شخصيات من الكتاب المقدس
يوحنا الانجيلي
يوحنا الرسول :
هو ابن زبدي من بيت صيدا في الجليل. دعاه يسوع مع أخيه يعقوب الذي قتله هيرودس اغريباس الاول ليكونا من تلاميذه (مت 4: 21 واع 12: 1 و 2). ويبدو أنه كان على جانب من الغنى لان اباه كان يملك عدداً من الخدم المأجورين (مر 1: 20). أما سالومة فقد كانت سيدة فاضلة نقية. كانت شريكة النساء اللواتي اشترين الحنوط الكثير الثمن لتكفين جسد يسوع. وكانت على الارجح أخت مريم أم يسوع (يو 19: 25). وقد اتخذ مهنة الصيد حرفة، لأن عادات اليهود كانت تقضي على أولاد الاشراف أن يتعلموا حرفة ما. وكان يوحنا من تلاميذ المعمدان ومن تلاميذ يسوع الاولين (مر 1: 19 و مت 4: 21 و 22). وكان وأخوه شريكي سمعان في الصيد (لو 5: 10). وكان معروفاً لدى قيافا رئيس الكهنة (يو 18: 15). وربما كان له بيت في أورشليم (يو 19: 27). وكان واخوه حادّي الطبع سريعيّ الانفعال والغضب (مر 9: 38 ولو 9: 52 – 56). فلقبهما يسوع ((بوانرجس)) أي ((ابني الرعد)) أو الغضب (مر 3: 17). وكانا طموحين نزاعين إلى العظمة والمجد. بيد أن هذه النزعة تلاشت فيها غيما بعد، وأصبحا على استعداد لمجابهة الموت في سبيل المسيح ورسالته (مر 10: 35 – 40 ومت 20: 20 – 23). وفي قائمة الرسل يذكر يوحنا دائماً بين الأربعة الاولين (مت 10: 2 و مر 3: 14 – 17 ولو 6: 13 و 14). وكان أحد الرسل الثلاثة، الذين اصطفاهم يسوع ليكونوا رفقاءه الخصوصيين، وهم بطرس ويعقوب ويوحنا. فهؤلاء وحدهم سمح لهم أن يعاينوا إقامة ابنة يايرس (مر 9: 2 ولو 8: 51)، والتجلي (مت 17: 1 ومر 9: 2 ولو 9: 28)، وجهاده في جشيماني (مت 26: 37 ومر 14: 33). وقد وثق يسوع بيوحنا وأحبه بنوع خاص وذلك يظهر من تسميته له ((بالتلميذ الحبيب)). فهو وإن لم يذكر اسمه جهرا في البشارة الرابعة من البشائر فإنه يتبوأ مكاناً سامياً فيها. وظل يوحنا أميناً لسيده، ملازماً له حتى النهاية. وفي الليلة التي أسلم فيها سيده، تبعه على دار رئيس الكهنة، عن قرب، لا عن بعد، كما فعل بطرس. وعند الصليب ظل أميناً، فأخذ من يسوع اجل وديعة، غذ أوصاه بالعناية بأمه وعندما قصد القبر الفارغ في بكور يوم القيامة، كان أول من آمن بقيامة المسيح (يو 20: 1 – 10). ولهذا دعي دون غيره بـ ((التلميذ الحبيب)).
لقد كان يوحنا من الزمرة القليلة التي بقيت في العليا في أورشليم بعد الصعود (اع 1: 13). ونراه مرتين مع بطرس. المرة الأولى عندما صعد الاثنان إلى الهيكل، فشفيا الأعرج (اع 3: 1-4: 23). والمرة الثانية عندما قصدا السامرة لتفقد أحوال الكنيسة الناشئة التي كان يشرف عليها فيلبس هناك (اع 8: 14-17). وكذلك نعرف أن يوحنا كان أحد أعمدة الكنيسة في أورشليم إلى جانب يعقوب وبطرس، يوم زاراها بولس على أثر رحلته التبشيرية الأولى، ويوم بدأت بوادر أول عاصفة من عواصف الاضطهاد تثور ضدها (اع 15: 6 و غل 2: 9).
