اليوم الثلاثون
هل يجب تنفيذ الإرادة الأخيرة للأموات؟
1. يجب تنفيذها بأمانة
إنّ الرغبات الأخيرة للموتى مقدّسة ونحن مجبرون على احترامها! لقد طلب مجمع ترانت إلى الآباء الأساقفة السهر بانتباه على إتمام الرغبات التقيّة للموتى المؤمنين.
لقد حرّمت مجامع أخرى المناولة لكلّ من يتّخذ له نعم الأموات ولا يهتمّ بإتمام رغباتهم الأخيرة.
هناك قوانين كنسيّة صارمة تفهمنا كم هو عظيم ذنبنا إذا حرمنا الأموات من النِّعم التي رغبت بها بعد مماتها.
بئس الذين يتنعّمون من غذاء الأموات ويحرمونهم من الرّاحة والعزاء فهم جلاّدون ومسؤولون عن عذاباتهم.
ليعلم هؤلاء أنّ الله لن يسامحهم بسهولة. وسيأتي اليوم الذي يكون فيه الحساب عسيرًا لقلّة عدالتهم التي لا يمكنهم الدفاع عنها. سيعاقبون في هذا العالم عقابًا زمنيًّا وفي الآخرة عقابًا أليمًا يطول إلى ما شاء الله!
أيتها النفس المسيحيّة فكّري. ألم يطلب منك أهلك وأصدقاؤك والمحسنون إليك طلبًا تقيًّا؟
ألم يطلبوا منك جهارًا أو بوصيّة صلوات وقداديس؟
ألم يسألون بدموعهم أن تذكرهم دائمًا في حضرة السيّد المسيح؟
هل قدّرت الثقة التي وضعوها فيك؟
هل أرضيت ضميرك في القيام بكلّ الواجبات التي طلبوها منك؟ إذا أتممت ذلك أسرع إلى إيفاء العدالة دينها المقدّس!
2. يجب تنفيذها بسرعة
لا يجب إتمام رغبات الموتى بأمانة وحسب بل يجب القيام بذلك بسرعة لكي لا نحرمهم الراحة والعزاء، ويكون ذلك بإقامة القداديس على نيّتهم، وتقديم الحسنات للمحتاجين وجعلهم يصلّون من أجل المحسنين إليهم.
كلّ يوم تأخير خطأ نحن مسؤولون عنه.
إذا فهمنا تلك الكفّارات المخيفة للمطهر لا شكّ سنسرع إلى إتمام رغباتهم من أجل تخفيف آلامهم، بدل تأجيلها. سنجهد حاملين مساعدات سريعة وفعّالة لتلك الأنفس الجديرة بعطفنا حيث بعضهم عزيز علينا. كم من الورثة الفاقدي الضمير، عليهم لوم أنفسهم بسبب إهمالهم واجباتهم المقدّسة تجاه إخوتهم الموتى.
تثقّفوا في ذلك ولا تكلّفوا غير ذي ثقة في تنفيذ رغباتكم الأخيرة. ضعوا ما تريدون تقديمه من أموال لأعمال الخير أو تقديم القداديس بين أيادي حريصة ومؤمنة،من أجل خلاصكم بعد مماتكم. إنّه السبيل الوحيد لكي تتأكّدوا من تنفيذ رغباتكم الأخيرة، إلاّ إذا كنتم تنتمون إلى إحدى العائلات المسيحيّة المؤمنة والمحافظة على احترام ذكرى موتاها.
مثال
هذا المثال يذكّر إلى أيّ مدى يعاقب من يهمل تنفيذ إرادة الموتى إذا ما كلّف بها. جاء في كتاب “أعمال شارلمان”* أنّ أحد قوّاده الشجعان والذائع الصيت وقد وصل إلى نهاية خدمته للأمبراطور. نادى أحد أقربائه الذي اعتاد خدمته وقال له: “لقد أمضيتَ ستّون سنة في خدمة ملكي ولم أحصل خلالها إلاّ على أجري. لم يبقَ لديّ وأنا الآن على فراش الموت، غير حصاني الأمين الذي خدمني طويلاً. بعه بعدما أسلم الروح واعطِ ثمنه للفقراء من أجل راحة نفسي”.
فوعده القريب بذلك. بعد وفاة القائد، أعجب قريبه بالحصان لمزاياه فاحتفظ به ولم يعطِ الحسنة إلى الفقراء. لم يمرّ على وفاة القائد ستّة أشهر حتّى ظهر لقريبه يؤنّبه على أنانيته وخفره العهد الذي قطعه له قائلاً: أيّها البائس! لم تلتزم أبدًا بتعهّدك.
إنّك سبب عذاباتي التي تحمّلتها كلّها ولكنتُ نجوت منها لو أنّك أعطيتَ حسنتي إلى الفقراء. إعرَف إذن أنّ تصرّفك سيعاقب بموتك ميتة سريعة ومفاجئة. عقاب قاسٍ ينتظرك. ستتحمّل عذابات أخطائك وآلامي التي كان عليّ أن أقاسيها إرضاءً للعدالة الإلهيّة”.
أحبط المذنب بهذا التهديد المخيف ومن أجل إراحة ضميره أسرع إلى تنفيذ الإرادة الأخيرة للميت، وعمل جاهدًا لينجو من الغضب العظيم. لكنّه لم ينجُ من ميتته الجسديّة بعدما أتمّ رغبات الميت.
إنّ الله يمقت نكران الجميل واللاعدالة تجاه الموتى فتثيران غضبه المقدّس في هذا العالم والعالم الآخر.
فلنسرع إلى إصلاح أخطائنا تجاه الموتى إذا كنّا قد ارتكبنا بعضها تجاههم.
لنصلِّ:
يا ربّ، لا تسمح لي بإهمال واجباتي تجاه الأموات. إنّ حقوقهم لمقدّسة كما رغباتهم مقدّسة أيضًا. سأتمّم واجباتي التي طلبوها منّي كلّها فأرضيهم. وأنعم، من الآن فصاعدًا، كلّ ما أهملته تجاههم بحماسي وصلواتي من أجلهم. فأجعل ساعة خلاصهم قريبة.
يا يسوع الرحوم ويا مريم ملكة المطهر، كونا عونًا لهم وليرقدوا في سلام السماء. آمين.
من كتاب :
شهر مع أصدقائنا الأنفس المطهريّة
Discussion about this post