القسم الأول / الفصل الرابع
تحت قيادة مريم الكليّة القداسة
(1717 – 1728)
روحها أضحت الآن في السماء، بينما قدماها راسختان في الأرض دومًا أكثر، بفضل ذلك التناغم الذي ينتج عندما يكون اجتياح الله للنفس كاملاً.
فظهرت مزيّنة بنعمة المشورة وبحسّ واقعيّ، ما كان بإمكان أحدٌ توقّعه لديها.
الراهبات أرَدْنها أُمًّا مسؤولة، وحَصَلْنَ على ذلك من محكمة التفتيش، بعد امتحان غير إنسانيّ حقًّا، مرفق بإذلالات فرضها عليها الأب كريفللي، تحت سلطان الأسقف سنة 1714.
مع ذلك أبقت محكمة التفتيش على الحظْر من الخروج إلى “الشعريّة”، سوى لفحص طالبات الترهّب. إنّه تدبير يُعجبها لكونها رغبت منذ زمن عدم التواصل مع الخارج.
انتُخبت في الخامس من نيسان 1717 مسؤولة، والأخوات لم يندمن على ذلك، بل سوف يُعِدن انتخابها تكرارًا حتّى موتها.
وأخذت الدعوات تهطل فورًا بأعداد كبيرة، اضطُرِرْنَ معها إلى ر فع العدد المحدّد في نصّ التأسيس؛ وازدادت أيضًا التقادم، حتّى أنّه بدأ الشروع قبل نهاية السنة المباشرة، بأعمال بناء قسم جديد من الدير. وقد تمّ تسديد كلّ النفقات من قِبَل العناية الإلهيّة وحدَها.
إنّ حبّها الكبير للفقر، الذي أدّى، في البداية إلى اضطهادها بوصفها بـ “المُصلحة”، لم يمنعها من تمييز أهميّة تحقيق إمدادات توزيع المياه، رغم معارضة الراهبات المُسنّات.
وهكذا وضعت حدًّا لحَمْل سُطول المياه المستمرّ… وحتّى اليوم، نستطيع أن نقرأ في كابيلا القدّيس فرنسيس الكتابة اللاتينيّة المعلّقة على أحد جدرانها، وفيها تدعو الأخوات إلى “سكب صلواتهنّ للمحسنين بالتواصل عينه الذي يستمرّ تدفّق المياه في النبع”.
وإلى ذلك، فإنّ نجاحاتها الباهرة كانت في مضمار سياسة الجماعة الداخليّة. فإنّ فريقًا من الراهبات، بدأ صغيرًا، وانتهى بسواده الأعظم، متأثّرًا بتعليقها الروحيّ. نذكر من بينهنّ: الأخت كلير – فيليس التي لبست معها حَبْل الرهبانيّة، والتي فاجأتها في اليوم ذاته منخطفة أمام القربان الأقدس. الأخت ماريان كانت تحبّ الصلاة معها على نيّة ارتداد الخطأة؛ الأخت أنّا مازوكي، إحدى المؤسّسات، رفيقتها المألوفة في الزياحات الليليّة.
الأخت مادلين بوسكاريني رفيقتها في الجَلْد في كابيلا القدّيس فرنسيس؛ الأخ هياسنت المكلّفة برَبْطها ليلاً على الصليب؛ والأخت فلوريدا شيفولي، (وقد أعلنت اليوم طوباويّة)، نائبتها والمقتدية بفضائلها.
بحضور القدّيس فرنسيس والقدّيسة كلارا، أعطتها العذراء خاتمًا مطبوعًا عليه اسم مريم ودعتها
“ابنتها الأعزّ بين جميع بناتها” (28 تشرين الأول 1711). بناتها” (28 تشرين الأول 1711).
