اليوم الأوّل
1. أسباب تقديس هذا الشهر
تعود فكرة “شهر الموتى” إلى الشريعة القديمة لشعب إسرائيل. هذا الشعب، الذي كان يستحوذ على روح الله في العهد القديم، لم يكتفِ بما جاء في كتب الوحي لديه، من فكرة مقدّسة، وهي الصلاة من أجل الأموات. لكنّه أراد تخصيص فترة زمنيّة لهذه الصلاة. فكان أن قرّر فترة الحزن على الميت شهرًا كاملاً من الدموع. وهكذا عندما مات يعقوب بكاه أبناؤه وأقاموا الصلوات خلال ثلاثين يومًا…
هكذا مارس المؤمنون الصلاة شهرًا كاملاً من أجل راحة الأنفس المطهريّة. وبما أنّ الكنيسة المقدّسة قد حدّدت الثاني من تشرين الثاني يومًا لتذكّر الأموات. فقد كان حسنًا اعتبار هذا الشهر مناسبًا للصلاة من أجل الأنفس المطهريّة. ممّا حدا بالبابوات القدّيسين إلى إعلان هذا الشهر، شهر غنى روحيّ، تُقام فيه الصلاة علنًا، بين الجماعة المؤمنة، في جميع الطوائف والرعايا المسيحيّة.
سلامٌ فجرُ هذا الشهر، الذي يجيب بمحبّة، على تساؤلات قلبك. إنّه يعيد إليك أجمل الذكريات العائليّة والوعود المقدّسة التي قطعتها، ولحظات الوداع المؤثّرة. إنّه يزيد من عطفك تجاه الأخوة والأصدقاء المعذّبين والبؤساء.
إنّ كرامة هذه الأنفس المعذّبة، وآلامها المبرّحة، وعجزها عن نجدة نفسها، ومجد الله، ومصلحتك الشخصيّة، كلّ هذا يدفعك إلى زيارتها ومساعدتها كلّ يوم من هذا الشهر.
إنّه بامتياز، شهر المحبّة وعرفان الجميل، شهر الأحياء والأموات، شهر التحرّر من عبوديّة الموت.
متأثّرة بهذه الأسباب، صرخت إحدى القدّيسات في بداية هذا الشهر، شهر تشرين الثاني: “لِنُفْرِغِ المطهر”.
من كلّ قلبك، قُمْ بواجبك في مؤاساة الأنفس المطهريّة، خلال هذا الشهر المكرّس لهم.
2. طريقة حسنة لتقديس هذا الشهر
من أجل حسن تقديس هذا الشهر عليك اعتماد الأمور التالية بأمانة تامّة:
– عند صباح كلّ يوم، قدّم أعمالك وآلامك، لمجد الله تعالى، من أجل نفوس أهلك المطهريّين.
– حدّد ساعة معيّنة خلال النهار لقراءة “شهر الأنفس المطهريّة”. هذه القراءة تنير ذهنك وترقّق قلبك فلا تُلغيها أبدًا.
– قُمْ من وقت إلى آخر، بزيارة مدافن الأهل والأحبّاء، واتلُ صلاتك من أجل راحتهم.
– حدّد يومًا في الأسبوع لتقديم ذبيحة القدّاس عن الأنفس المطهريّة ويكون هذا اليوم مخصّصًا لهم.
– خلال الشهر قدّم ذبيحة القدّاس، من وقت إلى آخر، عن الأنفس المطهريّة واعترف وتناول جسد الربّ بإيمان عميق.
إذا قمت بهذه الأمور، تكون قد رفعت، بصلواتك، عددًا كبيرًا من الأنفس المطهريّة المتألّمة والباكية، في النار المطهريّة لكنيسة الآلام، ليشاركوا في الكنيسة المنتصرة، في نهاية هذا الشهر التحريري. يا لها من مادّة فعّالة للمؤاساة! يا لها من خزّان كبير للأمل! كان القدّيس برنار يقول: “هيّا! هبّوا إلى نجدة نفوس الموتى! أدعوا لها عند العزّة الإلهيّة بمشاركتكم في الذبيحة الإلهيّة! أطلبوا الرحمة لهم باعترافاتكم ودافعوا عنهم بصلواتكم”.
مثال على ذلك
إليك كيف أنّ إحدى المؤمنات تخبر شفاءها العجائبيّ الذي حصلت عليه بشفاعة الأنفس المطهريّة، خلال شهر تشرين الثاني فتقول: كنت، ولسنوات عدّة، مصابة بمرض عُضال، حوّل جسدي إلى هيكل عظمي، وحياتي إلى شهيدة، وقادني إلى القبر.
لقد عاينني عدد من الأطباء الاختصاصيّين؛ والدّواء الذي كانوا يصفونه لي لا يلبث أن يفقد مفعوله بعد فترة قصيرة، فأعود أكثر ضعفًا وانهيارًا. أمام هذا الواقع المرير، تخلّيتُ عن الدّواء والطبابة ولجأتُ إلى الأنفس المطهريّة، التي تعي جيّدًا سرّ الألم. كان ذلك على أبواب شهر تشرين الثاني، عندما قرّرت ممارسة الصلاة خلاله بكلّ إيمان عميق! كنّا نجتمع، أهلي وأصحابي المتحمّسين لي، للصلاة بكلّ حرارة.
كلّ ليلة نلتقي في غرفتي، عند أقدام تمثال القدّيس يوسف، ونطلب بإيمان أمرين: خلاص الأنفس المطهريّة من آلامهم وشفائي.
عند نهاية الأسبوع الأوّل شعرت بتحسّن ملحوظ. وعند نهاية الشهر يوم كنت أشارك في ذبيحة القدّاس انتابني شعور عظيم من الفرح والسعادة وعرفان بالجميل. شفائي كان تامًّا. لا أثر للمرض في جسدي. ذلك المرض الذي نال منّى طويلاً وحيث حكم الأطباء بعدم إمكانيّة علاجه. لقد تفاجأ هؤلاء بشفائي العجائبي… لتعُد النعم كلّها إلى الأنفس المقدّسة في المطهر التي حمتني بطريقة ظاهرة للعيان من الموت”.
ونحن… لنا كرامات عديدة إذا صلّينا، خلال شهر من أجل راحة الأنفس المطهريّة! تشجّعوا وأقدموا على الصلاة بكلّ ثقة!
لنصلَّ:
أيّها الربّ المحبّ، الرؤوف، إقبل صلواتنا الحارّة التي نرفعها إليك خلال شهر البركات هذا، التي تخصّص لها كلّ الأيّام والساعات من أجل راحة الأنفس المعذّبة وخلاصها. هذه الأنفس التي تناجيك كما تناجينا من أعماق ظلماتها.
يا ربّ، أدعُ أبناءك وأخوتنا إلى الراحة الأبديّة، وليغمرْهم نورُك الأبدي فيرقدوا بسلام.
ثم أتلو كلّ يوم: عشرة أبيات من السبحة الطلبة من أجل الموتى المؤمنين (ص83) النؤمن – السلام لسلطانة السماء والأرض (ص88) الصلاة من أجل الأنفس المطهريّة – صلاة من الأعماق ( ص 87).
من كتاب :
شهر مع أصدقائنا الأنفس المطهريّة
جمعيّة “جنود مريم”
No Result
View All Result
Discussion about this post