كتاب امجاد مريم البتول
القديس ألفونس دي ليكوري
الممارسات المتنوعة لتكريم مريم البتول
90 خبراً
وهي نبذةٌ مضافةٌ منا إلى تأليفنا هذا، حاويةٌ تسعين خبراً ذات آياتٍ، مصنوعة بشفاعات والدة الإله الكلية القداسة، مأخوذة من كتب علماء مدققين معتبرين جداً.
أنه يوجد البعض الذين إذ يفتخرون باعتدادهم بذواتهم، وبحكمة عقولهم المخدوعة فيعتبرون كرامةً لهم أن لا يصدقوا شيئاً من العجائب كلها، سوى تلك المدون أخبارها في الكتاب المقدس العتيق والجديد. وهكذا يحتسبون باقي العجائب الأخرى كأنها خرافاتٌ نسائية عجائزية. ولكن يفيد ضد هؤلاء أن نورد ما يقوله عدلاً وصواباً الأب العلامة الحسن الديانة يوحنا كراسات وهو:” إنه بمقدار ما أن الأنام الصلحاء هم متأهبون لأن يصدقوا العجائب بسهولةٍ، فبمقدار ذلك الأشخاص الأشرار هم سريعون في أن ينكروها باستهوانٍ، ويستهزئوا بها. ثم كما أنه لضعفٌ مذمومٌ هو أن الإنسان يصدق كل شيءٍ من دون استثناء، فهكذا بالعكس هو إما نوعٌ من عدم الإيمان رذل العجائب المشهود بحدوثها وبحقائقها من أناس رصينين تقاة، كأنه أمرٌ غير مستطاع عند الله فعل المعجزات، وإما هو نوعٌ من الجسارة إنكار صدق تخبير أنامٍ علماء مسيحيين تقاة خبيرين”. ثم إن الأب كانيسيوس يقول:” إنه يوجد خطرٌ أقل وأدنى في الاعتماد والاعتقاد على ما يكون قيل من أناسٍ صلحاء بظروفٍ ممكنة، ولا يكون ذلك رذل من الأنام العلماء، ويكون راجعاً لصلاح السيرة ولإفادة القريب الروحية، من أن يرفض ذلك مطلقاً باحتقارٍ وبروح الجسارة”. فلنأتِ إذاً إلى إيراد التسعين خبراً.*
الخبر الأول: إن الأب أورياما قد أخبر بأنه في بلاد جرمانيا قد كان سقط أحد الرجال في خطيئةٍ ثقيلةٍ، وإذ لم يشاء من جهةٍ أولى أن يعترف بها لشدة خجله منها، ومن جهةٍ أخرى لأنه لم يقدر أن يحتمل توبيخ ضميره من قبلها، وليأسه مضى ليطرح ذاته في النهر فيموت! غير أنه بعد ذلك توقف عن هذا الفعل، وشرع يبكي طالباً من الله بدموعٍ أن يغفرها له من دون اعترافه بها لأحد الكهنة. فليلةً ما وهو نائم شعر بلامسٍ يهز أحد كتفيه مع صوتٍ يقول له: اذهب فأعترف بخطيئتك: فقام ومضى إلى الكنيسة، ولكنه ما أعترف بذنبه. وإذ سمع في ليلةٍ أخرى الصوت عينه، فانطلق ثانيةً إلى الكنيسة إلا أنه عند وصوله إليها قال أنه كان يريد بالأحرى أن يموت من أن يورد للكاهن تلك الخطيئة، ولكنه قبل أن يرجع إلى بيته أراد أن يأتي أمام أيقونة والدة الإله الكلية القداسة. الموجودة في تلك الكنيسة ويتوسل إليها في أن تسعفه، فحالما جثا أمامها مصلياً قد شعر في ذاته أنه تغير بكليته عما كان قبلاً، ومن ثم نهض مسرعاً، وطلب معلم الاعتراف باكياً بدموعٍ غزيرةٍ من قبل النعمة التي فاز بها من البتول المجيدة، وهكذا اعترف بخطاياه كلها، وبعد ذلك قال، إنه قد كان مسروراً بأبتهاجٍ قلبي بنوعٍ أفضل وأعظم مما لو يكون امتلك جميع الذهب الموجود في العالم كله.*
الخبر الثاني : أنه مدون في التاريخ المريمي تحت سنة 1505 أن أحد الشبان إذ كان مسافراً بحراً، قد كان يقرأ كتابٍ دنسٍ محبوبٍ منه جداً. فأحد رفاقه الركاب الذي كان راهباً قد دنا منه وسأله قائلاً: أتريد أن تهب والدة الإله شيئاً واحداً: وإذ أجابه الشاب: أي نعم أني أريد ذلك: فقال له الراهب: إني أشتهي منك أن تترك حباً بمريم البتول هذا الكتاب، وأنك تطرحه في البحر: فأجابه الشاب: هوذا الكتاب فخذه أيها الأب: إلا أن الراهب قال له: كلا، أنا لا آخذه بل أرغب منك بأنك أنت ذاتك تصنع هذا الإيهاب لمريم العذراء، فقام الشاب ورمى الكتاب في البحر، فوالدة الإله حينئذٍ قد أضرمت في قلبه نار حبٍ شديد بهذا المقدار نحو الله، ونحو فضيلة العفة، حتى أنه حالما بلغ المركب إلى جانوا مكان مولد الشاب، قد ترك هو العالم من دون تأخيرٍ، وتمسك بالعيشة الرهبانية.*
الخبر الثالث: أنه يذكر في الرأس 6 من تاريخ بونيفاسيوس المختص بالعذراء، أن أحد النساك في جبل الزيتون في أورشليم كان حاوياً في قلايته أيقونة والدة الإله خشوعية جداً، وكان من عادته أن يصلي أمامها متواثراً. فإذ لم يحتمل الشيطان مشاهدة عبادةٍ هكذا حارة نحو هذه السيدة، شرع يجرب ذاك الناسك بتجاربٍ قوية جداً ضد العفة، بنوع أن الشيخ المتوحد لنظره ذاته متعوباً بهذا المقدار من التجارب، وأنه لم يكن ينجو منها بعد صلواتٍ حارةٍ ومتواثرة، فقال هو يوماً ما للشيطان: ترى ماذا صنعت معك أنا من الشر حتى أنك تعذبني ولا تدعني أن أعيش بسلامٍ: فحينئذٍ ظهر له الشيطان، وأجابه قائلاً له: إن العذاب الذي أنت تذيقني إياه هو أشد مرارةً جداً مما أنا أعذبك به. فالآن أحلف لي بقسمٍ بأن تحفظ سراً ما أقوله لك عما أريد منك أن تترك صنيعه، وأنا أعدك بألا أعود أقلقك مجرباً. فالنساك حلف له كمرغوبه، ووقتئذٍ قال له إبليس: إني أريد منك إلا تعود تنظر إلى تلك الأيقونة التي أنت حاويها في قلايتك: فالناسك قد أضطرب جداً. ومضى إلى الأنبا ثاودوروس ليأخذ إرشاده فيما كان يلزمه أن يصنعه، فهذا الأب البار أجابه بأن الحلف الذي هو صنعه للشيطان كان باطلاً لا يلزمه بالوقوف عنده، وحرضه على أن لا يتغافل عن أن يلتجئ إلى والدة الإله، بواسطة تلك الأيقونة الموجودة في قلايته، بل يواظب على تصرفه السابق. فالناسك أطاع الأمر وسلك بموجبه. وهكذا بقي إبليس مخزياً ومغلوباً.*
الخبر الرابع: أنه يوجد مسطراً في العدد 2 من الرأس 22 من سيرة حياة الأب انطونيوس ده كولاليوس، عن امرأةٍ جاءت يوماً ما عند الأب أنوفريوس آنا الذي من الجمعية الملقبة بالأكارين الأتقياء في مملكة نابولي لتعترف لديه بخطاياها وهي مملوءة رعدةً وخيفةً، لأجل أنها كانت معاشرة عشرةً دنسةً أثنين من الشبان، اللذين أحدهما بحركة الغيرة الدنسة قتل الآخر. ثم أخبرت هذا الأب بأنها في الساعة عينها التي فيها مات مقتولاً ذاك الشاب الشقي، قد ظهر هو لها متردياً بالسواد، مزنراً بالسلاسل، باعثاً من كل جهات جسده شهائب نارٍ متقدة، حاملاً بيده آلة حديدية. وأنه دنا منها ورفع ذراعه بذاك الحديد ليقطع به عنقها ذابحاً، وأنها هي حينئذٍ قالت له: أواه يا فلان (داعيةً إياه بأسمه) ما الذي صنعته بك، حتى أنك تريد أن تميتني: فأجابها الهالك وهو موعبٌ رجزاً وغضباً قائلاً لها: ويحكِ يا كلبة، أتقولين لي ماذا صنعتِ بي، فأنتِ قد خسرتيني الله. فحينئذٍ الامرأة استغاثت باسم مريم البتول الكلية القداسة، وحالما سمع ذاك الخيال الجهنمي اسم مريم الموقر من السماويين والأرضيين، غاب عن الامرأة ولم يعد يظهر لها، ولذلك هي بادرت إلى عمل التوبة.*
الخبر الخامس: كتب باجيوكالي بأنه حينما كان القديس عبد الأحد يعظ في مدينة كاركاسونا من بلاد فرنسا، قد أُحضر إليه أحد الأراتقة الألبيجازيين الذي لأجل ازدرايه وتكلمه مشتهراً ضد عبادة المسبحة الوردية، قد اعترته الشياطين معذبين إياه. فحينئذٍ القديس المذكور أمر الأبالسة باسم الإله الحي، بأن يعترفوا جهاراً، في هل أن كرزه هو وتعليمه بخصوص الوردية المقدسة، كان صادقاً حقيقياً أم لا. فالأبالسة قد صرحوا بصوتٍ مرجفٍ عظيمٍ قائلين: أصغوا يا مسيحيين وأعرفوا أن جميع ما قاله عدونا هذا عن مريم، وعن الوردية الكلية قداستهما، فهو حقٌ صادقٌ خالٍ من الارتياب: ثم أضافوا إلى ذلك بقولهم: أنه لا توجد لهم استطاعة ضد عبيد مريم ولا قوة بالكلية، وأن كثيرين في ساعة موتهم من غير استحقاقٍ منهم يستغيثون باسم مريم ويفوزون بالخلاص: وأخيراً قالوا: إننا لمضطرون بأن نشهر علانيةً، أنه ولا واحدٌ من أولئك الذين يثبتون على عبادة مريم العذراء وورديتها يمضي هالكاً، لأن هذه البتول تستمد للخطأة منهم قبل موتهم نعمة الندامة الندامة الحقيقية وهكذا يخلصون: فبعد هذا صير القديس عبد الأحد الشعب المسيحي الحاضر أن يتلو المسبحة الوردية. فيا له من عجبٍ، وهو أنه على كلٍ من: السلام لكِ يا مريم: كان يخرج من ذلك المعترى عددٌ وافرٌ من الشياطين بصورة جمرات نارٍ متقدة، وحينما أكمل الشعب تلاوة المسبحة الوردية قد برأ الرجل ونجا بالكلية من الأرواح النجسة. فلأجل حدوث هذه الأعجوبة كثيرون من الأراتقة قد ارتدوا إلى الإيمان الكاثوليكي.*
الخبر السادس: قال بونيفاسيوس في الرأس 4 من كتابه 4، عما أخذه عن الطوباوي ألانوس. مخبراً عن ابنة أحد الأمراء، بأنها كانت عائشةً ضمن أحد ديورة الراهبات، ومع أن هذه الابنة كانت حسنة الديانة والنشاط في العبادة، فمع ذلك من حيث أن الروح الرهباني كان فاتراً في ذاك المكان، فهي من ثم لم تكن تتقدم في الفضيلة، ولكن لأجل أنها تعلمت فيما بعد من أحد معلمي الاعتراف الغيورين، كيفية تلاوة المسبحة الوردية مع التأمل في أسرارها. وبدأت تمارس ذلك بالعمل، فحصلت على تغييرٍ عظيم بنوع أنها أضحت نموذج الفضائل لجميع الراهبات. ولذلك إذ صعب عليهن روح انفرادها قد حركن ضدها اضطهاداً قاسياً جداً. فيوماً ما إذ كانت هي تتلو الوردة متوسلةً لوالدة الإله في أن تسعفها في حال ضيقها، وفي الاضطهاد الثائر عليها منهن، قد رأت وإذا برسالةٍ هابطة فوقها من السماء، محررٌ عنوانها هكذا:” من مريم والدة الإله، إلى ابنتها يوفانا السلام”. وكان داخلها مكتوباً بهذه الألفاظ وهي:” واظبي يا ابنتي العزيزة على تلاوة ورديتي، وابتعدي عن المعاطاه مع أولئك الذين لا يفيدونكٍ أن تعيشي بالصلاح، احترسي لذاتكِ من البطالة، ومن روح الفخفخة والمجد الباطل، وأرفعي من قلايتكِ الأشياء الغير الضرورية، وأنا أحامي عنكِ أمام الله”. فبعد ذلك قد جاء رئيس عام الرهبنة ليفتقد ذاك الدير. ويجدد فيه الروح الرهباني، ولكن لم يستفد شيئاً، وقد شاهد يوماً ما هذا الرئيس العام أن الشياطين كانوا يدخلون إلى قلالي الراهبات كلهن. ما عدا قلاية يوفانا، لأن والدة الإله التي رأى هو أمامها يوفانا جاثيةً مصليةً، كانت تطرد عنها هؤلاء الأرواح الشريرة، فلهذا إذ فحص هو عنها عرف أمر مثابرتها على تلاوة الوردية، ثم قضية الرسالة السابق ذكرها، فرسم على الجميع أن يمارسوا تلاوة الوردية، وفي زمنٍ قليل أضحى ذاك الدير كأنه فردوسٌ سماوي. لأجل التغيير العظيم الذي حصل عند الجميع.*
الخبر السابع: قد أخبر ديوتالوس في عظته على الأحد الأول من الصوم الكبير، بأنه كانت في مدينة روميه أمرأةٌ دنسة السيرة أسمها كاترينا الجميلة. فهذه إذ سمعت يوماً ما القديس عبد الأحد متكلماً في وعظه عن عبادة المسبحة الوردية المقدسة، قد اكتتبت هي مشتركةً فيما بين أخوات هذه الشركة. وابتدأت أن تتلو الوردية، ولكن من دون أن تترك أفعالها الدنسة، فليلةً ما قد جاء إليها شابٌ ما كان يظهر عليه أنه شريف الأصل جداً، فهي اقتبلته بكل كرامةٍ، وإذ جلس معها على مائدة العشاء وأخذ يكسر الخبز، فشاهدت هي متساقطةً من يديه على المائدة نقطٌ كثيرة من الدم. كما أنها لاحظت أن جميع الأشياء التي هو كان يأكل منها وجدت مصبوغةً بالدم. فحينئذٍ هي سألته ماذا كان ذاك الدم، فأجابها الشاب، بأن الإنسان المسيحي يلزمه أن لا يأكل شيئاً من القوت إلا أن يكون مخضباً بدم المسيح، ومملحاً بتذكرة آلامه تعالى المقدسة، فلما أنذهلت هي من هذا الجواب، قد طلبت إليه أن يعرفها عن ذاته من كان هو، فأجابها قائلاً: إني سأعرفكِ من أنا فيما بعد: ففي نهاية العشاء قد ذهبت هي وإياه إلى محلٍ آخر من بيتها، إلا أنها عندما كانت معه هناك قد شاهدته تغير عن حاله الأولى، وظهر مكللاً على هامته بأكليل من شوكٍ، ولحمانه كلها مهشمةٌ تسيل منها الدماء. ووقتئذٍ قال هو لها:” أتريدين أن تفهمي من هو أنا، أما تعرفيني، فأنا هو مخلصكِ، فإذاً يا كاترينا متى تنهي إهاناتكِ إياي، فأنظري وتأملي كم أنا أحتملت من الآلام لأجلكِ، يكفي ما قد أحزنتيني به، وجددتِ آلامي لحد الآن، فكفي عن ذلك وغيري سيرتكِ”. فكاترينا عند سماعها هذا الخطاب بدأت تبكي بمرارةٍ وشهيقٍ، أما يسوع فأخذ يشجعها قائلاً: فإذاً الآن أحببيني بمقدار ما أغظتيني، وأعلمي أنكِ قد فزتِ مني بهذه النعمة لأجل تلاوتكِ وردية أمي:. وهكذا غاب عنها. فكاترينا مضت في الصباح التالي لتعترف بخطاياها عند القديس عبد الأحد عينه، وبعد اعترافها قد وزعت على الفقراء جميع ما كان لها، وأخذت تستسير سيرةً بهذا المقدار مقدسةً، حتى أنها بلغت إلى درجاتٍ ساميةٍ من الكمال المسيحي. وقد ظهرت لها والدة الإله مراتٍ كثيرةً، بل أن مخلصنا يسوع المسيح نفسه قد أوحى للقديس عبد الأحد، بأن هذه التائبة قد أضحت لديه عزيزةً محبوبةً في الغاية.*
