعبة، إلا أنه لم يحدث لأحد عبيد مريم أن مات ميتة المرذولين.
No Result
View All Result
Discussion about this post