أيقونة المخلص المنديل الشريف
قصة هذه الأيقونة:
تذكار نقل المنديل الشريف من الرها إلى القسطنطينية
في 16 آب وهو اليوم الذي يتلو عيد رقاد سيدتنا والدة الإله، تحتفل الكنيسة المقدسة بالمنديل الشريف الذي طَبَعَ فيه ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وجهه القدّوس البريء من العيب. في اليوم الذي يتلو كل عيد كبير، نعيّد لأداة العيد أو للشخص الذي كان شريكاً في حدث العيد ونسميّه “عيد جامع”، مثل الإحتفال بالملاك جبرائيل بعد عيد البشارة ووالدة الإله بعد عيد الميلاد ويوحنا المعمدان بعد عيد الظهور. اليوم نحتفل بالرب يسوع المُشارك في حدث الرقاد لأنه أتى ليأخذ أمّه الكليّة القداسة معه الى مملكة الآب، والأهَمّ أنه هو الأداة في تقديس وتمجيد وتعظيم العذراء مريم التي بسببه قد أصبحت والدة الإله التي تسمو بقداستها وطهارتها فوق أطهر الملائكة من الشاروبيم والسارافيم والعروش ورؤساء الملائكة.
❈ قصة المنديل: ❈
يروي أفسابيوس في تاريخ الكنيسة أنه عندما كان الرب يسوع يُبشّر في الجليل واليهوديّة، كان على الرَّها حاكمٌ يدعى “الأبجر”. وقد أصيب هذا الأمير بالبَرص في كل أنحاء جسمه. ولما وصلته أخبار عن أعمال الرب ومعجزاته، آمن به على أنه ابن الله حتى من دون أن يراه. وكتب إلى الرب يسوع رسالة يطلب منه فيها أن يأتي إليه ويشفيه. وقد بعث هذه الرسالة إلى فلسطين مع رسّامه الخاص الذي يدعى حنانيا، وكلفه برسم صورة المعلّم الإلهي.
وصل حنانيا إلى أورشليم ورأى الرب مُحاطًا بالناس، فلم يكن قادراً على الاقتراب منه بسبب الحشد الكبير من الذين يستمعون إلى تبشيره. فما كان منه إلا أن وقف على صخرة عالية وحاول أن يرسم صورة الرب يسوع المسيح من بعيد، ولكنه لم يستطع. فنظر إليه المخلّص ودعاه باسمه وأعطاه رسالة قصيرة إلى الأبجر أثنى فيها على إيمان هذا الحاكم. كما وعده بإرسال تلميذه ليشفيه من البَرص وإرشاده للخلاص.
ثم طلب الربُّ يسوع أن يجلبوا له ماء مع قطعة من القماش. فغسل وجهه وجففه بقطعة القماش فانطبع وجهه القدوس على القماش، فأعطاه إلى حنانيا الذي حمل “المنديل” مع رسالة المُخلص إلى الرَّها. ولما أخذ الأمير الأبجر المنديل وضعه على وجهه ضاغطاً إياه فإذا به يشفى شفاءً جزئياً. وبقي فقط أثر صغير من المرض الرهيب إلى حين وصول التلميذ الذي وعد به الرب. وكان هذا التلميذ هو القديس الرسول تدّاوس أحد السبعين (21 آب) الذي بشَّر الأبجر بالإنجيل وعمَّده هو وجميع أهل الرَّها.
وقد حفظ الأمير الأبجر “المنديل” المقدس في إطار ذهبي مزين باللآلئ ووضعه فوق بوابة المدينة. وعلى البوابة فوق الأيقونة، كتب هذه الكلمات: “أيها المسيح إلاله، لا يخزى أحد ممن يضع رجاءه عليك”.
ولسنوات عديدة حافظ السكان على تقليد الانحناء أمام “المنديل” غير المصنوع بيدٍ عند دخولهم وخروجهم من بوابة المدينة. ولكن أحد أحفاد الأبجر الذين حكموا الرها في وقت لاحق كان من عبدة الأصنام. فقرر أن يُنزل المنديل الشريف من سور المدينة. في تلك الليلة ظهر الربُّ لأسقف الرها في رؤيا وأمره بإخفاء أيقونته. فذهب الأسقف في الليل مع بعض رجال الإكليروس وغطى الأيقونة بلوحة وبعض الحجارة.
ثم مرت سنوات عديدة ونسي الناس أمر تلك الأيقونة. ولكن في العام 545 وعندما بدأ الإمبراطور الفارسي كسرى الأول يحاصر الرها، وكان وضعُ المدينة ميئوسًا منه، ظهرت والدة الإله الكلية القداسة للأسقف أولابيوس وأمرته بإنزال المنديل من الكوَّة المختومة فوق بوابة المدينة حتى يحميها من العدو. فبعد أن فتح الأسقف الكوّة وجد أيقونة المخلص غير المصنوعة بيد: وعلى اللوح الذي كان يُغلق الكوة انطبعت نسخة من الأيقونة. على أثر ذلك أقام الأسقف والشعب المؤمن زياحاً بالمنديل الشريف على أسوار المدينة فانسحب الجيش الفارسي.
عام 630 استولى العرب على الرها لكنهم لم يمنعوا المسيحيين من تبجيل المنديل المقدس الذي انتشرت شهرته في جميع أنحاء الشرق. وفي العام 944 رغب الإمبراطور قسطنطين بورفيريوجينيتوس (912-959) بنقل المنديل إلى القسطنطينية ودفع فدية مقابل ذلك إلى أمير المدينة. فتمَّ جلبه باحتفال عظيم إلى القسطنطينية على يد رجال الإكليروس وقيل أيضاً إن الرسالة التي كان الربُّ قد كتبها إلى الأبجر قد نقلت معه.
وفي 16 آب وضعت أيقونة المخلِّص في كنيسة ثاروسّا المخصصة لوالدة الإله الكلية القداسة. وهناك العديد من الروايات بشأن ما حدث لاحقاً للمنديل غير المصنوع بيد. إذ تقول إحدى هذه الروايات إن الصليبيين استولوا عليه خلال فترة حكمهم في القسطنطينية (1204-1261) ورحلوا به ولكن السفينة التي حملت القطعة المقدسة هلكت في مياه بحر مرمرة.
ويقول تقليد آخر إن الأيقونة غير المصنوعة بيد قد نُقلت عام 1362 إلى جنوى، إيطاليا حيث تم الحفاظ عليها في دير على اسم الرسول بارثولماوس.