شخصيات من الكتاب المقدس
ارميا
إِرْميا
ومعناه ((الرب يؤسس)) أو ((الرب يثبّت)) وقد ورد في الكتاب المقدس في المواضع الآتية: (1) اسم رجل بنياميني من الذين انضموا إلى داود(1 أخبار 12: 4). (2) اسم رجل من سبط جاد من الذين انضموا إلى داود(1 أخبار 12: 10). (3) اسم رجل آخر من سبط جاد انضم أيضاً إلى داود(1 أخبار 12: 13). (4) اسم رجل كان رئيس بيت في سبط منسى من الذين سكنوا شرقي الأردن(2 أخبار 5: 24). وقد ورد اسم هؤلاء الأربعة بصيغة ((يرميا)) . (5) اسم رجل من سكان لبنة، وكان أبا حمّوطل زوجة يوشيا الملك وأم يهواحاز(2 ملو 23: 30و31). (6) أرميا بن حبصينيا وكان من الركابيين(أرميا 35: 3). (7) رئيس كهنة رجع من بابل مع زربابل(نح 12: 1و7) وكان رئيس بيت سمي باسمه في الجيل الذي أعقبه(نح 12: 12) وقد ورد اسمه بصيغة ((يرميا)) . (8) كاهن كان رئيس بيت من الذين وضعوا الختم على العهد ليبقوا في معزل عن الغرباء ويحفظوا شريعة الله (نح10: 2) وقد ورد اسمه أيضاً بصيغة ((يرميا)) . (9) أرميا النبي العظيم. وهو ابن حلقيا الكاهن من عناثوث في أرض بنيامين(أرميا 1: 1) وقد دعاه الرب للقيام بالعمل النبوي في رؤية رآها وهو بعد حدث، فأحس بأنه لم يكتمل النضوج بعد، وبأنه قليل الخبرة وغير كفوء للقيام بهذا العمل العظيم ومخاطبة الرجال الذين يكبرونه سناً وخبرة ومركزاً فمدّ الرب يده ولمس فمه وقال له ((ها أنذا قد جعلت كلامي في فمك. انظر! قد أقمتك اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم، وتهلك وتنقض، وتبني وتغرس)) . و أخبره الرب أيضاً بأنه سوف يلقى مقاومة من الحكام والكهنة والشعب ولكنهم سوف لا ينتصرون عليه (أرميا 1: 4- 10) وقد بدأ عمله النبوي في السنة الثالثة عشرة من ملك يوشيا وبقي يقوم بهذا العمل إلى أن أخذت أورشليم في الشهر الخامس من السنة الحادية عشرة من ملك صدقيا(أرميا 1: 2و3). لذا فقد دامت خدمته مدة الثماني عشرة سنة التي حكم فيها يوشيا، والثلاثة شهور التي حكم فيها يواحاز والاحدى عشرة سنة والخمسة شهور التي حكم فيها صدقيا. إذاً فجملة مدة خدمته كانت إحدى وأربعين سنة. وحتى ذلك الحين لم يكن قد توقف بعد عن القيام بعمله النبوي(أرميا ص 42- 44). وكان رجال عناثوث مواطنوه، في مقدمة من قاوموه، وهددوه إن لم يمتنع عن الاستمرار في عمله النبوي. ولكنه ثابر على القيام برسالته بالرغم من الاضطهاد. إلا أنه شعر بقوة وطأة هذه المقاومة لعمل الله والتي شنها عليه مواطنوه لذا فقد صرخ إلى الرب لكي يُنزل بهم قضاءه(ارميا 11: 18-21، 12: 3). أما العداء الذي ظهرت بوادره في عناثوث فقد ذاع وانتشر بعد حين حتى أصبح عداءاً عاماً مما ألجأه إلى أن يصرخ أيضاً طالباً من الرب أن ينزل قضاءه بالمقاومين(أرميا 18: 18- 23، قارنه أيضاً مع ص 20: 12) ولكنه بقي أميناً لمهمته بالرغم من كل مقاومة واضطهاد. وفي السنة الرابعة من ملك يهوياقيم أملى أرميا نبواته التي نطق بها مدة العشرين سنة السابقة، وكتبها باروخ الكاتب في درج. وأخبر أرميا باروخ أن يأخذ السفر إلى بيت الرب وأن يقرأه على من يأتون من الشعب إلى الهيكل في يوم الصوم. ووصل الدرج في النهاية إلى الملك الذي بعد أن استمع إلى بعض فقرات منه مزق الدرج قطعاً، ورماه في النار حتى احترق كله(أرميا 36: 