التربية المسيحية
ج 2
الشماس اسطيفان كريم ال شابي
إن مربي التعليم المسيحي يحتاج إلى نوعين من المعرفة: معرفة العقائد المسيحية ووصايا السيد المسيح وتعاليمه وحياته، ومعرفةعلمية بنفسانية التلاميذ في مختلف المراحل الدراسية، ويحتاج كذلكإلى الإلمام بمبادئ وأصول وأساليب وتقنيات التربية المسيحية. إن هاتين المعرفتين، الإيمانية والنفسية التربوية لازمتان لتنشئة أبناء الكنيسة تنشئة مسيحية، إذ بدونهما يبقى التعليم المسيحي ظرفياً واتفاقياً وبالتالي قليل الجدوى
الرجولة والأنوثة )مفهوماً ، وقيمة) :
خلق الله الإنسان متميّزاً في جنسين الذكر والأنثى ، الرجل والمرأة ، وله في ذلك حكمة سامية . وجعل الله في حكمته العظيمة ، صفات الرجل تختلف عن صفات المرأة ، ولكن في الوقت ذاته تكملها ؛ فكل منهما يحتاج إلى صفات الآخر . فإذا ما ارتبط الرجل والمرأة في سر الزواج يكوّنان بما لديهما من صفات وإمكانات أسرة يسودها الحب والتفاهم
الرجولة والأنوثة خاصتان أساسيتان فاصلتان نابعتان أصلا وبالدرجة الأولى من الاختلافات الجسمية والهرمونية بين الرجل والمرأة . فلقد زوّد الله الرجل » بالخصيتين « اللتين تصنعان بذور الحياة ( الحيواناتالمنوية ) وهي المسؤولـة عن ظهـور علامـات الرجولة ، كما زوّد المرأة » بالمبيضين « اللذين يصنعـان بذور الحيـاة الأنثويـة
( البويضات ) وهي المسؤولة عن ظهور علامات الأنوثة
إن الرجولة والأنوثة ليستا مجرد صفات جسمية فقط بل هما أيضاً صفات نفسية وعاطفية وعقلية أيضاً
معاني الرجولة
الرجولة شهامة : استعداد للبذل والتضحية من أجل الآخر
الرجولة شجاعة : قدرة على مواجهة الصعاب ، إقدام على العملالصالح ، ثقة بالنفس قوية ، لذلك يعجب الولد منذ طفولته بالجندي والقائد والمحارب والقديس
الرجولة قيادة : قدرة على تنظيم العمل الجماعي من أجل تحقيق هدف نبيل ، قيادة بعيدة عن السيطرة والكبرياء والتحكم
( الرجل رأس المرأة).
الرجولة جِدّية : الوضوح وعدم الالتواء ، وإقبال على الواجب دون تردد أو إرجاء ، التزام بالمبادئ الإنسانية، وفاء بالوعد..
أبوّة : أبوّة مسؤولة مستعدة للبذل والتضحية من أجل الأطفال ومواجهة المشاكل والصعاب بشجاعة والدفاع عن الأسرة وقيادتها قيادة سليمة بحب وحزم
معاني الأنوثة
الأنوثة رقة : لطف ولباقة ونعومة في التعامل مع الآخرين
الأنوثة عاطفية : الانفعال لآلام الآخرين وهمومهم انفعالاً إيجابياً يدفع إلى تقديم العون وإلى التضامن.
الأنوثة جمال : جمال الصفات ولطف الطباع بالإضافة إلى جمال الجسم ، الأنوثة إمكانية داخل المرأة تشعّ جمالاً خارجياً يظهر في حضورها وذكائها وأسلوب تفكيرها وطريقة تفاعلها وأسلوب معالجتها للأمور
الأنوثة أمومة : تؤهل الفتاة أن تصير أماً ، تعطي الحياة ، ترعى أطفالها برقة وحنان ، تضحي من أجل زوجها وأطفالها ، والآخرين ، تبذل من وقتها وصحتها وقوتها بلا حساب ؛ مبدأ ” الغيرية ” هو السائد في حياتها.