الخبر الثامن: قد كتب الأب أورياما في الرأس 11 من المجلد 2 من تأليفه عما أخبر به الطوباوي ألانوس، عن امرأةٍ شريفةٍ اسمها عبدة الأحد، التي في الأول كانت مثابرةً على تلاووة الوردية المقدسة، إلا أنها إذ أهملت فيما بعد تلاوتها بالكلية فأحاق بها الفقر من كل ناحيةٍ بهذا المقدار، حتى أنها يوماً ما لأجل يأسها من الحياة قد ضربت ذاتها بالسكين ثلاث ضرباتٍ، وانطرحت في الأرض مدنفةً على الموت، ولكن إذ كانت في حال النزاع والشياطين منتظرين موتها ليأخذوا نفسها، قد ظهرت لها البتول الكلية القداسة وقالت لها:” أنكِ قد نسيتيني يا ابنتي، ولكنني أنا ما نسيتكِ لأجل مسبحة الوردية التي حيناً ما كنتِ تصلين بها تكريماً لي، فإذاً إن كنتِ تعودين إلى تلاوتها فأنا أرد لكِ الحياة الجسدية، والموجودات الزمنية معاً التي فقدتيها”. فعبدة الأحد نهضت حينئذٍ من الأرض سالمةً، وأخذت تواظب تلاوة الوردية بكل عبادةٍ، وحصلت على موجوداتها الفاقدة، وعند موتها قد زارتها من جديد هذه الأم الإلهية، ومدحتها على أمانتها، وهكذا تنيحت بقداسةٍ.*
الخبر التاسع: قد أخبر كارتاجينوس، بأنه كان في مدينة ساراغوتسا رجلٌ شريف الأصل أسمه بطرس، مفسود السيرة بنوعٍ فائق في الشرور والمآثم، وكان نسيباً للقديس عبد الأحد، فلما كان هذا القديس يوماً ما يكرز هناك في إحدى الكنائس، قد شاهد نسيبه هذا بطرس داخلاً إليها، ولذلك توسل هو باطناً أي القديس لدى الرب، في أن يظهر تعالى للشعب كم كانت سيئةً حال نفس ذاك الإنسان التعيس، فطلبته استجيبت، لأن بطرس قد استحال على الفور الى صورةٍ بشعةٍ مريعةٍ كأنه مسخ جهنمي مسحوباً من عددٍ كبير من الشياطين، ومحاطاً منهم. فالشعب عند نظرهم إياه بهذه الحال المخيفة خرجوا من الكنيسة هاربين، حتى امرأته نفسها التي كانت هناك وخدامه أعينهم تركوه وحده، فحينئذٍ القديس عبد الأحد أرسل إليه أحد رفاقه يقول له أن يلتجئ إلى والدة الإله مستغيثاً بها، ويبتدئ بتلاوة المسبحة الوردية التي أرسلها إليه مع الشخص عينه. فإذا فهم ذلك بطرس اقتبله بأتضاعٍ، وشكر فضل البار، ووقتئذٍ حصل على النعمة في أنه هو نفسه شاهد الشياطين محيطين به، فمن ثم تقدم إلى منبر التوبة واعترف بخطاياه بدموعٍ سخية عند القديس المذكور عينه، الذي طمأنه مؤكداً لديه أن الله قد غفر له مآثمه. ومنذ ذلك الوقت ثابر على تلاوة الوردية نامياً في القداسة والكمال. حتى أن الرب قد أرتضى بأن يظهره في الكنيسة مكللاً بثلاثة أكاليل من ورد. فمن يريد الاطلاع على أخبار أخرى مختصة بالوردية فليقرأ ما هو مشروحٌ عن ذلك في تأليف كارتاجينوس.*
الخبر العاشر: قد سطر في الرأس 15 من كتاب ثاوفانوس رايندوس، بأنه كان موجوداً في جبال مدينة تريدنتوس. أو بالحري ترنتوس أحد اللصوص الذائع الصيت في القتل والسلب، فهذا اللص إذ صودف يوماً ما من أحد الرهبان الذي أخذ ينصحه في أن يغير سيرته. فأجابه بأنه لم يعد عنده رجاءٌ في إصلاح ذاته، لأنه لا دواء لأمراضه الروحية، فحينئذٍ قال له الراهب: لا يا أخي تشجع وأصنع ما أقوله لك، وهو أن تصوم نهار السبت إكراماً للعذراء والدة الإله، وفي اليوم المذكور لا تضر أحداً، وهي تستمد لك من الله أن لا تموت خالياً من نعمته تعالى: فاللص أقتبل هذه المشورة الصالحة، ووضعها بالعمل، ملزماً ذاته بها بنذرٍ أبرزه في هذا الشأن. ولكيلا يخالف نذره المذكور بدأ يجول نهار السبت من دون سلاحٍ. فأتفق له أنه اذ كان في يوم سبتٍ في محلٍ ما، وهناك جاءت عليه جنود الوالي. فكيلا يقطع هو نذره قد ترك الجنود يقبضون عليه من دون أن يحامي عن ذاته ممانعاً. فحينما مثل مقيداً أمام القاضي، وهذا رآه شيخاً شائب الشعر متضعاً أراد أن يعفي عن موته. إلا أن اللص بنعمة والدة الإله طلب إليه بخشوعٍ أن يجري عليه صرامة العدل، لأنه كان يريد أن يقتبل الموت غفارةً عن خطاياه، وهناك في ديوان الشريعة عينها شرع يعترف جهاراً بمآثمه واحداً فواحداً، عن جميع ما صنعه في مدة حياته، مذرفاً الدموع الغزيرة، حتى أن الحضار كلهم طفقوا يبكون متخشعين. فبعد ذلك قطعت هامته ودفن جسده في حفرةٍ بقلة كرامةٍ. إلا أنه عقيب دفنه قد شوهدت والدة الإله، وبرفقتها أربع عذارى قديسات، قد دنون من جثة الميت، وأخرجنها من تلك الحفرة، ولفينها بسباني نقيةٍ منسوجةٍ بالذهب، وحملنها وأتين بها برفقة العذراء المجيدة الى باب المدينة، وسلمنها للجنود الحرس. وحينئذٍ أمرت هذه السيدة أولئك الجنود بأن يذهبوا عند أسقف الأبرشية، ويقولوا له عن لسانها هكذا:” أحتفل بكرامةٍ في دفن جسد هذا المتنيح في الكنيسة الفلانية، لأنه كان عبداً أميناً لي”. فالأمر قد وضع بالعمل، وقد تقاطرت الشعوب الى هناك، وكلهم شاهدوا بأعينهم جثة الميت مدروجةٍ بتلك السباني المنسوجة ذهباً، وبعد دفنه الأحتفالي. يقول كيساريوس أن رهبان تلك الجمعية كلهم تمسكوا بصيام يوم السبت.*
الخبر 11: قد كان في بلاد البورتوغال أحد المتعبدين للبتول الطوباوية، يمارس تكريماً لهذه السيدة صوم يوم السبت على الخبز والماء فقط، وكان اتخذ محاميين وشفيعيين من أجله لديها القديسين ميخائيل زعيم الملائكة، ويوحنا الإنجيلي. فلما دنت ساعة موته، قد ظهرت له هذه الملكة وصحبتها القديسان المذكوران، وإذ تفرست هي فيه بوجهٍ باشٍ قالت لهما، إجابةٍ لتوسلهما من أجله:” أني لا أنطلق من هنا مالم أصحب معي نفس عبدي هذا إلى السعادة الأبدية”.*
الخبر 12: أنه في أحد أعمال رسالة آباء جمعيتنا المنسوبة للفادي، قد اتفق أنه بعد نهاية العظة المختصة بوالدة الإله، التي اعتيادياً تصنعها آباء جمعيتنا في كلٍ من أعمال الرسالات. قد جاء أحد الآباء رجلٌ شيخٌ مملؤٌ من السنين ليعترف لديه بخطاياه، وكان موعباً من البهجة والتعزية، ثم قال للكاهن: أعلم يا أبتي أن والدة الإله قد صنعت معي النعمة. وإذ سأله الأب بقوله: أية نعمةٍ صنعت معك: فأجابه المعترف قائلاً: فليكن معلوماً عندك يا أبتي أني منذ مدة خمسة وثلاثين سنةً قد كنت مارست سر التوبة بأعترافٍ نفاقي، لأني حياءً قد أخفيت في الاعتراف تقصداً خطيئةً مميتةً كنت سقطت بها، وقد حصلت فيما بعد في بحر هذه السنين مراتٍ كثيرةً في خطر الموت، وبلا شك لو مت لهلكت مؤبداً. أما الآن فالبتول المجيدة قد استمدت لي النعمة، ومست قلبي بالتوبة فحضرت لأعترف بخطاياي كلها. وكان يتفوه بهذه الكلمات مع هطل الدموع السخية من عينيه، بنوع يحرك إلى الخشوع الكلي. فبعد أن تمم الكاهن استماع اعترافه قد سأله أية عبادةٍ كان هو يمارس تكريماً لوالدة الإله، فأجابه بأنه دائماً كان يمتنع في أيام السبوت، تكرمةً لهذه السيدة عن أكل البياض مكتفياً بالطبائخ المعمولة بزيتٍ، وأنه لأجل ذلك قد عاملته أم الرحمة هذه بمراحمها، في أنه قبل موته يفوز بنعمة التوبة. وقد سمح لمعلم اعترافه المومى بأن يشهر هذا الحادث.*
الخبر 13: أنه يوجد مدوناً في الرأس 10من الكتاب 3 المدعو التسابيح، عن أحد اللصوص في بلاد نورمانديا، أنه إذ قطعت هامته من أعدائه، وطرحت في أحد الوديان، فكان يسمع صوتٌ تصرخ به تلك الهامة: يا مريم أمنحيني أن أعترف بخطاياي: فلما بلغ هذا القول لأحد الكهنة قد أسرع إلى الوادي واستمع اعتراف ذاك الرأس المقطوع. وبعد أن منحه الحل قد سأله أية عبادة كان يمارس نحو والدة الإله، فأجابه اللص بأنه كان في كل سبتٍ يصوم يوماً واحداً تكريماً لهذه السيدة، وأنها لأجل ذلك أنقذته هي من الهلاك الأبدي. وحفظته في الحياة إلى أن اعترف بمآثمه.*
الخبر 14: قد كتب العلامة بوفيوس في النموذج التاسع من المجلد 3 من أخبار عجائب والدة الإله. عن اثنين من الشبان الأشراف كانا في مدينة مادريد عاصمة مملكة أسبانيا. يساعد أحدهما الآخر على صنيع القبائح الدنسة. وعلى التمرغ في حماة الرذائل، فأحد هذين الرجسين قد شاهد ليلةً ما في الحلم أن رفيقه أخذ من رجالٍ سودٍ، وطرح في بحرٍ هائج. وأن هؤلاء السود، جاءوا إليه ليصنعوا به نظير رفيقه، إلا أنه ألتجأ هو إلى والدة الإله، ونذر على ذاته التمسك بالعيشة الرهبانية، ومن ثم نجا من أولئك الرجال السود. وأنه قد شاهد أيضاً يسوع المسيح جالساً في ديوان عدله، ممتلئماً غيظاً ضده وأن العذراء المجيدة كانت تتوسل لديه تعالى من أجله. فلما أستيقظ من النوم، وجاء عنده رفيقه الشاب، فهو أخبره بالحلم الذي رآه كما تقدم القول. فذاك الشاب عند سماعه ذلك أخذ يستهزء به ضاحكاً منه بسخريةٍ، إلا أنه في الوقت عينه قد رشق بسهمٍ من يدٍ غير منظورة. وسقط في الأرض مائتاً، فلما رأى الشاب الذي شاهد الحلم أن الرؤيا قد تحققت في رفيقه. بادر حالاً إلى منبر التوبة وأعترف بخطاياه تائباً، وعزم على أن يضع بالعمل وعده بالدخول في إحدى الرهبنات. ولهذا قد باع كل ما كان له، ولكنه عوضاً عن أن يوزع أثمانه على الفقراء والمحتاجين، قد جذبته ملكاته الرديئة السابقة إلى السقوط من جديد في القبائح، حيث أصرف أثمان أملاكه في البذخ والسكر والمآثم. وبعد ذلك انطرح مريضاً. فشاهد في الحلم رؤيا أخرى وهي أنه نظر أمامه الجحيم مفتوحاً. والديان الإلهي كان يبرز ضده حكومة الهلاك، فألتجأ هو من جديد إلى العذراء أم الرحمة وهي تقدمت أمام ابنها وبتوسلاتها لديه من أجله قد خلصته، فنهض من المرض معافى، ولكن عوضاً عن أن يتوب رجع إلى افتعال قبائح أشد شناعةً. ثم أنطلق إلى مدينة ليما في بلاد الهند الشرقي حيث سقط في مرضه عينه، وأخذ إلى البيمارستان. وهناك قد مس الله قلبه جديداً للتوبة، فاعترف بخطاياه عند الأب فرنسيس بارلينوس اليسوعي، واعداً إياه بأن يغير سيرته. إلا أنه ولا في هذه المرة أيضاً أكمل وعده بالعمل. فأخيراً إذ دخل فيما بعد هذا الأب إلى بيمارستان آخر بعيدٍ عن “ليما”، قد رأى هناك ذاك الشاب التعيس مطروحاً في الأرض، فالشاب حينما شاهده عج صارخاً:” أواه يا لتعاستي أنا المقطوع الرجاء أن هذا الأب قد حضر إلى ههنا لازدياد عذابي، ولكي يشاهد الانتقام مني، فأنا قد جئت من مدينة ليما إلى هذا المكان، الذي فيه لأجل خطاياي قد بلغت إلى هذه الحال الشقية بالعذبات، وهوذا أنا ماضٍ إلى الهلاك”. وإذ كان يتفوه بهذه الكلمات أسلم روحه الأثيمة، من دون أن يحصل ذاك الأب على دقيقةٍ من الزمان ليساعده قبل موته.*
الخبر 15: أنه يوجد محرراً تحت سنة 1618 من التاريخ المريمي، عن إنسانٍ مجرمٍ كان حكم عليه في بلاد جرمانيا بالموت، إلا أن هذا المخصوم قد صر على عناده بعدم إرادته أن يعترف بخطاياه، قبل أن تجرى عليه بالعمل حكومة الموت. فأحد الآباء اليسوعيين لم يترك من جهده جهداً في إقناعه بالاعتراف، حتى أنه كان يتململ على قدميه باكياً بتوسلاتٍ حارة، ولكن من دون فائدةٍ. فإذ رأى أنه بذلك يضيع الزمن سداً لإصرار المذنب على رفضه التوبة. فأخيراً قال له: أرجوك إذاً بأن تتلو معي مرةً واحدةً:” السلام لكِ يا مريم”. فالخاطئ قبل توسله وتلى معه السلام الملائكي. وإذا به على الفور طفق يبكي بشهيقٍ، وحالاً اعترف بمآثمه نادماً بانسحاقٍ قلبي عظيم. وأراد أن يموت معانقاً أيقونة والدة الإله المقدسة كما تم.*
الخبر 16: قد أخبر الأب أورياما في الرأس 7 من المجلد الأول بأنه كان في إحدى مدن بلاد أسبانيا إنسانٌ أثيمٌ منافقٌ، قد كان أسلم ذاته بجملتها للشيطان، ولم يكن قط اعترف بخطاياه، بل جميع الخير الذي كان هو يصنعه لم يكن شيئاً آخر سوى تلاوته كل يومٍ مرةً واحدةً السلام الملائكي، تكريماً لوالدة الإله. فيخبر الأب أوسابيوس نيارامبارك: بأنه حينما دنا الإنسان المومى إليه من ساعة الموت، قد ظهرت له في الحلم العذراء المجيدة، وحدقت فيه نظرها، فهذه الرمقة بعيني أم الرحمة المملؤتين رأفةً، قد فعلت في قلبه تغييراً عجيباً بنوع أنه حالاً طلب أحد الكهنة ليعترف بمآثمه، وإذ جاء الكاهن فهو أقر لديه بخطاياه كلها بندامةٍ شديدةٍ، مذرفاً من عينيه تياراتٍ من الدموع. ونذر على ذاته الدخول في إحدى الرهبنات أن بقي هو في الحياة وهكذا مات.*
