تأكيداتٌ مُقْتَضَبَة
1) إن عالم الملائكة والشياطين هو عالمٌ سرّيُّ، خفيٌّ عن تحقيقات العلم وتدقيقاته القيِّمة في نظر الحداثة والعَصْرَنة
.. إن القبول بوجود الملائكة والشياطين، يعني الإقرار بتقبُّل تعليم الوَحْي المسيحي؛ ولكنه أيضاً القبول بالانفتاح على بُعْدٍ خفيٍّ من فَهْم الكون.
لقد كتب فيليب فورْ: “بدون الملاك، سيؤلِّفُ الكَوْنُ كُتلةً من الظواهر المتفجِّرة، بدون أساسٍ أو معنى، ويُصبح عالماً مُسَطَّحاً، قد انتفى فيه الجمالُ والتناسقُ والإدراك”.
لا نلجأَنَّ إلى الأوهام، فبإمكاننا رَفْضُ وجود الملائكة والشياطين، لكنهم سيَظهرونَ من جديد تحت ستار أرواح العلوم الباطنية، أو بعملية استحضار الأرواح، أو الكلام عن كائناتٍ خارجة عن الأرض، والتي يريدوننا أن نؤمن بأنها هي في أصل الحضارات الكُبرى التي اضمحَلَّتْ اليوم.
2) وبالمقابل، فإن حقيقة انتماء الملائكة والشياطين إلى عالم الأرواح المَحْضَة، تدعونا إلى كثيرٍ من الحَذَر في ما قد نقولهُ عنهم.
إن الكلمات التي نستعملها للتحدُّث عنهم هي وافيةٌ لشَرْح ما هم عليه، ودورهم في الكون الذي خلقهُ الله. إن تعبيرنا سيكون بالضرورة رمزياًّ.
بالإضافة إلى ذلك، وبما أن هذه الكائنات تُشكِّل جُزْءاً من معتقَدات أغلبية الديانات غير اليهودية-المسيحية، يجب الاحتراس بألاّ تأتي الأفكار الميتولوجيّة أو الباطنية، لتُدْخِلَ إلى عباداتنا عناصر لا تنتمي إلى الوَحْي المسيحي، أو تتعارض معه بكل وضوح.
لقد عاش القديس بولس هذه التجربة في زمنه مع أهل كولوسي، والعصر الحديث يجعلنا نعيشهُ الآن. إن تعلُّمَ كيف نُصْبحُ ملائكةً أو كيف نتَّصِلُ بهم، مثلما تعْرِضُ ذلك بعض المنشورات الحديثة، ليس إطلاقاً المجهود الذي تَعْرِضُهُ الكنيسة.
3) أخيراً، إن التعبُّد للملائكة الذي يمكن أن يكون عندنا بشكلٍ شَرْعيٍّ، يجب ألاّ يُنَقِّصَ من المكانة المركزية التي يحتلُّها المسيح في الوَحْي المسيحي.
إن الملائكة هم في خِدْمَة مشروع الله الخلاصي، وهم خُدّامٌ للمسيح. أمّا بالنسبة لإبليس، فإن قُدْرَتَهُ ليست غير محدودة.
فليس هو إلاّ خليقةٍ تستمدُّ قُدْرتها من كَوْنها روحاً مَحْضاً، ولكنه يبقى دائماً خليقةً خاضعةً لمشيئة الله وقدرته. بإمكانه أن يُناهض مُلْكَ الله، وأن يُسبِّبَ أضراراً جسيمةً، لكن ليس عنده السُلطان بأن يمنعَ نَصْرَ الله الإسكاتولوجي، وإقامةَ مُلْكِ الله النهائي. إنه يقين انتصار الإيمان المسيحي الوطيد: “بأن سيّدَ هذا العالم قد دين” (يو:16،11).
هكذا، إن الملائكة التي لا يُحصى عدَدُها، والتي تَخدُمُكَ ليلاً نهاراً، تقفُ أمامكَ مُتأمِّلةً وجهكَ، وهي تُقدِّمُ لكَ التسبيح دون انقطاع.
إننا ونحن متَّحدونَ إلى نشيد ابتهاجهم، نُرنِّمُ لكَ يا الله مع الخليقة بأسرها التي تَهتفُ لكَ بواسطة أصواتنا:
قدّوس! قدّوس! قدّوس!
صلاةٌ إفخارستية (4)
جمعيّة “جنود مريم”
No Result
View All Result
Discussion about this post