شرقية الثالوث
+ شرقية بإحدى الكنائس الأثرية في جبانة البجوات في الواحات الخارجة – بمصر ترجع إلى القرن الخامس
+ نرى من بقايا الرسومات في ثلاث صلبان على شكل علامة عنخ المصرية والتي تعني ( حياة ) في اللغة والحضارة المصرية
+ في اللاهوت السكندري الأصيل علامة الصليب هي علامة حياة وفرح وليس موت وخزي وعار كما تصور في بعض الأيقونات الحديثة – ولذلك لأصر الفنان على استخدام العنخ علامة الحياة في هذه الشرقية للأن الصليب هو علامة حياة ( الصليب بأشكاله الأخرى موجود في آثار نفس المنطقة – ولكنه لم يستخدم فى هذه الشرقية ) – فهذه الكنيسة تقع وسط مقابر أي أنها كنيسة جنائزية تهتم بإظهار معنى الحياة بعد الموت
+ الثالوث أيضا هو حياة – وغاية التدبير الإلهي هو أن تدخل الخليقة فى وحدة – شركة – كاملة مع الثالوث – كما أننا مدعون أن يسكن الثالوث القدوس فينا – ( إن أحبني أحد يحفظ كلمتي وأبي يحبه وإليه نأتي وعنده نصنع منزلا – مسكن ) يوحنا 14 – 23
+ لذلك اهتم الفنان فى الشرقية المشار إليها بإظهار علامات الصليب الثلاث كعلامات حياة ( عنخ )
+ والكنيسة هي أيضا مسكن الله مع الناس – وهناك روابط كثيرة بين مفهوم الكنيسة وجسد الإنسان – فالكنيسة هي جسد المسيح ابن الإنسان – فهي من ناحية مسكن الثالوث أيضا
+ ميز الفنان الصليب الأوسط بحرفي الألفا والأوميجا والتي تعني البداية والنهاية وهذا المعنى مستمد من سفر الرؤيا الاصحاح 22 والآية 12 و 13 والتي تقول ( ها أنا آتي سريعا وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله . أنا الألف والياء , البداية والنهاية , الأول والآخر )
فإن كان الله الآب قد أعطى كل الدينونة للابن فهو الذي سيجازي – وهو البداية والنهاية والأول والآخر لأنه من نفس جوهر الآب – تكون هذه الآية منسوبة لناطقها أقنوم الابن بناء على هذا يكون الصليب الأوسط يرمز إلى اقنوم الابن
+ وأيضا الصليب الأيسر والأيمن كانا من نفس رسم وشكل الصليب الأوسط فلا يمكن أن يكونا مثلا اللص اليمين أو اللص الشمال – ولايمكن أن يكونا صف عادي من الصلبان نظرا لاهتمام الفنان ببعد المسافات بين الصلبان الثلاث ( فهناك مسافات كثيرة كان يمكن أن يضع فيها صلبان اخرى إن لم يكن المقصود هو ثلاثة فقط )
+ اهتم الفنان أن يضع أقنوم الابن في الوسط وليس الآب بحسب المنطق ( لأنه أصل وينبوع ) لأن الصليب الأوسط هو في مقابل المذبح والذبيحة التي هي بعينها جسد الرب ودم ابنه الوحيد الجنس
+ اهتم الفنان أن يضع أقنوم الابن في الوسط لكي يكون هو الظاهر بالأكثر أما أعين الناظرين من بعيد ( لكل الواقفين حتى في صحن الكنيسة ) ذلك لأن أقنوم الابن هو الذي ظهر لنا ( الذي سمعنا الذي رأينا الذي لمسته أيدينا )
+ كما أن أقنوم الابن هو الذي توجه له أغلب الصلوات الليتورجية حتى ( أبانا الذي فى السموات ) أضاف لها اللاهوت السكندري إضافة فريدة من نوعها وهي النهاية التي تقول ( بالمسيح يسوع ربنا ..) وهو يستند إلى المعنى الكتابي – لا أحد يأتي إلى الآب إلا بي – فهو الطريق إلى الآب ( أنا هو الطريق ..)
+ اهتم الفنان أن يرسم الثالوث بشكل رمزي لا لشى سوى أن مفهوم الأقنوم ( الشخص ) لم يتبلور إلا بعد الصراعات العقائدية والتي اضطرت الكنيسة ممثلة في الآباء أن تستعير من الفلسفة والتراث المعرفي اليوناني الكثير من الألفاظ لتدافع وتعبر عن مفهومها عن الثالوث ( من أمثلة هذه الألفاظ – الأقنوم – الهبيوستاس …) أي أن رسم الاشخاص كان معروفا في هذا العصر والدليل هو رسومات الأشخاص الموجودة بنفس المنطقة ولا يمكن أن نجد رسم للثالوث مثل روبليف مثلا ( الذي يصورهم كأشخاص ( أقانيم ) ) في هذا العصر.
تعليق : روبرت يونان
مراجعة : الاستاذ الدكتور / جوزيف موريس فلتس
الاستاذ فى العلوم اللاهوتية واباء الكنيسة
No Result
View All Result