الخبر 17: قد كتب بوفيوس في الخبر السابع من المجلد الخامس من تأليفه، عن إحدى النساء المتعبدات لمريم البتول. بأنها كانت دائماً تأمر ابنتها بتلاوة السلام الملائكي، لا سيما في حصولها تحت خطرٍ ما. فأتفق أن هذه الابنة يوماً ما إن خرجت من مكان الرقص، وأتكأت لتستريح، فحالاً أستحوذ عليه الشيطان الذي ظهر لها بنوع حسي منظور، وشرع يقيدها بالسلاسل ليأخذها إلى جهنم، إلا أنها في حال شدتها هذه القصوى صلت السلام الملائكي، فالشيطان غاب عنها هارباً. وهكذا نجت هي منه.*
الخبر 18: أن العلامة كيساريوس في الرأس 33 من الكتاب 3 قد أخبر عن امرأةٍ من أقليم كولونيا، كانت معاشرةً أحد القسس عشرةً رديئةً. يوماً ما دخلت إلى مخدعه فرأته معلقاً مشنوقاً، فبعد ذلك هي تركت العالم ودخلت إلى أحد أديرة الراهبات. إلا أن الشيطان كان يظهر لها حسياً ويعذبها، وإذ لم تعد تعلم ماذا تصنع لتنجو منه، فإحدى الراهبات علمتها أن تقول: السلام لكِ يا مريم: ولما هي صلت بهذا السلام الملائكي، فالشيطان هتف صارخاً: فلتكن ملعونةً التي علمتكِ أن تقولي هذه الصلاة. وهكذا أضمحل من أمامها ولم يعد يظهر لها فيما بعد.*
الخبر 19: قد كتب الأب كراسات، بأنه إذ كان أحد قواد العساكر عائشاً بسيرةٍ رديةٍ في قلعته. قد مضى إلى هناك بطريق الصدفة أحد الرهبان الأتقياء الذي قد ألهم من الله متنوراً فتوسل إلى ذلك القائد بأن يستدعي إليه خدامه كلهم، فحضروا جميعاً إلى المكان الجالس فيه هو والقائد، ما عدا ذاك المتوكل على خدمة مخدعه لم يكن يشاء الحضور، إلا أنه اضطر من قبل أمر القائد فجاء أخيراً اغتصاباً. فحينئذٍ ذاك الراهب قال لهذا الوكيل: إني آمرك من قبل يسوع المسيح بأن تقول عن نفسك من أنت: فأجابه قائلاً: إني أنا هو أحد شياطين جهنم، الذي منذ أربع عشرة سنةً أخدم هذا القائد الأثيم، منتظراً إياه لأن يترك يوماً ما تلاوة السبع مرات: السلام لكِ يا مريم: الذي هو اعتاد أن يصلي بها يومياً، لكي أخنقه في ذاك اليوم الذي فيه يهمل تلاوتها، وآخذ نفسه إلى الجحيم. فالراهب حتم على الشيطان بأن يغرب من ذاك المكان، فغاب حالاً من أمامهم. وحينئذٍ القائد ممتلئاً خوفاً جثا على قدمي الراهب نادماً على حطاياه، ثم غير سيرته وعاش عيشةً مسيحيةً مملؤةً من الفضيلة.*
الخبر 20: أن الآباء العلماء اليسوعيين مؤلفي مجموع البولانديستي الجليل يخبرون تحت اليوم الثالث عشر من شهر أيار، عن الطوباوي فرنسيس باطريتسي. بأنه بهذا المقدار كان جزيل التعبد نحو السلام الملائكي، حتى أنه كان يتلوه في كل يومٍ خمسماية مرةً. فوالدة الإله من ثم قد أعلمته عن ساعة موته، وهكذا رقد بالرب قديساً. وبعد أربعين سنةً قد شوهدت صاعدةً من فمه نصبة زهر زنبقٍ جميلة في الغاية (التي فيما بعد نقلت إلى مملكة فرنسا) وكان مكتوباً على أوراق هذه النصبة *السلام الملائكي، بأحرفٍ من ماء الذهب.*
الخبر 21: قد أخبر الأب كراسات نقلاً عن كيساريوس. بأنه كان فيما بين الرهبان الجيستارجياسيين البسيطين أحد الأخوة، لم يكن يعرف شيئاً من الصلوات كلها إلا: السلام لكِ يا مريم: وأنه كان يتلوها باتصال وبحسن عبادةٍ. فبعد موته قد نبتت من قبره شجرةٌ، وكانت محررةً على أوراقها هذه الكلمات وهي: السلام لكِ يا مريم يا ممتلئةً نعمةً.*
الخبر22: أنه يوجد مسطراً في الخبر السابع من المجلد الأول من التأليف الملقب: بكنز الوردية: عن ثلاث عذارى أخواتٍ متعبداتٍ لوالدة الإله، قد تلين بمشورة معلم اعترافهن مسبحة الوردية كلها يومياً، في مدة أربعين يوماً، استعداداً لعيد تطهير العذراء أي تقدمة المسيح الى الهيكل. فليلة العيد المذكور ظهرت هذه الأم الإلهية للأخت الأولى من الثلاث الأخوات لابسةً ثوباً ثميناً منسوجاً بالذهب، شاكرةً فضيلتها ومباركةً إياها. ثم ظهرت للأخت الثانية لابسةً ثوباً بسيطاً، وكذلك شكرت عبادتها. إلا أن هذه الأخت قالت لها: أيتها السيدة إنكِ ظهرتِ لأختي لابسةً ثوباً أثمن من هذا: فأجابتها البتول المجيدة قائلةً:” لأن أختكِ ألبستني أثواباً غنيةً أكثر منكِ”. ثم بعد ذلك ظهرت هي للأخت الثالثة لابسةً ثوباً من خيش، فمن ثم هذه الأخت التمست من العذراء الصفح والغفران عن كونها خدمتها بفتورٍ. ففي السنة الثانية قد استعدت الثلاث العذارى استعداداً حسناً لهذا العيد، بتلاوتهن الوردية كالسنة السابقة، لكن بكل حرارةٍ وعبادةٍ. ففي الليلة المتقدمة على العيد ظهرت لهن هذه السيدة المجيدة مزينةً بأثوابٍ ملوكية مبهرة النظر، وقالت لهن:” تحضرن متأهباتٍ لأنكن نهار غداً مزمعاتٌ أن تأتين الى الفردوس السماوي”. فقد تم القول فعلاً، لأنهن أخبرن بذلك معلم اعترافهن. وفي اليوم الثاني الذي هو نهار العيد تناولن القربان الأقدس في الكنيسة، ورجعن إلى البيت حيث مكثن إلى حين صلاة النوم، وإذا بوالدة الإله ظهرت لهن جديداً، اذ جاءت لتأخذهن. وهكذا فيما بين تراتيل الملائكة الواحدة بعد الأخرى قد تنحين بسلام.*
الخبر 23: أن الأب كراسات يخبر بأنه سمع هو شفاهاً من أحد قواد العساكر ما يأتي ذكره. وهو أن هذا القائد قد شاهد أحد الجنود في معركة الحرب التي حدثت مع عسكر العدو، ضابطاً في يده إكليلاً مع ثوب السيدة، وكان يطلب معلم اعترافٍ. لأنه كان ضرب في المعركة برصاصٍ دخل في جبهته وخرج من قفا جمجمته، حيث كان يخرج من الجرح نخاع رأسه. وبالتالي لم يكن ممكناً له أن يحيى وهو في تلك الحال. فمن ثم جاء إليه خوري العسكر فأقتبل اعترافه الذي هو صنعه بانتباهٍ كاملٍ وندامةٍ قلبيةٍ، وبعد أن نال الحل قد أسلم روحه بكل هدوٍ وسلام.*
الخبر 24: قد أخبر الأب كراسات نفسه عما سمعه من القائد المشار إليه آنفاً، بأنه أي القائد قد كان حاضراً يوماً ما فيما بين العسكر، وإذا بأحدهم أعطى النار لبندقيته ضد الضارب بالبوق، فالرصاص دخل في أثوابه نافذاً إلى صدره، فالقائد حالاً مضى إليه لينظر كيف كان جرحه القتال، فعندما خلع عنه أثوابه قد رأى الرصاص باقياً فوق ثوب السيدة، الذي كان البواق حاملاً إياه معلقاً في عنقه، بنوع أن الرصاص ليس فقط لم يدخل في قلب البواق بل ولا حرق ثوب السيدة أم لمسه بشيء، لكنه بقي ثابتاً فوقه، فحينئذٍ القائد رفع الرصاص وثوب السيدة معاً وأراهما لجميع الحاضرين الذين أضحوا شهوداً عيانيين على هذا العجب.*
الخبر 25: قد كتب في الخبر السادس من المجلد الخامس عما هو مدون تحت سنة 1151 عن شاب شريف النسب اسمه أسكيلوس، قد كان أرسل من أبيه الأمير إلى أيدالازميو، المدينة الكائنة في بلاد ساسونيا ليدرس هناك العلوم، إلا أن هذا الشاب قد أستسار في تلك المدينة سيرةً رديئة. ثم بعد ذلك انطرح مريضاً بمرضٍ عضال دنا به إلى أبواب الموت، حييث أُعطيت له الأسرار الأخيرة، وبقي منازعاً. ففي هذه الحال قد حصل هو على رؤيا، وهي أنه شاهد ذاته أُخذ موضع داخل أتون نار متوقدة، وغُلق عليه بنوع أنه ظن بنفسه أنه داخل جهنم عينها. اإا أنه قد رأى له نافذةً فهرب منها إلى خارج ذلك التون، ودخل ملتجأً في قصرٍ عظيم، فشاهد في قاعته والدة الإله الكلية القداسة جالسةً، فقالت له:” أهل يمكنك أيها الشقي أن تتجاسر على الحضور أمامي، أخرج من هنا حالاً. وأذهب الى النار التي أنت أستحقيتها بآثامك”. فحينئذٍ الشاب شرع يتوسل إليها طالباً الرحمة والرأفة، ثم التفت إلى أولئك الأشخاص الذين رآهم واقفين بحضرتها، متضرعاً إليهم في أن يتشفعوا به لديها، فهم قدموا التوسل أمامها من أجله وهي أجابتهم قائلةً لهم: أنتم لا تعرفون حقائق سيرة هذا الشاب الدنسة القبيحة. ومع ذلك لم يكن يستليق أن يصلي أمامي ولا مرةً واحدةً السلام الملائكي: فأولئك الشفعاء قالوا لها: أيتها السيدة إن هذا الشاب يتوب ويغير تصرفه: وهو حالاً قال: أي نعم أي نعم إني تائبٌ، وأعد بأن أصلح سيرتي حقيقةً، وسأكون منذ الآن فصاعداً متعبداً لكِ يا سيدتي. فحينئذٍ البتول المجيدة قد أرقت من غيظها عليه، وقالت له:” حسناً. فأنا أقبل وعدك، فكن أميناً به، وهكذا بواسطة بركتي إياك كن ناجياً من الموت ومعتوقاً من جهنم”. فلما قالت هذا زالت الرؤيا، فإذ رجع أسكيلوس إلى ذاته أخذ يقدم الشكر لوالدة الإله، وأخبر الناس بالنعمة التي نالها من مراحم هذه الأم الإلهية، وعاش بسيرةٍ مملؤةٍ من الصلاح حافظاً نحو سيدته عواطف حبٍ متقدٍ. ثم أنتخب فيما بعد ورسم رئيس أساقفةٍ لمدينة لود، في أقليم دانيا حيث أجتذب عدداً وافراً من الكفرة إلى الاعتقاد بالإيمان المسيحي. وعندما تقدم كثيراً في السنين والشيخوخة قد تناول عن الأبرشية. ولبس الثوب الرهباني قانونياً في دير كيارافاله الذي فيه عاش أربع سنين، ورقد بالرب بميتةٍ مقدسةٍ ومن ثم قد أحصي من الكتبة الكنائسيين في عدد قديسي رهبنة جيستالو.*
الخبر 26: أنه يوجد مدوناً في الرأس 6 من المجلد 2 عند الأب أورياما. عن أحد المشتركين بأخوية العذراء أنه قد كان مريضاً في مدينة دولا سنة 1604 مرضاً ثقيلاً جداً، فهذا يوماً ما قال هكذا: أهاً لي أن أخوتي الآن في هذا العيد هم ملتئمون في الخورص ليسبحوا مريم البتول، وأنا أبقى ههنا: قال هذا ونهض قائماً ومضى إلى جمعية الأخوية وحالاً تركته الحمى وشفي معافى بالتمام كأنه لم يكن مريضاً. الأمر الذي أذهل الجميع.*
الخبر 27: قد سطر عند الأب أورياما نفسه، عن رجلٍ آخر من أخوية العذراء كان صياداً في مدينة نابولي. فهذا الرجل أنه قد كان في إحدى رياضات الأخوية جلد ذاته مع الآخرين بشدةٍ فقد أضيم في جسده، وانطرح مريضاً مدة أيامٍ ليست بقليلةٍ، فحالما أمكنه أن يقوم من المرض ناهضاً، فلأجل كونه فقيراً وذا عيلةٍ كبيرة قد أغتصب ذاته وأخذ الشبكة ومضى إلى الشط ليصطاد، حيث خاطب والدة الإله قائلاً: أيتها السيدة إنني بسببكِ قد تكبدت أنا هذا الضرر فعينيني: أما هذه الأم الرؤوفة فقد جعلته حينئذٍ أن يصطاد بسهولةٍ من الأسماك في ذاك النهار بأكثر مما لكان أخذه في مدة كل تلك الأيام السابقة التي هو بقي فيها مريضاً.*
الخبر 28: قد كتب الأب أورياما عينه عن رجلٍ آخر من أخوية البتول الكلية القداسة، أنه قد دعي يوماً ما من أحد أصدقائه ليتغدى عنده. فهو اقتبل الدعوة ووعد بالذهاب إلى الضيافة ولكنه أراد قبلاً أن يمضي إلى جمعية الأخوية، ففي خروجه منها بعد الرياضة الروحية قد برح من فكره الوعد الذي أعطاه لصديقه ولم يذهب إليه، فالرجل الصديق الأحمق احتمى غيظاً منه بهذا المقدار، حتى أنه مضى إليه في شدة رجزه، وإذ رآه وثب عليه ليقتله. ولكنه بأحكام الله الغامضة قد قتل ذاته وانطرح ميتاً. فبلغ الخبر للقاضي وجاءت خدام الشريعة فقبضوا على الأخ المومى إليه كأنه هو القاتل. ومن ثم أُبرزت ضده حكومة الموت. أما هو فألتجأ الى والدة الإله بأن تسعفه، وهي ألهمته بأنه أنطلق برفقة خدام الشريعة إلى أمام جثة المقتول وسأله قائلاً: أخبر بالحق كيف تم موتك، ومن هو الذي قتلك: فالميت أجاب علانيةً معترفاً بأنه هو نفسه قتل ذاته، وعلى هذه الصورة نجا الأخ معتوقاً من الحكومة.*
الخبر 29: أنه يوجد مدوناً في كتاب تاريخ الأخويات تحت سنة 1598 عن رجلٍ آخر من أخوية العذراء كان أخذ ليطرح في السجن، لأجل عدم مقدرته أن يفي لأصحاب الديون ما كان لهم عليه. فاستغاث هو بوالدة الإله، وهي ألهمت الستة الأشخاص الذين كان لهم عليه المال، بأنهم جميعاً قد تركوا له الدين مجاناً. وهكذا أعفى هو من الذهاب إلى السجن وخلص ناجياً.*
الخبر 30: قد أخبر لاوناروس في الرأس 3 من كتابه 3 عن أحد الشبان أنه كان في الابتداء يتردد إلى أخوية البتول المجيدة المشترك هو فيها ولكنه فيما بعد قد أهمل الذهاب إليها مطلقاً. وأفسد سيرته بمآثم شنيعة. فليلةً ما ظهر له الشيطان بصورةٍ مرعبةٍ جداً، أما هو فقد استغاث بوالدة الإله، غير أن العدو الجهنمي أجابه قائلاً: أنك من دون فائدةٍ تستغيث الآن بتلك التي أنت تركتها معرضاً عنها، وأنت الآن لأجل خطاياك تحت ولايتي وخاصتي، فالشاب ابتدأ يرتجف خوفاً. وجثا على ركبتيه، وأخذ يتلو صورة اشتراكه بالأخوية قائلاً: أيتها البتول الكلية القداسة والدة الإله إلخ: وإذا بهذه السيدة المجيدة قد ظهرت له. وفي الحال هرب الشيطان من أمامها تاركاً في المكان رائحة منتنة جداً، وفي هربه قد فتح الحائط نافذاً منه، وترك بعده الثغرة مفوحةً، فالعذراء الرؤوفة قد التفتت نحو الشاب قائلةً له: إنك لم تكن بالحقيقة مستحقاً أن أسعفك معينةً إياك، ولكنني أنا أردت أن أعاملك بالرحمة، لكي تغير سيرتك وترجع إلى جمعية الأخوية. فالشاب حالما بلغ إلى الصباح قد مضى فاعترف بخطاياه بدموعٍ سخية. ورجع عن مآثمه. وأصلح سيرته، وشرع يتردد إلى الأخوية بأشد حرارةٍ وبأكثر عبادةٍ ونشاطٍ من المدة القديمة.*
