كلمة البابا لمناسبة خميس الأسرار 2006
بقلم: البابا بندكتوس السادس عشر
غصت كاتدرائية القديس يوحنا باللاتران بآلاف المؤمنين الذين شاركوا بقداس خميس الأسرار (13/4/2006) الذي رئسه قداسة البابا بندكتس السادس عشر. ألقى الحبر الأعظم عظة استهلها بكلمات الإنجيلي يوحنا: وكان قد أحب خاصته الذين في العالم أحبهم إلى الغاية. لقد أحب الله خليقته الإنسان ويحبه حتى في زلته ولا يتركه أمام مصيره. الله يحب حتى النهاية. ينزل من مجده الإلهي ليلبس حلة العبد ويغسل أرجلنا كي نكون صالحين للمشاركة في مأدبة الرب. إن الله ليس إلها بعيدا عنا ولهذا إنه يهتم بأمورنا الصغيرة ما يجعل الإنسان المخلوق على صورته ومثاله يستحق محبته. إن قداسة الله قوة محبة تنقي القلوب وتشفي الجروح.
ينزل الله من العلاء ليصبح عبدا ويغسل أرجلنا كي نستحق المشاركة في مأدبته. هنا يظهر سر يسوع المسيح بكامله. وهنا يبان بوضوح معنى الفداء ومحبة يسوع المستعد لمواجهة الموت. المحبة وحدها قادرة على تنقية قلوبنا من الخطيئة. وأنتم أنقياء ولكن لا جميعكم. في هذه العبارة تظهر عطية تنقية القلوب من قبل الرب. إن محبة الرب لا تعرف حدودا لكن الإنسان قادر على وضع حد لها إذا أخطأ ليفقد نقاوته. ولكن ما الذي يُفقد الإنسان نقاوته؟ رفض المحبة وعدم محبة الآخرين والكبرياء الذي يُغلق قلب الإنسان على طيبة الله المخلصة.
مضى قداسة البابا إلى القول في يهوذا نرى طبيعة رفض تنقية القلوب. إذ إنه يقيّم يسوع وفقا لهيكلية السلطة والشهرة. جشع يهوذا واضح في تصرفاته وأهم من علاقته بيسوع ومحبته. وبلغ هذا الوضوح ذروته في فقدان معنى الحقيقة السامية. وأنتم أنقياء ولكن لا جميعكم. يحذرنا الله من الوقوع في فخ الكبرياء والاعتقاد بأننا لا نحتاج إليه وإلى محبته. ويدعونا إلى الاقتداء بأناته والعودة إلى داره والمشاركة في مأدبته.
نعود إلى كلمات يسوع: فإذا كنت أنا الرب والمعلم قد غسلت أرجلكم فيجب عليكم أنتم أن تغسلوا بعضكم أرجل بعض. ماذا يعني هذا القول؟ إن كل عمل خدمة للمتألمين والمحتاجين والفقراء يعكس هذا القول. إن الرب يدعونا إلى تعلم التواضع وشجاعة الطيبة والاستعداد لقبول الآخرين. ولكن هناك بُعد آخر لهذا القول أعمق بكثير وأعني به مسامحة الآخرين لأن تنقية الذات تساعدنا على التقرب من سر محبة الله. لنصل إذا كي يمنحنا الرب هبة المشاركة في مأدبته. آمين.
Discussion about this post