كنيسة الجثمانية كنيسة قبر العذراء مريم
بقلم المؤرخ / عزت اندراوس
كنيسة قبر العذراء مريم بجانب كنيسة الجسمانية والموجودة على أعتاب جبل الزيتون في وادي قدرون بالقرب من مدينة أورشليم ، أصل البناء مغارة طبيعية في الصخرعلى هيئة صليب أقيم عليها كنيسة بيزنطية عام 582 – 602 م. وكانت الكنيسة مؤلفة من طابقين، وحملت اسم مريم والدة المسيح. وبمرور الزمن، خربت هذه الكنيسة وهدمت أثناء الغزو الفارسي، وعمّر بدلاً منها كنيسة أخرى
الكنيسة هي أملاك يشترك فيها طائفة الروم الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس .
وفقاً للتقليد، بعد أن أصعدت الملائكة جسدها للسماء، أصبح القبرفارغاً وبنيت عليه الكنيسة.وأصبحت مزاراً للشعوب والأمم في هذا المكان وضع الرسل جسد مريم الطاهر قبل انتقالها بالنفس والجسد الى السماء
لمحة عن نياحة وصعود العذراء للسماء وفق التقليد الكنسي:
من المعروف أن نياحة القديسة الطاهرة مريم كان في 21 طوبة حيث كانت قد بلغت من السن 58 سنة و 8 شهور و 16 يوم.
فبعد صعود السيد المسيح بأقل من 15 سنة أرسل إلى أمه ملاكا “يحمل اليها خبر انتقالها، ففرحت كثيرا” وطلبت أن يجتمع إليها الرسل. فأمر السيد المسيح أن يجتمع الرسل من كل أنحاء العالم حيث كانوا متفرقين يكرزون بالأنجيل وأن يذهبوا إلى الجثمانية حيث كانت العذراء موجودة وبمعجزة إلهية “وٌجدوا جميعا” في لحظة أمام السيدة العذراء فيما عدا توما الرسول الذي كان يكرز في الهند. وكان عدم حضوره إلى الجثمانية لحكمة إلهية. فرحت العذراء بحضور الرسل و قالت لهم: أنه قد حان زمان إنتقالها من هذا العالم.
وبعدما عزَتهم وودَعتهم حضر إليها إبنها وسيدها يسوع المسيح مع حشد من الملائكة القديسين فأسلمت روحها الطاهرة بين يديه المقدستين يوم 21 طوبة ورفعها الرسل ووضعوها في التابوت و هم يرتلون و الملائكة أيضا غير المنظورين يرتلون معهم ودفنوها فى القبر.
ولمدة ثلاثة أيام ظل الملائكة يرتلون حولها. لم تنقطع أصوات تسابيحهم وهبوب رائحة بخور ذكية كانت تعَطر المكان حتى أن التلاميذ لم يتركوا المكان إلا بعد إنقطاع صوت التسابيح ورائحة البخور أيضا.
وكانت مشيئة الرب أن يرفع الجسد الطاهر إلى السماء محمولاً بواسطة الملائكة. وقد أخفى عن أعين الآباء الرسل هذا الأمر ماعدا القديس توما الرسول الذى كان يبشَر فى الهند ولم يكن حاضراً وقت نياحة العذراء.
كان القديس توما فى الهند، وكما قلنا لحكمة إلهية – لم يحضر إنتقال السيدة العذراء من أرضنا الفانية – ولكن سحابة حملته لملاقاة جسد القديسة مريم فى الهواء. وسمع أحد الملائكة يقول له “تقدم و تبَارك من جسد كليٍة الطهر، ففعل كما أمرة الملاك”.
ثم ارتفع الجسد إلى السماء ثم أعادته السحابة إلى الهند ليكمل خدمتة وكرازته هناك.
فكَــر القديس توما أن يذهب إلى أورشليم لمقابلة باقي الرسل. فوصلها مع نهاية شهر أبيب – فأعلمه الرسل بنياحة السيدة العذراء. فطلب منهم أن يرى بنفسه الجسد قائلا: “إنه توما الذى لم يؤمن بقيامة السيد المسيح إلا بعد أن وضع يدية في آثار المسامير”. فلَما رجعوا معه وكشفوا التابوت لم يجدوا إلا الأكفان فحزنوا جدا، ظانين أن اليهود قد جائوا وسرقوه، فطمأنهم توما وقال لهم: “بل رأيت جسد العذراء الطاهرة محمولاً بين أيدى الملائكة”.
