أيقونة سيدة إيليج من القرن العاشر للميلاد
أيقونة سيدة ايليج التي حملها البطاركة معهم أينما ارتحلوا هي الأيقونة التاريخية الوحيدة لدى الموارنة وترفع في كل الكنائس المارونية في لبنان والعالم وتعود إلى القرن العاشر ميلادي .
لقد حملت أيقونة سيدة إيليج في طيّاتها، إلى حين تاريخ المباشرة بورشة الترميم، عدَّة تقاليد إيقونغرافيَّة ، ومن جملتها صورة سيّدة الطريق: Madonna della strada
Madonna della strada
معنى إسم إيليج
المعنى الأول: يُقال أنه كان يوجد ثلاثة إخوة وهم: جبيل وأسمر جبيل وإيليج.
المعنى الثاني: كلمة إيليج تعني إله الوادي الغضّ.
اسم ايليج قد ورد قديماً في عداد الأمكنة الأسقفية من بلاد ما بين النهرين والأصح أنه مأخوذ عن لفظة «هليوس» اليونانية ومعناها «الشمس»، ثم أن هنالك لفظة المانية مأخوذة دون شك عن اليونانية تقرب من كلمة ايليج، ومعناها «القداسة»، كمعنى «قاديشا» بالسريانية. وسيدة ايليج، اي «السيدة القديسة» هي، في التاريخ الماروني، قبل قاديشا، أو هي قاديشا الاولى
وجدت هذه الأيقونة في المقرّ البطريركي الماروني في منطقة القطارة – ميفوق، في قضاء جبيل، من جبل لبنان، ولقد رافقت البطاركة الموارنة من سنة 1121 وحتَّى سنة 1545،
وبعد رحيلهم إلى وادي قنُّوبين، بقيت الأيقونة محفوظة هناك، في صندوق قياسه 100×1،50، ولكنَّها لم تسلم من عوامل عديدة، إذ تعرّضت للاضطهادات والحريق، وشُوِّهت عند الأسفل.
الترميم
عندما دخلت ملكيَّة هذا الدَّير في أملاك الرَّهبانيَّة اللبنانيَّة المارونيّة، في القرن الثامن عشر، حافظت على الأيقونة خاصَّة،
وفي سنة 1985 قام بعض الآباء من دير سيدة ميفوق، التابع للرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، بمبادرة ترميم هذه الأيقونة، فطلبوا من راهبات كرمل أمّ الله والوحدة في حريصا القيام بهذا المشروع، الذي دام مدَّة خمس سنوات، ووجد أنها قد تراكمت فوقها خمس أو ستّ طبقات.
الأيقونة وسيلة التعليم المسيحي في الكنيسة منذ القِدم
لهذه الأيقونة قياسات هندسيّة وألوان طبيعيّة، كالأحمر والذهبي والأزرق..
تأسّست الأيقونة على حرف X والذي هو الحرف الأوَّل من كلمة المسيح، بحسب اللغة اليونانيّة: كريستوس (Christos-Χριστός)، يلتقي هذا الحرف في الوسط، عند قلب العذراء، الجامع بينها وبين ابنها يسوع.
لهذه الأيقونة علاقة بالمجامع المسكونيّة التي عُقِدَت في الشرق:
مجمع نيقيا سنة 325، ومجمع أفسُس سنة 431، ومجمع خلقيدونيا سنة 451، التي أجمعت على أنّ في شخص يسوع المسيح، طبيعتان: إلهيّة وإنسانيّة، دون أن تختلطا أو تنفصلا، فهو إله كامل وإنسان كامل، ومريم بالتالي هي والدة الله(Theotokos – Θεοτοκος)
ركّز مجمع أفسس على مريم العذراء كونها أم الله (Theotokos)، أي المكان الذي يقيم فيه الله، واعترف بمريم العذراء أمّاً لله، وليست أمّاً ليسوع الإنسان فقط.
من هنا النشيد الماروني: “يا أمّ الله يا حنونة…” الذي أنشده البطاركة الموارنة والرهبان والراهبات والشعب، والقدّيس شربل ومار نعمة الله والقدّيسة رفقا، الذين كانوا يترنّمون بأمّ الله مريم، التي أرشدتهم إلى ابنها يسوع الطريق والحقّ والحياة.
انطلاقاً من هذه العقيدة Theotokos – أمّ الله ، نرى يسوع الطفل على ذراع أمّه مريم اليسرى، كما تقول الليتورجيا المارونيّة: “ورأسها تَدعَمُ يُمنى الابن الربّ الحيِّ الوهّابِ…”.
نشاهد في الأيقونة ثلاث نجوم: على رأس العذراء وكتفيها، علمًا أنّنا لا نرى النجمة على الكتف اليُسرى، بسبب وجود الطفل يسوع على ذراعها،
والمقصود هو أنَّ مريم العذراء هي أمّ الله، وبقيت بعد ولادته عذراء (قبل الميلاد وفيه وبعده… كما جاء في تساعية الميلاد). لقد تخطّت مريم العذراء الزمن، فهي أمّ يسوع الإنسان وأمّ يسوع الإله، نعبّر عن ذلك من خلال الوجهين الموجودين في أعلى الأيقونة وهما رمز للشمس والقمر، مقياسَي الزمن الذي يعيش فيه الإنسان، الليل والنهار.
مريم هي مع الزمن الذي يعيشه الإنسان، وهي بالتالي تخطّت الزمنTranstemporaire، لأنها أمّ الله، تعيش في كلّ الأزمنة.