رأت ذات يوم، بينما كانت في حالة انخطاف، نفوسًا ترتاح في قلب يسوع الأقدس، فسألته مندهشة عن معنى ذلك، ففهمت بأنّها أنفس الذين سيجتهدون في المستقبل لتعريف العالم على سيرتها… وقد قال يسوع: “يجب أن تُعرَف حياتك في العالم لانتصار المحبّة وتثبيت الإيمان” (اليوميّات).
يجب على رسالة القدّيسة فيرونيكا أن تؤتي ثمارها في الكنيسة. إنّ موقفًا علنيًّا واحتفاليًّا من قبل السلطة الكنسيّة، يمكنه أن يعود ويمنح رسالة القدّيسة الخلاصيّة الزخم الذي تستحقّه” (الكاردينال بيترو بالاتسيني).
جميع المبتدئات اللواتي مَرَرْن تحت يدها، حفظن لها الثقة البنويّة، وسِرْنَ ببطولة في الدرب الذي خطّطته لهنَّ.
كانت فيرونيكا تعزو كلّ النجاحات إلى قيادة العذراء المباشرة، فهي التي وعدتها بأن تكون الأم الرئيسة؛ فإنّ القدّيسة، بالفعل، كانت قد وضعت أمام تمثالها، فورًا بعد انتخابها مسؤولة، مفاتيح الدير، القانون، وخَتْم الرهبنة، قائلة للأخوات: “ها هي، ها هي أمّنا الرئيسة”.
“يا ابنتي اطمئنّي: أنا المسؤولة، لن ينقص شيءٌ ضعي كلّ رجائك بشيء، اثبتي في الإرادة الإلهيّة، عيشي باطمئنان… سأحمل أنا المسؤوليّة، بحسب رغباتك؛ سيؤول كلّ شيء نحو الأفضل”.
إنّها مقتنعة بأنّ مريم كليّة القداسة هي من تُرسل الدعوات، من تحرّك إرادة المحسنين، من يمنح الطواعية للأخوات، وفوق كلّ شيء، من يُلهِمها كيف يجب عليها أن تتصرّف في كلّ الشؤون.
تشعر بها حاضرة بشكل مميّز، عندما تترأس “مجمع الاستغفار”، الذي كانت فعاليته ملحوظة للغاية تمامًا، لأنّ مريم الكليّة القداسة، كانت تطرح عليها ما يجب أن تقوله لكلٍّ من الأخوات، وتلقّنها التحريضات الحارّة الموجّهة للجميع. وستعي الأخوات ذلك مرارًا، كما يتبيّن من المقطع التالي:
“… هنا، عند أقدام مريم الكليّة القداسة، لنقصد جميعنا تبديل حياتنا، لنَصِل إلى حياة الراهبات الحقيقيّات والقدّيسات؛ وصلّين من أجلي أنا المسكينة.
“قلت للنائبة بأن تلجأ مرارًا إلى جراحات يسوع، وإلى قلب مريم المتألّم؛ وبأنّ تفكّر بمن جَرَّح الابن وألمَ الأم”.
“من المؤكّد أنّ كلّ خطايا العالم تسبّبت بذلك، لكن بالأخصّ خطايانا. فلتتمرَّ كلّ واحدة منّا في جراحات يسوع وفي قلب مريم. ولنقصد تبديل سيرتنا. آمين.
“لدى ابتدائي بالنشيد الليتورجي، وعيْتُ أنّي قد أتممت المجمع. ليكن كلّ ذلك لمجد الله ومجد مريم الكليّة القداسة! فهي من قال وصنع كلّ شيء”.
وإنّ مريم أحيانًا تكون حاضرة جسديًّا وحقًّا بدلاً عنها. وإنّ الراهبات ستشهدن بأنّ نبرة صوتها كانت عذبة لدرجة أنّها كانت تسحر قلوبهن.
