كتاب امجاد مريم البتول
القديس ألفونس دي ليكوري
الممارسات المتنوعة لتكريم مريم البتول
أيتها المتلألئة بالضياء أنه لا يستطيع العدو الجهنمي، أن يأخذ من عبيدكِ أحداً، لأنكِ برجٌ مبنى بالمحاصن ومعلقٌ عليه ألف ترس، وكافة أسلحة المقتدرين.(نشيد6/10)
ثم رأيت أمرأة ملتحفة بالشمس، والقمر تحت قدميها، وعلى رأسها إكليل من أثنتي عشر كوكباً.(رؤيا12/6)
التكريم الثاني: في العبادة الملقبة بالتسعاوية، التي تمارس في مدة تسعة أيامٍ
* في العبادة الملقبة بالتسعاوية، التي تمارس في مدة تسعة أيامٍ*
* متقدمةٍ على كلٍ من أعياد والدة الإله*
إن الذين يكرمون العذراء المجيدة يكرمون بحسن تدينٍ الأيام المتقدمة على أعيادها المقدسة، التي فيها هذه الأم الإلهية تهب أعتيادياً لهؤلاء أنعاماً خصوصيةً غير محصاة. فالقديسة جالتروده قد شاهدت يوماً ما تحت برفير مريم البتول عدداً عظيماً من الأنفس، قد كانت هذه السيدة ترمقهن بحبٍ ورأفةٍ وانعطافٍ، وقد فهمت هي أي جالتروده أن تلك الأنفس هي أنفس أولئك الذين يمارسون عباداتهم بأستعداداتٍ تقويةٍ لتكريم عيد نياحها المقدس، في الأيام المتقدمة على هذا العيد. أما الرياضات الروحية التي تمكن ممارستها في الأيام التسعاوية المشار إليها فهي الآتي إيرادها، أي*
أولاً: صنيع الصلاة العقلية كل يومٍ صباحاً ومساءً، مع زيارة القربان المقدس في أحدى الكنائس، ثم تلاوة تسع مراتٍ: أبانا الذي: والسلام لكِ: والمجد للآب:*
ثانياً: أن تعمل في مدة التسعة الأيام ثلاث مراتٍ الزيارة لهذه السيدة الجليلة أمام أحدى أيقوناتها المقدسة. مع تقدمة الشكر لله على النعم العظيمة التي وهبها تعالى إياها. وفي كل مرةٍ من هذه الزيارات تطلب من العذراء المجيدة نعمةٌ ما خصوصية. وفي أحدى الزيارات المذكورة تتلى الصلاة المعينة في آخر الفصل المختص بذاك العيد المقبل، المدونة منا في الفصول السبعة الملاحظة أعيادها السنوية السبعة، في المقالة الأولى من هذا القسم الثاني.*
ثالثاً: أن تمارس في بحر هذه التسعة الأيام مراتٍ كثيرةً أفعال الحب نحو يسوع المسيح، ونحو والدته العذراء (مثلاً مئة مرةً أو قلما يكون خمسين) لأنه لا يمكننا أن نصنع شيئاً أكثر قبولاً لديها، من عواطف حبنا نحو ابنها، حسبما حققت ذلك هي نفسها للقديسة بريجيتا بقولها لها: أن كنتِ ترغبين أن تتحدي بي برباط الأتحاد الوثيق فأحبي أبني يسوع:*
رابعاً: أن تصير في كل يومٍ من هذه الأيام التسعة، قراءة مقدار ربع ساعة من الزمان، في بعض الكتب المختصة بتكريم والدة الإله*
خامساً: أن تعمل بعض أماتاتٍ خارجة، كلبس المسح أو ممارسة الجلد، وأمثال ذلك مع الصوم، أو الأمتناع عن بعض أشياء من المآكل المرغوبة أو من الأثمار المحبوبة قلما يكون بترك جزءٍ من ذاك الشيء المقدم على المائدة للغداء، وكذلك مضغ بعض الحشائش المرة. وأما بارامون العيد فيصير فيه الصوم على الخبز والماء فقط، غير أنه يجب أن تمارس هذه الأشياء كلها بأذن الأب المرشد الروحي. الا أن الإماتات الباطنية التي تصنع في مدة هذه التسعة الأيام هي أكثر أفادةً، كالأمتناع عن مشاهدة تلك الأشياء أو أستماع تلك الأخبار التي لا أحتياج إليها، بل بمجرد رغبة الفحص عن كل شيء، وكالابتعاد عن ضوضاء العالم في الأنفراد بقدر الإمكان، وحفظ الصمت، وإتقان واجبات الطاعة، وعدم رد الجواب بقلة صبرٍ، واحتمال المقاومات، وما يضاهي ذلك مما تمكن ممارسته من دون خطرٍ مبين للمجد الباطل، وبأعظم أجرٍ للنفس، ومن غير أذن المرشد الروحي. واما الرياضة الفضلى، فهي القصد الثابت من أول يومٍ من الأيام المذكورة على استئصال