الخبر 31: أنه حدث في سنة 1550 أنه كان في مدينة براغانتسا شابٌ من ذوي أخوية العذراء الذي إذ ترك هذه العبادة فتمرغ في كل نوع من حماة الرذائل، حتى أنه ليأسه من ذاته وحاله السيئة مضى يوماً ما ليطرح بنفسه في النهر فيموت، غير أنه قبل أن يرمي ذاته أتجه نحو والدة الإله قائلاً: عينيني يا مريم أنا الذي خدمتكِ في الأخوية. فظهرت له هذه البتول الكلية القداسة وقالت له: ماذا تريد أن تصنع الآن أتشاء أن تخسر نفسك وجسدك معاً، فانطلق من هنا واعترف بخطاياك وارجع إلى أخويتي: فالشاب من ثم حالاً رجع إلى الله بالتوبة وأصلح سيرته شاكراً أنعام هذه السيدة.*
الخبر 32: قال الأب أورياما في الرأس 7 من المجلد 2 مخبراً بأن أحد الرهبان في بلاد أسبانيا، لحنقه ورجزه ضد رئيسه قد وثب عليه بحماقةٍ فقتله، وهرب إلى بلاد بربريا، وهناك نكر الإيمان بالمسيح، وتزوج بامرأةٍ. واستسار بسيرةٍ مملؤة من المآثم، خاليةً من كل صلاحٍ. إلا أنه حفظ تلاوته يومياً الصلاة المبدوة: السلام عليكِ أيتها الملكة أم الرحمة: ففي أحد الأيام إذ كان هو منفرداً عن الناس مصلياً الصلاة المذكورة، قد ظهرت له والدة الإله، فوبخته مؤنبةً، ثم حرضته مشجعةً على تغيير سيرته موعدة إياه بالمعونة، فحينئذٍ رجع هو الى بيته، ولما رأته أمرأته كائباً محزوناً قد سألته عن السبب، وهو أخبرها بأحواله مفصلاً، وبالرؤيا التي شاهدها، باكياً بدموعٍ غزيرةٍ على شقاوته، فهذه الامرأة قد أشفقت عليه متوجعةً، وأعطته جانباً من المال لمصروفه في رجوعه إلى أسبانيا، كما أنها ارتضت معه بأن يأخذ صحبته أحد بنيه الذين أتلدوا له منها. فرجع إذاً إلى ديره، ولأجل توسلاته ودموع عينيه السخية، قد قبلته من جديد رهبان جمعيته جملةً مع ابنه، حيث عاش بتوبةٍ شاقة ثابتاً على عمل البر وأخيراً مات برائحة القداسة.*
الخبر 33: قد أخبر الأب أورياما عينه في المكان السابق ذكره عن أحد الشبان الدارسين الذي ارتشد من معلمه بأن يسلم على العذراء المجيدة بهذه الكلمات وهي: السلام عليكِ من الله يا مريم أم الرحمة: فإذ مارس ذلك مدة حياته، ودنا أخيراً من ساعة الموت، قد ظهرت له والدة الإله قائلةً: أما تعرفني أنا يا أبني العزير فأنا هي أم الرحمة تلك التي أنت سلمت عليها مراتٍ كثيرةً بهذه الكلمات: فحينئذٍ ذاك العابد مد يديه مهماً على أن ينهض فيتبعها. وفي الحال أسلم روحه بهدوٍ وسلام راقداً بالرب.*
الخبر 34: لقد سطر عن أحد الخطأة أنه كان عائشاً في المآثم من دون عمل صلاحٍ ما سوى تلاوته اليومية الصلاة المبدوة: تحت ذيل حمايتكِ نلتجئ يا والدة الله القديسة: فيوماً ما قد فاز هذا الخاطئ بأنوارٍ سماوية من قبل والدة الإله لمعرفة حاله الشقية، وللرجوع إلى الله بالتوبة. حتى أنه ترك العالم وصار راهباً، حيث عاش بحفظ القانون مدة خمسين سنةً، بسيرةٍ مملؤة من القداسة. قد أعقبتها ميتةٌ صالحةٌ حيث أضحى نموذجاً حياً للرهبان بفضائل حياته وبصلاح موته.*
الخبر 35: قد كتب العلامة باري عن رجلٍ أراتيكي كان في مدينة طورين مصراً على ضلاله. فهذا سنة 1610 مرض مرض الموت، ولذلك قد جاء إليه كثيرون من الكهنة الغيورين، وأبذلوا نحوه كل اجتهادهم في اجتذابه إلى الإيمان الكاثوليكي المقدس. ولكن من دون فائدة، لأن أتعابهم معه ذهبت سدىً لإصراره الشيطاني على ضلاله. فأخيراً أحد هؤلاء الكهنة توسل إليه بدموعٍ في أن ترتضي قلما يكون بأن يقول هذه الكلمات وهي: يا أم يسوع عينيني: فالأراتيكي قبل توسله وقال هذه الكلمات، إلا أنه حالما تلفظ بها، فعلى الفور كإنسانٍ استيقظ من رقاده هتف صارخاً: أنا أريد أن أموت كاثوليكياً: كما تم بالحقيقة، وهو أنه أقر بحقائق الإيمان، وأقتبل الحل من الأرتقة ومن خطاياه، وبعد ساعتين مات.*
الخبر 36: أنه يوجد مدوناً تحت اليوم الثامن عشر من شهر أيلول في المينولوجيون، عن إنسانٍ آخر كان غير مؤمن في بلاد الهند. فهذا إذ بلغ إلى ساعة موته، ودنا من أنفاسه الأخيرة حيث تركه الجميع. فلسماعه في مدة حياته من المسيحيين المدائح عن مريم العذراء وعن اقتدارها العظيم، أخذ بالالتجاء إليها مستغيثاً باسمها، ففي الحال ظهرت له هذه السيدة الرؤوفة وقالت له: هوذا أنا التي أنت تستغيث بي قد حضرت لمعونتك، فقم وصر مسيحياً: فعند سماعه هذه الكلمات، نهض حالاً صحيحاً معافى من مرضه. فآمن بالمسيح واصطبغ. كما أن كثيرين من الغير المؤمنين عند مشاهدتهم هذه الأعجوبة قد صاروا مسيحيين.*
الخبر 37: قد سطر عن إنسانٍ كان في مدينة مادريد، كلي التعبد لمريم البتول، خاصةً نحو إحدى أيقوناتها المقدسة التي كانت تسمى: الأيقونة الأنطاكية: فهذا الرجل قد أقترن بالزواج الناموسي سنة 1610 مع ابنةٍ، الا أنه بعد زواجه لم يكن يجد مع هذه الامرأة راحةً قط، لأجل غيرتها وشكوكها في أنه كان يحب غيرها من النساء، فقد كان من عادة هذا المتعبد لمريم أن يمضي في كل يوم سبتٍ خلسةً، إلى زيارة الأيقونة المار ذكرها حافياً. غير أن امرأته كانت تظن به أنه في ذهابه هكذا باكراً كان يمضي عند بعض النساء ولذلك كانت تفتري عليه بالشتائم والإهانات. الأمر الذي إذ صنعته هي بزيادةٍ، فهو من شدة غمه وغيظه وقلة صبره من هذا الافتراء أخذ حبلةً وربطها في عنقه فشنق نفسه داخل البيت بعد أن غلق الباب، إلا أنه وهو في آخر أنفاسه قد استغاث بوالدة الإله بأن تأتي لمعونته. وإذا بهذه السيدة قد ظهرت له بشكلٍ فائق في البهاء والجمال، ودنت منه فقطعت الحبل وخلصته، في الوقت الذي فيه كان الناس ملتئمين خارج الباب، ومشاهدين الحادث من الشباك من دون مقدرتهم على الدخول إلى البيت. فحينئذٍ هو فتح الباب وأخبرهم بالحادث، ومنذ ذاك الوقت قد غيرت امرأته سلوكها معه تائبةً عن افترائها عليه، وعاشا معاً بسلام وحبٍ مستحرين في عبادتهما نحو هذه السيدة الكلية القداسة.*
الخبر 38: قال الأب أورياما أنه حدث في سنة 1613 أنه كان إنسانٌ في مدينة فلانصا قد تورط في فعل خطيئةٍ قبيحةٍ. وجعله الحياء أن يخفي إيرادها فيما بعد كل مرةٍ كان يعترف، وبالتالي أضحى منافقاً بالأسرار في كل تلك المدة. إلا أنه إذ لم يعد يمكنه احتمال توبيخ ضميره قد انطلق في أحد الأيام لزيارة أيقونة والدة الإله الملقبة بها له، لكي يتوسل إليها فيأن تساعده. فلما بلغ إلى باب الكنيسة، وأراد الدخول إليها، قد شعر بقوةٍ غير منظورةٍ كانت تدفعه إلى الوراء، مانعةً إياه عن الدخول، فحينئذٍ هو عزم عزماً ثابتاً على أن يعترف بتلك الخطيئة. وبعد هذا العزم تقدم إلى باب الكنيسة فلم يجد مانعاً، بل دخل إليها بسهولةٍ. ومن ثم اعترف اعترافاً عاماً بخطاياه كلها. وهكذا رجع إلى بيته مملوءاً من السرور والتعزية.*
الخبر 39: أنه يوجد مدوناً في تاريخ الرهبنة الجيستارجيازية. عن الطوباوي آدم أحد آباء هذه الرهبنة، أنه إذ مضى يوماً ما ليزور مريم البتول في إحدى كنائسها، ورأى أبواب تلك الكنيسة مغلقةً، فجثا أمام الباب مصلياً مسلماً على هذه الأم الإلهية. ولكن حالما ركع هناك وإذا بأبواب الكنيسة قد انفتحت من ذاتها. فدخل إليها البار وشاهد والدة الإله مشعشعةً بأنوارٍ سماوية لا يمكن التحدق بها، قائلةً له: يا آدم هلم إلى ههنا، أتراك تعرفني من أنا: فأجاب الطوباوي: كلا، يا سيدتي فمن أنتِ: فقالت له: أنا هي والدة الإله. فأعلم أني لأجل العبودية والخدمة التي أنت تقدمها لي، فأنا سأهتم بك دائماً: قالت هذا ووضعت يدها على هامة البار فأشفته من الوجع الذي منذ أزمنةٍ مديدةٍ كان يتكبده في رأسه بألمٍ شديدٍ.*
الخبر 40: قد سطر في الرأس 73 من الكتاب 5 من تاريخ الرهبان الأصاغر، عن امرأةٍ كانت حسنة العبادة لوالدة الإله. فهذه يوماً ما ذهبت من دون أن يعرف رجلها، لكي تزور إحدى كنائس العذراء المجيدة البعيدة عن مكان سكناها، ومن حيث أنه حدثت في ذلك النهار أمطاراً غزيرة، وعواصف شديدة، فلم تعد هذه الامرأة تقدر أن ترجع إلى بيتها، بل اضطرت لأن تبيت خارجاً. لكنها قد استوعبت غماً وخوفاً من أن رجلها كان مزمعاً بدون ريبٍ أن يظهر غيظه ضدها. فمن ثم التجأت إلى البتول القديسة في أن تسعفها. ففي اليوم التالي قد رجعت الى بيتها، وشاهدت رجلها مملوءاً من العذوبة والرواقة، ولم يقل لها كلمةً ما البتة عن غيابها. فأخذت هي تستفحص وتستدل، فعرفت يقيناً أن العذراء المجيدة قد جاءت في اليوم السابق إلى البيت بصورة تلك الامرأة، وصنعت جميع لوازم خدمة البيت بكل نشاطٍ، بنوع أن الرجل لم يدر أن امرأته بقيت خارجاً،، فحينئذٍ هي أخبرت رجلها بالحادث، ومعاًاأزدادا حرارةً في عبادة هذه الأم الرؤوفة. التي شرفت منزلهما كخادمةٍ في كل تلك الليلة.*
الخبر 41: قد كتب العلامة لاباوس في المجلد الأول من تاريخه السنوي عن مدينة ضؤول. أنه كان في هذه المدينة (الكائنة في بلاد فرنسا) رجلٌ شريفٌ أسمه أنسالدوس متقدم في الوظائف العسكرية. فهذا الرجل اذ كان يوماً ما في معركة الحرب قد شق بسهمٍ دخل في حنكه بقوةٍ، بنوع أن الجراحين لم يقدروا أن يجدوا طريقةً بها يخرجون حديد السهم المكسور من حنكه، بدون قطع لحمانه. فأستمر هذا المسكين مدة أربع سنواتٍ يتكبد الأوجاع، ولكنه أخيراً إذ لم يعد يحتمل الآلام، وحصل في حال العدم من قبل المرض أيضاً، فأرتأى حينئذٍ الجراحون أن يفتحوا لحمان حنكه. ويخرجوا الحديد. إلا أنه قبل ممارسة ذلك قد التجأ هو إلى والدة الإله، ونذر على ذاته أن يزور أيقونتها المقدسة المكرمة في ذلك المكان، مقدماً لها كل سنةٍ كمية من المال أن حصل على الشفاء فحالما صنع هذا النذر قد شعر بأن الحديد من ذاته خرج من حنكه، وبقي في فمه. وهكذا أخرجه من دون وجعٍ بالكلية، ففي اليوم التالي أغصب ذاته وهو في حال مرضه الشديد، وقام فذهب لزيارة تلك الأيقونة مقدماً النذر الذي صنعه. وحالما تمم ذلك فاز هناك بالشفاء من مرضة أيضاً، ورجع إلى بيته صحيحاً معافى.*
الخبر 42: قد سطر عن رجلٍ في بلاد أسبانيا كان معاشراً واحدة من النساء قريباته عشرةً دنسةً. فيوماً ما إذ كانت هناك إحدى البتولات المتعبدات لمريم تصلي، قد رأت مخلصنا يسوع المسيح في منبر عدله، مهماً على أن يرسل ذاك الشاب المفسود إلى جهنم. إلا أن والدته الكلية القداسة إذ قالت له أن الشاب كان وقتاً ما متعبداً لها، فاستمدت له منه تعالى مهلةً ثلاثين يوماً لإصلاح سيرته تائباً. فمن ثم تلك الابنة قد أُمِرت من والدة الإله نفسها، بأن تخبر بهذا جميعه معلم اعترافها، الذي إذ فهم الرؤيا قد أعلنها لذاك الشاب، الذي عند سماعه ذلك قد ندم على مآثمه وأعترف بها بدموعٍ سخية، موعداً بعدم سقوطه من جديد بالخطيئة مع تلك الامرأة، ولكن لأنه لم يقطع السبب القريب من بيته، قد رجع نظير الكلب إلى قيه، فبعد سقوطه جاء من جديد واعترف بمآثمه مكرراً وعده السابق، غير أنه قد رجع أيضاً إلى الخطيئة، فمعلم اعترافه إذ لم يعد يراه، مضى إليه ليزوره في بيته، إلا أن الشاب التعيس قد أصرفه من عنده ليس من دون غيظٍ، فلما بلغ اليوم الأخير من الثلاثين يوماً، قد رجع الكاهن إلى بيت الشاب. ولكن من دون فائدةٍ، لأن الأثم أعمى قلب هذا الشقي. فالكاهن حينئذٍ توسل الى خدام البيت بأن يخبروه فيما يحدث. وأنه كان مستعداً للحضور متى دعوه، فما أنتصف الليل التابع ذاك اليوم، إلا والشاب حصل في أوجاعٍ باطنة شديدة في الغاية. فالخدام أسرعوا وأخبروا معلم الاعتراف، الذي جاء وشكاً إليه لكي يساعده، ولكن المنكود الحظ صرخ صوتاً عظيماً قائلاً: أواه أنا أموت مطعوناً بحربةٍ في قلبي: وهكذا خرجت نفسه مع ذاك الصراخ.*
الخبر 43: قد أورد الأب روهوس بأنه كان في مدينة مديولان شابٌ أسمه مازاكيوس، متولعاً في لعب الورق بهذا المقدار، حتى أنه يوماً ما قد لعب على أثوابه التي كان يلبسها، ولأجل الخسارة التي ألمت به قام برجزٍ نفاقي كمقطوع الرجاء، وضرب بالسكين أيقونة والدة الإله، إلا أنه قد خرج من جرح الأيقونة دم نظير الفصادة، فغسل وجه مازاكيوس الذي حينئذٍ أستوعب خوفاً وخشوعاً معاً، وطفق يبكي تائباً. وهكذا قدم الشكر لهذه الأم الرؤوفة على كونها استمدت له زمناً لصنيع التوبة. ثم خرج من العالم ودخل في الرهبنة الجيستارجيازية، حيث استمر مدة أربعين سنةً يعيش بالقداسة والفضائل، حتى أنه حصل على موهبة النبؤة. وهكذا مات موت الأبرار الذي هو كريمٌ لدى الرب.*