1- 26) ولكن الرب أرشد ارميا أن يكتب درجاً ثانياً كالدرج الأول وزيدت عليه إضافات أخرى(ص 36: 27- 32). وقام واحد من أعدائه وهو الكاهن فشحور الناظر الأول للهيكل وضرب أرميا وجعله في المقطرة. ولكنه أطلقه في اليوم التالي(ص 20: 1- 3). وعندما كانت أورشليم محاصرة تدارست السلطات اليهودية نبوات أرميا الخاصة بتقدم الكلدانيين وسبي يهوذا الذي يعقب ذلك، ونظروا في هذه النبوات من الناحيتين السياسية والحربية بدلاً من أن ينظروا فيها من الناحية الدينية وعلى الصعيد الروحي. وادعوا عليه أن نبواته ضد يهوذا وأورشليم ثبّطت همم المدافعين عن المدينة. ولما رفع الكلدانيون الحصار إلى حين، وأوشك أرميا أن ينتهز هذه الفرصة للذهاب إلى عناثوث لبعض شأنه، اتهم بأنه فارّ ليذهب إلى الكلدانيين، وألقي في الجب (ص 37: 1- 15) وبعد أيام كثيرة أطلقه الملك صدقيا من حبسه وأخذه وسأله سراً عن كلمة الرب بشأنه فأخبره أرميا بأنه يدفع إلى ملك بابل. وأمر صدقيا أن يضعوا أرميا في دار السجن وأن يحسنوا معاملته بعض الشيء ولكن الرؤساء أخذوه ورموه في الجب ليموت جوعاً(ص 37: 16- 21و38: 1- 6) فأشفق عليه خصيّ حبشي واستأذن الملك في أن يرفع أرميا من وحل الجب فأذن له ورفعه وأخذه ووضعه في دار السجن. وكان هناك إلى أن أخذت أورشليم(ص 38: 7- 28) وقد علم الكلدانيون بما عاناه، واعتقدوا أنه قاسى كثيراً من أجلهم لذلك فقد أصدر نبوخذ نصر أوامر صريحة بأن يحسنوا معاملة أرميا ووفقاً لذلك أرسل نبوزردان الكلداني رئيس الشرطة إلى دار السجن وأخذوه وأحضروه إليه مع غيره من الأسرى إلى الرامة فأطلق سراحه ومنحه حق الاختيار في أن يذهب إلى بابل أو يبقى في وطنه فآثر أن يبقى في وطنه وأعطاه رئيس الشرطة زاداً وهدية وأطلقه فأتى إلى جدليا بن أخيقام إلى المصفاة وأقام عنده في وسط الشعب الباقين في الأرض(ص 39: 11- 14، 40: 1- 6) ولما قتل جدليا حثّ أرميا الشعب أن لا يهربوا إلى مصر ولكن عبثاً حاول إن يثنيهم عن عزمهم، ولم يذهبوا إلى مصر فحسب بل أرغموا أرميا على مرافقتهم في رحلتهم(ص 41: 1و43: 7) وقد نطق بنبواته الأخيرة في تحفنحيس في مصر(ص 43: 8-ص44: 30) ولا يعرف شيء عن موته ولا كيف كان ولا متى حدث ذلك. نبوات أرميا: تتجلى حياة أرميا الروحية في سفره بوضوح. ولقد كانت رسالته رسالة قضاة على شعبه ولذا فقد جلبت على رأسه مقت مواطنيه وبغضهم. واضطره ثقل حملها أن يتوجع بمرارة من أنه ولد(ص 15: 1، 20: 14- 18) ولكنه بقي أميناً لرسالته وللمهمة التي ألقيت على عاتقه. لقد كان رجلاً وحيداً، أُسيء فهمه وافتري عليه واضطهد وكان مصير الجهود التي بذلها لأجل مواطنيه الفشل، وكثيراً ما قاسى عذاب السجن ولم يكن له عزاء سوى في الله وحده. لقد اضطرته ظروف حياته أن يلقي نفسه على الله، لذا فأمكنه أن يقدر عن بصيرة ومقدرة الشعور بالمسؤولية لله(ص 17: 9، 31: 29و30) ولذا فإننا نجد في سفر أرميا قوة الشعور بمسؤولية الفرد لله وحقيقة الشركة والاتصال بين النفس البشرية والله. والديانة بحسب مناداة أرميا هي ديانة القلب والحياة. لقد دعي للاضطلاع بعمله النبوي لخمس سنوات قبل اكتشاف سفر الشريعة في الهيكل أثناء إجراء بعض الإصلاحات في البناء . وكان لكلمات السفر أثر قوي في قلب الملك يوشيا. فقام بحرب شعواء على العبادة