السبت 7 يناير، 2023
حظي القديس يوسف البتول بدور مهمّ في حياة العائلة المقدّسة التي تربّى فيها الطفل يسوع. وقد مارس هذا الدور بكل تواضع وطاعة، مقدّمًا خدمته بكل أمانة لصانع سرّ التجسّد الإلهي ومانح الخلاص للبشريّة يسوع المسيح. وعلى الرغم من ذلك، لم يركّز الكتاب المقدّس كثيرًا على حياة القديس يوسف، فالمعلومات التي نعرفها عنه جاءت بمعظمها من كتابات القديس يعقوب الرسول.
نسب القديس يوسف البتول
يتحدّر القديس يوسف من عائلة متّان بن داود من سبط يهوذا. وكان لمتّان ولدان هما يعقوب ويواكيم، والد العذراء مريم. ويعود نسب يسوع المسيح إلى سبط يهوذا من جهة يوسف ومريم، بحسب نبوءات العهد القديم.
توفّي متّان بعد إنجاب ولدَيْه يعقوب ويواكيم، فتزوّجت امرأته من رجل يُدْعَى باخر وأنجبت منه هالي، وتزوّج هالي ومات من دون أن ينجب نسلًا، فتزوّج يعقوب من امرأة أخيه المتوفّي هالي بحسب الشريعة وأنجب يوسف البار، فأصبح يوسف ابنًا ليعقوب بحسب الطبيعة، وابنًا لهالي بحسب الشريعة، وهذا يوضح اختلاف النسب الوارد في إنجيلَي متى ولوقا.
يوسف البار مختار من الله
عندما بلغت مريم الثانية عشرة من عمرها، كان يجب عليها أن تغادر الهيكل بحسب نظام الشريعة، ففكّر الكهنة في اختيار شخص بار لتُخْطَبَ له ويأخذها ويرعاها في بيته، وجمعوا عِصيّ بعض الشيوخ المعروفين بالتقوى ووضعوها في الهيكل وظلّوا يصلّون، فجاءت حمامة ووقفت على العصاة التي كُتِبَ عليها اسم يوسف النجّار، عندها عَلِمَ الكهنة أن هذا الرجل قد اختاره الله لتأدية هذه المهمّة. ( ويقال أن يوسف كان ماسكا غصن زنبقة وقد أورق وأزهر دلالة على اختيار الله له)
لم يختر القديس يوسف الدور الذي قدّمه في العائلة المقدّسة، بل كان الاختيار من الله الذي وجده مستحقًّا لنيل هذه البركة الكبيرة والقيام بهذا الدور العظيم في حياة مريم والطفل يسوع، فقد أدّى دور الأب البار وأشرف على تنشئة يسوع وتربيته وتعليمه. وعلى الرغم من معرفته أن هذا الطفل هو ابن الله، لم يتكبّر أو يتفاخر، بل حافظ على تواضعه العجيب حتى رحل من هذا العالم بهدوء وسلام.
اتّبع يوسف في تربيته الربّ يسوع أسلوبًا يشبه منطق يوحنا المعمدان «ينبغي أن يزيد هو، وأنا أنقص»، وكان يميل إلى الصمت، فلم نسمع له أيّ كلمة في الإنجيل، بل كان يتأمّل بعمق شديد الأسرار التي تحدث أمامه، وهو لم يتلقَّ أخبارًا عن سرّ التجسّد الإلهي ولم يقرأ عنه، بل عاش هذا السرّ لحظة بلحظة مع العذراء ويسوع، ولم يعبّر عن هذا السرّ العجيب بكلمات بشريّة، بل تحلّى بالدهشة والسكوت.
القديس يوسف والطاعة
إن طاعة القديس يوسف لم تكن مقتصرة على تعليمات كهنة الهيكل أو تصرّفاته تجاه مريم، بل أظهر طاعته لملاك الربّ وتعليمات الدولة بالاكتتاب وأوامر الشريعة الخاصّة بالختان والتقدمة في الهيكل، واتّصف بالتزامه الديني عبر ذهابه إلى أورشليم في كل عام للاحتفال بعيد الفصح.
أطاع كل ذلك بلا تذمّر وبلا استفسار، فعكس البتول بشخصه الثقة الكاملة بإرادة الله في حياته، وتسليمه ذاته بالكامل من دون قلق أو شكوك أو ضمانات.
ونحن أين نجد أنفسنا من صمت يوسف القديس أو من الإصغاء إلى صوت الله في حياتنا؟
لنُصَلِّ للقديس يوسف الذي كان قدوة في الصمت والطاعة والتواضع كي يتشفّع لنا ويسير معنا دومًا ويجعلنا نتشبّه به بالقول والعمل، فنصبح قديسين على مثاله.