اليوم الرابع عشر
نحن قادرون على مؤاساتهم وواجبنا مؤاساتهم
1. نحن قادرون على مؤاساتهم
لقد جاء في مجمع ترانت: “… نؤمن أنّ النفوس المطهريّة تجد عزاءها في وحدة المؤمنين بالكنيسة وأعمالهم الخيّرة…” كما أنّ الكنيسة في وحدتها الرائعة تضمّ جميع المؤمنين في كلّ زمان وكلّ مكان. إنّ المحبّة التي تجمعهم تعمّم خيراتهم الروحيّة على الجميع أحياءً وأمواتًا الراقدين بسلام يسوع المسيح! لأنّ المحبّة كما يقول القدّيس بولس الرسول، لا تنتهي كما ينتهي الإيمان والرجاء عند الممات، بل تحيا بعد الموت ولا تفنى أبدًا”.
وهكذا فالمؤمنون بعد موتهم يبقون متّصلين بالكنيسة والجماعة المقدّسة. فهم أخوتنا وأصدقاؤنا وأقرباؤنا إلى الأبد. مثل ملائكة السماء والقدّيسين المختارين نستطيع نحن أن نحرّر الأنفس المطهريّة من عذاباتها. بل أكثر من الملائكة والقدّيسين الذين يقدّمون الصلوات فقط. نحن نقوم بذلك، بكلّ عمل حبّ ونوايا صالحة وصلوات وحسنات نقدّمها. يقول الأب فابر: “الله أعطانا القدرة للعمل على قَدَر هذه النفوس حيث أنّه يبدو مرتبطًا بالأرض أكثر ممّا هو مرتبط بالسماء. تلك النفوس هي عقيدة العزاء في الكنيسة! ذلك هو ما توفّره الجماعة المؤمنة المقدّسة للأنفس المطهريّة”.
إنّه لفرح عظيم وسعادة كبيرة تغمركم يا من تبكون أبًا أو أمًّا أو زوجًا أو ولدًا.
عزّوا أنفسكم لأنّكم مازلتم قادرين على تأكيد حبّكم لهم واندفاعكم من أجلهم. أنتم قادرون أن تكونوا ملاك خلاصهم. هبّوا إذًا وتعالوا حطّموا قيودهم وادفعوا دَيْنهم لتتمكّن هذه الأنفس الحبيبة من الانتقال إلى حضن الكنيسة المنتصرة.
2. واجبنا مؤاساتهم
ليس فقط نحن قادرون على نجدة هذه النفوس المعذّبة وحسب بل من واجبنا نجدتهم كما هو واجبنا تجاه الله. فالله الآب الطّيب والحنون يحبّ هذه الأنفس المعذّبة كعروسات له. ويرغب بحرارة فتح أبواب السماء لها لكن عدالته تقف عائقًا أمامها. لذلك فالله يتوجّه إلينا طالبًا مساعدتها. لقد وفّر لنا السبل لذلك ونظر إلى أعمالنا تجاه الأنفس الأكثر ذنبًا وعذابًا على أنّها حدث قائم بذاته.
هذا واجبنا تجاه هؤلاء المنفيّين. بعض هذه النفوس أو عدد كبير منها، يتألّم في المطهر جرّاء خطيئتنا المتمثّلة بإهمالنا وإرشاداتنا السيّئة وفضائحنا. “أنا بريء من دموع الدم المنهمرة من هذه الروح الطيّبة!”.
أخيرًا هذا واجبنا تجاه أنفسنا. لا ننسينَّ يومًا قريبًا نكون نحن بحاجة إلى المحبّة التي يمكن أن نقدّمها اليوم إلى الآخرين.
يقول القدّيس أمبرواز: “كلّ ما توحيه لنا التقوى من أعمال تجاه أمواتنا يتحوّل إلى نِعَم نحصدها في مماتنا أضعاف أضعاف أعمالنا”.
إفحص ضميرك. هل فهمت جيّدًا ومارست بحقّ واجبك هذا وصولاً إلى هذا اليوم؟ أتفكّر دائمًا في الأنفس المطهريّة المعذّبة؟ إحمل إليها محبّتك التي طلبها الله منك فباركها. هذه المحبّة التي تفتح باب السماء لمن يمارسها كما لمن تتوجّه إليه. هذه المحبّة التي تكوّن جواز سفره المسيحيّ من عالمنا إلى العالم الآخر.
مثال
كاترين دي كورتون فتاة صغيرة من عائلة أرستقراطيّة، تقيّة كالملاك. فقدت والدها وهي في الثامنة من عمرها. ظهر لها يومًا ولهيب المطهر يُغلّفه. فخاطبها قائلاً:
“يا ابنتي سأبقى في هذا اللهيب إلى حين تكفّرين عنّي”. كان قلب كاترين مفعم بالشفقة تجاه والدها. فقامت منتصرة بشجاعة فائقة على ضعفها وصغر سنّها وقدّمت إماتات قاسية ومذهلة حتّى ضرب المثل بكفّارتها. وسريعًا، دفعت دموعها وصلواتها وإماتاتها دَيْن والدها تجاه العدالة الإلهيّة. مجدّدًا ظهر لها والدها بكلّ بهاء القدّيسين وقال لها: “لقد قبل الله أفعال الحبّ التي قمت بها، وصلواتك التي قدّمتها يا ابنتي؛ سأنعم بالمجد. تابعي يا ابنتي كفّارتك كلّ حياتك من أجل الأنفس المعذّبة. هذه هي الإرادة الإلهيّة”. هذه العذراء البطلة، بقيت وفيّة كلّ حياتها لهذه المهمّة العظيمة. فكانت تصلّي وتمارس القساوة المخيفة على نفسها من أجل عزاء الموتى. وإذا حاولت صديقاتها التقيّات الطلب إليها التخفيف من عذاباتها كانت تجيبهنّ قائلة:
“عندما ترون ما رأيت من المطهر وجهنّم فليس كثيرًا ما أقوم به من أجل خلاص الأنفس من الأوّل وحمايتها من الآخر. لذلك لا يجوز أن أتخاذل الآن فأنا قدّمت نفسي ضحيّة من أجلها”.
نحن أيضًا علينا واجب ومهمّة نجدة الأنفس التي افتداها يسوع المسيح فلا ننسى ذلك أبدًا.
لنصلِّ:
ليتبارك اسمك يا ربّ لأنّك جعلتني أمينًا على عزاء هذه الأنفس التي أحببتها والتي هي بحاجة كبيرة إلى رحمتي وشفقتي. كم هو جميل أن أمسح دموعها وافتح لها أبواب السماء! ذكّرني يا ربّ دائمًا بواجبي هذا وساعدني على إتمامه.
يا يسوع كن عونًا لأمواتنا الأعزّاء. أدعُ أبناءك وأخوتنا إلى السعادة الأبديّة والنور الذي لا ينطفئ يشعّ عليهم. ليرقدوا بسلام.
من كتاب :
شهر مع أصدقائنا الأنفس المطهريّة
Discussion about this post