الخبر44: أنه قد سطر عن أحد الخطأة المتفاقم شرهم جداً، أنه إذ رجع إلى الله بالتوبة، قد أخذ يوماً ما يبكي بمرارةٍ أمام الصليب طالباً من فادينا علامة ظاهرة يؤكد له بها أنه تعالى غفر له خطاياه. ولكن بعد توسلاتٍ كثيرة ودموعٍ غزيرة إذ أنه لم يفز بعلامةٍ ما فأتجه نحو والدة الإله المحزونة بتضرعاتٍ متضعة في أن تلتمس له من ابنها هذه النعمة، فحينئذٍ شاهد في الرؤيا هذه الأم الإلهية متوسلةً لدى ابنها بقولها له: يا ابني هل أن دموع هذا التائب تمضي ضائعةً: وحينئذٍ سمع هو أن مخلصنا قال لها أنه غفر له، وهكذا عاش هو باقي زمن حياته بسيرةٍ مقدسة.*
الخبر 45: أنه في أحد أعمال رسالات آباء جمعيتنا، قد جاء إنسانٌ شيخٌ مملؤٌ من السنين ليعترف عند أحد آباء هذه الرسالة، وهو الأب كيساريوس سبورتالي (الذي منذ زمن ليس بمستطيل قد رقد بالرب برائحة القداسة، وجسده بعد أشهرٍ عديدة من نياحه وجد غير فاسد) وكان مجيء هذا الإنسان الشيخ لطلب الاعتراف، بعد استماعه عظتنا على سمو اقتدار شفاعة مريم البتول الكلية القداسة، العظة التي من عادتنا أن نصنعها دائماً في كل بلدةٍ ومكان نمارس فيه أعمال الرسالة. فلما تقدم الشيخ المومى إليه أمام منبر الأعتراف قال للأب كيساريوس: أن العذراء المجيدة يا أبتي قد صنعت معي عظائم نعمتها: فأجابه الأب المذكور:” هذه هي صنعتها الخصوصية”. غير أن الشيخ أردف كلامه بقوله:” إنك أنت أيها الأب لا تقدر أن تمنحني الحل عن مآثمي، لأني في مدة حياتي كلها قط ما اعترفت”. وبالحقيقة كان الأمر كذلك، أي ولئن كان هذا الشيخ كاثوليكياً فلم يكن حتى ذاك الوقت أعترف قط. فالأب حينئذٍ أخذ يشجعه ويرشده، ثم عرفه اعترافاً كاملاً، ومنحه الحل بحسب الواجبات بتعزيةٍ لا توصف للجهتين للمعرف وللمعترف.*
الخبر 46: أنه يوجد مدونا في سيرة حياة الطوباوي برنردوس طولوماى مؤسس جمعية الآباء المدعوين أوليفاتيين، أن هذا البار الذي منذ نعومة أظفاره كان حسن التعبد لوالدة الإله بحرارةٍ. قد صودف يوماً ما هو داخل مكان نسكه الكائن في أكونا في الجبل الملقب باوليفاتوس، موعباً غماً وحزناً من أن لا يكون هو من عدد المخلصين. ومن أن لا يكون لحد ذاك الوقت الباري تعالى غفر له خطاياه. فإذا هو في هذه الحال، قد ظهرت له البتول الكلية القداسة قائلةً له:” من أي شيءٍ أنت خائفٌ يا أبني، كن مسروراً فرحاً، لأن الله قد غفر لك كل مآثمك، وهو عز وجل راضٍ من نوع العيشة المتمسك أنت بها، فداوم مواظباً عليها، وأنا أعينك وهكذا أنت تخلص”. فهذا الطوباوي ثبت دائماً يعيش بالبراءة والقداسة إلى أن حصل أخيراً على ميتةٍ صالحةٍ سعيدة مسلماً نفسه بين يدي والدة الإله.*
الخبر 47: أنه سطر عن ابنةٍ من بلاد جرمانيا قد كانت تورطت بفعل الدنس مع والدها نفسه، وإذ ظهرت حبلى منه، هربت إلى القفر ومكثت منفردةً عن الناس إلى أن ولدت، فحينئذٍ ظهر لها الشيطان بصورة إنسانٍ راهبٍ، وأقنعها بأن ترمي الطفل الذي ولدته في بحيرة ماءٍ هناك. ولما تممت مشورته فعلاً، أخذ هو يرشدها إلى أن تطرح هي أيضاً ذاتها في تلك البحيرة، فوقتئذٍ هتفت الأمرأة قائلةً: يا مريم عينيني. وفي الحال غاب عنها الشيطان مدبراً.*
الخبر 48: أن أحد الجنود كان اتفق مع الشيطان، على أن يعطيه هذا الروح النجس كميةً من المال، تحت شرط أن يأخذ له امرأته عينها إلى أحد الأحراش، فتتميماً للاتفاق أخذ الجندي أارأته منطلقاً بها نحو ذاك الحرش، وإذ مرا في الطريق من على كنيسةٍ مختصةٍ بالدائمة بكارتها مريم، قد طلبت الامرأة من رجلها بتوسلٍ أن يسمح لها بأن تزور العذراء في تلك الكنيسة، فسمح لها بذلك وجلس هو خارجاً ينتظرها، فإذ دخلت الامرأة الكنيسة. قد خرجت بدلاً منها والدة الإله عينها متشكلةً بصورتها وملبوسها، ودنت من الجندي كأنها امرأته، ثم ركبت الفرس وسارت معه، فلما وصلا إلى الحرش، وإذا بالشيطان لاقى الجندي قائلاً له: أيها الخائن الغشاش كيف أنك عوضاً من امرأتك أتيتني بوالدة الإله التي هي عدوتي: فحينئذٍ أجابته العذراء بقولها: وكيف أنت تجاسرت على أن تقصد أن تضر من هي متعبدة لي، فأغرب هارباً إلى جهنم: ثم ألتفتت نحو الجندي وقالت له: أمضِ فأصلح سيرتك تائباً وأنا أعينك: وهكذا غابت عنه، فعلى هذه الصورة رجع الرجل وغير عوائده الرديئة وعاش عيشةً مسيحيةً.*
الخبر 49: أنه يوجد مدونا في المينولوجيون تحت اليوم الثامن من تموز هذا الخبر، وهو أنه كانت في بلاد الماسيكوس امرأةٌ زانية التي إذ انطرحت في مرضٍ عضال، فقد تابت عن خطاياها عازمةً على عدم الرجوع إليها، ونذرت بأن تقص شعر رأسها وتقدمه هديةً لوالدة الإله المجيدة، فشفيت من المرض وتممت نذرها، مقدمةً شعرها للعذراء في إحدى الكنائس التي كان يوجد فيها تمثال هذه السيدة مجسماً. فخادم الكنيسة أخذ الشعر ورتبه حسناً. وزين به رأس تمثال البتول. إلا أن تلك الامرأة الخاطئة لم تستمر مدةً مستطيلةً في توبتها، بل رجعت إلى حالها الأولى القبيحة. ثم مرضت وماتت غير تائبة، فبعد ذلك خاطبت والدة الإله من ذلك التمثال الأب يوحنا ماريا سالفاتارا اليسوعي علانيةً بحضور جمعٍ غفير قائلةً له: أرفع عن رأس أيقونتي المجسمة الشعر الموضوع عليه، لأنه هو شعر نفسٍ فاجرة زانية هالكة في جهنم، لا يليق أن يوجد شعرها فوق رأس من هي أم العفة والطهارة. فالأب المذكور حالاً رفع بيده ذاك الشعر وطرحه في النار فأحترق.*
الخبر 50: قد سطر أحد الهجريين السودان أسمه بدران. أنه قد كان في بلاد أسبانيا أستأسر عبيداً له كثيرين من المسيحيين. الذين ذإ التجأوا إلى والدة الإله بأن تنقذهم من تلك الحال السيئة في عبوديتهم لهذا الرجل البربري، فالبتول أم الرحمة ظهرت لذاك السركسي وقالت له: كيف أنت يا بدران تتجاسر على أن تحوي عندك أسارى وعبيداً، أولئك الذين هم خاصتي ومتعبدون لي، فطع إذاً، وأتركهم معتقاً إياهم أحراراً. فأجابها بدران بقوله: ومن هي أنتِ حتى أطيعكِ أنا: فقالت له: أنا هي والدة الإله. ومن حيث أن هؤلاء المسيحيين قد استغاثوا بي، فأنا أريد أن تعطى لهم الحرية ليكونوا ناجين من الأسر: فبدران حينئذٍ قد شعر في ذاته بأنه تغير عما كان عليه، وبالحقيقة أنه قام فأطلق كل أولئك المسيحيين معتقاً إياهم، وبعد ذلك قدم ذاته للبتول الكلية القداسة التي هي نفسها أرشدته في عقائد الديانة وحقائق الإيمان، وعمدته في حوضٍ كبير قد تعمرت فيه بعد هذا الحادث كنيسةٌ مع ديرٍ من الرهبان تابعين قانون القديس بناديكتوس.*
الخبر 51: قال أيدولفوس كيكتونيوس مخبراً عن أحد الكنائسيين القانونيين بأنه إذ كان يوماً ما يتلو مدائح مختصةً بالعذراء المجيدة وهو على حافة نهر سانا، فأتفق له أنه سقط في النهر المذكور فاختنق، ولأنه كان هو وقتئذٍ حاصلاً في حال خطيئةٍ مميتةٍ، فجاءت الشياطين ليأخذوا نفسه إلى الجحيم، إلا أنه حالاً ظهرت والدة الإله وقالت لهم: كيف تجسرون على أن تأخذوا نفس ذاك الذي مات حينما كان يتلو مدائحي: ثم لتفتت نحو القانوني وقالت له: انهض حياً وأصلح ذاتك وكن حسن العبادة نحو الحبل بي البريء من الدنس”. فقام ذاك المائت حياً ودخل بعد ذلك في سيرة النسك راهباً، وعاش باقي زمن حياته الجديدة بأداء الشكر نحو المحسنة إليه، كارزاً بمدائح الحبل بها البريء من تبعة الخطيئة الأصلية، ومجتهداً في اكتساب القلوب لهذه العبادة.*
الخبر 52: أنه حينما كان رهبان دير كيارافاله يحصدون الحبوب في المزرعة، كانوا في الوقت عينه يرتلون مدائح لوالدة الإله، فقد شوهدت هذه الملكة السماوية تجول فيما بينهم كأمٍ تملق أطفالها، وشوهدت برفقتها أثتنان من القديسات تمسحان بمناديل نقية عرق أولئك الرهبان.*
الخبر 53: أنه قد أخبر عن شقيق سلطان هونكريا بأنه كان يومياً يتلو الفرض المختص بوالدة الإله، فهذا إذ حدث له مرضٌ ثقيل، قد نذر للعذراء الفائقة الطهارة حفظ البتولية الدائمة، أن شفي من مرضه. فحالما صنع هذا النذر برأ من علته. ولكن بعد مدةٍ وجيزة مات أخوه السلطان. وهو أعتمد على أن يتزوج بمن كانت تليق به، ولكنه قبل أن يتمم الزواج قد انفرد في مخدعه ليتلو كعادته فرض العذراء فلما بلغ به إلى هذه الكلمات وهي: كم أنتِ جميلةٌ وبهيةٌ أيتها البتول. قد ظهرت له والدة الإله قائلةً:” فإن كنت أنا جميلةً كما تقول فلماذا الآن تتركني لتأخذ لك عروسةً أخرى، فأعلم أنك كنت تترك هذه التي أنت اعتمدت على الاقتران بها، فسأكون أنا عروسةً لك بدلاً منها، وعوضاً عن مملكة هونكريا سأعطيك ملك السموات”. فهذا السلطان بعد ذلك هرب من هونكريا إلى قفرٍ بالقرب من مدينة أكويليا. حيث أنهى حياته بقداسة سامية منتقلاً إلى الملك السماوي.*
الخبر 54: قد أخبر القديس يوحنا كاتب سلم الفضائل عن واحدٍ من الرهبان الحسني العبادة أسمه كاركاريوس، أنه كان من عادته مراتٍ كثيرةً أن يرتل قصائد وأشعاراً في مديح والدة الإله. وكل مرةٍ كان يشاهد أيقونةً ما خاصةً بها، فدائماً كان يسلم عليها بتلاوة السلام الملائكي. فهذا الراهب قد سقط فيما بعد طريحاً بمرضٍ ثقيل ذي ألمٍ شديد. حتى أنه من عظم أوجاعه كان يقرض شفتيه ولسانه بأسنانه، ولذلك ما عاد يقدر على النطق، وحصل في أنفاسه الأخيرة منازعاً. ولكن حينا كان الحضار يتوسلون من أجله منتظرين انفصال نفسه من جسده، قد ظهرت له البتول المثلثة الغبطة وقالت له: إني إنما قد جئت إليك لكي أشفيك، لأني ما عدت أحتمل أن أراك معذباً بذاك الفم الذي به مدحتني كثيراً، فقم معافى وكن صحيحاً من مرضك، وداوم على مديحك إياي. قالت هذا ورشقته ببعض نقطٍ من حليبها. فحالاً برأ ونهض معافى. ولم يكف قد سائراً أيام حياته من مديحها. وأخيراً بكل سلامٍ وهدوٍ وعذوبةٍ عند موته سلم نفسه بيد سيدته سلطانة السماء.*
الخبر 55: أن بوفيوس في الخبر الخامس من المجلد الرابع من تأليفه ومثله آخرون يوردون ما يأتي ذكره، وهو أنه إذ كان موجوداً في مدينة روميه القديس فرنسيس بورجيا، قد جاء أحد الأكليروس ليخاطبه عن قضيةٍ، ولكن من حيث أن القديس كان وقتئذٍ مهتماً في أشغالٍ ضرورية، قد أرسل عوضه الأب أكوسطا. فالكاهن المومى إليه حينئذٍ أخذ يخاطب الأب أكوسطا قائلاً: أعلم يا أبتي أني أنا رجلٌ كاهن واعظ، ولكني عائشٌ في حال الخطيئة، وميؤوس من أمر خلاصي بقطع رجائي من الرحمة الإلهية، فيوماً ما بعد أن أنهيت وعظي بخطبةٍ صنعتها ضد الخطأة المصرين على آثامهم، والميؤوسين بعد ذلك من الرجاء بنوال الغفران، قد جاء إليَّ إنسانٌ ليعترف عندي، وهذا قد أورد لدي في منبر الذمة خطاياي كلها. وأخيراً قال لي أنه كان هو ميؤوساً من المراحم الإلهية. فأنا لكي أتمم وقتئذٍ واجبات وظيفتي قلت له أن يغير سيرته ويتكل على الله مترجياً غفران ذنوبه، فحينئذٍ نهض هو على قدميه وشرع يوبخني بصرامةٍ قائلاً:” فأنت الذي تكرز على الآخرين هكذا، لماذا لا تصلح ذاتك وترجع عن مآثمك، ولأي سبب تقطع رجاك، فأعلم أني أنا هو ملاك الرب قد جئت لإعانتك، فأصلح طريقك وهكذا تنال الغفران من الله”. وإذ قال هذا غاب هو من أمامي. فأنا قد امتنعت مدة بعض أيامٍ عن رذائلي، ولكن إذ حصلت في السبب قد سقطت من جديد في مآثمي. فيوماً ما عندما كنت أقدس، فقبل تناولي القربان المقدس قد خاطبني يسوع نفسه تحت أعراض السر بألفاظٍ حسيةٍ مسموعةٍ قائلاً لي:” لماذا أنت تعاملني هذه المعاملة السيئة، في الوقت الذي أنا فيه أعاملك بهذا المقدار من الشفقة والرأفة”. فبعد ذلك أنا عزمت على تغيير سيرتي، ولكن حالما وجدت في سبب الخطيئة قد تكردست من جديد في القبائح. ففي هذا اليوم منذ بعض ساعاتٍ إذ كنت أنا موجوداً في مخدعي، قد دخل شابٌ، وأخرج من تحت وشاحه كأساً وفيها القربان الأقدس قائلاً لي:” أتعرف أنت هذا الإله السيد الذي أنا ماسكه بيدي، وهل أنك تفطن بالنعم العظيمة التي صنعها هو معك، فالآن هوذا عقابك قد بلغ أوانه للانتقام من خيانتك وكفرانك بالجميل”. وإذ قال هذا قد أستل سيفاً مرهفاً ورفع يده ليضربني به مميتاً إياي، فأنا حينئذٍ صرخت بصوتٍ عظيمٍ قائلاً: أني أستحلفك حباً بمريم العذراء ألا تقتلني، لأني أريد حقاً وصدقاً أن أغير سيرتي: فوقتئذٍ هو قال لي:” إن هذه الواسطة وحدها قد خلصتك، فأعرف كيف يلزمك أن تراعي هذه النعمة، لأنها هي الرحمة الأخيرة نحوك”. وإذ قال هذا تركني. فمن ثم أنا أتيت حالاً أتوسل إليك بأن تقبلني في جمعيتكم. فالأي أكوسطا بعد سماعه منه هذا الخطاب جميعه، أخذ يشجعه ويعزيه. وبمشورة القديس فرنسيس بورجيا نفسه قد أرسل هذا الكاهن إلى جمعية رهبان آخرين قانونيين حيث دخل إليها وعاش باقي أيام حياته بتوبةٍ صادقة حتى الموت.*