الوثنية وأجرى إصلاحات دينية كثيرة. فسرت في الشعب نهضة مباركة وعاد إلى عبادة الرب. وكان أرميا في تلك الأثناء يقوم بعمله النبوي على خير وجه فكان يحث الشعب على الطاعة مذكراً إياه بالعهد الذي عمله الرب معه وبأن الشر الذي أصاب الشعب لم يأت جزافاً بل حلّ بالشعب نتيجة عصيانه. وأبان لهم أن الطاعة هي أولى مطالب هذا العهد(أرميا 11: 1- 8) ولقد حذر أرميا قومه من أن يقتصر الإصلاح على الأمور الخارجية، بل ينبغي أن يصل إلى أعماق الحياة الداخلية، أي إلى القلب نفسه. وأعلن لهم في صراحة بأن الرب لم يطلب منهم الذبائح فحسب بل إنه يتطلب من الإنسان الاستماع والطاعة. وإرادة الله هي أن يحيا الناس حياة خُلُقِيّة رفيعة(ص 7: 21- 28 قارنه مع ص 6: 20و14: 20) والذبائح التي يرضى الله عنها هي ذبائح المستمع المطيع(ص 17: 24- 26، 27: 19- 22، 33: 10و11و18) أما صوم الذين يميلون إلى الزيغ عنه، وذبائحهم فغير مقبولة لديه(ص 14: 10- 12) وتواكل الشعب واستهتاره، وهم يزعمون أن الرب حاضر في وسط الهيكل وبين شعبه فبطل وبهتان. وكذلك الارتكان على أن شريعة الرب في حوزة الشعب. فلا نفع إلا في الطاعة(ص 7: 4- 7و8: 7- 9) وينتج عن ذلك أن سيأتي وقت لا يذكر التابوت فيه(ص 3: 16) والله إنما ينظر إلى القلب فحسب(ص 11: 2و17: 10و20: 12) فعلى الإنسان والحالة هذه أن ينتزع من قلبه الشهوات الجسدية إن أراد أن يعبد الرب بالحق وأن يخدمه الخدمة التي تليق به وعليه أن يغتسل من شره وأن يرجع إلى الرب من كل القلب(ص 3: 10و4: 4و14و17: 5). وقد أنبأ أرميا بالعهد الجديد حين يكون للشعب قلب جديد وتكتب شريعة الرب في هذا القلب(ص 24: 7و31: 33و32: 39و40). ولقد وصف في رؤياه مجد المملكة العتيدة. ولذ فللحقائق التي أدلى بها مكانة راسخة، وقيمة أدبية في قلوب شعب الله. وقد دونت بعض نبؤات أرميا أثناء حكم يهوياقيم ولكن الملك مزّق الدرج وأحرقه(ص36: 1و23) ولكن لم يمض وقت قصير حتى دونت مرة ثانية وزيد عليها نبوءات أخرى كثيرة(ص36:32) والسفر في وضعه الراهن يشمل تلك النبوءات , وكذلك ما نطق به النبي من نبوات بعد ذلك. وقد أعيد ترتيبها وتمّ إعدادها قرب ختام خدمة النبي . محتويات السفر: يحتوي سفر أرميا على مقدمة تسرد دعوة النبي للاضطلاع بعمله. وكيف كانت(ص1) ويشمل السفر أيضاً ثلاثة أقسام نبوية مرتبة بحسب الحوادث التي دعت إلى النطق بهذه النبوات(ص2: 51) ويختتم السفر بخاتمة تاريخية(ص52). أما الأقسام النبوية الثلاثة فهي : (1) إِنباء بالقضاء الوشيك أن يحل بيهوذا والوعد بالرجوع من السبي(ص2- 33) ويشمل هذا القسم : أ: إعلان القضاء على يهوذا بوجه عام , بسبب شروره(ص2- 20). ب: إعلان القضاء على الحكام المدنيين والرؤساء الدينيين(ص21- 23). ج: إعلان الخطة التي سيتَّبعها القضاء والزمن الذي يستغّرقه(ص24- 29). د: نبوة بالبركات التي تتبع القضاء (ص30- 33). (2) تاريخ وقوع القضاء(ص 34- 44) ويشمل : أ: إعلان القضاء على الفساد الذي كان متفشياً قبل خراب المدينة مباشرة( ص 34- 38). ب: بيان بالخراب الذي حلَّ بأورشليم وكيف كان وقوعه عليها. (ص 39) . ج: حالة الشقاء التي كان عليها من بقي من السكان في البلاد والنبوات التي نطق بها النبي بشأنهم(ص 40- 44). (3) نبوات على الأمم الغربية(ص 46- 51) ويمهد