“فيرونيكا لإرادة الله، ابنة ومبتدئة مريم الكليّة القداسة” تحيا منذ الآن وصاعدًا محتفلة كلّ يوم بانتصار الحبّ. تجد ذاتها متوطّدة في “النِّعَم” وفي “اللا”: نعم للإرادة الإلهيّة بأمانة أبديّة؛ لا لبشريّتها، ولا لكلّ نزوة وميل أناني.
إنّ اختبار “نعمة الثلاث النِّعَم” اتحاد، تحوّل، أعراس سماويّة – التي حصلت عليها بعد كلّ مناولة، منذ سنة 1714، بلغت بالفعل الإلهيّ في نفسها إلى حدّ الذروة. إنّ تذوّقًا مسبقًا لمائدة الحبّ الأزليّة، هو تذوّق حميم يفوق كلّ ما اختارته حتّى الآن، ويُستحال وصفه…
إنّ اليوميّات بأسرها مملوءة بهذا الإله المجنون بالحبّ”، “بحر السلام والحبّ” حيث كانت تسبح، عندما كان يختطفها إليه هذا الإله المالك، المسيطر، الفاعل، الذي لا يمكن وصفه ولا إدراكه، الإله المتناهي… يجب أن نقرأ حقًّا هذه الصفحات السماويّة!
ومن جهة أخرى، وفيما هي تكتب اليوميّات بالطاعة، تجد أنّ كلّ شيء يغيب عن ذاكراتها، هي التي كانت تستطيع قبلاً وصف كلّ التفاصيل. لذلك لجأت بعد سنة 1720، إلى معونة مريم الكليّة القداسة: ويا للأمر الذي لم يُسمع قطّ، فإنّ الأم السماويّة أخذت تملي عليها ما يجب كتابته… إنّها صفحات مليئة بالنور، ستبلغ نهايتها في 25 آذار 1727 عندما قالت لها مريم للمرّة الأخيرة: “ضعي نقطة!”.
لدينا بذلك سبع سنوات من الكتابات الصادرة من شفتَي والدة الله!”
ومع ذلك، فلا نعتقدنّ بأنّ حياتها اقتصرت حينها على العذوبات الفردوسيّة.
فقد مضت فيرونيكا في الألم حتّى النهاية. تتألّم بتجرّد شامل، دون أن تتيقّن من إتمامها إرادة الله.
إنّه تألّم جديد غير واعٍ، مختلف جدًّا وأعمق بكثير من ذلك “التألّم مع الشعور”. هذا هو التألّم العاري! لكن وعيها لرسالتها التكفيريّة لا يغيب، بل يأخذ دفعًا جديدًا في قولها الثلاثيّ “نعم، نعم، نعم! أكثر، أكثر!”.
مصلوبة حتّى النهاية، سيظلّ سيتدفّق من جراحاتها، دم حتّى 17 أيلول 1726، عيد جراحات القدّيس فرنسيس. لنستفد هنا من هذا العيد الفرنسيسيّ للتطرّق إلى نقطة بالغة الأهميّة، حول حبّ القدّيسة فيرونيكا للقدّيسين، حيث كانت تلتجئ باستمرار، بتواضع متوسّلة كلّ شيء لشفاعتهم. من الطبيعيّ أن يكون للقدّيس فرنسيس “الأب القدّيس” وللقدّيسة كلارا “الأم القدّيسة” المنـزلة الأولى. ستنال كلّ سنة في عيدهما نِعَمًا خاصّة.
وكان لديها منـزلة خاصّة للقدّيس يوسف، للقدّيسة تريزيا الأفيليّة، للقدّيسة كاترينا السيانيّة، للقدّيسة روزا من ليما، ولعديد من القدّيسين الآخرين كالقدّيس فيلبّس النيري، القدّيس أغناطيوس من لويولا، القدّيس فرنسوا سافيريو، القدّيس أنطونيوس البادواني، القدّيس بوناونتورا، القدّيس فلوريدو شفيع شيتّا دي كاستيلّو، القدّيس يوحنّا الحبيب،
القدّيس أندراوس الرسول الذي كان يطيب لها سلامه للصليب: “أيّها الطبيب الصالح”. وكان للقديس بولس الرسول الذي كانت تدعوه “قدّيسي الرسول بولس”، منـزلة فريدة لديها، كما سنرى لاحقًا.
