كنيسة الطاهرة في قره قوش
المبنى المسيحي الأكثر رمزية في قره قوش بالإضافة إلى الكنيستين، القديمة ونعتقد أنها تعود للقرن الثالث عشر، والجديدة التي بنيت في النصف الأول من القرن العشرين. بين عامي 2014 و 2016 استخدمت داعش كنيسة الطاهرة كمركز للقيادة ولمعالجة الأسلحة. بعد أن تم تحرير الكنيسة الجديدة، والتي احرِقت ونُهِبت، استعادت مكانتها العالية روحياً ومجتمعياً.
الموقع
تقع كنيسة الطاهرة في قره قوش 36.27048 شمالاً 43.37712شرقاً على ارتفاع 275 متر عن سطح البحر. هو المبنى المسيحي الأكثر رمزية في قره قوش على بعد 30 كم من جنوب شرق الموصل و80 كم غرب أربيل.
تعد قره قوش أكبر مدينة في سهل نينوى، تقع تقريباً على بعد 40 كم من نقطة التقاء نهر دجلة بالزاب الأكبر. في قلب السهل السرياني، بالقرب من المنارة الروحية، دير مار بهنام وسارة العظيم، كانت
قره قوش أكبر مدينة سريانية كاثوليكية في العالم، قبل هجوم داعش وهروب جميع سكانها في ليلة السادس من شهر آب 2014. كانت قره قوش “عاصمة” مذهبية. بدأت صفحة جديدة في تاريخ قره قوش نحو مستقبل غير مؤكد مع تحرير المدينة في تشرين الأول 2016، والعودة التدريجية للسكان في نيسان 2017.
كنيسة الطاهرة الحديثة، وكنيسة الطاهرة القديمة
من بين جميع هذه المباني، فإن الأكثر رمزية هو الطاهرة (الحمل الطاهر)، بالإضافة إلى اثنين من كنائسها التي تدعى وببساطة، القديمة والحديثة. تقع في مركز قره قوش القديم، يتم الوصول إليها عبر شارع صغير يتصاعد بلطف. حيث يدخل المرء الضميمة الدينية من خلال كنيسة الطاهرة الجديدة. بدأ بناؤها في عام 1932 واستمر حتى عام 1948 حيث تم تكريسها. تصميمها مثير للإعجاب. تعد كنيسة الطاهرة الجديدة أكبر كنيسة سريانية كاثوليكية في الشرق الأوسط بطول 54 متر وعرض 24 متر. تعتبر فخراً لسكان قره قوش، ليس فقط من أجل مكانتها، ولكن أيضا من خلال عمل جميع سكانها خلال 16 عاما من البناء. قبة الكنيسة الفخمة والمرئية من بعيد يعلوها صليب. وكان برج الجرس المربع الموجود فوق الباب الرئيسي في حد ذاته رمزا لسكان المدينة. كان يحتوي على ساعة كبيرة يعلوها سقف،و كل من زواياه الأربع مجهز بصليب.
تتكون كنيسة الطاهرة الجديدة من ثلاثة ممرات، وهي ترتكز على 22 عمود فخم مصنوع من رخام الموصل. تم إضاءة الممر المركزي، الأوسع بثلاث مرات من الممرات الجانبية، بثريات كبيرة جداً أسودت الآن بسبب النيران.
كان لون المبنى الداخلي ناصع البياض قبل أن يغطى السواد الجدران والسقف وخاصة القبة الرائعة، بسبب الحريق المتعمد الذي تسبب فيه الإسلاميون الذين أشعلوا النار في المقاعد قبل انسحابهم.
آثار هذا الحريق الهائل والهجوم التي نفذوه لا تزال واضحة جدا حتى يومنا هذا. عند الاقتراب من المركز ومن المذبح، يظهر وبشكل مرعب التدنيس الشنيعو تلف بعض أعمدة الرخام، تحت تأثير الحرارة. لوثت العديد من هذه الركائز بكتابات الإسلاميين وإهاناتهم للمسيحيين.
في نهاية هذا الممر المركزي الكبير، يمكن للمرء أن يصل بعد بضع خطوات إلى مذبح رخامي، الذي دُمّر من قبل شاغلي المكان واستُبدل بمذبح خشبي. نجد وراءه المذبح الرخامي القديم المحمي من خلال مظلة على شكل قوس مدبب، والهيكل المدنس. نجد على القبة الخارجية لهذا القوس منحوتات على شكل أوراق الشجر وهو نمط شائع جدا ضمن الكثير من كنائس سهل نينوى. عند تحرير قره قوش في تشرين الأول من عام 2016، بقايا الأسلحة كانت متناثرة على الأرض. أثناء احتلال الموقع، استخدم داعش الكنيسة كمركز للقيادة ولمعالجة الأسلحة.
عند المغادرة، في نهاية الممر الأيمن لكنيسة الطاهرة الجديدة، نصل إلى الباحة الداخلية الكبيرة التي تضم تحت ألواحها مقبرة الرعية. وكان قد أصبح هذا الفناء مركزاً لإطلاق النار. في وسطه، وبعد 9 أشهر من التحرير يمكن للمرء أن يرى الرماد الناتج عن حرق الكتب والأدوات الطقسية. بعض الأعمدة الخارجية المثقوبة بطلقات الرصاص تسمح لنا برؤية الإطار المعدني. يوجد ضمن الباحة العديد من قاعات الرعية وعلى اليسار مصلى صغير مخصص للعذراء، وعلى اليمين تمثال نسخة طبق الأصل عن مغارة لورد وكنيسة سان دومينيك.
يمكن الوصول إلى كنيسة الطاهرة القديمةالموازية للكنيسة الحديثة بعشرات الخطوات نحو الأسفل. تتألف من ثلاثة ممرات وثلاثة مذابح بأحجام متواضعة، وقد تم ترميم كنسية الطاهرة القديمة عدة مرات، وخاصة في عام 1745، بعد أن أحرقت خلال العدوان الفارسي لنادر شاه، الذي أحرق أيضا في ذلك الوقت الكتب التي وجدت هناك. نقش قديم “يحمل تاريخ 1832 من العصر اليوناني، وهو 1521 (…) وقد وجد تاريخ أقدم، قبل بضع سنوات في غرفة المقابر. لسوء الحظ، تم هدم الجدار الذي كان يفصل هذه الصالة عن المصلى، وشواهد القبور التي كانت موجودة اختفت “، كتب جان موريس فييه[1] في عام 1961، مضيفا أن” أحد المقابر كان لكاهن توفي عام 616 للهجرة، أي 1219 للميلاد”. وهذا يخبرنا الكثير عن قِدم كنيسة الطاهرة.
على الرغم من النهب الذي ارتكب في الداخل من قبل إسلاميي داعش، لا تزال الكنيسة تحوي على البعض من العناصر القديمة جداً من بينها مغطس المعمودية القديم المنحوت على شكل سداسي.
[1] جان موريس فييه، في كتابه آشور المسيحية، صفحة 448-447