ملاحظة هامة
إن معاني الرجولة والأنوثة التي ذكرنا عامة ونسبية لا تقتصر على طرف دون آخر ففي كل من الرجل والمرأة بعض من صفات الآخر ، كماأن هناك فروقاً فردية وتربوية تلعب دوراً في تكوينها ، فليس هناك رجولة مطلقة كاملة، ولا أنوثة مطلقة كاملة ، فالصفات العامة للذكورة تغلب على الرجل ، والصفات العامة للأنوثة تغلب على المرأة ، ومردّ ذلك يعود إلى الغدد الصماء فهي في الرجل تفرز هرمونات الذكورة والأنوثة معاً حيث يقوم الكبد بتكسير أغلب الهرمونات الأنثوية وتبقى الهرمونات الذكرية في الرجل هي الغالبة والسائدة بينما يحدث العكس في المرأة حيث تفرز الغدد الصماء لديها هرمونات الأنوثة والذكورة ، وتبقى الهرمونات الأنثوية هي الغالبة والسائدة. وعليه يمكن القول : إن هناك امرأة كامنة في داخل كل رجل ، ورجلاً كامناً في داخل كل امرأة
الرجولة والأنوثة ، رؤية مسيحية
يسود المجتمع البشري عامة ، ومجتمعنا الشرقي خاصة » فكر عدم المساواة « بين الرجل والمرأة . إن كثيراً من الانحرافات الفكرية والسلوكية تعود إلى فكر عدم المساواة هذا ؛ فالاتجاهات الاجتماعية التي لا تساوي بين الرجل والمرأة تجعل الفتى ينمو وفي داخله شعور بأنه أعلى من الفتاة ومتفوّق عليها وإن سبب تفوقه هو أنه خلق ذكراً ! إن اعتزازه بذكورته اليوم وبرجولته غداً مبني على التقليل من قيمة الأنوثة . نجد هذا واضحاً جداً في موقف الأسرة (الأب خاصة ) حينما يكون المولود بنتاً بالمقارنة بموقفها حين يكون صبياً.
عندما يسود المجتمع والبيت فكر عدم المساواة هذا يؤثر سلبياً على نظرة كل جنس إلى نفسه وإلى الجنس الآخر. فقد ينظر الفتى إلى الفتاة نظرة دونية ، فهي أدنى منه ، وهو أعلى منها . إنها مجرّد جسدمخلوق لأجل خدمته ، إنه سيدها ، يستمتع بها دون اعتبار لشخصها وحضورها الإنساني فتصبح متغرّبة عن ذاتها ومستلبة في مجتمعها وحياتها
هكذا تتكون مع الأيام اتجاهات سلبية عن الأنوثة وسلوكيات خاطئة عن الرجولة الحقة
كذلك بالنسبة إلى الفتاة ، فهي بحكم تقاليد وقيم المجتمع الذكورية تتربى على أنها إنسان من الدرجة الثانية، ويُدخَل في روعها أنها مخلوق ناقص ، بالمقارنة مع الفتى ، فهي دونه قوة وذكاء ، يحتل هو مكانة القوي في حين تحتل هي مكانة الضعيف . له أن يأمر وعليها أن تطيع وتخضع ، وهذا ما يجعلها غير راضية عن أنوثتها التي يقلل المجتمع من قيمتها ، وربما رافضة لها
صراع غامض في لا وعي كل من الرجل والمرأة قبل الزواج وبعده ، يصبح مصدراً لمشاكل وخلافات قد تهدد حياة الأسرة واستقرارهاهكذا ينشأ
لا شك أن مسألة اللاّمساواة هذه ، ومسألة اغتراب المرأة واستلابها ، قد خفّتْ حدّتها اليوم بعض الشيء في بعض المجتمعات بفعل الثقافة والتقدم الحضاري والديمقراطية ، إلاّ أنها بقيت مسألة قائمة وضاغطة تغيّب كلاً من المرأة والرجل عن إنسانيته المدعو إليها
كيف ينظر الكتاب المقدّس إلى هذه المسألة ؟
الإنسان في فكر الله وفي الكتاب المقدس هو الرجل والمرأة معاً . “فخلق الله الإنسان على صورته ، على صورة الله خلقه ، ذكراً وأنثى خلقهم” تك 1 / 27 .
“وقال الرب الإله ، لا يحسن أن يكون الإنسان وحده فلأصنعنّ له معيناً نظيره ” ( تك 2 / 18 ) . إن كلمة نظيره هنا تعني في نفس مستواه وعلى مثاله
فقال الإنسان : هذه المرة هي عظم من عظامي ولحم من لحمي ، هذه تسمى امرأة ، لأنها من امرئٍ أخذت “. لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته فيصيران جسداً واحداً تك 2 / 23 – 24.
من هذه الشواهد الكتابية الصارخة يمكننا أن نستنتج الآتي:
1.خُلِق الإنسانُ رجلاً وامرأة
2.المرأة تكمّل الرجل كما يكمّل الرجل المرأة
فالمؤنث يخلق الطابع الإنساني شأنه شأن المذكر وكلاهما يتكاملان ليس فقط من الناحية الجسدية والنفسية بل من الناحية الكيانية أيضاً وبفضل ازدواجهما يحقق الإنسان ذاته تحقيقاً كاملاً
3.الرجل والمرأة متساويان في القيمة الإنسانية وفي الحقوق
لقد خلقهما الله على صورته في كيفيتين مختلفتين.
Discussion about this post