كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الرابع:
الفصل الرابع عشر
عن العبادة لمار يوسف خطيب مريم العذراء
إن اعتبارنا القديس يوسف خطيب العذراء القديسة الموضوع الأول لعبادتنا بعد تكريسنا ذاتنا للعذراء ذاتها يعني تقديم برهان جديد ومقبول لهذه الأم المباركة عن محبتنا لها. وكم يجب أن يكون عظيماً إكرامنا لهذا الرجل القديس الذي أختاره الله ليكون وصياً على طفولة كلمته المتجسد وشاهداً ومحافظاً على بتولية مريم أمه. لقد سهر في المحافظة على مقدس اسرائيل، وحمل في مختلف الأوقات والظروف تابوت العهد الجديد وائتمن على ثمن خلاص الجنس البشري. لعمري: إنه لمجد عظيم أن يكون للإنسان في هذا الحياة سلطة شرعية على ملكة السماء والأرض، بل وعلى ملك الأجيال الذي وحده لا يموت وبه يليق كل مجد. وللحصول على تفكير صحيح عن الاستحقاق السامي الذي حازه هذا القديس العظيم يكفي الاعتقاد بأنه خطيب مريم، وفضائلها تساعدنا في الحكم على فضائله. لقد أعطى الرب لمريم خطيباً لأئقاً بها. لنفكر قليلاً بالانطباعات السماوية التي كان يثيرها الطفل الإلهي في قلب يوسف حين كان هذا القديس العظيم يضمه إلى صدره. إن يوسف كان عائشاً بمعية من هو ينبوع النعم وبمعية القناة المعدة لتوزيعها.
فيا ما أعظم الخيرات الروحية التي حازها من جراء ذلك: الصبر، الوداعة، التواضع، محبة القريب، محبة الله. لقد سطعت فيه كل الفضائل متلالئة بدرجة سامية جداً. فيا أيتها النفس المسيحية الراغبة في حياة باطنية متعبدة، ألتجئ بثقة عظيمة إلى شفاعة هذا القديس العظيم الذي مارس هذه الحياة بنوع كذا كامل لتنالي ما تطلبين. إن الكنيسة قد شيدت معابد عظيمة لله إكراماً للقديس يوسف، وعينت له عيداً، وتدعو أبنائها بواسطة العبادات التي أيدتها كي ينظروا إليه نظرهم إلى محام من أعظم المحامين عنهم لديه تعالى. إن المؤمنين يندبون اسم يوسف بحرارة خاصة، وغالباً يتحدونه مع اسمي الشخصين القديسين اللذين عاش معهما بصلات وروابط هذا عظم قوتها. لوكنا قد احتجنا إلى نوال نعم من يسوع ومريم حين كانا على الأرض في بيت يوسف وتحت رعايته أفهل كان يمكن أن نجد وسيطاً لنا لديهما أقوى منه؟ لعمري! أفهل أضحت شفاعته اليوم أضعف مما كانت له لدى يسوع ومريم حين كانا على الأرض؟ اذهب إلى يوسف ليتشفع بك. ومهما كان نوع النعمة التي تطلبها منه فالرب سيمنحها له. بل ومهما كانت أحوالك ووضعيتك فهذه الأحوال يجب أن تقدم لك حافزاً لتثق بيوسف بنوع خاص. فعلى الأشراف والأغنياء أن يتذكروا حين يتشفعون بيوسف بأنه كان من أحفاد القديسين والملوك. وعلى الفقراء أن يتذكروا بأنه لم يرذل حالتهم ولم يستنكف من العيش في حالة مماثلة لحالتهم، إذ عاش في الفاقة والشغل اليدوي كعامل بسيط. وعلى البتوليين أن يفكروا بأنه قد حافظ على البتولية، وعلى المتزوجين أن يتأملوا بأنه كان ولي أقدس العائلات التي أمكن أن تنوجد على الأرض. وعلى الأولاد أن يعتبروا بأن يوسف كان مدبراً ليسوع وحارساً ومحافظاً لطفوليته. وعلى الكهنة أن يفكروا بأن يوسف قد حاز على شرف احتواء يسوع مراراً بين ذراعيه، وقد قدم لله الآب باكورة دم يسوع في يوم الختانة. وعلى الأشخاص المترهبين أن يفكروا بأن يوسف قد قدس خلوته في الناصرة بانهزامه التام عن العالم وبمحادثاته القلبية مع يسوع وأمه القديسة. وأخيراً على الأنفس المتعبدة والحارة أن تفكر بأن ما من قلب من بعد قلب مريم قد أحب يسوع بشوق وحنو مثل قلب مار يوسف. فاذهب إلى يوسف لنوال النعم التي ترغبها، وخاصة لنوال نعمة الميتة الصالحة. إن الرأي القائل بأن يوسف قد مات بين يدي يسوع ومريم قد ولد الثقة العظيمة في المؤمنين كي يؤملوا بشفاعته ميتة صالحة وسعيدة ومسلية كميتته. وقد لوحظ بأن المؤمنين قد حصلوا على ثمار تعبدهم ليوسف في ساعة موتهم خاصة.
