إنّ نمط أيقونات قيامة لعازر معروف في الفنّ البيزنطيّ.
لكنّ الأيقونة التي اخترتُها هنا هي رسم حديث، ويظهر ذلك واضحًا من الكتابة الإنكليزيّة بدل اليونانيّة أو الروسيّة.
أمّا سبب اختيار هذه الأيقونة، فلأنّ الرسّام أضاف معانٍ لاهوتيّة جديدة إلى المعاني القديمة المتعارف عليها، فتفادى النسخ، وسلك طريق التأليف، فعبّر بالرسم عن شيءٍ جديدٍ رآه في هذا الحدث.
الرواية في سطور
كان لعازر وأختاه مرتا ومريم من أصدقاء يسوع، وكانت هذه العائلة تعيش في بيت عنيا. وعلم يسوع أنّ لعازر مريض، فلم يذهب إليه ليشفيه. ومات لعازر. وبعد أربعة أيّامٍ أتى يسوع إلى بيت عنيا، فخرجت مرتا للقائه وعاتبته: «لو كنتَ هنا لما مات أخي».
وخرجت أيضًا مريم للقائه وعاتبته. وتأثّر يسوع من حزن هذه الأسرة على فقيدها وبكى. وذهب إلى القبر وأمر بأن يُرفَعَ الحجر، مع أنّ الميت مدفون منذ أربعة أيّام، والجثّة بدأت تتفسّخ. فرفعوا الحجر، وأمر يسوع لعازر: «يا لعازر هلمّ واخرج». فخرج لعازر وهو ملفوف بالكفن حيًّا.
البنية الهندسيّة وعناصر اللوحة
يمكننا أن نقسم هذه الأيقونة إلى مستطيلَين متجاورَين: مستطيل اليمين ويحوي لعازر، وعمّال الدفن واليهود الذين كانوا يقدّمون التعازي للأختَين، ورافقوهما حين رأياهما تنطلقان للقاء يسوع والذهاب إلى القبر. مستطيل اليسار ويحوي يسوع وتلاميذه خلفه. وفي الوسط مريم ومرتا تسجدان.
مستطيل اليمين
إنّه عالم الأموات. جبل وفيه القبر، وهو فتحة في صخرة، لعازر ملفوف بالأكفان يقف في وسط القبر، وعن يمينه مجموعة من اليهود نميّز بينهم فرّيسيّون أتقياء يعتمرون العمامة التقليديّة. واحد منهم يسدّ فمه من رائحة النتن الصادرة عن القبر المفتوح. من عادة الأيقونات أن تجعل مجموعة اليهود في الوسط بين الجبلَين، وكأنّها آتية لترى ما سيحدث. لكنّ رسّام هذه الأيقونة جعل هذه المجموعة إلى جانب لعازر، عالم الأموات، لأنّهم لم يؤمنوا بكلام الحياة الأبديّة الّذي كان المسيح يعلنه للناس. ونجد أيضًا شخصان، ربّما هما من عمّال الدفن، وهما شابّان واحد يحمل حجر القبر الذي أزاحه، والآخر يفكّ لفافات الكفن، لأنّ يسوع أمر وقال: «حلّوه ودعوه يذهب».
مستطيل اليسار
في مقدّمة المجموعة على اليسار، المسيح في المقدّمة، يمسك بيده اليسرى لفافة، ويمدّ يده اليمنى بحركة بركة وأمر: «يا لعازر اخرج من القبر». خلف المسيح نجد الرسل:
بطرس ويوحنّا الإنجيليّ وأندراوس. إنّها مجموعة الحياة. لا يبدو على الرسل الخوف والارتياب، بل التساؤل للفهم والاحترام.
في الوسط
نجد بين الجبلين أسوار أورشليم. فبيت عنيا حيث تمّت المعجزة قريبة من أورشليم. وعند قدمي المسيح نجد مرتا ومريم. مرتا تنظر إلى يسوع راجية، ومريم تنحني إلى قدميه تمسحهما.
فقد دمجت الإيقونوغرافيا هذا الحدث بآخر تلاه، وهو حين زار يسوع بيت لعازر بعد أن أقامه من بين الأموات، قامت مريم بغسل قدميه بطيب الناردين الغالي الثمن.
وهنا تجدر الملاحظة : يقف خلف مريم يهوذا الإسخريوطيّ الخائن، وهو من تلاميذ المسيح. إنّه يقف مع مجموعة الموت، بسبب سوء نواياه، يشير يهوذا إلى مرتا محتجًّا، ويضع يمينه على فمه متحسّرًا.
ففي رواية غسل أرجل التلاميذ، حين رأى يهوذا أنّ مريم سكبت الطيب الغالي الثمن قال: ما هذا التبذير؟ لو بعنا الطيب ووزّعنا ثمنه على الفقراء ألا يكون ذلك أفضل؟ وما قال هذا حبًّا بالفقراء بل طمعًا. لأنّه كان أمين صندوق التبرعات التي يقدّمها الناس للتلاميذ ورسله، وكان يختلس من هذا الصندوق.
«أيّها المسيح، لمّا أقمت لعازر من بين الأموات، قبل آلامكَ، أكّدتَ حقيقة القيامة العامّة»
الاب / سامى حلاق اليسوعى