النبي لهذه النبوات بخطاب يوجهه إلى باروخ(ص 45). وقد تحدث النبي عن المسيا في(ص 23: 5- 8و30: 4- 11و33: 14- 26) وكذلك تحدث عن عهد الرب الراسخ والثابت بين الرب وشعبه في (ص 3: 31- 40و32: 36- 44وص 33). ويمكن ترتيب نبوات أرميا تاريخياً كالآتي: (أ) نبوات نطق بها في أثناء حكم يوشيا الملك وقد حكم يوشيا إحدى وثلاثين سنة. وبدأ النبي الاضطلاع بمهمته النبوية في السنة الثالثة عشرة لملك يوشيا وهذه النبوات مدونة في الإصحاحات 1- 12و14- 20. يذكر الوحي أن النبي نطق بأية نبوة في أثناء حكم يهوآحاز ومدته ثلاثة أشهر. (ب) نبوات نطق بها أثناء حكم يهو ياقيم ومدته إحدى عشرة سنة. وهي مدونة في الإصحاحات22: 1- 19و25و26و35و36 وجزء من ص 45 وجزء من ص 46. (ج) نبوات نطق بها أثناء حكم يهوياكين ومدته ثلاثة أشهر وهي مدونة في ص 13 والجزء الأخير من ص 22. (د) نبوات نطق بها أثناء حكم صدقيا ومدته أحد عشر عاماً وهي مدونة في الإصحاحات 21و24و27و28و29 و32و34و37و39 وجزء من ص 49 وجزء من ص 51. (هـ) نبوات نطق بها في يهوذا بعد سقوط أورشليم وهي مدونة في جزء من ص 39 وفي ص 40: 1- 43: 7. (و) نبوات نطق بها في مصر وهي تشمل جزءاً من ص 43 وكل ص 44. (ز) نبوات لم يذكر لها تاريخ ولكن فيها ما يمكن أن يستدل منه على الزمن الذي قيلت فيه على وجه التقريب وهي مدونة في الإصحاحات 23و30و31 وجزء من ص 45 وجزء من ص 46 وص 47- 50 وجزء من ص 51. (ح) خاتمة، ص 52. والسفر هو الرابع والعشرون بين أسفار العهد القديم. وهو أهم مرجع لدينا عن تاريخ الربع الأخير من القرن السابع وأوائل القرن السادس قبل الميلاد. وأسلوب أرميا سهل العبارة سهل الفهم دقيق اللفظ يمثل لنا عصره والظروف التي جاز فيها فيذكر المنطقة لشدّ الحقوين(ص 13: 1- 11) وزق الجمر(ص 13: 12 وما بعده) والفخاري(ص 18: 1- 11) وابريق الفخار الذي تكسر(ص 19: 1- 3) وسلال التين(ص 24: 1- 10) وفي أسلوبه الكثير من فحص النفس وامتحانها ممّا يدل على تقدم عظيم في الفكر الديني وانتقاله من النظر إليه من الناحية القومية إلى اعتباره شيئاً يتعلق بالفرد وعلاقته بالله وأصبح للفرد قيمته وشخصيته المستقلة. فربما يزول الهيكل وتنتهي العبادة الرسمية للأمة كأمة ولكن يستطيع الفرد في أي مكان وفي أي وقت أن يرتفع إلى السموات العلى في الشركة مع الله. وقد حطمت نبواته صنم وحدة وتماسك ونجاح وانتصار إسرائيل بزعمه أنه شعب الله المختار. فشعب الله في كل أمة تتقيه. فبذلك ارتفع الفكر الديني من ميدان القومية الضيقة المحدودة إلى آفاق السمو الروحي ، فكل فرد يعبد الرب العبادة الحقة ويسلك السلوك الذي يرضيه يقبل لديه بغض النظر عن جنسه وقومه وأمته ولونه. هذه الديانة التي يعتنقها الفرد بعد أن يتوب إلى الرب ويرجع إليه تصبح الأساس الذي يبنى عليه العهد الجديد الذي يكتب على القلب بين الإنسان البشري والرب في السماء. (انظر أرميا 31: 31 وما بعده وص 34 ومواضع أخرى كثيرة في السفر). مراثي أرميا: اسم هذا السفر بالعبرية ((أيكا)) ومعناه ((كيف)) وهي أول كلمة في السفر وهو عبارة عن مجموعة خطابات رثاء تشبه الرثاء الذي نطق به داود توجعاً على شاول الملك، وابنه يوناثان لما سقطا على جبل جلبوع(2 صم 1: 17-27). و ((مراثي أرميا)) أحد أسفار العهد القديم وقد ورد