فعرفوا منه أن ما رآه القديس توما الرسول يوافق نهاية اليوم الثالث الذي إنقطعت فيه التسابيح ورائحة البخور. فقرروا جميعا أن يصوموا من أول مسرى واستمر الصيام لمدة أسبوعين. وهو الصوم المعروف بصوم العذراء. رافعين الصلاة والطلبات للرب يسوع أن يمنحهم بركة مشاهدة هذا الصعود لجسدها إلى السماء.
فحقق الرب طلبتهم في هذا اليوم المبارك 16 مسرى، وأعلنهم أن الجسد محفوظ تحت شجرة الحياة في الفردوس. لأن الجسد الذي حمل الله الكلمة تسعة أشهر وأخذ جسده أي ناسوته من جسدها لا يجب أن يبقى في التراب ويتحلل ويكون عرضة للفساد ومرعى للدود والحشرات. ولازال تكريم السيد المسيح لأمه يبدو فى قبول شفاعتها لأنه قال “إنَي أكَرم الذين يكرمونني”.
ولقد ظهر من القبر الذى كانت قد وضعت فيه عجائب كثيرة ذاع خبرها، مما أذهل اليهود الذين إجتمعوا وقرروا حرق الجسد الطاهر. فلما فتحوا القبر لم يجدوا فيه إلا بخوراً عطراً يتصاعد منه، فآمن جمع غفير منهم وأنصرف مشايخهم خائبين.
أم النور تدبر الإمور
بركة السيدة العذراء تكون مع جميعنا أمين
كنيسة قبر السيدة العذراء
“فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى” (لوقا 48:1) .
+ موقع الكنيسة وتاريخها :
بعد عبورنا وادى قدرون مباشرة ، وإلى اليسار ، نكون عن سفح جبل الزيتون ، نجد درج يهبط إلى “كنيسة قبر السيدة العذراء” . وحسب التقليد المتوارث ، أن هذه الكنيسة شيدت فوق قبر السيدة العذراء ، والذي بقاياه يمكن رؤيته حتى يومنا هذا . ومن المعروف أن جسد القديسة مريم أصعد إلى السماء بعد نياحتها ، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية تعيد لتلك المناسبة فى 16 مسرى الموافق 22 أغسطس من كل عام .
أول كنيسة شيدت في هذا المكان ، كانت في القرن الرابع أو الخامس الميلادي ، على الطراز البيزنطي ، وقد هدمها الفرس سنة 614م . ثم شيد الصليبيون على أطلالها كنيسة أخرى فى القرن الحادى عشر ، وتلك أيضا هدمت . فبنى فوقها الآباء الفرنسيسكان الكنيسة الحالية ، وأهتموا بها قرابة ثلاثة قرون ، غير أن الأتراك طردوهم منها سنة 1757م وسلموها ليد طائفة الروم الأرثوذكس، بعد هذا بقليل انتزع الأرمن الأرثوذكس جزءا منها ، فصارت مشتركة بينهما. وتوجد لكل من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة السريانية ، حقوق للصلاة في هذه الكنيسة فى أوقات ثابتة ضمن اتفاقية الوضع الراهن “status Quo” . يوجد بداخل الكنيسة ، على يمين الداخل ، مذبحا على اسم يواقيم وحنة ، وعلى اليسار مذبحا آخر على اسم القديس يوسف خطيب مريم العذراء .
قبر العذراء من الداخل
اورشليميات – 12
حال خروجنا من علية صهيون، نسير إلى اليمين. بعد حوالي مائة متر نجد إِلى اليمين بوابة من الحديد عليها صليب حراسة الأراضي المقدسة. تدخلنا البوابة إلى حديقة واسعة وتحتل الكنيسة الحالية جزءاً من الكنيسة التي بنيت في القرن الرابع. وعندما نخرج من الكنيسة ونتجه إلى اليسار في طريق علية صهيون، ندخل يميناً في أول طريق تواجهنا فنبلغ كنيسة ” نياحة العذراء”.
