يبغي كلّ إنسان أن يعيش من الحقيقة وأن يعيشها. فالحقيقة واحدة يسعى إليها الناس بعد أن أدركوا جزءاً من جمالها. وبما أنّ الوصول إليها شيء مستحيل، فيعتقد كلّ إنسان حينما أدرك أهدابها، بأنّه يملكها، وبأنّها صارت واضحة المعالم لديه، فينصّب ذاته شاهدًا لها وشهيدًا من أجلها.
وهنا تكمن الصعوبة في القول بأنّ الحقيقة في ذاتها هي حريّة، وتحرير للإنسان من كلّ شيء يعيقه ليكون إنسانًا. فكيف تنقلب الحقيقة ضلالاً، والحريّة أسرًا، والمحبّة بغضًا، والرحمة قسوةً، والدين عداءً، والإنسانيّة لا إنسانيّة،… فهل تحافظ الحقيقة هنا على اسمها، وحقيقتها؟
لو عاش كلّ إنسانٍ من هذا القليل الذي ترفده به الحقيقة، لأدرك ما يعيشه قريبه من الحقيقة نفسها. وأعتقد بأنّ الإنسان يسقط ما في جعبته من مبادئ نهلها من مجتمعه ودينه وخبرته ويجعلها مع هذا البصيص الضئيل من إدراكه للحقيقة، الإطار العام لعيش الحقيقة، بذلك تفقد الحقيقة صفتها بأنها مصدر وصالٍ بين الناس، لتصبح بحسب ما يحمّلها الإنسان مصدر انفصال وتباعد
|
|
Discussion about this post