التربية الشرقية والمجتمع الغربي
بقلم الشماس سلام كريم الشابي
يتمنى الوالدين لابنائهم الأعزاء الحياة السعيدة والموفقية على كافة الأصعدة وهم يعيشون في بلد غريب ومجتمع تختلف فيه العادات والتقاليد وأساليب التنشئة والقيم الاخرى وخاصة مسالة المعتقدات والإيمان بالله.
ولكي يكون الاندماج وأقول الاندماج وليس الانصهار التام أي أن يصبح الإنسان دنماركيا متناسيا ومتجاهلا أصله وفصله، بافضل صورة ومرضيا للوالدين والأبناء، على الوالدين أولا أن ينموا لدى أبنائهم مسالة الاعتماد على النفس والابتعاد عن الاتكالية التي اعتادوا عليها في مجتمعاتهم الشرقية.
لان هذا هو أحد العوامل المهمة والأساسية لبناء الشخصية القوية المبنية على الصخر وليس على الرمل كما يذكر الكتاب المقدس. وهنا لجدير بالذكر أن أنبه على أن الاتكالية والاعتماد على الذات يجب أن لا تكون مطلقة، أي أنه ينبغي على الوالدين الإشراف والمتابعة عن كثب دون ممارسة دور الرقيب أو الشرطي أو المستبد.
من الضروري جدا محاولة فهم الأبناء فيما يخص رغباتهم ومتطلباتهم وخاصة آرائهم أمر ضروري جدا.
لاتستخفوا أو تستهزؤا باراء ابنائكم لأن ذلك يضعف من شخصيتهم ويزيد لديهم الرغبة للوصول الى مبتغاهم سواء شئتم أم أبيتم لأن كل ممنوع مرغوب. وهذا يؤدي كذلك الى النفور والارتياد الدائم الى خارج البيت واللجوء الى شخص آخر أو إلى الأصدقاء وربما يكونوا أصدقاء سوء ومن هنا يبدأ الانحراف وتنفلت زمام الأمور، ولا يستطيع الوالدين أحيانا أن يصلحوا ما أفسدوه لانه بات متاخرا، حيث لا يفيد البكاء ولا صريف الأسنان كما يقول الكتاب المقدس.
على الوالدين مداركة الموقف قبل أن يسوء مبتعدين عن مسالة اعتادوا ونشؤوا عليها الا وهي مسالة “العيب والفضيحة”، لأن الفضيحة التي يخشونها الآن ستكون أكبر وأعظم فيما بعد، فأيهما أفضل أن ننقذ ما يمكن إنقاذه أم نخسر كل شيء؟ وأود ان اشير الى نقطة اخرى مهمة جدا ألا وهي الاستعانة بالأشخاص المختصين في الأمور التربوية والنفسية والدولة قد وفرت مثل هذه الامكانيات المجانية.
وعلى الوالدين ان لا يلعبوا دور المتزمت او المتعند والذكي الذي باستطاعته ان يحل ويتغلب عل كل الازمات والمصائب وانه هو الوحيد الذي لديه السيادة والحكم المطلق فهذا لا يوصل الا الى تفاقم الامور وزيادة الطين بلة وضعف في الاواصر الاسرية وتلاشي المحبة والاحترام المتبادلين
وتذكروا المقولة التي تقول ” لا تكن قويا فتكسر ولا لَينا فتعصر”. والمعونة المجانية الاخرى التي بإمكاننا أن نطلبها هي معونة الله عن طريق الصلاة. الصلاة تهديء من حدة الغضب وتزيدكم صبرا وحكمة وتجعلكم أكثر طيبة في التعامل مع الأمور التي تزعجكم وتقلق راحتكم.
إذن اللجوء الى الله هو الملاذ الأهم في حياتنا المسيحية الحقيقية، فلا تترددوا أن تطلبوا لأنه كل من يطلب يستجاب له وكل من يقرع يفتح له كما يقول الرب يسوع (له المجد).
لا يااخواتي واخوتي الأعزاء نحن بحاجة ماسة الى بعضنا البعض وخاصة نحن نعيش في الغربة ، في بلد تختلف فيه العادات والتقاليد والأساليب التربوية والقيم الانسانية . لذا علينا ان نكون يدا واحدة وقلبا واحدا مبتعدين عن الحقد والبغض والخصام وخاصة الشماتة إذا ما أحد منا صادفت له مشكلة او فضيحة ما. هذه كلها ينبذها الكتاب المقدس ويؤكد على ما هو نقيض لها، ألم يقل الرب يسوع (له المجد) أحبب قريبك كنفسك ،احبوا اعدائكم، كونوا متحابين غير مبغضين وسامح أخاك إلى آخره من هذه القيم المسيحية السامية. ألا نقول في صلاة “ابانا الذي في السموات” ” اغفر لنا كما نحن ايضا نغفر لمن اخطاء الينا”. لماذا نحب أن نكرر الكلمات والصلوات فقط مبتعدين عن تطبيق ذلك في حياتنا اليومية. هذا هو ما يرجوه ويتمناه الرب أن يفعله كل إنسان مع أخيه الإنسان. لأن الإنسان وكل ما في هذا الكون فان ولا تبقى سوى الكلمة الطيبة التي تقال عن وهذا وذاك.
أما بالنسبة للأبناء فأقول أن رضى الله من رضى الوالدين. اطيعوا والديكم وكنوا لهم الاحترام والمحبة وقدموا لهم العناية لكي يبارككم الرب ويسدد خطاكم
لاننا وكما نعلم جيدا ان إحدى الوصايا العشر هي ان “تحترم اباك وامك “ وهذا لايكلفكم شيئا بل بالعكس يزيد من محبة واحترام وتقدير الله أولا لكم ومن ثم الوالدين وكذلك الناس.
لاتستخفوا او تستهزؤا بوالديكم ، فاذا كنتم أنتم أكثر ثقافة وأذكى فهذا بفضل وبنعمة الله التي وهبها لكم عن طريق والديكم وليس من عندكم انتم وحدكم فقط. كل ما أنتم تعاينوه وتعيشونه اليوم هو بفضل والديكما اللذان ضحيا بكل شيء من أجل أن تصلوا الى بر الأمان وتعيشوا حياة أفضل
فلا تكونوا ناكري الجميل بل ردوا لهم ما استطعتم، واقله هو العناية والمحبة والاحترام لكي لا يشعروا بخيبة أمل وأن تعبهم قد ذهب أدراج الريح. أنتم هي الثمار التي طالما انتظروها طويلا، فدعوهم ان يستذوقوا ويفرحوا بذلك وفرحهم يكون كبيرا لايساويه ولايوازيه اي فرح اخر في هذا الكون. انتم ملح الارض بانسبة لهم وللرب فاذا فسد الملح فبماذا يملح ؟ فلا تضلوا عن الطريق وكونوا حكماء في تصرفاتكم وظرفاء في تعاملكم ومخلصين لوالديكم فان اجركم عند الله يكون كبيرا وضميركم يكون في راحة تامة ولا يمسكم اي سؤ لان عناية الرب هي التي ستحميكم وسترشدكم وستقودكم الى الصواب.
واخيرا وليس آخرا أتمنى للجميع حياة سعيدة والموفقية وليبارك الرب يسوع (له كل المجد) أبنائنا الأعزاء ويفيض عليهم وعلى اولياء أمورهم بركاته ونعمه لكيما يهدي الجميع الى الطريق الصحيح والحياة الأسرية المرجوة والمبتغات.
هذا ودمتم تحت حماية الرب الذي يحميكم من كل اذية خفية وظاهرة.
آمين
Discussion about this post