عيد الأم ( الأمومة الجسدية والأمومة الروحية)
نشر على 19 مارس 2011 بواسطة fr.Bassil
باسم الآب والابن والروح القدس. آمين
طوبى للمرأة المستنيرة بحب يسوع الصانعة من الإنجيل سيرة لحياتها ومن قلبها مسكنا له .
أيها الأحباء: دعوني ان أتأمل وإياكم بعيد الأم، من الإنجيل المقدس ونظرة يسوع المسيح للمرأة.
أيها الأحباء: يعطي الإنجيل المقدس المرأة مركزا عظيما ودورا كبيرا في الرسالة الجديدة التي أشرقت على العالم مع مجيء الرب يسوع.
فكان يسوع أول من دافع عن حقوق المرأة يوم كانت المرأة تباع وتشترى مثل أي سلعة، استطاع يسوع تجاوز القواعد التي تقيَد المرأة وكان له من النساء موقف الانفتاح والاحترام والترحيب والحنان.
لهذا رفع قيمتها إلى أعلى المستويات وتجسد هذا الشيء في مريم العذراء التي سماها الملكة القائمة على يمين الملك.
نستطيع ان نقول ان المرأة في المسيحية اكثر منها في اي دين اخر قد حظيت منذ البدء بوضع خاص من حيث الكرامة، فكان يسوع نصَب نفسه مدافعا عن كرامة المرأة.
وكان هذا الموقف أحيانا يثير الاستغراب والدهشة وكثيرا ما كان يثير الشكوك : يقول الإنجيل” فتعجبوا إذا رأوه يتكلم مع إمراة “(يوحنا 4: 7) حتى تلاميذه انفسهم كانوا يعجبون لأن هذا التصرف كان يتنافى مع العادات التي كانت جارية.
وحين دخلت المرأة الخاطئة إلى بيت الفريسي لتسكب الطيوب على قدمي يسوع قال الفريسي في نفسه لوكان هذا الرجل نبيا لعلم من هي المرأة التي تلمسه وما حالها انها خاطئة.(لوقا 7: 39) .فالجواب المسيح كان :” إن العشارين والزواني يسبقوكم إلى ملكوت الله”( متى 21: 31) . فقد أثار الذهول والسخط لدى سامعيه.
من يقرأ الإنجيل يستكشف عددا كبيرا من النساء في أوضاع مختلفة بالمرض وبالآلام الجسدية، مثلا المرأة التي استولى عليها المرض 18 سنة وحماة بطرس التي كانت ملقاة على الفراش وامرأة أخرى مصابه بنزيف ،لقد شفين جميعا. وهناك ابنة يائير وأرملة نائين والمرأة الكنعانية، لقد شفين جميعا
وكانت النساء اللواتي يقابلن يسوع وينعم عليهن بنعم غزيرة ويرافقنه في رحلاته حيث كان يبشر بإنجيل ملكوت السماوات وكن يبذلن من أموالهن في خدمته.
وأيضا كان يسوع يدرج شخصيات نسائية في الأمثال التي كان يوضح فيها لسامعيه حقيقة ملكوت الله ،نذكر منها أمثال الدرهم الضائع والخميرة والعذارى الحكيمات والجاهلات، وفلس الأرملة حيث قدم يسوع هذه المرأة للجميع وتولى الدفاع عنها لأن الأرامل لم يكن لها من يدافع عنها.
ولا نجد في تعليم يسوع كله وفي تصرفاتها أي شيء يعكس التفرقة في عصره بين المرأة والرجل، بل بالعكس كانت أعماله وأقواله تنم دائما من الاحترام والتكريم في تعامله مع المرأة. نذكر حادثة المرأة الزانية فأجاب يسوع من كان منكم بلاخطيئة فليتقدم ويرجمها بحجر.
وأيضا نذكر مثل المرأة السامرية التي لاقاها يسوع وعلم بأنها خاطئة وقد فاتحها في أمر خطيئتها ، تحدث معها عن أعمق أسرار الله وعن عطية الحب الإلهي غير المتناهي. إنه لحدث عظيم لم يسبق له مثل هذه المرأة بالرغم من أنها خاطئة أصبحت تلميذة للمسيح.