ولا نستطيع أيضًا إهمال دور الملاك الحارس الهامّ، الذي لم يغب أبدًا عن القدّيسة فيرونيكا:
هو من كان ينهضها عندما كانت تسقط تحت ثقل الصليب؛ يحامي عنها عندما كانت الشياطين تهاجمها؛ يعاونها في ساعات الدينونة الخاصّة الرهيبة، كما في ساعات الأعراس المفرحة؛ أحيانًا كان يناولها باسم يسوع؛ كان رسولَ مريم الكليّة القداسة لدى القدّيسة، عندما كانت الطاعة تفرض عليها أن تتواجد في موضعين في الوقت نفسه: كان يأخذ شكل نور أبيض، يعمل في غرفة المونة، يطهو الأطعمة…
وعندما شارفت على نهاية حياتها، وقد وصلت إلى قداسة أرفع، بعث لها بعدّة ملائكة حرّاس يسهرون عليها، لكونها أضحت عرضة لهجومات جهنميّة أفزع من أي وقت آخر: “ملائكتي”، كانت تسمّيهم في كتاباتها؛ هم من كانوا يرافقونها في زياراتها لجهنم.
كانت كثيرة التعبّد وعرفان الجميل للملائكة الحرّاس، حتّى أنّها استحقّت أن يكشف الله لها الحقيقة المذهلة التالية: عند انتخاب كلّ حبر أعظم جديد، تمنحه السماء عشرة ملائكة حرّاس آخرين لإعانته. إنّه خبر أبكى من الفرح والتأثّر الطوباوي يوحنّا الثالث والعشرين، عندما رغب قراءة ذلك بنفسه.
وإنّ مسك ختام عمليّة الصلب هذه نجدها في الأيام الثلاثة والثلاثين التي هيّأتها للموت، بدءًا من 6 حزيران، مرفقة بأوجاع لا توصف. كان ذلك بمثابة نزاع متواصل حتّى 9 تموز 1727 عندما طارت نفسها إلى السماء، فقط بالطاعة. بالفعل، فإنّ الأخوات والمعرّف كانوا يرافقونها دون أن يدركوا كيف أنّها لا تزال قيد الحياة، تنظر بتوسّل إلى الأب المعرّف. وكانت قد أوصتهنّ بحفظ قانون الرهبنة العزيز، وبالطاعة للمحبّة الإلهيّة، وبمحبّة بعضهنّ البعض؛ ثمّ جعلتهنّ يقبّلن المصلوب.
فَهِم في النهاية الأب المعرّف، باستنارة داخليّة، أنّ هذه النفس التي عاشت دومًا بالطاعة، لا تستطيع أن تموت سوى بالطاعة. فمنحها إيّاها متأثّرًا، بين نحيب الأخوات اللواتي رأينها تبتسم للمرّة الأخيرة.
وطارت نفسها المباركة إلى السماء فورًا، بيضاء كالحمامة!
وقد كانت كلماتها الأخيرة: “الحبّ كشف عن ذاته! هذا هو سبب تألّمي. قولوا ذلك للجميع، قولوه للجميع!”.
لقد ماتت القدّيسة! لقد ماتت القدّيسة!” هذا ما أخذ يتردّد في المدينة، وسط هروع الناس على دويّ الأجراس. كلّ المدينة نزحت؛ وعندما استطاع أخيرًا الشعب دخول الكنيسة، حدثت فوضى كبيرة لدرجة أنّه اضطرّ إعادة الجثمان إلى داخل الدير.