ولدينا في العهد الجديد خمسة أسفار نسبت إلى يوحنا وهي: البشارة الرابعة، والرسائل الثلاث، وسفر الرؤيا. ويقول التقليد أن يوحنا نادى بالإنجيل في آسيا الصغرى، ولا سيما في افسس، وبموجب هذا التقليد تكون الكنائس السبع في آسيا الصغرى قد تمتعت برعايته واهتمامه (رؤ 1: 11). وقد نفى الاضطهاد الذي حدث في حكم دوميتيانوس العاهل الروماني إلى جزيرة بطمس. وهناك تجلت عليه مناظر الرؤيا وأوحى إليه بكتابتها. وعندما تبوأ ((نيرفا)) العرش سنة 96 ب.م. أطلق سراحه، فرجع إلى افسس.
وكان بوليكاربوس، واغناطيوس من تلاميذه. ويقول ايرينيوس أن يوحنا بقي في افسس حتى وفاته في حكم تراجان (98-117 ب.م). ويقول ايرونيموس أنه توفي سنة 98 ب.م.
وقد ظن البعض أن كاتب هذا الإنجيل هو ((يوحنا الشيخ)). الذي ذكره بابياس أسقف هيرابوليس في أوائل القرن الثاني الميلادي، ولكن من المحتمل أن يوحنا الشيخ هو نفس يوحنا الرسول.
إنجيل يوحنا :
إننا نجد في أقدم الكتابات التي وصلت إلينا من آباء الكنيسة الأولين أن الاعتقاد السائد كان أن يوحنا الرسول،ابن زبدي، هو كاتب هذا الإنجيل. وايرانيوس الذي كان أسقف بيون حوالي 185 م. كان تلميذاً لبوليكاربوس الذي كان تلميذاً ليوحنا الرسول، وايرانيوس هذا يقول أن يوحنا الرسول هو الذي كتب إنجيل يوحنا، وكنبه في افسس بعد انتشار الأناجيل الأخرى.
أما بعض الأدلة الداخلية أو المأخوذة من الإنجيل نفسه والتي تؤيد هذا الرأي فهي:
1- كان كاتب الإنجيل يهودياً فلسطينياً، ويظهر هذا من معرفته الدقيقة التفصيلية لجغرافية فلسطين والأماكن المتعددة في أورشليم وتاريخ وعادات اليهود، (يوحنا 1: 21 و 28 و 2: 6 و 3: 23 و 4: 5 و 27 و 5: 2 و 3 و 7: 46-52 و 9: 7 و 10: 22 و 23 و 11: 18 و 18: 28 و 19: 31). ويظهر من الأسلوب اليوناني للإنجيل بعض التأثيرات السامية فيه.
2- كان كاتب واحداً من تلاميذ لمسيح ويظهر هذا من استخدامه ضمير المتكلم الجمع (يوحنا 1: 14). وفي ذكر كثير من التفاصيل الخاصة بعمل المسيح ومشاعر تلاميذه (يوحنا 1: 37 و 2: 11 و 17 و 4: 27 و 54 و 9: 2 و 11: 8-16 و 12: 4-6 و 21: 22 و 13: 23-26 و 18: 15 و 19: 26 و 27 و 35 و 20: 8). ويتضح من يوحنا 21: 24 أن كاتب هذا الإنجيل كان واحداً من تلاميذ المسيح.
3- كان كاتب الإنجيل هو ((التلميذ الذي كان يسوع يحبه)) (يوحنا 13: 23 و 19: 26 و 20: 2 و 21: 7 و 20 و 21 وقارن هذه بما جاء في 21: 24). وكان هذا التلميذ هو يوحنا نفسه.
ويستطيع القارئ المتعمق أن يميز نفس كاتب هذا الإنجيل من الوهلة الأولى. وكذلك الأمور التي يتضمنها والتي هي من المختصات به، لأنه قلما ذكر فيه من الأمور التي ذكرها البشيرون الثلاثة الأولون. فقد تكلم أولئك أكثر منه عن أعمال المسيح في الجليل وهو تكلم أكثر منهم عما فعل في أورشليم.
ومن الأمور التي تركها، مما ذكره غيره من البشيرين خبر ميلاد المسيح، ومعموديته، وتجربته، وكثيراً من أمثاله، وأحاديثه، ودعوة الاثني عشر رسولاً، وجميع عجائبه، ما عدا إشباع الخمسة الآلاف ص 6 الذي قصد به أن يوجه أنظار الناس إلى خبز الحياة الباقي.