الخبر 56: قد أخبر العلامة كيساريوس في الرأس 24 من الكتاب 7 من مسائله الأدبية، بأنه إذ كان واحدٌ من الكهنة مقدماً الذبيحة الإلهية سنة 1228 في يوم السبت تكريماً لوالدة الإله، فجاء إلى هناك البعض من الأراتقة الألبيجازيين، ووثبوا على هذا الكاهن فقطعوا لسانه، ففي هذه الحال قد ذهب هو إلى دير كلوتي، حيث قبله رهبان الدير المذكور بحبٍ وافر، متوجعين له عن العذاب الذي كان هو يشعر به في قرمة لسانه المقطوع. غير أن الشيء الذي كان هذا الكاهن العابد يتألم منه بالأكثر، هو عدم استطاعته على أن يقدس ويصلي الفرض الإلهي، لا سيما قانون العذراء المجيدة حسب عادته السابقة. فلما جاء يوم عيد الغطاس قد صير الرهبان أن يأخذوه معهم الى الكنيسة، حيث جثا أمام هيكل والدة الإله، متوسلاً إليها في أن ترد له لسانه الذي قطع لأجل حبه إياها، حينما كان هو يقدم الذبيحة تكريماً لها، لكي يقدر أن يرجع فيستعمله في مديحها كالأول. وإذا بالبتول الكلية القداسة قد ظهرت له وبيدها لسانٌ، وقالت له:” أنه لأجل أنك حباً بالإيمان، وتكريماً لي قد فقدت لسانك، فأنا الآن أرد لك لساناً جديداً”. قالت هذا وهي نفسها قد وضعت بيدها ذاك اللسان في فمه. فمن ثم الكاهن حالاً رفع صوته ورتل: السلام لكِ يا مريم: فالرهبان قد التئموا حوله منذهلين من العجب. أما هو فأراد الإقامة معهم في ذلك الدير، فلبس ثوبهم وترهب عندهم، ليمكنه هناك أن يشكر على الدوام السيدة المحسنة إليه ويسبحها. وقد كان الجميع ينظرون علامة اتحاد لسانه الجديد بالقرمة القديمة، ويمجدون الله ويعظمون اقتدار والدته.*
الخبر 57: قد كتب ديوتالوس قائلاً، أنه إذ كان حادثاً في مدينة روميه سنة 588 ذلك الطاعون الشهير الصيت، الذي فيه كان الناس بمجرد عطاسهم يسقطون في الأرض موتى. فالقديس غريغوريوس الكبير الحبر الروماني صنع حينئذٍ باعوثاً احتفالياً، فيه زيح داخل طرقات المدينة أيقونة والدة الإله المقدسة، التي في كنيسة مريم العذراء الكبرى، فلما وصلت الدورة بهذه الأيقونة الجليلة إلى أمام البرج المسمى قلعة الملاك، فقد شاهد الحبر المذكور في الفضاء ملاكاً كان بيده السيف مستلاً، يسيل منه الدم، وحالاً قد رده إلى غمده، ثم سمع الملائكة يرتلون قائلين: أفرحي يا سلطانة السماء ألليلويا، لأن الذي أنتِ استحقيتِ أن تحبلي به ألليلويل قد قام من الموت ناهضاً كما قال ألليلويا: فالحبر القديس قد أضاف إلى ذلك قائلاً:” صلي من أجلنا لدى الله ألليلويا”. أما الطاعون فمنذ تلك الساعة قد تلاشى من مدينة روميه، وحينئذٍ أبتدأت أن تصير الطلبات الكبرى كل سنةٍ في اليوم الخامس والعشرين من شهر نيسان.*
الخبر 58: أنه يوجد مسطراً عن مدينةٍ صغيرةٍ في مملكة فرنسا تدعى أفنون، قد كانت مرةً ما حوصرت من عساكر الأعداء. فسكان هذه المدينة قد ألتجأوا إلى والدة الإله، متوسلين إليها في أن تحامي عنهم، حيث أخذوا من إحدى الكنائس أيقونتها المقدسة العجائبية ووضعوها فوق باب المدينة، فإذ شاهد أحد عساكر العدو رجلاً من أهل المدينة مختفياً وراء الأيقونة قد أوثر قوسه وأستحكم النيشان ورماه بالسهم قائلاً له: أن هذه الصورة لا تقدر أن تنجيك من الموت: إلا أنه قد شاهد وإذا بالصورة قد مدت رجلها إلى خارجٍ، حيث جاء السهم ووقف بها من دون أن ينفذ إلى الإنسان المحتمي وراءها (وحتى الآن هذه الصورة تنظر في المدينة المذكورة. والسهم على فخذها معلقاً) وبهذا النوع حفظت حياة ذلك الإنسان المتعبد لمريم، فالأعداء إذ رأوا حدوث هذه الأعجوبة، قد رفعوا الحصار عن المدينة وسافروا.*
الخبر 59: أخبر الأب ألوتسا في الرأس 3 من كتابه 3 بأنه كان في مدينة نابولي إنسانٌ من السودان أسيراً عند الرجل الشريف أوطافيوس موناكوس، مصراً على تمسكه بمذهبه الهجري، من دون أن تؤثر فيه شيئاً جميع النصائح والتحريضات المقدمة له من كثيرين، غير أنه كان متمسكاً بعبادةٍ ممارسة منه تكريماً لمريم العذراء وهي أنه كل ليلةٍ من دون تفويتٍ كان يقد على مصروفه الذاتي قنديلاً، أمام تلك الأيقونة التي كانت لوالدة الإله في بيت سيده المذكور. وكان من عادته أن يقول: أن هذه السيدة عتيدةٌ أن تصنع معي نعمةً عظيمةً. فليلةً ما قد ظهرت له هذه الأم الإلهية، وقالت له أن يصير مسيحياً. أما هو فأستمر يرفض طلبتها هذه، ولكنها اذ وضعت هي يدها على كتفه قائلةً له: يا هابيل لا تصر على عنادك أكثر، بل أصطبغ وادع ذاتك يوسف: ففي الصباح التالي حالاً ذاك العبد أشهر رضاه بأعتناق الإيمان بالمسيح، وارتشد بقواعد الإيمان، واصطبغ في اليوم العاشر من شهر آب سنة 1648 جملةً مع أحد عشر هجرياً آخرين. ثم يلزم أن ننبه هنا عن هذه القضية أيضاً، وهي أن العذراء الكلية القداسة حينما ظهرت لهابيل المذكور بالنوع المقدم إيراده، فبعد أن اجتذبته إلى الاعتقاد بالمسيح، وأرادت مفارقته فهو مسك يدها متوسلاً إليها بقوله: أيتها السيدة أرجوكِ بأن تجعليني أن أراكِ عندما أوجد محزوناً من حادثٍ ما. فهي قد وعدته بذلك، كما تممت وعدها. لأنه إذ كان هو فيما بعد مرةً ما حاصلاً في الغم لمصيبةٍ. فقد استدعى إليه هذه السيدة، وهي ظهرت له، وبمجرد قولها: يا يوسف أحسن صبرك، قد أمتلأ هو تعزيةً وسروراً.*
الخبر 60: أن الأب أورياما في الرأس 6 من المجلد 2 قد أخبر عن أحد خوارنة أسالا اسمه بالدوينوس، أنه قد كان تنازل عن خدمة الخورنة، وصار راهباً في قانون القديس عبد الأحد. غير أنه إذ كان هو بعد في رتبة المبتدئين. قد تجرب في الندامة على ما فعله بالدخول في الرهبنة، متصوراً بعقله أنه لكان يفعل خيراً أعظم، وأفادةً أكثر للقريب، لو يكون استمر في خدمة خورنته. ومن ثم عزم على ترك ثوب الابتداء، وعلى الخروج من الدير، وبهذه النية دخل أمام هيكل الوردية ليودعها ويخرج، إلا أن والدة الإله قد ظهرت له حاملةً بيديها إنائين مملوئين خمراً، فسلمته الإناء الواحد لكي يشرب منه، فلما ذاقه لوى وجهه عنه، لأنه ولئن كان الخمر جيداً فمع ذلك كان مملوءاً من العكر، وإذ أعطته الثاني فرآه جيداً من دون شيء آخر، فحينئذٍ قالت له هذه السيدة:” إن هذا هو الفرق الكائن فيما بين العيشة في العالم، وبين عيشتك في الرهبنة تحت الطاعة”. فلهذا رجع بالدوينوس، وتمم زمان الابتداء، وعاش باقي زمن حياته راهباً مملوءاً من الفضائل.*
الخبر 61: قد أخبر الأب أورياما عينه في المكان السابق ذكره، عن واحدٍ آخر من المبتدئين قد انتصرت عليه التجربة في الرجوع إلى العالم، ولذلك ذهب من قلايته ليخرج من الدير، ولكنه قبل خروجه صلى مرةً واحدةً السلام الملائكي أمام أيقونة والدة الإله. فعندما نهض لينطلق رأى ذاته مسمراً في مكانه غير قادر على الحركة والمشي، فحينئذٍ أنتبه على غلطه، ونذر أن يستمر في الدير. وهكذا أنطلق من دون مانعٍ عند معلم المبتدئين طالباً منه الغفران، ولبث مثابراً على ما كان أبتدأ به إلى الموت.*
الخبر 62: قد كتب الأب أورياما نفسه في الرأس 4 من المجلد 1 عن الطوباوي أكليمضوس الراهب الفرنسيسكاني، أنه يوماً ما لم يرد أن يذهب الى مائدة الغداء المشاعة، لكي يستمر تالياً بعض صلوات ذات عبادةٍ لوالدة الإله، غير أن هذه البتول الكلية القداسة قد خاطبته من أيقونتها المقدسة قائلةً له: اذهب مع إخوتك إلى المائدة، لأنه يرضيني أن تكمل الطاعة الواجبة عليك، أكثر مما ترضيني العبادات الأخرى كلها التي أنت تصنعها نحوي.*
الخبر 63: قد أخبر الأب روهوس بأنه حينما كانت أنجلا أبنة سلطان بوهاميا في دير الراهبات، قد ظهرت لها البتول الكلية القداسة، وبرفقتها أحد الملائكة، الذي تقدم الى أنجلا قائلاً لها: انهضي الآن يا أنجلا وأهربي مسرعةً إلى أورشليم، لأن السلطان أباكِ اعتمد على أن يدفعكِ زوجةً لسلطان بلاد هنغاريا: فالابنة الحسنة العبادة قد سافرت حالاً متجهةً نحو مدينة أورشليم، وقد ظهرت لها والدة الإله مرةً ثانيةً في مسافة الطريق، مشجعةً إياها على تتميم السفر. فلما بلغت إلى أورشليم قد قبلت فيما بين الراهبات الكرمليتانيات. واستمرت هناك إلى أن أعلنت لها البتول المجيدة عينها أرادتها في الرجوع إلى وطنها، كما أكملت ذلك. وعاشت باقي زمن حياتها في بلاد بوهاميا بقداسةٍ حتى الموت.*
الخبر 64: قد كتب القديس غريغوريوس الكبير في الرأس17 من كتاب أدابياته الرابع، عن ابنةٍ أسمها موزا. قد كانت كلية التعبد للأم الإلهية، ومن حيث أنها لأجل نموذجات بعض البنات الأثمة حصلت هي في خطر أن تخسر طهارتها، فظهرت لها والدة الإله، مرافقةً من عددٍ وافرٍ من القديسات، وقالت لها: أتريدين ياموزا أن تأتي أنتِ أيضاً صحبة هؤلاء البارات: وإذ أجابت الابنة: أي نعم إني أريد ذلك: فحينئذٍ قالت لها العذراء:” إذاً ابتعدي عن رفقة البنات الأخريات، وأستعدي حسناً، لأنكِ من الآن إلى مدة شهر كامل عتيدةٌ أن تأتي إليًّ”. فموزا قد ابتعدت حالاً عن أولئك البنات، وأخبرت الغير عن الرؤيا التي شاهدتها هي. وإذ بلغ اليوم الثلاثون فجاءت ساعة موتها، وحينئذٍ قد ظهرت لها ملكة السماء ودعتها إليها، وهي إذ أجابت حالاً: هوذا أنا يا سيدتي آتيةٌ إليكِ. قد سلمت روحها بكل عذوبةٍ وسلام.*
الخبر 65: أنه يوجد مدوناً في سيرة حياة البارة: حنه غونزاغا. كانت زوجة لفرديناندوس الأول ملك النمسا من عليلة أوستريا، وأن هذه الشريفة حينما ترملت بوفاة رجلها المذكور، قد دخلت في جمعية راهبات عبيد مريم العذراء، وقد صنعت لذاتها تاجاً مرسومةً عليه صور سبعة أحزان البتول الكلية القداسة، قائلةً أنها بواسطة هذا التاج تنازلت هي عن تيجان مملكات الأرض كلها. وبالحقيقة أنها رفضت الزواج مع الملك رودولفوس الثاني. وحينما أخبروها فيما بعد بأن أختها الصغرى قد تكللت بالاحتفالات العظيمة ملكةٌ، قد أجابت هي قائلةً: فلتتمتع أختي بتاجها الملوكي، وأما أنا فعزيزٌ هو لدي هذا الثوب الذي به توجتني ملكتي مريم، وأفضل عندي ألف مرةٍ من ذاك التاج الملوكي. فوالدة الإله قد ظهرت مراتٍ كثيرةً لهذه البارة في مدة حياتها وعند ساعة موتها التي بها انتقلت إلى الأخدار السماوية بميتةٍ مقدسة.*
خبر 66: قد كتب في الخبر الثالث من الكتاب المسمى: نموذجات العذراء الطوباوية: عن أحد الكنائسيين المرتسم بالدرجات الصغار. أنه كان هذا يوماً ما يلعب مع شبانٍ آخرين في لعب الكرة، ومن حيث أنه خاف من أن حركته في اللعب تسبب له ضيعان الخاتم الذي كان في أحد أصابعه غزيزاً لديه، لأنه كان موهوباً له من إحدى النساء المكرمات منه، فخلعه من إصبعه، ليضعه في إصبع يد تمثال والدة الإله المجسم الكائن هناك، إلا أنه حينئذٍ قد جاءه فكرٌ في أن يرفض العالم ويحفظ البتولية، متخذاً بواسطة ذاك الخاتم عروسةً له البتول المجيدة نفسها. فإذ شعر في قلبه بإرادةٍ فعالةٍ لأن يعد العذراء هذا الوعد، قد صنعه بكل طيبة خاطرٍ، ووضع بهذه النية ذاك الخاتم في أصبع يد تمثالها المقدس. فالبتول الطوباوية علامةً لقبولها منه هذا الوعد، قد أطبقت يدها على يده حين تلبيسه إياها الخاتم، ثم فتحتها. ولكن بعد مدةٍ من الزمان أراد الشاب المذكور أن يقترن بالزواج مع إحدى البنات، غير ملتفتٍ إلى ذاك الوعد. فالعذراء المغبوطة قد ظهرت له حينئذٍ، ووبخته على عدم أمانته، وهو حالاً ندم على فعله. ولكي يحفظ وعده بأكثر أمانٍ مع هذه العروسة السماوية، هرب من العالم سائحاً في أحد القفار، حيث عاش جميع أيام حياته بقداسةٍ حتى الموت.*
الخبر 67: أنه يوجد مسطراً في تاريخ مدينة فاردون عند الأب روهوس، أنه نحو سنة 850 إذ كان بارانغاريوس أسقف أبرشية فاردون في إقليم لورانا، ذاهباً يوماً ما إلى الكنيسة حيث دخل مجتازاً إلى الخورص. فكان وقتئذٍ هناك جالساً عند مدخل الخورص أحد الكهنة واسمه بارناريوس، يتلو قانون والدة الإله، ومن كون رجل الأسقف المذكور حين دخوله الخورص انصدمت في جسد هذا الكاهن، فلغيظه منه في جلوسه هناك، ولعدم نهوضه حالاً، قد رفسه برجله بقلة صبرٍ. ففي تلك الليلة ظهرت هذه الأم الإلهية للأسقف قائلةً له:” كيف تحسن عندك أن ترفس برجلك عبدي بارناريوس حينما كان يتلو مدائحي، فأنا من أجل أني أحبك، أريد أنك تفي القصاص عن ذنبك في هذه الحياة”. وحالاً قد يبست رجله، فالأسقف عاش باقي زمن حياته بقداسةٍ، ومات كذلك. وبعد سنين كثيرةٍ قد صودف جسده غير فاسدٍ ولا مثلومٍ، ما عدا رجله التي كان رفس بها ذاك الكاهن كما تقدم الشرح قد بليت.*