يخبرنا الإنجيل المقدس، أن السيد المسيح عهد بأمه العذراء إلى يوحنا الحبيب، وقد توارث الأبناء عن الآباء تقليداً يفيد أن العذراء ظلت في بيت يوحنا الحبيب حتى يوم نياحتها، وفوق أطلال هذا البيت شيدت الكنيسة الحالية والتي تُعرف بكنيسة النياحة.
بنى الآباء الفرنسيسكان كنيسة فى هذا المكان فى القرن الحادي عشر، وهُدمت سنة 1490م. ثم سمحت تركيا لقيصر ألمانيا باقتناء هذا المكان سنة 1858م. وعلى الأثر شيدت فيه كنيسة بأسلوب الفن الروماني الحديث والتي أتخذت شكل حصن من القرون الوسطى.
الكنيسة طابقان : الكنيسة العليا مزينة بالفسيفساء والبرونز، أما الكنيسة السفلى فنشاهد فيها تمثالاً للعذراء مريم من الخشب والعاج، فوقه قبة مزينة بمناظر من الموازييك تمثل: حواء – راعوث – نُعمى – أستير. وفى حرب سنة 1948م وسنة 1967م تضررت الكنيسة كثيراً ولكن أجريت لها الإصلاحات اللازمة، وهي حالياً ملك الرهبان البندكت الألمان، وقد تم تدشينها سنة 1910م.
الوصف المعماري للكنيسة:
يتقدم مدخل الكنيسة ساحة مكشوفة مربعة المسقط تنخفض أرضيتها حوالي خمسة أمتار عن مستوى الطريق العام، ويتم الوصول إلى مدخل الكنيسة عبر سلم من الدرجات النازلة. والمدخل عبارة عن فتحة باب كبيرة مستطيلة، يعلوها عقد مدبب حجري بُني على الطراز القوطي الصليبي. ويؤدِّي المدخل إلى قبو طويل عريض نازل تتكوّن أرضيته من 47 درجة رخامية. وسُقف القبو بمجموعة من العقود المتعاقبة ترتكز عليها أقبية متقاطعة محكمة البناء. وفي منتصف هذا القبو وعلى يمين الداخل، توجد حنية حائطية يوجد فيها قبر الملكة مليزندا (توفيت عام 556 / 1161)، زوجة ملك القدس الإنكليزي بولدوين الثاني (حكم في الفترة 1118 – 1131) ووالدة الملك بولدوين الثالث (حكم في الفترة 1143- 1162). ويقابل هذه الحنية حنية أخرى (على يسار الداخل) فيها قبور لأفراد من عائلة ملك القدس الصليبي بولدوين الثاني.
تقود نهاية القبو إلى مكان دفن السيّدة مريم. وأصل القبو مغارة توسع في حفرها، ويتكوّن جزء من نسيجها المعماري من الصخر وجزء من البناء. وتنخفض أرضية القبر حوالي 12م عن مستوى مدخل الكنيسة. وقبر مريم عبارة عن كتلة صخرية محفورة تتوسط القسم الشرقي من المغارة، وهو في هذا يشبه قبر السيد المسيح في وسط كنيسة القيامة. ويتقدم كتلة القبر مذبح لطائفة الأرمن. ويقوم إلى الجنوب من القبر محراب كبير غير مزخرف تنتهي طاقيته بعقد مدبب. ويشير المحراب إلى اتجاه مكة، قبلة المسلمين في الصلاة. وهناك مذبح آخر لطائفة الروم الأرثوذكس عند النهاية الشرقية للقبو. ولهذه الكنيسة تخطيط فريد أملته طبوغرافية موقعها. والكنيسة حالياً مشتركة بين طائفتي الأرمن والروم الشرقيين.
توجد إيقونة العذراء مريم “الأورشليمية” في قبرها في الجسمانية.
داخل الكنيسة
قبر السيده العذراء في الجسمانيه أسفل جبل الزيتون حيث رقدت وأُصعد جسدها الطاهر إلى السماء