وكان الداعي إلى كتابة الإنجيل الرابع تثبيت الكنيسة الأولى في الإيمان بحقيقة لاهوت المسيح وناسوته ودحض البدع التي كان فسادها آنذاك قد تسرب إلى الكنيسة كبدع الدوكينيين والغنوسيين والكيرنشيين، والأبيونيين. فقد زعم الدوكينيين والغنوسيون أن جسد المسيح لم يكن جسداً حقيقياً. وانكر الكيرنثيون لاهوته. وادعى الأبيونيون أنه لم يكن كائناً قبل مريم أمه. ولهذا كانت غايته إثبات لاهوت المسيح ((أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمة)) (20: 31). وإعلان مجده- ((ورأينا مجده مجداً، كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً)) (1: 14).
والاستعارات التي تستهل بلفظة ((أنا)) أو ((أنا هو)) تريق نوراً ساطعاً على سر المسيح الإلهي الذي كان منذ البدء: ((قبل أن يكون إبرهيم أنا كائن)) (يو 1: 1 و 8 : 58 و قابل 13: 19). وليست لفظة أنا سوى تعبير للذات الإلهية (خر 3: 14). وهذه الكينونة تحمل في ذاتها زماناً وتاريخاً.
وأما المسيح فهو وحيد الآب (يو 1: 14 و 18 و 3: 16 و 18). ((منذ البدء عند الله)). بادئ الكون. ((إله من إله)). ((نور من نور)). ((إله حق من إله حق)). ((مولود غير مخلوق)). كما جاء في غرة الإنجيل، وفي قانون الإيمان النيقوي فيما يعد. ومجده هو مجد ((النعمة والحق)) هما من خواص الذات الإلهية (خر 35: 6). والرباط الإلهي بين الآب والابن هو المحبة (يو 15: 6). لع للابن (يو 3: 35 و 13: 3 و 17: 2).
وقد عبر عن مجده الإلهي الذي ظهر بأجلى بيان في صليبه بهذه الكلمات: أنا هو ((الخبز)) (يو 6: 48)، ((النور)) (8: 12)، ((الراعي)) (10: 11 و 14)، ((الباب)) (10: 9)، ((القيامة)) (11: 25)، ((الطريق)) (14: 6)، ((الكِرمة)) (15: 1 و 5) فالخبز يكسر. والنور يصارع الظلمة. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف. والباب يعبر منه. والقيامة تتبعها الحياة لأنه ((إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت، فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت فإنها تأتي بثمر كثير)). (12: 24). والطريق يداس. والكرمة تعصر.
ومن الأمور التي اختص إنجيل يوحنا بذكرها إرشاد يوحنا المعمدان تلاميذه إلى اتباع يسوع ص 1. وتحويل المسيح الماء خمراً ص2. وشفاؤه ابن خادم الملك ص4. وشفاؤه المريض في بركة بيت حسدا ص 5. والأعمى في بركة سلوام ص 9. وإقامته لعازر من الموت ص 11. وحديثه مع نيقوديموس ص 3. ومع المرأة السامرية ص 4. ومع الفريسيين عن لاهوته ص 5. وخطابه الوداعي لتلاميذه ص 14-16 وصلاته الشفاعية ص 17. وظهوره بعد قيامته على بحر الجليل ص21.
ويمكن تقسيم الإنجيل على هذا النحو :
1- إصحاح 1: 1-18 الديباجة- وهي تعمق في سر التجسد.
2- إصحاح 1: 19-51 شهادة يوحنا ليسوع وشهادة التلاميذ له وشهادة يسوع لنفسه.
3- إصحاح 2-12 المسيح والعالم.
4- إصحاح 13-17 المسيح وخاصته.
5- إصحاح 18-20 آلام المسيح وموته وقيامته.
رسائل يوحنا :
وهي ثلاث. وتدعى مع رسالة يعقوب ورسالتي بطرس بالرسائل ((الكاثوليكية)) إي الجامعة. وقد أطلقت هذه التسمية على هذه الرسائل الست، لأنها لم توجه إلى جماعة مفردة من المسيحيين، بل إلى الكنيسة المسيحية جمعاء. ومع أن رسالتي يوحنا الثانية والثالثة موجهتان إلى أفراد، فقد اعتبرتا من الرسائل الجامعة لارتباطها الطبيعي برسالته الأولى. ومما يستحق الذكر بشأن رسائل يوحنا الثلاث أن اسم كاتبها لم يذكر فيها على الإطلاق إلا أن الكاتب في الرسالتين الثانية والثالثة يسمى نفسه ((الشيخ)). وهذا مما حمل البعض على الاعتقاد بأنه ((يوحنا الشيخ))، الذي عاش في افسس حوالي ختام القرن الأول المسيحي. ومن الأرجح أن يوحنا الشيخ هذا هو نفس يوحنا الرسول.
