الفصل الثالث: قانون الكتاب المقدَّس
كلمة قانون يونانية الأصل وتعني القاعدة أو القياس. أما كلمة قانون بالنسبة إلى الكتاب المقدَّس فهي مجموعة الكتب المعترف بها كقاعدة إيمان، فالكتاب يكون قانونياً إذا اعتُرف به كقاعدة إيمانية. قانون الكتاب المقدَّس يعني مجموعة النصوص والأسفار التي تكوِّن الكتاب المقدَّس (قائمة الأسفار الملهمة). كلمة قانون كانت تعني أيضاً القصبة أو الساق أو الجذع، وبعد ذلك تطوَّرت الكلمة وأصبحت تعني التحديد، القاعدة، النظام. إنَّ كلمة قانون الكتاب المقدَّس استعملت سنة 350م للتمييز بين الكتب الملهمة والغير الملهمة.
الأسفار القانونية: هي الأسفار المعترف بها من قبل الجماعات المسيحية الأولى على أنها ملهمة وموحى بها من الله. وبعد ذلك ظهر لدينا بما يسمَّى (قانوني ثاني)، لبعض أسفار العهد القديم “طوبيا، أستير، المكابيين، الحكمة، سيراخ، باروك، أجزاء من دانيال، أجزاء من أستير”. (أسفار قانونية ثانية) دعيت هذه الأسفار بهذا الاسم لأنها:
– في فترة من الفترات تعرَّضت إلى الشك من قبل بعض الجماعات المسيحية ولم تكن في كل مكان قانونية؛ أما الكنيسة اليوم فهي تكتب لنا قانوني أول وقانوني ثاني ليس لأنَّ الواحد أهم من الآخر.
– لأنها ألحقت بالكتاب المقدَّس مؤخراً.
أما الأسفار القانونية الثانية فهي كالتالي:
– أربعة كتب تاريخية وهي: طوبيا، يهوديت، مكابيين1و2.
– كتاب نبوي وحيد: باروك.
– كتابان للحكمة: سيراخ، الحكمة.
– أجزاء من أستير: 10/4-16/24.
– أجزاء من دانيال: 3/24-90/13-14.
ويعتبر اليهود أنَّ الكتب القانونية الثانية مرفوضة، وذلك لعدة أسباب:
– اللغة: فكل الكتب المكتوبة بغير اللغة العبرية تعتبر غير ملهمة من الله. فمثلاً الكتب التي كتبت في مصر كتبت باليونانية وليس بالعبرية.
– المكان: يعتبر اليهود أنَّ الله لم يلهم الكاتب للكتابة إلاَّ في فلسطين ولا يوجد غيرها أرض مقدسة.
– عدم وجود أنبياء: اليهود لا يقولون بوجود أنبياء بعد نحميا وعزرا أي بعد عودتهم من السبي. أما أسيني قمران فقد اعترفوا بكل الأسفار الأولى والثانية، واليهود في الشتات، فاجتمع المعلمين وقالوا بعدم وجود اختلاف بين يهود فلسطين ويهود الشتات.
1- القانون العبري (اليهودي):
يتكوَّن هذا القانون من ثلاثة أجزاء:
– الأسفار التشريعية (التي حددت مع عزرا)
– الأسفار النبوية
– الكتابات
1- الأسفار التشريعية:
تسمى الموسوية أو شريعة موسى، شريعة الرب. وهذه الأسفار هي: التكوين، الخروج، العدد، الأخبار، تثنية الإشتراع. بالنسبة إلينا هذه الكتب تاريخية لأننا نتَّبع الترجمة السبعينية.
2- الأسفار النبوية:
وهذه الأسفار هي: 12 نبي صغير (من هوشع إلى ملاخي)، حزقيال، إرميا، أشعيا، ملوك، صموئيل، القضاة، يشوع.
كل هذه النصوص بدأت تكوِّن قانوناً حسب يشوع بن سيراخ 180ق.م تقريباً. أما بالنسبة إلى اليهود فجميع الكتب هي أسفار نبوية.
3- المؤلفات أو الكتابات:
وهذه الأسفار هي كالتالي: المزامير، الأمثال، أيوب، نشيد الأناشيد، راعوت (كان مع القضاة ومن ثمَّ فصل فيما بعد)، مراثي إرميا، الجامعة، أستير، دانيال، عزرا، نحميا، أخبار.
2- قانون العهد القديم بالنسبة للكنيسة:
الكنيسة تبنَّت القانون السبعيني، فما هو هذا القانون؟.
– الأسفار التشريعية، وهي مساوية للأسفار اليهودية.
– الأسفار التاريخية، انظر جدول الكتاب المقدَّس.
– الأسفار الحكمية، انظر جدول الكتاب المقدَّس. كلُّها تتأمَّل في حكمة الله.
– الأسفار النبوية، انظر جدول الكتاب المقدَّس.
