الأيقونة البحمدونية ( أم النعم السريعة الإجابة )
سيدتنا أم النِّعَمْ، السريعة الاستجابة، العجائبية، (بحمدون) هي نسخة عن الأيقونة التي صورها القديس لوقا الإنجيلي في حياة السيدة العذراء. هي من روائع الفنّ في القرن الخامس وقد ظهرت على شاطئ البحر بالقرب من كورنثوس سنة 1147م وفي سنة 1554م نقلت إلى إنطاكية وسنة 1857م نقلها غبطة البطريرك “أيروثيوس” إلى بحمدون. وهي التي صلى أمامها غبطة البطريرك غريغوريوس الرابع يوم مرضه المشهور في عينيه وظهرت له يومئذٍ وشفته من هذا المرض الوبيل.
تمجدت هذه الأيقونة العجائبية منذ القرن الخامس بوفرة عجائبها. فهي من أشهر أيقونات والدة الإله العجائبية في الشرق، لأنها كانت الطبيب الشافي في الأمراض الصعبة والأدواء الوافدة، والمعزية الحنون للحزانى، والمساعدة القوية للمجاهدين في سبل الإيمان القويم، والنصيرة السريعة في الدواهي والملمات، والصائنة لطهارة العائلات، والغنى للفقراء، والقوة للضعفاء، والفرح للمغمومين، والمعتنية بالأطفال، والهادية للجهلاء والضالين، والرجاء للبائسين، والأم الرؤوم لجميع الملتجئين إليها بإيمان. فبالصلاة الحارة أمامها لأم الإله أَبصر العميان وسمع الصمّ ونطق البكم واستقام الحدب وقفز العرج وشفي المشلولون وجميع المصابين بأنواع الحميات وتشويهات الأعضاء البدنية.
عرف أهالي بلدة بحمدون قوة أم الإله فعظموها وكرموا أيقونتها المقدسة بتشييدهم لها كنيسة عظيمة بفخامة بنيانها وجمال قدسيّاتها وغنى أوانيها وأثاثها ووفرة تقادمهم لها وعلى الأخص بمواظبتهم على الصلاة أمامها بالورع والتقوى والاحترام اللائق ببيوت الله على العموم.
إن هذه الأيقونة العجائبية إنما هي نسخة طبق الأصل عن الأيقونة (الراحمة) التي صورها القديس لوقا الإنجيلي في السنة الخامسة عشرة بعد صعود الربّ وعُرفت فيما بعد (باوديغيتريا) أي القائدة. وتُذكر في صلاة (الباراكليسي) الابتهال هكذا: (لتصمت شفاه الذين لا يسجدون لأيقونتك المقدسة قائدة العميان التي صورها لوقا الإنجيلي الكلي الطهر). وهي من بدائع فنّ التصوير في القرن الخامس. وقد نقلت إلى إنطاكية سنة (1554)، ومنها استجلبها سنة (1858م) إلى بحمدون المثلث الرحمات البطريرك الإنطاكي إيروثيوس .
عجائبها :
• في بيروت لجأت إليها السيدة (لورنس طراد) بعد أن أعيا داؤها أمهر الأطباء مبتهلة بايمان حار فظهرت لها أم الإله ومنّت عليها بالبرء من دائها المميت.
• أيضاً أنعمت العذراء بواسطة أيقونتها هذه العجائبية على السيد ( جورج إبن المرحوم ناصيف الريس ) بالشفاء لما لم تفده العملية الجراحية في جوفه فراح يكثر من المبررات شكراً لها على إنعامها العظيم . واستصنع لها حلة فضية نادرة المثال بديعة الصنعة .
• ظهرت العذراء مريم للمرحوم ( ناصيف كرم والد السيد إيليا كرم مطران لبنان وشفته من داء الفالج بعد أن عالجه سنة تقريباً . وكان ظهورها له في الخامس والعشرين من آذار يوم بشارة رئيس الملائكة لها بالنعمة الشاملة العالم كله .
• وحدث (لاسعد حنا الهبر صهر الدكتور بشارة أندراوس) في طريقه إلى بغداد أن كان قدامه خمسون سيارة غارقة في وحل البادية ولا تستطيع التقدم . حينئذ أقام صورة هذه الأيقونة العجائبية على مقدم سيارته واستدعى معونة والدة الإله فجرت سيارته في الحال فصفق له السائقون وتبعوه فرحين معظمين العذراء .
• في ثامن نيسان عام ( ١٩٣٨) جزمت جمعية الأطباء بعدم شفاء الدكتور ( فؤاد سعد) من دائه العياء فاستقدم اهله هذه الأيقونة العجائبية فصلى أمامها السيد إيليا كرم مطران لبنان صلاة الابتهال وما انتهى من الصلاة عند سرير المريض المدنف حتى سقطت حرارته وتكلم مخبراً عن أن راهبة بيضاء ظهرت له في الرؤيا وسقته دنّ ماء فعاد إلى الحياة .
لو أردنا استقصاء جميع ما يرد علينا من أخبار معجزاتها يومياً لامتد بنا نَفَس الكلام إلى مالا نهاية له .
وبعد أن صار الأرشمندريت ايليا كرم مطراناً للبنان نقلها إلى بحمدون . وفي يوم أحد القديس الرسول توما احتفل فيها بالقداس الإلهي واجتمع إليه الاهلون يهنئونه بسيامته مطراناً قائلين : *” أنت يا سيدنا أعدت الأيقونة إلى بحمدون فأنت أحق منا بها .”* ولكن لما كان سيادته يعرف شدة تعلقهم بها ولا سيما بعد غيابها الطويل عنهم لم يرد أن يحرمهم اياها فشكرهم وعاد فقدمها لهم . فهي الآن في الكنيسة التي شيدها لشرفها في بحمدون لا تزال تفيض النعم والبركات والاشفية لكل ملتجئ إليها عن الإيمان .
وفي اليوم الثامن من ايلول سنة (١٩٢٨) أطلق عليها البطريرك القديس غريغوريوس الرابع في احتفال حافل في كنيسة بحمدون اسم ( سريعة الاستجابة ) مضافاً إلى اسم ( أم النعم) بمناسبة ظهورها له في اليوم السابع من شهر آب في تلك السنة وشفائها لعينيه من المياه السوداء .
في سنة ( ١٩٥٠) أقام لها نيافة مطران لبنان الجزيل الاحترام مصلى في محطة بحمدون بديع الهندسة ظريف البناء بهي الرواء ووضع فيه نسخة طبق الأصل عن هذه الأيقونة . فشرعت عجائبها تجتذب إليها المصلين الاتقياء فيصبون لديها عواطف قلوبهم وشواعر نفوسهم مقدمين لها نذورهم وتقادمهم التقوية .
فيا أم الإله العذراء افتحي لمكرميك باب تحننك واكتنفيهم بشفاعتك المستجابة دائماً عند ابنك مخلصنا وإلهنا يسوع المسيح الممجد مع أبيه وروح قدسه إلى دهر الدهور آمين .
•°• تاريخ بعض أيقونات والدة الإله العجائبية •°•
كتاب | حياة العذراء على الأرض