ملكةٍ رديئة، أو عادةٍ مذمومةٍ، أم نقصٍ يسقط فيه العابد مراتٍ كثيرةً. ثم يفيد جداً أن يطلب الغفران من هذه السيدة في كلٍ من الثلاث الزيارات السابق ذكرها، عن النقائص التي تكون حدثت، مع تجديد القصد على عدم الرجوع إليها، وطلب العون من هذه العذراء المجيدة على الحفظ من السقوط جديداً. فالعبادة الأكثر قبولاً لدى والدة الإله هي أقتفاء أثر فضائلها. ولهذا سوى ما تقدم إيراده، يفيد كثيراً أن يصير الاجتهاد في أن تكتسب في كل تسعاويةٍ من هذه الأيام فضيلةٌ ما من فضائلها، أي أن العابد يهتم في أن يكتسب لذاته مثلاً فضيلة نقاوة النية، في الأيام المختصة بعيد الحبل بها البريء من دنس الخطيئة الأصلية. وفضيلة التجديد بالروح من فتور العبادة، في أيام عيد ميلادها. وفضيلة احتقار الأشياء الزمنية، واستئصال محبة ذاك الموضوع الذي هو يميل إليه بأشد أنصبابٍ، في أيام عيد تقدمتها للهيكل. وفضيلة التواضع وأحتمال الأهانات بصبرٍ في أيام عيد بشارتها بالحبل الإلهي. وفضيلة محبة القريب بعمل الصدقات وأمثالها، في أيام تذكار زيارتها عند نسيبتها القديسة أليصابات، أو قلما يكون يصلي من أجل أرتداد الخطأة إلى التوبة. وفضيلة الطاعة للرؤساء في أيام عيد تطهيرها، أي تقدمتها ابنها إلى الهيكل. وأخيراً فضيلة احتقار خيرات الأرض والاستعداد يومياً إلى الموت، كأن كل يومٍ هو الأخير من حياته، في أيام عيد نياحها. فعلى هذه الصورة تثمر الأيام التسعاوية الأثمار العظيمة.*
سادساً: ما عدا تناول القربان المقدس في يوم العيد، فحسنٌ هو أن العابد يستمد الأذن من مرشده الأب الروحي بأن يتناول السر الأقدس مراتٍ أخرى في بحر التسعة الأيام. فكان الأب بولس السنيري من عادته أن يقول: أنه لا يمكننا أن نكرم مريم العذراء بأفضل نوعٍ، إلا حينما نكون متحدين مع يسوع: بل إن هذه السيدة عينها قد أوحت إلى نفسٍ من الأنفس القديسة بأنه لا توجد لديها تقدمةٌ أكثر قبولاً، من أن مكرميها يواظبون تناول جسد ابنها الإلهي. لأنه تعالى بهذه الرياضة يجمع بيديه من الأنفس أثمار آلامه المقدسة.
ثم يبان كأن هذه الأم الإلهية لا تشتهي شيئاً أكثر من هذا العمل الجليل، ولذلك تهتف نحو الجميع عن لسان الحكيم قائلةً: تعالوا كلوا من خبزي وأشربوا الخمر الذي مزجته لكم.*
سابعاً: وأخيراً يلزم أن المصلي يقدم ذاته في يوم العيد، بعد تناوله القربان المقدس لخدمة هذه الملكة. مع إلتماسه منها نعمة تلك الفضيلة التي يكون هو في الأيام المتقدمة عزم على أكتسابها، أم أنه يطلب منها نعمةً أخرى خصوصيةً. وأمرٌ مفيدٌ هو أن يصير في كل سنة الأجتهاد، في أحد الأعياد الذي يكون للعابد تعلق قلبٍ به أشد مما سواه. في أن يجدد في هذا العيد عبوديته لهذه الأم الإلهية بأكثر حرارةٍ، وبأشد أنعطافٍ، وبأفضل نوعِ. متأهباً ليكرس ذاته من جديد لخدمتها، متخذاً إياها شفيعته ومحاميته الخصوصية. وأماً له بأحترامٍ تقويٍ خاص. وحينئذٍ يلزمنا أن نطلب من العذراء المجيدة الغفران عما صدر منا من التهاون في عبادتها في تلك السنة الماضية، وأن نعدها بالأمانة في خدمتها بكل نشاطٍ في السنة المقبلة. وأخيراً أن نلتمس منها بتضرعاتٍ حارةٍ أن تقبلنا عبيداً لها، وأن تستمد لنا نعمة الميتة الصالحة.*
تـنـبـيـه
أنه توجد في الجزء3 من الباب 7وجه 137 من كتاب الرياضة اليومية صلاتان، أحدهما لتكريس الإنسان ذاته لتكريم وتبجيل هذه السيدة، وثانيهما لتكريسه لها عائلته. فعليك أيها العابد باستعمالهما.*
في طريق العدل أتمشى، في وسط سبل الحق، فأورث محبي رزقاً واملأ خزائنهم. (أمثال8/20)
Discussion about this post