في الكتاب المقدس بعد سفر أرميا ولكن نجده في الأصل العبراني في القسم الثالث من أسفار العهد القديم المسمى ((كتوبيم)) أو ((الكتب)) وقد ورد بعد الجامعة وقبل أستير. ومما يجدر ملاحظته أن عدد أعداد كل من الإصحاحات 1 و 2 و4 و5 هو 22 عدداً أما الإصحاح الثالث ففيه 22 عدداً * 3 أي 66 عدداً. ونعلم أن في اللغة العبرية اثنين وعشرين حرفاً. وأعداد الإصحاحات 1 و 2 و4 تسير مرتبة بحسب حروف الأبجدية العبرية فالعدد الأول من الإصحاح يبدأ بكلمة أوله ((أَليف)) والثاني يبدأ بكلمة أولها حرف ((بيت)) والثالث يبدأ بكلمة أولها حرف ((جيمل)) وهلم جرا. أما في الإصحاح الثالث فالثلاثة الأعداد الأولى تبدأ بكلمات أولها حرف ((أَليف)) والثلاثة الأعداد الثانية تبدأ بكلمات أولها حرف ((بيت)) والثلاثة الأعداد الثالثة تبدأ بكلمات أولها حرف ((جيمل)) وهلم جرا. أما الإصحاح الخامس فلا يسير في ترتيب أعداده على هذا النظام الأبجدي. وموضوع هذا الرثاء هو غزو أورشليم وخرابها والآلام المروعة المرعبة التي قاساها المدافعون عنها في وقت الحصار من جوع وسيف. ويعلن الرثاء في صراحة أن خطايا الشعب كانت سبب الكارثة الدهماء التي حلت به. فما نزل بأورشليم وما أصاب شعبها كان نتيجة حتمية للتمرد على الله وعصيانه. وقد أبدع الكاتب في وصف الحوادث أيّما إبداع بحيث يخيَّل للقارىء أنه يرى هذه الكوارث تقع بأورشليم أمام عينه. وقد اتفق النقاد على أن مراثي أرميا هي من أبدع وأروع ما كتب في العالم من رثاء. وقد يخيّل للقارىء أنها كلمات دبجتها أقلام من نار بمداد من دموع. ولم يذكر في الكتاب المقدس اسم مؤلف هذا السفر غير أن التقليد جرى على أن أرميا هو مؤلف هذه المراثي. فقد جاء في الترجمة السبعينية، وفي فاتحة هذا السفر هذا القول: ((وكان بعد سبي إسرائيل وخراب أورشليم أن جلس أرميا يبكي ورثا أورشليم بهذا الرثاء وقال)) لذا فقد نسب السفر إلى أرميا من زمن بعيد جداً. وقد أخذت الترجمات القديمة وكتب التقليد كالفلجات والترجوم والتلمود وغيرها بهذا الرأي. وقد اتفق رأي العلماء على أن السفر كتب بعد سنة 586 قبل الميلاد. أي بعد خراب أورشليم مباشرة. ومن يدرس سفر أرميا وهذا السفر لا يمكنه إلا أن يرى بوضوح التشابه العظيم في الروح والأحاسيس والعبارات والاصطلاحات. وقد ورد في 2 أخبار 35: 25 أن أرميا رثى يوشيا الملك وكن من الواضح انه لا توجد علاقة بين ذلك الرثاء وهذه المراثي. رسالة أرميا: هذه الرسالة من ضمن الأسفار المحذوفة ((الأبو كريفا)) وقد وردت في الترجمة السبعينية رسالة منفصلة قائمة بذاتها. أما في الترجمة اللاتينية الفلجات، والترجمة العربية اليسوعية فتجعلان الرسالة الاصحاح السادس في باروخ. وبما أن هذه الرسالة لم ترد في الكتب القانونية في العبرية، ولا صلة لها بأرميا ولم يكتبها هذا النبي العظيم لذا فلم تحسبها المذاهب المصلحة ضمن الأسفار القانونية. وقد كتبت أصلاً بالآرامية، كتبها واحد من اليهود في القرن الثاني أو الثالث ق.م. وقد فقد الأصل الآرامي وبقيت الترجمة اليونانية. وهذا الكتيب الصغير عبارة عن رسالة يدحض فيها الكاتب العبادة الوثنية ويسخر من الغباء الذي فيها. وهي في هذا تشبه الإصحاح العاشر من سفر أرميا.
No Result
View All Result
Discussion about this post