دورُ القديس ميخائيل في العهد القديم
إنه الكائن الغيور على المجد الإلهي في السماء، وهو لا يقلُّ عن ذلك غَيْرَةً على الأرض. فبعد أن حاربَ وغلبَ الشيطان وملائكتهُ في العُلى، إنه يستمرُّ في حربهِ الظافرَةِ ضدّهم هنا على الأرض.
إن اللهَ من أجل تقديس مُخْتاريه، يَسْمَحُ للشياطين بحكمته اللامتناهية بأن يُعذِّبوهم بتجاربَ ومِحَنٍ من كل الأنواع. إننا نلاحظُ ذلك في سفر أيوب، الرجل القديس.
لكن الآب السماوي استَدْرَكَ للدفاع عنهم فأعطاهم القديس ميخائيل رئيس الجيش السماوي،كنموذجٍ ومحامٍ ومُدافع. إن رئيس الملائكة القديس يتدخَّل شخصيّاً أو بواسطة مرؤوسيه، ليَحْمي، ويَقودَ، ويُنْهِضَ من السَقْطَة عند الحاجة.
يُعلِّم القديس أوغسطينوس، بأن رؤى الله المذكورة في الكتاب المقدَّس، قد حصلَتْ بواسطة ملائكته. والقديس غريغوريوس الكبير يُعلن:
“عندما يتعلَّق الأمرُ بعملٍ إلهي من الدرَجَة الأولى، يُرْسِلُ الله دائماً القديس ميخائيل”.
فهو إذاً ذاكَ الذي انتصَرَ على لوسيفورس، وأدْخَلَ آدم وحوّاء إلى الفردوس الأرضيّ، ونهاهُمْ عن الأَكْلِ من ثمرة شجرة مَعْرِفَة الخير والشرّ، وظَهَرَ لهم ليُدَرِّبَهُم، وليُعَزّيهم بعد سَقْطَتِهِم، واعِداً إيّاهم بالمُخلِّص، وبالعذراء التي سَتَسْحَقُ رأس الحيَّة.
لقد أرادَ أولاد نوح في تعَجْرُفِهم المجنون، بناءَ بُرْجٍ يتحَدّونَ به السماء. فشَوَّشَ عليهم رئيس الملائكة مُجْبراً إيّاهم على التشَتُّت بعد أن بَلْبَلَ أَلْسِنَتَهم.
إنه هو الذي ظهرَ على إبراهيم وإسحق ويعقوب، وجعلَ من هؤلاء البطاركة القديسين آباءً لشعبٍ مُختارٍ من الله. إنه أيضاً الملاك ميخائيل الذي ظهَرَ لموسى في العُلَّيْقَة المُلْتَهِبة، وأَكْثَرَ المُعْجِزات ليَغْلِبَ فرعون المُتَعَنِّت؛ فهو هكذا يُنقِذُ شعب الله مُخَلِّصاً إيَّاهُ من عبودية مصر.
إنه هو الذي يقودُ إسرائيل في صحراء سيناء لمدَّة أربعين سنةً، ويُدْخِلُهُ إلى أرض الميعاد في سلسلةٍ مُتَتاليةٍ من المُعْجِزات؛ وعند مَوْت موسى المُشَرِّع العبريّ الكبير، إنه رئيسُ الملائكة القديس، الأمينُ دَوْماً على رسالته، الذي جادَلَ إبليسَ على جثَّته، حين أرادَ هذا الأخير أن يجعلها مَوْضِعَ عبادَةٍ وثنيةٍ من قِبَلِ اليهود.
منذ التجسُّد وحتى الصعود، كانت حياة الكلمة المُتجسِّد، مُحاطَةً بعبادة الملائكة وخِدْمَتهم له. عندما أدْخَلَ الله المولود-الأول إلى العالم قال: “لتَسْجُدْ له جميع ملائكة الله”. (عبر/1،6).
إن أناشيد تسبيحهم عند ميلاد المسيح، لم يتوقَّف صداها في التسبيح الذي تُردِّدُهُ الكنيسة: “المجدُ لله…” (لو/2،14). إنهم يحمون طفولة يسوع، يخدمونهُ في البرّية، يؤاسونهُ في النزاع، في الوقت الذي كان بإمكانهم إنقاذه من أيدي أعدائه كما فعلوا مع إسرائيل في الماضي. إنهم أيضا الملائكة الذين “يُبشِّرون”(لو/2،10) بإعلانهم البُشْرى السعيدة للتجسّد، ولقيامة المسيح من بين الأموات. وسيكونون هنا عند عودة المسيح في خدمة دينونته، والتي أعلنوا عنها.
التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية (333)
جمعيّة “جنود مريم”
No Result
View All Result
Discussion about this post