والعلماء مجمعون على أن وجه الشبه بين رسائل يوحنا الثلاث وإنجيل يوحنا كثيرة وقوية حتى أن أكثرهم مقتنعون أن كاتب الإنجيل والرسائل هو شخص واحد.
أما الرسالة الأولى وهي أطول الثلاث فهي خالية من التحية والبركة التي تفتتح وتختم بها الرسائل عادة، والتشابه بينها وبين البشارة الرابعة يدعو إلى الاعتقاد أن مؤلفها هو شخص واحد. ولكن على الرغم من هذا التشابه فهناك تباين أساسي حتى ليرجح البعض أن كاتبها كان تلميذاً ليوحنا الرسول والبشير. وأنها كتبت بين سنة 90-100 مسيحية. والرسالة مقالة أو عظة أكثر منها رسالة. وقد كتبت لدحض البدع، وإظهار الضلالات في الكنيسة عامة. وتثبيت القراء في الإيمان الصحيح ودحض الآراء الخاطئة الملتوية التي روجها نفر من ((الأنبياء الكذبة)) داخل الكنيسة نفسها (1 يو 4: 1-6). وكان هؤلاء من الغنوسين الذي أنكروا ناسوت المسيح وموته الفعلي. فقد ذهب هؤلاء إلى أن المسيح لم يجيء ((في الجسد)) بل في شكل روحاني. وبعبارة أخرى أن المسيح لم يجيء في جسد مادي هيولي، بل في جسد طيفي خيالي ذلك لأنهم اعتبروا المادة شراً وفصلوا بين الروح والمادة وبين العقيدة المسيحية والحياة المسيحية، وبين المسيح ويسوع التاريخي (2: 22 و 4: 2 و 5: 1 و 20). وقالوا أن حياة الاتضاع التي عاشها المسيح على الأرض لا تنسجم مع مجده السابق الذي كان له قبل نزوله على الأرض، لذلك أنكروا حياته الأرضية الفعلية. لقد ظهر فعلاً في اعتقادهم، وعلم تلاميذه، ولكنه كان كائناً سماوياً، لا لحماً ودماً، ولما كانت هذه النظرية مضادة للعقيدة المسيحية التاريخية، ومعاكسة لها تماماً، فقد أحدثت أزمة داخلية شديدة في الكنيسة.
وكانت غاية الرسالة دحض تعاليم الهراطقة والمضلين وشرح العقيدة المسيحية شرحاً صحيحاً يتفق وحاجات الناس وما كانوا يترقبونه في ذلك العصر. وكاتبها إلى أمور ثلاثة:
(1) أن المؤمنين يحصلون الآن، في هذا العالم على الحياة الأبدية (5: 12-13). أنهم يعرفون الله ولهم شركة مع الآب والابن.
(2) أن معرفة الله تقوم بحفظ وصاياه، والديانة الحقيقية وتتناول الناحية الأخلاقية والأدبية في الحياة لأن هذه نابعة من تلك. من هنا كانت ((للتجسد)) أهميته وخطورته، لأنه يضفي معنى إنسانياً، وشخصياً وأدبياً على مفهوم الحياة الأبدية. فالحياة مع الله هي الحياة حسب المثال الذي تركه يسوع في حياته وفي تعاليمه (2: 6)، والخضوع للوصايا الإلهية (2: 7-11).
(3) العلامة الفارقة للحياة الأبدية هي المحبة Agape إي المحبة التي أعلنها يسوع. والحياة الأبدية تقوم بالشركة. من هنا كانت الشركة العلامة المميزة للكنيسة (1: 3).
وقد لخص الرسالة الوحي المسيحي بقوله: ((الله محبة)). إن لاهوت هذه المحبة أعجب وأبلغ. وأبسط لاهوت عرفه تاريخ الفكر. وقد طلع على العالم بعهد جديد قلب الأوضاع العالمية رأساً على عقب. وإليه يعود الفضل في إعداد وطن روحي في كنيسة المسيح للمنبوذين والمحتقرين. وإليه يعود الفضل الأول في القضاء على الرق. وفي إقامة منظمات، وتأسيس ملاجئ للفقراء والمرضى والضعفاء. ويعزى ضعف هذه لمحبة في العالم إلى سببين:
السبب الأول: هو قوة البغضاء الهائلة في حياة البشر. والسبب الثاني ضعف الكرازة بها، ذلك لأنها المحبة التي دعاها المسيح والرسل كانت ولا تزال على وجه العموم ((نظرية جميلة)) لم يعمل بها تماماً، ومثالاً أعلى لم يحقق. لهذا يهيب كاتب الرسالة بالمسيحيين قائلاً: ((يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق)).
