سرّ التثبيت أو الميرون
ماهيّة السرّ
هو أحد أسرار التنشئة المسيحيّة الثلاثة: العماد، التثبيت والافخارستيّا. وهي تؤلّف وحدة متكاملة وتُعتَبَر المدخل إلى الحياة المسيحيّة.
يُدعى هذا السرّ في التقليد الشرقيّ مسحة الميرون، وفي التقليد الغربيّ سرّ التثبيت.
سرّ الميرون في الكتاب المقدَّس
في العهد القديم:
كانوا يمسحون المرضى ويكرِّسون الكهنة والملوك ورؤوس الضيوف الكرام. لقد أنبأ الأنبياء أنَّ روح الربّ يحلّ على الماسيّا المُرْتَقَب لتحقيق رسالته الخلاصيّة. «أفيض روحي على كلِّ أنسان».(أش 61/1)
في العهد الجديد:
لقد رأى آباء الكنيسة رموز هذا السرّ في العهد القديم، وكمال تحقيق تلك الرموز في السيِّد المسيح الّذي مسحه الروح القدس بعد المعموديّة.
أخذ يسوع الروح أيّ قوّة الحبّ وراح يمرّ في كلّ مكان يصنع الخير ويشفي الجميع. وعد يسوع الرسل بالروح القدس: «ستنالون قوّة، هي الروح القدس».
ومسحهم الروح القدس يوم العنصرة . وولدت الكنيسة ، أعطاها المسيح سرّ التثبيت لكي تصنع ذكرى العنصرة وتجعله حاضرًا.
ثَبَّتَ الروح القدس الكنيسة وأرسلها في العالم ولأجل العالم :« تقدِّس الناس وتغيِّر الكون، حتّى يصير اللـه كلاًّ في الكلّ» (رسل 1/8).
إنَّ قيامة الربّ هي معموديّة الرسل وعبورهم من الشكّ إلى الإيمان، من اليأس إلى الرجاء، ومن الموت إلى الحياة الجديدة.
« ولمّا حلَّ عليهم الروح القدس امتلأوا كلّهم من الروح القدس وطفقوا يتكلّمون بلغات أخرى كما آتاهم الروح أن ينطقوا، وراحوا يبشِّرون بالقيامة».(رسل 1: 4/8)
يقول مار بطرس « توبوا وليعتمد كلّ منكم باسم يسوع المسيح لتُغفر خطاياكم ويُنعم عليكم بالروح القدس» وهنا يميَّز بين العماد والتثبيت.
إنَّ مسحة الميرون مرتبطة بالعماد ومندمجة في رتبة واحدة، ترمز إلى اشتراك المعمَّد في وظائف المسيح الثلاث ورسالته النبويَّة والكهنوتيّة والمَلكيّة وتجعل من المسيحيّ مسيحًا آخر.
مفاعيل سرّ الميرون
إنَّ سرّ الميرون يُكَمِّل نعمة المعموديّة ويهب الروح القدس، يُرَسِّخنا في البنوَّة الإلهيّة ويُدْمجنا في جسد المسيح ويُمَتِّن ارتباطنا بالكنيسة، ويُشْرِكنا أكثر في رسالتها ويُساعدنا في أداء شهادة الإيمان المسيحيّ بالقول والعمل.بالمعموديّة يشترك المسيحيّ في قيامة المسيح، بالتثبيت يُختم بموهبة الروح القدس، فتصير أعماله شهادة لإيمانه.
في العماد ندخل في عائلة اللـه ونعبر من الموت إلى الحياة، وبالتثبيت نصير صانعي حياة وننقل الحياة. بالعماد نصير تلاميذ المسيح، وبالتثبيت نصير أنبياء نبشِّر بالمسيح ونكرز به.
مادّة سرّ التثبيت
إنَّ مادّة سرّ التثبيت هي الميرون، أيّ زيت الزيتون الممزوج بعطورات متنوِّعة حوالى 12 نوعًا في التقليد الماروني و75 نوعًا في التقليد البيزنطيّ. وهذا الميرون يباركه السيّد البطريرك أو الأسقف يوم خميس الأسرار، ويوزَّع على الرعايا. وفي ذلك إشارة إلى وحدة الكنيسة ووحدة الإيمان والشهادة.
صورة المسحة
«بميرون المسيح الإله، رائحة الإيمان الحقّ الطيّبة، طابع وملء نعمة الروح القدس، يطبع عبد اللـه … باسم الآب والابن والروح القدس للحياة الأبديّة».
رمزيّة الزيت
يرمز الزيت إلى الشفاء والنور والتنقية والمرونة. وهو علامة التكريس والاشتراك في رسالة المسيح والامتلاء من الروح القدس بوضع اليد.
وضع اليد
إنَّ وضع اليد هو عمل كتابيّ يعني البركة والتكريس. شفى يسوع المرضى وبارك الأطفال، بوضع يده تمرّ قوته الإلهيّة. شفى الرسل المرضى بوضع اليد وكرَّسوا «الشيوخ» والشمامسة ومنحوا الجماعات الروح القدس. هذا العمل يعني منح الروح القدس أيّ القوّة الروحيّة وصلاحيّة الخدمة والرسالة.
خـلاصــة
إنَّ سرّ المسحة كباقي الأسرار، هو حدث طقسيّ كنسيّ وعلامة للعالم، له مفاعيله الخلاصيّة في حياة المؤمن والتزامه الرسوليّ.
لذلك وَجُبَ الإعداد له وتعليم الأطفال والعيال لتوثيق الاتّحاد بالمسيح والإلفة مع الروح القدس وعمله ومواهبه والتجاوب مع نداءاته. وجب التأمُّل والتفكير في معنى السرّ ووعي دور الروح القدس ورسالة الكنيسة وكيفيّة التزام الإيمان والشهادة له قبل اقتباله والاحتفال به.
إنطلاقًا من سرّ الميرون يقود الروح القدس المسيحيّ إلى سائر الأسرار: فيقدِّم ذاته مع السيِّد المسيح في سرّ الإفخارستيّا، ويتحمَّل مسؤوليّة ذنوبه ويتوب في سرّ التوبة، ويقوى على العذاب في سرّ مسحة المرضى، ويلتزم الحبّ في سرّ الزواج، ويتكرّس لخدمة اللـه في سرّ الكهنوت.
يسوع قال:« فمن كان عطشانًا فليأتِ إليَّ ويشرب، ومن آمن بي … يخرج من جوفه أنهار ماء الحياة » (يو 7/ 37- 38).
جمعيّة “جنود مريم”
No Result
View All Result
Discussion about this post