+ العصور التي اعترفت بها الكنيسة في هذا القانون:
– العصر الرسولي: من الملاحظ في العهد الجديد، أنَّ يسوع استشهد بأقوال الأنبياء في العهد القديم من الترجمة السبعينية، وكذلك فعل الرسل والتلاميذ، ولذلك تبنَّت الكنيسة النص السبعيني دون أن تترك النص العبري.
– التقاليد الكنسية: كان آباء الكنيسة يستشهدون بآيات من النص السبعيني وليس من النص العبري.
وقد أُقرَّ وتحدَّد قانون الكتاب المقدَّس بعهده القديم في المجمع التريدنتيني (1546).
3- قانون العهد الجديد:
1- القانون:
أ- المؤلفات المسيحية الأولى (الجديدة):
بدأ الرسل بالكرازة من حدث القيامة ومن بعده بحدث الآلام والموت، وظلُّوا لفترة طويلة يبشرون بقيامة المسيح بكل شجاعة، كما أنهم لو لم يكونوا متأكدين من قيامته لما دفعهم ذلك إلى الموت من أجله. فالتبشير الأول كان شفهياً (القيامة)، ومن ثمَّ موت المسيح الذي قتله اليهود وعذَّبوه، أي أنَّ الرسل بعدما تكلَّموا عن الآلام قالوا إنَّ يسوع هو الذي أحبَّ وعلَّم وشفى وصنع المعجزات، أي أنهم قاموا بقراءة عكسية لحياة يسوع. ونحن لا يوجد شيء يشجِّعنا إلاَّ الحقيقة التي نكون مقتنعين بها، فالقيامة هي النواة الأولى للبشارة بيسوع المسيح القائم من الموت، كما أنَّ الوثائق الأولى المكتوبة تتحدَّث عن القيامة.
وأول مجموعة مكتوبة كانت صفحات من رسائل القديس بولس، ويخبرنا بذلك القديس بطرس في رسالته الثانية (2بطر3/15)، وهذا دليل واضح على أنَّ الوثائق المكتوبة رسمياً كانت لمسار بولس (الفن الرسائلي)، والمجموعة الثانية هي أربعة مؤلفات متوازية وهي الأناجيل (الفن الإنجيلي)، أما المجموعة الثالثة فهي أعمال الرسل وقد أُضيفت إلى الأناجيل.
س- كيف ميَّزت الكنيسة صحة الكتب؟.
استندت الكنيسة أولاً على ذكر الأحداث التي عملها يسوع وتعاليمه ومعجزاته وصحة الأخبار التي تتناولها الألسن حول يسوع المسيح وموته وقيامته. وثانياً تجد أنَّ جميع الكنائس المحلية التي تكوَّنت اعترفت جميعها بصحة الأخبار المتناقلة على حقيقة الأحداث الخلاصية.
+ ضرورة وأهمية المؤلفات:
وافقت الكنيسة على المؤلفات لأنها:
– تحتوي على إعلان بشرى الخلاص بيسوع المسيح.
– تحتوي على الدفاع عن العقيدة.
– استعملت في الليتورجيا.
– استعملت في تأسيس الكنيسة البشرية.
ب- تمييز الآباء:
من بعد سنة 150 أصبح لدينا حاجة ماسة لتحديد ما هي الكتب المسيحية، وشيئاً فشيئاً صارت كل الجماعات المسيحية تبني هذه الكتب، والمشكلة بدأت مع ظهور الهرطقات حوالي سنة 160، والتي ترفض العهد القديم لأنه يعاكس العهد الجديد. وحتى على أيام الرسل كان هناك من ينادي برفض العهد القديم؛ فنلاحظ أنَّ القديس بطرس يتكلَّم عنها في (2بطر3/17)، كما أنَّ آباء الكنيسة اضطروا ولو شفهياً أن يحدِّدوا بأنَّ العهد القديم مساوٍ للعهد الجديد. والكنيسة حدَّدت رسمياً ما هو العهد القديم وما هو العهد الجديد، كما أنها اعترفت بقانون السبعينية، أما بالنسبة إلى العهد الجديد فقد بقيت حوله مشاكل عديدة حتى القرن الخامس.
+ الكتب التي تعرَّضت للشك في العهد الجديد:
إنَّ عدد هذه الكتب سبعة وهي: العبرانيين، يعقوب، بطرس الثانية، رسالة يوحنا الأولى، رسالة يوحنا الثانية، يهوذا، الرؤيا. كما أنَّ الكنيسة اعترفت بها لعدة أسباب: أولها لأصالتها الرسولية، وثانيها لتأكُد الكنيسة من أمانتها وسلطتها ونفوذها الرسولي، وثالثها الأمانة في المحتوى والعقيدة المطابقة للرسل. بالإضافة إلى أنَّ آباء الكنيسة والذين هم خلفاء الرسل المباشرين، تعتبر الكنيسة تعاليمهم أنها بإلهام ووحي من الله.
والسؤال: لماذا تثبت موضوع الآباء؟ لأنهم:
– خلفاء الرسل
– كتبوا وعلَّموا بإلهام ووحي من عند الله
– وارثين التقاليد الرسولية
2- العصر الرسولي (2بطر3/17):
Discussion about this post