بقاعكفرا – مار شربل
المونسنيور والمياه العجائبية ! أعجوبة رائعة للقدّيس شربل
نحن في بقاعكفرا صيف عام ١٩٤٩ ، قبل أشهر قليلة من أعجوبة عنّايا الكبرى في ٢٢ نيسان ١٩٥٠ ، الّتي أخذت مسار قداسة شربل إلى مكان آخر وحوّلت دير مار مارون عنّايا إلى قبلة للصلاة والتأمّل والتضرّع حيث حجّ إليه المؤمنون من كل الأطياف و الأديان والبلدان.
أنهى المونسنيور أنطوان زعرور مخلوف صلاة المساء ، ثمّ وضع كتاب الشحيمة المارونيٍّة على طاولة قربه قبل أن يطفئ الشمعة العسليّة الموضوعة في شمعدان نحاسي قديم ورثه من والده طنّوس زعرور ، ثمّ خلد إلى فراشه وغطّ في نوم عميق.
عند منتصف الليل ، إستيقظ المونسنيور مرعوباً بعد أن رأى القدّيس شربل يكلّمه قائلاً: يا إبن عمّي ، أنا شربل عم احكيك ، بدّي تعملّي مغارة الخص مزار
ثمّ عاد المونسنيور إلى النوم ، بعد أن قال في نفسه لا بدّ أنّه حلم ، وما إن غطّت عينه لبرهة حتّى عاد القدّيس شربل ثانية إليه ونكزه قائلاً له: أنا عم قلّك بدّي مغارة الخص تعملّي ياها مزار.
إستيقظ عندها المونسنيور وعلم أنّ القدّيس شربل كان يكلّمه طالباً منه أن يجعل من المغارة التي كان يصّلي فيها للعذراء في طفولته، مزاراً للمؤمنين والزوّار ومكان صلاة وتأمّل.
إنتظر المونسنيور بزوغ الفجر ، وما إن طلّت الشمس من وراء جبل العربيط وأرسلت أولى أشعّتها الدافئة إلى شبّاك غرفته المتواضعة ، وأطلقت عصافير الحقل أولى سيمفونياتها من الأوركسترا المعشعشة في قرميد منزله القرمزي ، حتّى نهض المونسنيور من تخته ولبس بدلته الكهنوتيّة وتوجّه إلى منزل شقيقته مرّن – مرتا
صبحك بالخير يا أختي مرتا
أهلا أهلا بخيي المونسنيور
ليش واعي بكّير هل قد ؟
هلق بخبرك، وينو صهري مطانيوس ؟
هون جوّا فوت فوت
ثم قصّ المونسنيور على أخته وصهره مطانيوس زعرور كيف ظهر عليه القدّيس شربل في الليل طالباً منه أن يجعل من المغارة التي كان يصلّي فيها مزاراً للصلاة
فقال مطانيوس للمونسنيور: إي أكيد من كل بدّ
ثم أردفت مرتا ( أم الياس ) قائلة: دخيل إجريك يا بونا شربل ، وإنت يا مطانيوس شوف شو بدّو خيّي المونسنيور ساعدو
ثم أتى مطانيوس زعرور بعمّال من القرية وراحوا يبحثون بمعاولهم عن المغارة الَّتي كان يصلّي فيها القدّيس شربل ، حيث بعد حوالي المئة عام من هجرها كان قد نما الشوك والعلّيق والقصوان عند مدخلها ، لكنّهم ما لبثوا أن وجدوها وكانت صورة العذراء الَّتي كان يصلّي أمامها القدّيس شربل ما زالت معلّقة على حائط المغارة
أصبحت المغارة مكان للحجّ والصلاة وتوافد المؤمنون إليها للتبرّك وكانت بديعة زعرور إبنة مطانيوس زعرور ( الّتي أصبحت فيما بعد الراهبة ماري شربل ) تهتمّ بالزوّار الوافدين من القرى المجاورة وتجلب لهم مياه للشرب من عين مار سابا لأنّ المغارة لم يكن يوجد قربها عين مياه للشرب
ثمّ ضاق المكان بالمؤمنين ، فطلب المونسنيور من صهره أن يأتي بمهندس كي يدعم حائط المغارة ويبني مثل سور حولها كي يحمي الزوّار من الإنزلاق, وكان يوجد صخرة داخل المغارة ، فقال المهندس لمطانيوس زعرور:
ليك عمّي مطانيوس هيدي الصخرة ما تشيلا ، لأن فيك تحط عليها الأساس ، بتوفّر على حالك
لكن مطانيوس قال للمهندس: الله لاهمني إنّو لازم شيلا, ثمّ ذهب مطانيوس إلى منزله وجلب مخل وهو عبارة عن آلة من حديد مستطيلة يستعان بها على رفع الحجارة أو قلعها
غرز مطانيوس المخل تحت الصخرة ، ثمّ صرخ بإيمان كبير قائلاً
يا شربل زوّارك عطشاني ، عمول أعجوبة طلّعلون ميّ بدّن يشربوا
ثمّ سحب المخل بعد أن قرص به الصخرة فتفجّر من تحتها ثلاثة ينابيع ماء وبدأت المياه تتدفّق داخل المغارة. فرح مطانيوس والمونسنيور بهذه الأعجوبة الَّتي إجترحها القدّيس شربل والمياه المقدّسة الَّتي إنبثقت من جوف الأرض
ثمّ بنى بئر جمع فيه مياه الينابيع الثلاثة ، وراحوا يوزّعون المياه المقدّسة على الزوّار ، وما زال كلّ المؤمنين يحصلون على هذه المياه العجائبيّة من البئر.
No Result
View All Result