الخبر 68: أنه قد كتب عن أحد الشبان أنه إذ ورث عن والديه أموالاً غنيةً جداً، فهو شرع يبددها في اللعب والمسكرات والولائم والرذائل والبذخ مع أصحابه. حتى أنه نفذ منه كل شيءٍ كان له، ولكن كان يحفظ ذاته بتولاً غير مدنسٍ بفعلٍ ضد العفة. فلما رآه عمه حاصلاً في الفقر لأجل ما تقدم ذكره، قد حرضه على أن يتلو كل يومٍ قسماً من مسبحة الوردية، موعداً إياه بأنه إذا واظب على ذلك، فهو كان مزمعاً أن يهتم في أن يزوجه زيجةً شريفةً. فالشاب قبل المشورة ومارسها بالعمل وأصلح سيرته، وكذلك عمه أكمل وعده في أمر الزيجة. فلما بلغت ليلة العرس، فالشاب انفرد عن الناس ليصلي قسم الوردية كعادته، فعند نهاية صلاته، ظهرت له والدة الإله قائلةً:” إني أريد الآن أن أعطيك المكافأة الواجبة عما كرمتني به، فأنا لا أريد أنك تخسر بتوليتك بالزواج، ولذلك بعد ثلاثة أيامٍ أنت تموت وتأتي عندي في الفردوس السماوي”. وهكذا صار لأنه حالاً قد اعترت الحمى هذا الشاب، الذي هو أخبر بالرؤيا. وفي اليوم الثالث رقد بالرب مملوءاً من السرور والتعزية.*
الخبر 69: قد أخبر المؤرخ الجليل الملقب بالحسن العبادة في كتابه المسمى: سر كل نعمةٍ: عن القديس فينخانسوس فراري. أنه إذ كان يسأل أحد المرضى المدنفين على الموت، الذي كان قاطعاً رجاه من الخلاص هكذا: لماذا أنت تريد أن تهلك ذاتك، في الوقت الذي فيه يريد يسوع المسيح أن تخلص نفسك. فأجابه ذاك الشقي بأنه إهانةً وبغضةً في المسيح يريد أن يمضي إلى الهلاك. فقال له القديس:” إنه قهراً عن رداوتك يلزمك أن تخلص”. وهكذا ابتدأ القديس في تلاوة المسبحة الوردية، محتماً على الحضار بأن يصلوها معه، وإذا بالمنازع قد تغير، وطلب أن يعترف بدموعٍ حارةٍ. كما تم بعد أن اعترف بخطاياه باكياً بمرارةٍ قد رقد بسلام.*
الخبر 70: قد أخبر المؤرخ المذكور عن امرأةٍ وجدت تحت ردم بيتها الذي سقط عليها من قبل الزلزلة. فأحد الكهنة أحضر فعلةً، وكشف الحجارة والردم إلى أن وصلوا عند الامرأة. فرأوها معانقةً أولادها. وهي وهم أحياء من دون ضررٍ. وإذ سألوها أية عبادةٍ كانت هي معتادةً على ممارستها، فأجابتهم بأنها قط ما تركت يومياً لا تلاوة المسبحة الوردية، ولا زيارة هيكل العذراء.*
الخبر 71: قد كتب هذا المؤرخ نفسه. أنه كانت إحدى النساء معاشرةً أحد الرجال عشرةً دنسةً لافتكارها في أنها بدون ذلك ما كان يمكنها لفقرها أن تعيش. فوجد من قدم لها المشورة في أن تلتجئ إلى والدة الإله، مواظبة على تلاوة ورديتها، فمارست ذلك بحسن عبادةٍ. وإذا بهذه الأم الإلهية ظهرت لها في إحدى الليالي قائلةً:
” اتركي الخطيئة. واهتمي في أن تحصلي قوتكِ بتعبكِ واتكلي عليَّ أنا أعينكِ”. فالامرأة نهضت صباحاً ومضت فأعترفت بخطاياها، وابتعدت عن ذاك الرجل تائبةً ففازت من العذراء بمعوناتٍ عظيمة.*
الخبر 72: وكذلك أخبر عن أحد الخطأة المنغمسين في الرذائل، أنه لم يكن يستطيع بسهولةٍ أن يترك ملكاته الدنسة. فهذا عندما ابتدأ أن يتلو يومياً المسبحة الوردية، فبنوعٍ عجيبٍ قد رجع إلى الله بالتوبة وأصلح سيرته إصلاحاً كلياً.*
الخبر 73: وأيضاً أخبر عن شخصٍ آخر كان أسيراً لألم المحبة الدنسة، مع أمرأةٍ شريكةٍ له في القباحة. فلأنه تمسك بتلاوة المسبحة الوردية، قد شعر في ذاته بكرهٍ كلي من الإثم. فأي نعم أنه سقط من جديد في الدنس ولكن لأجل مثابرته على تلاوة الوردية قد نجا من تلك العشرة الرديئة بالكلية مستسيراً سيرةً مسيحيةً.*
الخبر 74: وكتب هو عينه عن امرأةٍ ما قد دنت من ساعة موتها، وهي حاقدةٌ في قلبها على رجلها ببغضةٍ قتالة. فأحد الكهنة الصلحاء الذي كان يساعدها في تلك الساعة، إذ لم يعد يعلم بأية طريقةٍ يكتسبها لأن تصفح وتسامح وتصطلح مع رجلها قبل موتها، لأنها كانت ترفض ذلك، قد انفرد يصلي من أجلها المسبحة الوردية. فحينما انتهى إلى البيت الأخير منها، وإذا بالامرأة تغيرت عما كانت عليه، وندمت على مآثمها معترفةً، وصفحت من كل قلبها لرجلها.*
الخبر 75: ثم أن الكتاب المشار إليه يورد أخيراً. أنه إذ مارس هو رياضات الرسالة مرةً ما نحو الأشخاص المخصومين في مدينة نابولي تحت عقاب الشغل في مراكب المملكة. فقد وجد فيما بين هؤلاء أناسٌ الذين صروا على عنادهم في أن لا يقتبلوا سر التوبة، فضلاً عن غيره من الأسرار المقدسة، فهذا الأب قد علم هؤلاء بأنهم قلما يكون يرتضون بأن تتحرر أسماؤهم في شركة الوردية المقدسة، وأنهم يبدئون بتلاوة مسبحتها. فأقتبلوا المشورة وحرروا أسماءهم، وأخذوا يصلون الوردية جملةً، فما تمموا تلاوتها إلا وشعروا كلهم بإرداةٍ فعالةٍ الاعتراف حالاً بخطاياهم، فطلبوا ذلك وتمموه بكل ندامةٍ وخشوعٍ، بعد أن كان لهم سنون كثيرة ما تقدموا فيها قط إلى منبر التوبة. فهذه النموذجات التي حدث في زماننا كثرةٌ منها، يجب أن تحرك فينا حسن الرجاء في مفعول شفاعات والدة الإله المقتدرة، عند تأملنا في أنها هي في الزمن الحاضر لم تتغير عما كانت عليه قبلاً، وعلى الدوام في إسعاف من يلتجئ إليها.*
الخبر 76: قد أخبر القديس غريغوريوس الكبير في الرأس9 من كتاب أدابياته الأول. عن أسقف مدينة فارانتوس البار، أنه قد كان كلي الانعطاف والسخاء في إعطاء الصدقة منذ نعومة أظفاره، فأتفق له يوماً ما بعد أن صار أسقفاً، أنه جاء إليه كثيرون من الفقراء ليطلبوا صدقةً منه. فإذا لم يكن بعد باقياً عند شيءٌ يعطيهموه، قد دخل إلى المخدع وأخذ علبةً كانت خاصة أحد الكهنة ابن أخيه، الذي كان باع فرسه بعشر قطع ذهباً، وحفظها في تلك العلبة، فهو كسر العلبة ووزع على أولئك الفقراء العشر القطع الذهب. إلا أنه حينما جاء القس المومى إليه، وعرف ما صنعه عمه، قد احتمى غيظاً من ذلك، وطلب المال بكل لجاجةٍ وصراخٍ. فالأسقف البار ما عاد يعلم كيف يرضيه، ومن أين يفيه ماله، فذهب إلى الكنيسة أمام تمثال والدة الإله لتسعفه، وإذ به ينظر على طرف ثوب التمثال المقدس عشر قطع ذهباً نظير تلك. فأخذها ودفعها بيد الكاهن مسروراً.
الخبر77: أنه يوجد مدوناً في الرأس 6 من المجلد 2 من الحوادث السنوية عن امرأةٍ آراتقية في مدينة أفغوسطا التي في جرمانيا، أنها كانت كلية الإصرار والعناد في مذهبها اللوتراني، فهذه إذ كانت يوماً ما في سنة 1656 مارةً من أمام إحدى كنائس الكاثوليكيين قد انجذبت من روح البحث الباطل إلى أن تدخل إليها، فعند اجتيازها الى الكنيسة ومشاهدتها هناك أيقونة والدة الإله حاملةً على ذراعيها طفلها الإلهي، قد شعرت هي باطناً بانعطافٍ كلي إلى أن تهب تلك الأيقونة أو بالحري للعذراء المجيدة هديةً ما. فرجعت إلى بيتها، وأخذت ثوباً من الحرير، وجاءت به وقدمته لتلك الأيقونة المقدسة وأنصرفت. فعما وصلت إلى منزلها قد استنارت من نعمة الله التي استمدتها لها العذراء الرحومة، وعرفت فساد معتقدها الآراتيكي التي كانت هي عنيدةً بالتمسك فيه. فخرجت حالاً وذهبت عند البعض من الكاثوليكيين وكشفت لهم إرادتها في رفض ضلالها ورجوعها إلى الإيمان المستقيم، كما تم. حيث أنها نالت الحل من الأرتقية وتمسكت بالديانة الكاثوليكية المقدسة.*
الخبر 78: قد جاء في الأخبار أنه كان في مدينة جازانا رجلان من الخطأة متحدان أحدهما مع الآخر بصداقةٍ كلية. فالواحد منهما الذي كان يسمى برتولوماوس. ففيما بين رذائله وفي حاله الأثيمة لم يكن أهمل العبادة التي كانت فيه نحو والدة الإله، بل استمر يتلو يومياً تكريماً لأحزانها التسبحة المبدوءة:” وكانت واقفةً عند صليب يسوع أمه”. فيوما ما حينما كان برتولوماوس يتلو هذه التسبحة، قد حصل على رؤيا، وهي أنه شاهد ذاته كائناً في بحيرةٍ من نارٍ جميلةً مع صديقه الأثيم، ثم نظر وإذا بالبتول الكلية القداسة قد حضرت إليه متشفقةً عليه، ومدت يدها فانتشلته من تلك البحيرة خارجاً، وأرشدته إلى أن يطلب الغفران من يسوع المسيح ابنها، الذي أظهر إرادته في أنه غفر له إكراماً لتوسلات والدته من أجله. فلما غابت الرؤيا عن برتولوماوس ورجع إلى ذاته. ففي الحال ورد إليه خبرٌ بأن صديقه قد مات مقتولاً بالرصاص من أحد أعدائه، فحينئذٍ هو عرف حقيقة الرؤيا، ولذلك أهمل هو العالم، ودخل في رهبنة الكبوجيين، حيث أصرف باقي زمن حياته بعيشةٍ كلية الصرامة بالتقشفات والإماتات وأفعال التوبة، وأخيراً مات في رائحة القداسة.*
الخبر 79: أنه يوجد محرراً في سيرة حياة الطوباوي أيرونيموس مؤسس جمعية الآباء السوماسكيين، أنه حينما كان هو يعد في الوظائف المدنية والياً في إحدى الأمكنة، قد وثبت عليه الأعداء وأخذوه فطرحوه مقيداً في مغارةٍ ضمن أحد الأبراج. فحينئذٍ هو التجأ إلى والدة الإله في أن تعينه في حال ضيقته هذه القصوى، ونذر بأن يمضي فيزور كنيستها التي في ترافيجي. وإذا بالعذراء السريعة الإجابة قد ظهرت له متلألئةً بأنوارٍ سماوية لا يمكن التحدق بها، فدنت منه وفكت له قيوده، ودفعت بيده مفتاح الحبس. فقام وخرج من المغارة ومن البرج سائراً نحو ترافيجي لتكميل نذره. إلا أنه بعد أن اجتاز مسافةً قليلةً من الطريق، قد سقط من جديد فيما بين الأعداء ولهذا استغاث بالسيدة منقذته. فظهرت له ثانيةً، وأخذته بيده واجتازت به في وسط الأعداء وأوصلته إلى حد أبواب مدينة ترافيجي، ثم غابت عنه. فدخل المدينة، وزار كنيسة والدة الإله، وترك أمام هيكلها القيود الحديد التي فكتها هي له. ومنذ ذلك اليوم إلى نهاية حياته استسار سيرةً مملؤة من القداسة والفضائل السامية، التي لأجلها أستحق بعد نياحه منذ أزمنةٍ قليلة أن يدون أسمه قانونياً من الكنيسة المقدسة في عداد الطوباويين.*
الخبر 80: أن الأب سينيسكوس في الرأس 9 من كتابه يخبر عن أحد الكهنة الكلي التعبد للعذراء المتألمة المثلثة القداسة، بأنه كان يمضي متواثراً إلى إحدى الكنائس منفرداً ليتأمل في آلام هذه السيدة متوجعاً لها. وكان من عادته أن يدنو من تمثال هذه الأم الإلهية المجسم الموجود في تلك الكنيسة، ويمسح بمنديلٍ كأنه معزٍ لها وجهها ودموعها. فقد حصل فيما بعد هذا الكاهن في مرضٍ عضال قد يئست الأطباء من شفائه. ولكنه عندما دنا هو من أبواب المنون، وناهز أن تفارق نفسه جسده، قد شاهد وإذا حضرت بإزائه سيدةٌ كلية الجمال، فاقتربت منه، وطفقت تعزيه بألفاظٍ جزيلة العذوبة وتمسح عرق موته عنه بمنديلٍ كان بيدها. وبذلك قد شفي هو حالاً من مرضه. فعندما رأى هو ذاته قد برأ هكذا، هتف نحوها قائلاً: لكن من هي أنتِ أيتها السيدة التي تصنعين معي رأفةً، بهذا المقدار عظيمةً: فأجابته هي
” أني أنا تلك التي أنت مراتٍ كثيرةً قد مسحت عن عيني الدموع بمنديلك”. وإذ قالت هذا غابت عنه وهو نهض من فراشه صحيحاً معافى.*
الخبر 81: قد كتب الأب تهاوسك في الرأس 26 من كتابه 1 عن إحدى النساء الشريفات التي كان لها أبنٌ وحيدٌ. فهذه يوماً ما قد أخبرت بأن ابنها وجد مقتولاً مطروحاً في الأرض. إلا أن القاتل قد كان بطريق العرض من دون معرفةٍ، هرب إلى دار تلك السيدة محتمياً تحت كنفها. فهي حينئذٍ إذ أخذت تتأمل في أن مريم البتول قد غفرت لصالبي ابنها يسوع، فأرادت هي أيضاً حباً بهذه العذراء المحزونة وتكريماً لها أن تغفر لقاتل ابنها. ومن ثم ليس فقط صفحت له عن ذنبه، بل أيضاً قد أمرت بأن يعطى أثواباً لملبوسه، ومالاً لمصروف طريقه، وفرساً لمركوبه، ليمكنه أن يفر هارباً من أيدي خدام الشريعة ويفوز بالنجاة. فبعد ذلك ظهر ابن هذه الامرأة لها في الرؤيا، وأخبرها بأن والدة الإله قد خلصته من عذابات المطهر التي كان يلزمه أن يتكبدها أزمنةً مديدةً، وذلك مكافأةً عن فعلها الفاضل الذي به تصرفت هي بسخاءٍ مع قاتله. وأنه هو منطلق إلى السعادة الأبدية ليتمتع بها سرمداً.*