ويمكن تقسيم الرسالة على النحو التالي:
(1) عنوان الرسالة وآيتها 1: 1-4
(2) ماهية المسيحية 1: 5-2: 28.
(3) الحياة مع الله 2: 29-4: 12
(4) يقينية الإيمان 4: 13-5: 13
(5) خاتمة الرسالة 5: 14-21
رسالة يوحنا الثانية:
كالرسالة الثالثة تحتوي على أقل من ثلاثمائة كلمة باللغة الأصلية اليونانية وقد أرسلهما ((يوحنا الشيخ))، ((Presbyteros)): (2 يو 1 و 3 يو 1) وكلتاهما كتبتا في ولاية آسيا بين سنة 96-110 مسيحية والمعتقد أن كاتبها هو يوحنا ((الشيخ)) ومن المرجح أنه الرسول.
أما الرسالة الثانية فإنها موجهة إلى ((السيدة المختارة وأولادها)) ويعتقد البعض أن كاتبها يقصد بها كنيسة من الكنائس، ويعتقد البعض الآخر أنه كتبها إلى سيدة فاضلة ربة عائلة وهي المدعوة ((كيربة)) أي السيدة المختارة. وكانت المسيحية محترمة. وكان المقصود بكتابتها تنشيط المكتوب إليهم وتثبيتهم في تعليم المسيح الحقيقي.
ويمكن تلخيصها على النحو التالي:
(1) تحيات رسولية إلى ((السيدة)) وأولادها ومدح محبتهم الصادقة وإيمانهم الراسخ (ع 1-6).
(2) ضرورة التيقظ والحذر من المضلين والتمسك بتعليم لمسيح (ع 7-11).
(3) خاتمة الرسالة (ع 12-13).
رسالة يوحنا الثالثة:
ظن أن هذه الرسالة كتبت إلى غايس الكورنتي المذكور في رسالة رومية (ص 16: 23)، وفي الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس (ص 1: 14). والظاهر أنه كان عضواً غنياً في كنيسة كورنثوس وأنه أنفق من ماله على نشر الإنجيل (انظر 6-8).
ويحتمل أن المراد شخص آخر بهذا الاسم الذي كان شائعاً يومئذ. وكاتب الرسالة يمتدح غايس على تقواه ومعروفه للأخوة الغرباء ويحرضه على الثبات في الإيمان وعلى المواظبة على عمل الخير للجميع لا سيما لبعض الأخوة المتغربين في الجهة التي كان هو مقيماً فيها والظاهر أن هؤلاء الأخوة كانوا يجولون مبشرين بالإنجيل مجاناً. وكان قد أوصى بهم الكنيسة حيث كان غايس برسالة سابقة، ولكن ديوتريفس منع من قبولهم وهو يحذره من مكر هذه الرجل الغطريس، ويمتدح ديمتريوس (ع 10-12) ويعده بقرب زيارته له.
وهذه الرسالة تنطوي على:
(1) محبة كاتب الرسالة لغايس ومدحه اياه على رسوخه في الايمان (ع 1 – 4).
(2) مدح سخائه على المبشرين المحتاجين الذين بذلوا قصاراهم في بث الانجيل بين الامم (ع 5 – 8).
(3) الشكوى من تصرف ديوتريفس المضر للكنيسة، وتحذيره من الاقتداء به. وتوصيته اياه بديمتريوس وتحيات ختامية (ع 9 – 15).
رؤيا يوحنا :
( وتسمى إعلاناً رؤ 1 : 1 ) هي السفر الأخير من العهد الجديد. ويتضمن هذا السفر, حسب تعبير كاتبه, (( إعلان يسوع المسيح الذي أعطاه إياه الله ليرى عبيده ما لابد أن يكون عن قريب )). وقد أرسل المسيح هذا الإعلان لعبده يوحنا بيد ملاكه لينقله هو بدوره إلى الكنيسة ويشهد بكل ما رآه ( رؤ 1 : 1 و 2 ).
وقد وجّه الحديث إلى سبع كنائس في آسيا ( رؤ 1: 4 و 11 ). وإذ يشير العدد 7 في الكتاب المقدس إلى الكمال, فلعل القصد من ذلك أن السفر يوجه إلى كل الكنيسة. أما الغاية الرئيسية من السفر فهي تعزية الكنيسة وتحذيرها وسط صراع العالم وإعدادها لمجيء الرب الثاني ( ص 1 : 7 و 8 و 22 : 7 و 10 و 17 و 20 ).