وفي الغد خلال الدفن الاحتفالي، تواجدت كلّ طبقة النبلاء، الحاكم، الإكليروس… كان ذلك تمجيدًا حقًّا. فبالرغم من حياتها الخفيّة، فإنّ صيتها وشهرتها كانا قد أضحيا شبه عالميّين منذ حينها:
يكفي أن نذكر بأنّ دوق توسكانا والأمبراطور كارلوس الثاني اضطرّا أن يكتفيا ببعث موفدين ليتوسّلا معونتها وأنوارها؛ فقط “فيولند دو بافيير” حصلت على إذن دخول الدير، فشفيت عيناها فور ما نظرت السمات.
وبدأت سريعًا دعوى التطويب، مع شهادات شفهيّة من الأخوات، المعرّفين، الأطباء… شهادات غير اعتياديّة لا مثيل لها تقريبًا. في 25 نيسان 1796 تمّ إعلان المرسوم البابويّ لبطولة فضائلها.
في 17 حزيران 1804، تمّ تطويب فيرونيكا على يد البابا بيوس السابع، وقد احتفلت شيتّا دي كاستيلّو بهذا الحدث بتهافت كبير من المؤمنين المبتهجين بإكرام تلك التي كانوا يعتبرونها فخر الكنيسة ومجد الكنيسة.
وبعد تأخير طويل، سببه كلّ تلك العداوات في الحقل الاجتماعي، تمّ تقديسها في 26 أيار 1839، من قبل البابا غريغوريوس السادس عشر، لمجد الله الآب والابن والروح القدس.
وبما أنّ إنسان اليوم العقلانيّ، يمكنه أن يعتقد، بأنّ كلّ هذه الظواهر الصوفيّة الفائقة الطبيعة، المذكورة في اليوميّات، ليست سوى توهّم نسائيّ، فلنستمع لما تقوله الوقائع العلميّة والتاريخيّة:
قبل الدفن جمع الأسقف الحاكم “طوريجياني” الرسام “أنجيلوشي”، الطبيب “بورديكا”، الجرّاح “جنتيلي”، ناظر الماليّة “فابري”، كاتب العدل الرئيسيّ، معرّفي الدير ونبلاء المدينة للبدء بعمليّة التشريح. فاستخرجوا قلب المائتة وفتحوه. كان الجرح عميقًا لدرجة أنّه كان يخترقه من جانب إلى آخر. كان متواجدًا منذ ثلاثين سنة، وقد بقيت حيّة بخلاف كلّ نواميس الطبيعة؛ وبدل النتانة التي كان يمكن انتظارها، خرجت منه رائحة فردوسيّة.
فحصوا القلب: فماذا رأوا؟ رأوا في اللحم مطبوعة، صورة ذلك الرسم الذي كانت قد رسمته القدّيسة منذ سنوات؛ وقد طُبع فيه: الصليب إكليل الشوك، الرمح والقصبة مترابطين، الكتابة، المطرقة، المسامير، راية المسيح الملك، الشعلتان اللتان ترمزان إلى محبّة الله ومحبّة القريب، سبع سيوف العذراء المتألّمة، والحرف الأول من كلّ من اسميّ يسوع ومريم، مع تلك التي للفضائل الكبرى. وأظهر التشريح أمورًا أخرى فائقة الطبيعة علاوة على الالتواء العجائبي لعظمة الكتف…
هل سجّل التاريخ رائعة مماثلة لهذه؟
أضحت الأعجوبة الحيّة الآن في السماء. وبقيت معنا شفاعتها القديرة جدًّا، جسدها المقدّس، العديد من الأدوات العجائبيّة والتذكارات المقدّسة، وبالأخصّ يوميّاتها الفريدة، المدعوّة بحقّ “الكنـز الخفيّ”.
أيّها القرّاء، اعملوا على زيارتها، على معرفتها، على الصلاة لها ومحبّتها! إنّها مستحقّة ذلك فعلاً!.
جمعيّة “جنود مريم”
No Result
View All Result
Discussion about this post