صلاة خاطئ أمام صورة أم المعونة
أيتها البتول النقية مريم القديسة، أم يسوع المسيح الإله والإنسان المجيدة، ملكة الملائكة وسيدة المعونة الدائمة، إني الخليق الأكثر إثماً بين كل الخلائق جاثية عند أدامك، وتجرأ على أن يرفع نظره إليك طالبا شفاعتك. إنك ملجأ الخطأة ومحامية الأبرار، فلا ترذليني يا بتولأً حليمة بل اسمحي لي أن أعرض عليك احتياجاتي بعيون دامعة وقلب متحسر ومنسحق بالندامة الواجبة. إنني لعارف أيتها البتول القديسة بأنني غير أهل للعطف بعد كل تلك السقطات المتكررة، وأنني لن أحصل على إجابة طلبي إلا بتأثير حمايتك. إنك تعاينين ما آلت إليه حالي من تعاسة، إن الأشياء التي تخدع قلبي لا زالت تشغفني وتجذبني، ولا زالت الفرص تدفعني نحو أباطيل العالم، ونار شهواتي تلهبني كحمى محرقة. إني أرى ذاتي مثل الرماد الميت عن كل فضيلة ومثقلاً بوزر خطاياي بدرجة لا بد وأن تصل بي إلى عمق الهاوية إذا لم تسنديني بعونك.
أيتها الأم الإلهية: إنك عارفة بأنه تأتي أوقات أرى فيها جيداً شناعة مآثمي، وأمقتها قاصداً الكف عنها، بل وأحاول أحياناً النهوض من سقطاتي هذه، إلا أن هذا يتم، ويا للأسف، بطريقة هزيلة ومتمايلة حتى أنني أعود بسرعة كلية إلى السقوط في الآثام الأولى. فيا أم المعونة الدائمة، هل لك أن ترفضي علي ّ معونتك وأنا في هذه الحالة التعيسة؟ إنك محاميتي ورجائي القوي من بعد الله، فنالي لي من ابنك المسجود له النعمة لكي لا تتسلط عليّ الكبرياء ومحبة الذات، الحدة والغضب، عدم الثبات والخفة، لئلا تهلك لإى الأبد نفسي ههذ المنكودة الحظ. إنها عارفة بأن ليس لها أن تنتظر إلا الموت الأبدي نظراً للخوف المستحوذ عليها وبسبب الهاوية المفتوحة أمام أقدامها. فيا شفيعتي الحنون، أشفقي عليّ وعجلي في مساعدتي قبل أن تتوصل وقاحتي الى تيبيس ينبوع المراحم الإلهية عني فأضحي عديم الاستحقاق إلى الأبد لنعم الله ولغفران خطاياي. لقد قالوا عنك دائماً يا أم الله المجيدة بأنك لم تهملي أحداً قط ولم تردي من التجأ إليك بقلب منسحق متضع في وسط أحزانه وضيقاته طالباً شفاعتك الحنونة والقديرة. فأرتضي إذاً بصلوتي أيتها السيدة القديسة وموزعة نعم الرب، ولا تسمحي لعدم أهليتي كي تحجي عني عون جودك الوالدي. امنحيني أن أشعر بثمرة جودك ولطفك في وسط تعاستي وضيقاتي. وإذا نلت لي هذه النعمة فسأرذل كل ما في العالم من أمور جذابة، ولن أحتفظ بحب إلا للتوبة والفضيلة، ولن أشته شيئاً آخر في العالم غير محبة الله، وستشغل إحساناتك نفسي بكذا نوع حتى أن افكاري وأقوالي وأعمالي ستكون مكرسة لخدمة سيدنا يسوع المسيح ابنك الحبيب الذي له المجد والوقار والبركة والمديح مع الآب والروح القدس مدى الأبدية كلها آمين.
No Result
View All Result
Discussion about this post