ولدى التأمل في السفر يتضح أنه بعد المقدمة ( ص 1 : 1 – 3 ) والتحية ( ص 1 : 4 – 8 ) ينقسم إلى سبعة أقسام رئيسية تنتهي في ص 22 : 7 يعقبها الخاتمة ( 22 : 8 – 21 ). وكل من هذه الأقسام يشمل رؤيا مستقلة أو سلسلة رؤى, وينقسم إلى سبعة أقسام فرعية.
أما السبعة أقسام فهي كما يلي:
( 1 ) رؤيا المسيح الممجد وسط كنيسته، ويتبعها سبع رسائل إلى السبع كنائس التي في آسيا ( رؤ 1: 9-3: 22 ). والغاية هنا لتعليم الكنيسة في حالتها الحاضرة وتحذيرها وتشجيعها.
( 2 ) رؤيا الله يسيطر على مصير المسكونة مسبحاً من كل الخليقة، ورؤيا حمل الله بيده السفر المختوم بسبعة ختوم والمتضمن الأوامر الإلهية ( ص 4 و 5 )، ويتبع ذلك فتح الختوم في سبع رؤى تعلن قصد الله من خروج المسيح ليغلب إلى يوم الدينونة العظيمة ( ص 6-8: 1 ). وبين الختم السادس والختم السابع نجد رؤيا تبين سلامة شعب الله وسط الضيقة العظيمة التي تحل بالعالم ( ص 7 ).
( 3 ) رؤيا السبعة ملائكة الذين أعطوا سبعة أبواق ( ص 8 : 2 – 11 : 19 ) وتبدأ برؤيا ملاك يقدم لله صلوات القديسين ( ص 8 : 2 – 6 ) ويتبع كل بوق رؤيا خراب يحل بالعالم الشرير, وينتهي الكل بالدينونة الأخيرة. وبين البوق السادس والبوق السابع تتوسط رؤيا أخرى أيضاً تعلن حفظ الكنيسة الشاهدة ( ص 10 : 1 – 11 : 14 ).
( 4 ) رؤيا الكنيسة ترمز إليها بامرأة تلد المسيح ويشهر عليها التنين ( أي الشيطان ) حرباً ( ص 12 ) ويتبع ذلك رؤى الوحشين اللذين سيستخدمهما الشيطان لمعاونته ( ص 13 ), ورؤيا الكنيسة المجاهدة ( ص 14 : 1 – 5 ) ورؤيا الخطوات المضطردة لنصرة المسيح ( الأعداد 6 – 20 ).
( 5 ) رؤيا الجامات المحتوية الضربات الأخيرة ( ص 15 و 16 ) وتمثل الرؤيا الأولى نصرة القديسين, أما السبعة الجامات فتمثل ضربات الله السبع على العالم الشرير ( ص 16 ).
( 6 ) رؤيا المدينة الزانية, أي بابل ( ص 17 ) ويتبعها نصرة المسيح عليها وعلى أعدائه المتحالفين معها, وتختم أيضاً بالدينونة الأخيرة ( ص 18 و 19 و 20 ).
( 7 ) رؤيا الكنيسة المثالية عروس المسيح, أو أورشليم الجديدة ( ص 21 : 1 – 8 ) ويتبعها وصف لأمجادها ( ص 21 : 9 – 22 : 7 ).
والواضح من السفر أن كاتبه اسمه يوحنا ( ص 1 : 1 و 4 و9 و 22 : 8 ). وبالرغم مما زعمه بعض الكتاب الأوائل أنه ليس هو يوحنا الإنجيلي إلا أن الكنيسة تكاد تجمع بأنه هو, مستندة في هذا إلى أدلة خارجية وداخلية سيما إلى شهادات يوستينوس الشهيد وبابياس اللذين عاشا في بداية القرن الثاني وإيرينيوس وترتوليانس وإكليمندس الإسكندري وأوريجانوس.
وقد كتب السفر في جزيرة بطمس إحدى جزر بحر اليونان, وهي تبعد نحو 24 ميلاً عن شاطيء آسيا الصغرى, وكان ذلك نحو سنة 95 م قرب نهاية حكم دومتيانس الذي نفى عدداً من المسيحيين إلى أقاليم بعيدة.
No Result
View All Result
Discussion about this post