قد أظهر يسوع تقديره وإعجابه بإيمان هؤلاء النساء عندما كان يتحدث معهن عن أمور تتعلق بالله ،كما فعل في لقائه مع المرأة الكنعانية (متى 15: 28) .
فإن يسوع ينطلق من انفتاح الذهن والقلب لدى المرأة ليعطينا درسا في الإيمان كما فعل مع المرأة الخاطئة في بيت الفريسي حيث أخذ المسيح يفسر للموجودين معنى مغفرة الخطايا: أن خطاياها الكثيرة غفرت لها لأنها أحبت كثيرا ومن يغفر له قليل يحب قليلا.
أيضا الإنجيل المقدس يبرز كيف أن النساء كن أول من وجدوا على أقدام الصليب أيام المحنة الأخيرة، ولم يبق على الوفاء له بين الرسل سوى يوحنا ، قد بقي على الوفاء عدد كبير من النساء غير مريم العذراء.
أيضا كانت النساء ليس فقط في وقت الصلب بل وفي فجر القيامة ، إن النساء هنَ أول من حضر إلى القبر وأول من وجده فارغا ، وأول من سمع صوت الملاك يقول :” إنه ليس ههنا لقد قام كما سبق فقال “ وأول من دعي لتبشير بحقيقة قيامة المسيح.
كل ما ذكرناه يؤكد على أهمية وكرامة المرأة في المسيحية ، وأكبر مثال مثالي للمرأة المسيحية يبلغ ذروته في مريم العذراء والدة الإله .
إن الله قد افتتح عهد جديد مع البشرية في شخص مريم وعبر قبولها الأمومة ” ليكن لي بحسب قولك “ .
وهذا هو العهد الخلاصي الذي عقده الله مع البشرية في المسيح الذي بدأ بالام اذا استطاع يسوع ان يقول لله الآب :” لقد اعطيتني جسدا وهانئذا آت اصنع مشيئتك”( عبرانيين 10: 5- 7 ) . ولذلك بفضل والدة الاله وبفضل قرارها الصادر عنها والذي رضيت به ان تكون اما وعذراء معا “ليكن لي بحسب قولك”
ولذلك كل أم من أمهات هي تكون على علاقة بالعهد الذي قطعه الله مع البشر بفضل والدة الإله، ولكن أمومة المرأة ليست هي فقط أمومة جسدية في مفهوم الإنجيل المقدس ، بل هي الأمومة التي تحقق عبر الإصغاء العميق لكلمة الله والاستعداد للعمل بها، كما قال يسوع طوبى لمن يسمعون كلمة الله ويحفظونها. ، هذا هو الرد الذي رد به يسوع على هتاف تلك المرأة التي كانت تغبط المرأة التي ولدته.
إذا الأمومة الحقيقية هي كل إنسان يسمع كلمة الله ويصغي إليها ويعمل بها ويحفظها ، هو يكون صاحب أمومة روحية بهذه الأمومة الروحية نحن نصير أبناء لله.
لهذا نحن اليوم نصلي لجميع أمهات هذه الرعية ونصلي لكل إنسان يتمتع بأمومة الجسدية وأمومة الروحية ، أيضا نصلي لنشكر الله على (سر المرأة) وعلى ما تحمل الأم من معنى. ألم يتم فيها وعبرها أعظم حدث في تاريخ البشرية أي وهو أن يصبح الله نفسه جسدا.
لأجل هذا أتوجه إلى مريم العذراء والدة الإله الكلية القداسة التي سبقتنا في الإيمان والمحبة والاتحاد مع يسوع المسيح أن تتشفع لنا جميعا ولا سيما كل الأمهات بقوة الصليب المحيي وإلى كل شخص يتمتع بالأمومة الروحية أن تمنح وتنال من لدن الله البركات والنعم وأن نسمع من الرب يقول لنا طوبى لأمهاتكم الذين حملناكم.
No Result
View All Result