تنسيق المسبحة الورديّة
ذُكر أيضًا في تاريخ الأب القدّيس عبد الأحد، أنّه بعدما أوحت إليه العذراء بصلاة الورديّة سنة 1213، عمل كثيرًا على نشرها بين الناس بكلّ حماس وغيرة.
وفي سنة 1216 أسّس رهبنة الدومنيكان “الإخوّة الوعّاظ”، وكان من بين الرهبان الأوّلين الأب دي لا روش.
فعمل الأبوان معًا على تنسيق المسبحة وإغنائها، بإدخال الأسرار إليها للتأمّل بحياة يسوع وحياة مريم أمّه، وكان ذلك سنة 1217 وسمّياها “المسبحة الورديّة” لأنّها أشبه بباقة ورد نضعها على قدميّ العذراء.
فكانت كما وصلت إلينا مقسّمة إلى ثلاثة أقسام: أسرار الفرح، أسرار الحزن، وأسرار المجد. وكلّ قسم مقسّم بدوره إلى ما نسمّيه “خمسة أبيات”. وكلّ بيت يتألّف من عشر حبّات.
أمّا تقسيمها إلى ثلاث، فكان على اعتبار أنّ حياة يسوع المسيح وحياة أمّه العذراء مريم، المشتركة معه بسرّ التجسّد وبسرّ الفداء، قد مرّت بثلاث مراحل: الفرح والحزن والمجد.
وبين كلّ بيت وآخر يضاف حبّة كبيرة منفردة مخصّصة لتلاوة الصلاة الربية التي تعود إلى عهد الرسل، وقد حفظوها مباشرة من فم السيّد المسيح.
وأضاف الأبوان “عبد الأحد” و”دي لا روش” إلى هذه المسبحة الصليب، لأنّ كلّ مسيحيّ يبدأ أعماله وصلاته بإشارة الصليب. وقرب الصليب حبّة منفردة مخصّصة لتلاوة قانون الإيمان النيقاوي (نؤمن بإله واحد…).
وكانت تلاوة النؤمن إلزاميّة قبل كلّ صلاة أو رتبة دينيّة.
وثمّ هنالك الثلاث حبّات للتأمّل بالصفات الثلاث التي تتمتّع بها العذراء مريم دون سواها: إبنة الآب، وأمّ الابن، وعروس الروح القدس.
وأخيرًا الأيقونة المثلّثة الزوايا التي كانت تحملها العذراء مريم في ظهورها للقدّيس عبد الأحد.
وبما أنّه يتعذّر على الكثيرين تلاوة المسبحة الورديّة بأسرارها الثلاث (أي خمسة عشر بيتًا) كلّ يوم، رأت الكنيسة فيما بعد الاكتفاء بتلاوة ثلث هذه الورديّة أي خمسة أبيات فقط.
فخصّصت يومَي الاثنين الخميس لأسرار الفرح، والثلاثاء والجمعة لأسرار الحزن، والأربعاء والسبت لأسرار المجد، مع تخصيص يوم الأحد لأسرار الفرح من بد زمن المجيء إلى بدء زمن الصوم، ولأسرار الحزن من بدء زمن الصوم إلى عيد الفصح، ولأسرار المجد من الفصح إلى زمن المجيء.
من كتاب :
الورديّـــة نشأتها وتاريخها
دورُها وأهميّتها في الحياةِ الرّوحيّة
جمعيّة “جنود مريم”
No Result
View All Result
Discussion about this post