الخبر 82: أنه يوجد مسطراً في الرأس 13 من الكتاب 4 من تاريخ رهبنة عبيد مريم، عن حادث شبيه بالمتقدم إيراده، قد تم مع الطوباوية بيوندا. وهو أن هذه البارة كان لها أبنٌ وحيدٌ، فأعداء رجلها المتوفي بغضةً بوالده قد قتلوه، وأخرجوا قلبه من جوفه. وبأفتراءٍ بربري صيروا أمه المسكينة أن تأكله من دون أن تعرف الأمر إلا فيما بعد. فهذه الأم عند معرفتها ذلك جميعه أرادت أن تقتدي بصبر والدة الإله المحزونة على موت ابنها، نظيرها أن تغفر لهؤلاء القتلة. وأن تحسن إليهم أيضاً بمقدار استطاعتها، فهذا الفعل قد أرضى قلب والدة الإله التي استمدت لهذه الامرأة الأرملة النعمة. في أنها تركت العالم ودخلت في قانون الرهبنة الثالثة المختصة بجمعية عبيد مريم، واجتازت أزمنة حياتها بقداسةٍ وبفضائل عظيمة. حتى أنها استحقت أن تصنع عجائب كثيرةً في مدة حياتها وحين موتها أيضاً الكريم لدى الرب.*
الخبر 83: قد أخبر الأب بوفيوس في الحادث 39 من المجلد 4 من تأليفه عن القديس توما كانطواريانزه، أنه إذ كان في زمن صبوته موجوداً مرةً ما فيما بين جمعية شبان علمانيين، الذين ربما كلٌ منهم كان يفتخر في جنون محبته لبعض البنات أو النساء. فهذا الشاب البار قال لهم واضحاً أنه هو أيضاً مغرماً بمحبة سيدةٍ شريفةٍ فائقةٍ في الجمال، وعظيمة الشأن، وأنها هي أيضاً تحبه كثيراً، وأعنى هو بذلك عن والدة الإله. غير أنه بعد قوله هذا قد قلق ضميره كيلا يكون أخطأ بروح المجد الباطل، ففيما هو مغمومٌ جداً من هذا القبيل، قد ظهرت له هذه السيدة المجيدة وقالت له بعذوبةٍ هكذا:” من أي شيء أنت تخاف يا توما، فأنت بالصدق والصواب قد قلت أنك تحبني جداً وأني أنا أحبك، فأعلن هذا لأصحابك الشبان وأكده لهم. وعلامةً لحبي الوافر إياك خذ لهم هذه الهدية التي الآن أنا أهبك إياها لينظروها ويتحققوا صدق قولك لهم”. قالت هذا ودفعت بيديه علبةً حاويةً بدلة كهنوتية بلون الدم، إشارةً إلى أن هذه الأم الإلهية قد استمدت لتوما من ابنها النعمة في أن يصير هو كاهناً ثم شهيداً، كما تم بالحقيقة. لأن هذا الشاب البار قد أختير فيما بعد وارتسم كاهناً، ثم أسقفاً لمدينة كونطوربيا في بلاد أنكلتيرا. حيث أنه بعد ذلك اضطهد من السلطان وهرب الى بلاد فرنسا في دير بونتينياكوس خاصة الرهبان الجيستارجيازيين. فهناك اذ أتفق له أن القميص الخيش الذي كان هو يلبسه على لحمانه قد تخزق، وأخذ هو يصلحه في قلايته بقلة معرفته في الخيطان. فظهرت له ملكته المحبوبة منه مريم البتول، وأخذت من يده القميص بعذوبةٍ، وأصلحته له بخياطتةٍ شريفةٍ. ثم إذ رجع فيما بعد إلى أبرشيته كونطوربيا فهناك مات شهيداً، لأنه قتل من أعدائه بغضةً في غيرته على حقوق كنيسته.*
الخبر 84: قد جاء في الأخبار عما حدث من أحد زعيم اللصوص الذي كان في بلاد إيطاليا تحت الحكم الباباوي. بأن إحدى البنات المتعبدات لمريم العذراء، إذ أنها يوماً ما كانت في الطريق خارج المدينة وحدها. قد وقعت في يد زعيمهم المومى إليه، فلخوفها على عفتها، قد توسلت إليه واستحلفته حباً بوالدة الإله الكلية القداسة ألا يفتري عليها بشيءٍ ضد الطهارة، أما هو فأجابها بقوله: لا تخافي لأنكِ إذ قد تضرعتِ إليَّ باسم تلك التي هي أم الله، فلا أريد منكِ شيئاً آخر سوى أن تصلي لديها من أجلي: وقد رافقها إلى أن وصلت حيث لم يعد عليها خطرٌ من أحد اللصوص الآخرين. ففي الليلة التابعة قد ظهرت العذراء المجيدة لهذا اللص في الحلم، وشكرته على فعله الجيد، ووعدته بأن تفتكر به، وأنها في وقتٍ ما كانت عتيدةً هي أن تكافئه عن جميله. ففيما بعد وقع هذا اللص في أيدي جنود الشريعة، وأُخذ مقيداً وحُكم عليه بالموت، ففي الليلة السابقة على وضع الحكومة بالعمل. قد ظهرت من جديد الأم الإلهية لهذا المخصوم، وسألته أن كان هو يعرفها، فأجابها بقوله: أنه يبان لي أني رأيتكِ مرةً ما: فقالت له: “أنا هي مريم العذراء وقد أتيت لكي أكافئك عما صنعته لأجلي سابقاً، فأنت نهار غداً تموت، ولكن يتم موتك بندامةٍ وتوجعٍ هذا حدهما، حتى أنهما يجعلانك أن تأتي إلى الملكوت السماوي حالاً”. فالرجل قد انتبه من النوم وكان يشعر بندامةٍ وتأسفٍ كليين على خطاياه، بنوع أنه بدأ يبكي بمرارةٍ ودموعٍ سخينة، وشكر والدة الإله بأعلى صوته، وحالاً طلب معلم الاعتراف، وأقر لديه بمآثمه كلها بتياراتٍ من الدموع، وأخبره بالرؤيا التي شاهدها. وتوسل إليه بأن يشهر على الجميع هذه النعمة التي صنعتها معه مريم البتول. ثم ذهب الى مكان القتل بفرح عظيم. وبعد قتله يقال أن وجهه كان يظهر نظير أوجه الطوباويين. بنوع أن الجميع أعتقدوا في أنه كملت معه المواعيد التي نالها من والدة الإله.*
الخبر 85: أنه يورد في سيرة حياة الطوباوي يواكيم بيكولوميني الكلي العبادة نحو والدة الإله. أنه منذ حداثته كان يزور ثلاث مراتٍ في كل يومٍ أيقونتها المقدسة ذات أحزانها السبعة في إحدى الكنائس. وفي كل يوم سبتٍ ساعة نصف الليل كان ينهض ويصنع الصلاة العقلية متأملاً في أحزانها. فلننظر كيف أن هذه الأم الإلهية قد كافأته عن عباداته المومى إليها:
فأولاً: أنها ظهرت له في زمن صبوته، وقالت له أن يترك العالم ويدخل في جمعية الرهبان عبيد مريم كما فعل.
ثانياً: في سني حياته الأخيرة قد ظهرت له من جديد حاملةً في يدها إكليلين، أحدهما من روبين الحجر الكريم مكافأةً لتأملاته في أحزانها وآلامها. والثاني: من لؤلؤ مكافأةً لنقاوته وعذريته المكرسة منه في تكريمها.
ثالثاً: قد ظهرت له أخيراً حين نياحه. وهذا الطوباوي حينئذٍ التمس منها النعمة في أن يموت هو في اليوم الذي مات مخلصنا يسوع المسيح. فالبتول الكلية القداسة قد عزته بقولها له:” استعد وتهيأ لأنك نهار غداً الذي هو يوم الجمعة تموت حالاً. كما أنت ترغب، وهكذا غداةً تكون معي في الفردوس”. وهذا جميعه قد تم. لأنه في اليوم التالي الذي كان نهار الجمعة العظيم، حينما كان يرتل في الكنيسة إنجيل الآلام من بشارة القديس يوحنا، فعندما وصل المرتل إلى هذه الكلمات وهي: وكانت واقفةً عند صليب يسوع أمه: ألخ قد حصل الطوباوي في آخر نفس. وحينما قال المرتل عن يسوع أنه أحنى هامته وأسلم الروح. فالطوباوي لوى عنقه وأسلم الروح، وفي الوقت عينه قد تلألأت الكنيسة من إشراق ضياءٍ عظيم، وعبق فيها نشر رائحة كلية الزكاوة.*
الخبر 86: أنه يذكر عن الأب ألفونسوس سالمارونه اليسوعي، في كتاب سيرة حياته. أنه إذ كان هو كلي التعبد لوالدة الإله فلما دنا من ساعة موته هتف صارخاً: إلى الملكوت إلى الملكوت، فلتكن مباركةً الساعة التي فيها خدمت أنا مريم البتول، ومباركةً هي المواعظ، والأتعاب، والأفكار التي مارستها أنا من أجلكِ يا سيدتي، فإلى الملكوت إلى الملكوت: وهكذا أسلم روحه البارة.*
الخبر 87: أنه يوجد مدوناً من فرنسيس لالي كاتب سيرة حياة القديس روموالدوس مؤسس الرهبنة الكامالدولازية، أن الأمير فارنولفوس قد أحضر يوماً ما أبنه غويدوس إلى هذا القديس، طالباً منه أن يقبله فيما بين رهبانه تحت قانونه، لأن هذا الشاب كانت أشواقه كلها متجهةً نحو ذاك. فالقديس اقتبله بحسن الرضا. ورتبه في الدير، ومن حيث أن الفتى غويدوس كان متعبداً لوالدة الإله. فيوماً ما ظهرت له هذه السيدة حاملةً على ذراعيها طفلها الإلهي، فالشاب لاعتداد ذاته أنه غير مستحقٍ أصلاً لهذه الرؤيا، قد حصل خائفاً جداً، أما البتول المجيدة، فقد دنت منه قائلةً له:
” لماذا ترتاب، ومن أي شيءٍ تخاف يا غويدوس، فأنا هي أم الله، وهذا هو ابني الحبيب يسوع الذي يريد أن يأتي إليك”. وإذ قالت هذا قد دفعت طفلها بين ذراعي غويدوس. ثم في أواخر السنة الثالثة من دخول هذا الشاب في الرهبنة المذكورة، قد دنت منه ساعة موته، فالقديس روموالدوس الذي كان حاضراً عنده، قد شاهده يرتجف بكليته خائفاً وقائلاً: يا أبتي أما تنظر كم يوجد في هذه القلاية من السود، البشعي الصور: فقال له القديس: أفتكر يا أبني لعلك تكون أهملت أن تورد في اعترافك قضيةً ما: فأجابه الشاب: أي نعم يا أبي أنا الآن أفتكر بأني ما أكملت الطاعة الى رئيس الدير حينما أمرني بجمع الوسخ المكنوس، وبرفعه من الأرض. فأنا الآن أعترف بهذا تائباً ونادماً: فحينئذٍ القديس حله من هذه الزلة، وفي الحال حصل الفتى على تغيير عظيم، إذ أن الشياطين هربوا، وظهرت والدة الإله مع يسوع المسيح. وهكذا غويدوس مملؤاً من الفرح والتعزية فارق هذه الحياة.*
الخبر 88: قد سطر في المينولوجيون فيما بين قديسي شهر آب المختصين بالرهبنة الكامالدولازية، عن راهبةٍ من تابعات هذا القانون اسمها مريم، كانت في مدينة طولادوس. إنها في ساعة موتها حصلت على مشاهدة والدة الإله بالقرب من سريرها. وحينئذٍ هي خاطبت هذه الأم الإلهية قائلةً: إن النعمة التي فزت أنا بها منكِ أيتها السيدة، وهي زيارتكِ إياي تعطيني الجسارة على أن ألتمس منكِ نعمةً أخرى، وهي أني أموت في مثل الساعة عينها التي أنتِ فيها رقدتِ وأنتقلتِ الى السماء. فأجابتها البتول الكلية القداسة: أي نعم. وأنا أريد أن أتنازل معكِ وأهبكِ طلبتكِ، فأنتِ مزمعةٌ أن تموتي في الساعة عينها التي مثلها أنا مت، وتسمعي نغمات التراتيل ذاتها التي بها كان الطوباويون يعظمون دخولي إلى السماء، فلستعدي إذاً مهيأةً: قالت هذا وغابت عنها. فالراهبات الكائنات عند مريم المذكورة إذ سمعنها تتكلم في ذاتها ظنينها ساهيةً خارجةً عن الوعي. إلا أنها قد أخبرتهن بالرؤيا، وبالنعمة التي نالت هي الوعد بها. فاذا لبثت هذه البارة منتظرةً تلك الساعة المرغوبة منها. فلما بلغت (ولئن لم يكن الكاتب يعين أية ساعةٍ كانت) فحالما هي سمعت ناقوس الساعة يقرع قالت: هواذا الساعة السابق الإيعاز عنها حسبما قيل لي، وهوذا أني أسمع نغمات تراتيل الملائكة. ففي مثل هذه الساعة صعدت ملكتي إلى السماء، وأنا الآن منطلقةٌ لأشاهدها، فالبثن أنتن يا أخواتي بسلام: وحين تلفظت بهذه الكلمات سلمت نفسها مائتةً. وفي الحال ظهرت عيناها نظير مصباحين تنبعثان أنواراً عظيمةً، ووجهها كان يلمع بلونٍ بهي.*
الخبر 89: قد كتب سوريوس المؤرخ تحت اليوم الثاني والعشرين من شهر نيسان، بأنه قد كانت في مدينة سانس من بلاد فرنسا عائشةً نحو الجيل الثامن القديسة أوبورتونا الابنة المولودة من دمٍ ملوكي. فهذه البتول البارة قد ترهبت في ديرٍ قريب من المدينة المذكورة وكانت هي كلية التعبد لوالدة الإله، فلما جاءت ساعة موتها، قد ظهرت لها القديستان كيليكيا ولوكيا، فقالت هي لهما: فليكن قدومكما خيراً يا أختي. فأخبراني ما الذي أرسلت تقوله لي بواسطتكما ملكتي العظيمة: فأجابتها القديستان قائلين: أنها هي تنتظركِ في السماء لتمضي إليها. فبعد ذلك قد ظهر لها الشيطان، إلا أن القديسة المتشجعة قد طردته من أمامها قائلةً: أيها الوحش الشنيع ماذا لك عندي، وما هو عملك نحوي أنا التي هي عبدة ليسوع: وإذ بلغت أخيراً الساعة التي هي نفسها كانت أخبرت عن موتها فيها، قد تناولت القربان الأقدس زوادةً أخيرةً، والتفتت نحو باب قلايتها قائلةً: هوذا والدة الإله هي آتيةٌ لتأخذني معها. فأنا أتوسل لديها في شأنكن يا أخوتي، وأستودعكن كافةً الله، لأني ما عدت بعد أشاهدكن في هذا العالم. ولما قالت هذا رفعت ذراعيها لتعانق سيدتها المجيدة، وحالاً أسلمت الروح بفرحٍ وسلام.*
الخبر 90: والأخير أننا أوردنا في آخر كتابنا الملقب: بطريق الخلاص: عن الأب بولس كافارو (الذي كتبنا هناك مختصر سيرة حياته) أنه كان منذ حداثته منشغف القلب نحو والدة الإله، بنوع أن السامعين مواعظه المشتهرة، والمعترفين عنده في منبر الذمة كانوا من كيفية تكلمه عن هذه الأم الإلهي، يفهمون جيداً شدة غرامه في محبتها. فحينما حصل هو في مرضه الأخير سنة 1753 قد وجدت بهجته وتعزيته الوافرتان في نظره المتكررة وتفرسه التقوي في أيقونة هذه السيدة المجيدة الموضوعة بقرب سريره ولعظم ثقته في مراحمها، وشدة أشواقه إلى مشاهدتها في السماء قبل يوم عيد نياحها. قال للحضار عنده في أول شهر آب هكذا: إن كنت أنا لا أموت قبل اليوم 15 من هذا الشهر فلن أموت أبداً: فرجاؤه بهذه السيدة المحبوبة منه في الغاية قد تم فعلاً، لأنه في 13 من الشهر المذكور رقد بسلامٍ رقود الأبرار الكريم لدى الرب.*
† † †
ولتكن ههنا نهاية هذا الكتاب الجليل المختص بأمجاد حبيبتنا والدة الإله الدائمة بكارتها الكلية القداسة. الذي كان النجاز
من طبعه في شهر نيسان سنة 1828*
ونحن قد أضفنا إليه مختصر سيرة حياة مؤلفه
الطوباوي *الآتي إيرادها.*
Discussion about this post