التأمل في إنجيل الأحد السادس من الصوم الكبير :
أحد شفاء الأعمى
شفاء أعمى أريحا هو قمة أعاجيب يسوع في إنجيل مرقس في هذا النص الإنجيلي نحن أمام شفاء أعمى ابن طيما الذي يتحدى الجميع ويطلق العنان صارخاً :” يا يسوع ابن داود ارحمني ” . هذا الأعمى الذي يتسول الدراهم يعيش قابعاً مهمشاً ومتروكاً أضحت قارعة الطريق جزءاً من حياته اليوميه .
عندما نلتقي الله نطرح عنا رداء الماضي والخطيئة واليأس والإنسان القديم الذي يستعبدنا . كلما شرب الإنسان من فراغة الذاتي يتزايد التهاب عطشهِ باستمرار . يقول الأب بيار تيار دي رشاردان : ” إن فهمنا تماماً معنى الصليب ، لا يُخشى أن نجد أن الحياة محزنه وقذره ، بل نصبح أكثر انتباهاً إلى أهميتها التي لا تدرك .”
يقول ألفريد دي موسيه : ” الإنسان تلميذ والألم معلمه ولا يعرف أحد نفسه ما لم يتألم .” لذلك لا معنى للحياة من غير العَودَةِ إلى الذات وإلى الله. ولا معنى لآلامنا وجهودنا في هذه الحياة دون عيش معنى الصَّليب.
إنَّ الأحاسيس الشخصيَّة كتبكيت الضّمير والشّكوك المُقلقة والتساؤلات فهي مراسيل وإشارات من قبل الله، لأنَّ الله يريدُنا أنْ نُبَدِّلَ أسلوبَ حياتنا وتصرّفنا. يعاملنا الله مثل الحبيب الغيور كما جاء في سفر النبيّ هوشع، الذي يمنعُ حبيبته من الجري وراء عشاّقها بأن يسدَّ طريقها بالأشواك (هو 2 /4-15).
فالأحاسيس السلبيَّة كالإحباط والشكوك وظهور العقبات والرّغبة في الإستسلام تأتي من الشّرير الذي يضع أمامنا جميع الصعوبات لكي يدفعنا إلى الإستسلام. هذا ما عاشه أحد القدِّيسين عندما بدأ بالصّلاةِ والتكفير بعد ارتداده، كان يسمعُ صوتًا داخليًّا يقول له: “كيف ستحافظ على هذا مُدَّة سبعين سنة؟” فأجابه قائلاً: “وأنت أيُّها الخبيث، هل تستطيع أنْ تعدني بساعة حياة واحدة؟” عندها زالت التجربة.
هذا مثال لنا على أنَّ الشرير يضع العقبات على طريق كلِّ الذين يريدون اتّباع طريق الله. لأنّه لا يريدنا أنْ نتغيَّرَ ولا أنْ نبدّلَ في مسلكيَّة حياتنا. هو يريد أنْ نستمرَّ قابعين على طريق الضعف البشريّ. عندما نعيش هذا النمط المؤلم وحتى وإن لم نشعر بحضور الله، علينا أن نثق بأنَّ نعمته ستظلُّ متاحة لنا دومًا.
لذلك يقول القدّيس بولس: “لم تُصبكم تجربة إلاّ وهي على مقدار وسع الإنسان. إنّ الله أمينٌ فلن يأذن أن تُجرّبوا فوق طاقتكم، بل يُؤتيكم مع التّجربة وسيلة الخروج منها بالقدرة على تحمّلها” (1 قور10/ 13).
ألم يكن له اسم حقيقيّ؟ لا ينقذنا من هذا المأزق إلاّ الإيمان الحقيقيّ بالمسيح الذي يوقظ الضّمير ويدفعه إلى اتّباع سلوكيّة نابعة من إحترامِ المسيحِ لكرامةِ جميع الناس. فالايمان هو البصر الحقيقيّ الذي ينير الإنسان في بحثه عن معنى الحياة. فمن الحماقة أن نجد السَّعادة والأمان فيما نملكه بدلا ً من الله. أن نخسر كلَّ شيء حتى رداء حياتنا لكي نربح حياة الله.
أحد مبارك للجميع 🙏📖⛪