الإيمان وضرورة نقله إلى العائلة
الخوري اميل هاني
١- في زمن الصوم:
في آحاد زمن الصوم نتأمل بعمل الله الخلاصي والشفائي مع البشر.
الهدف الإيمان / وإظهار مجد الله.
أ- في آية عرس قانا:
“أظهر يسوع مجده، وأمن به تلاميذه (يوحنا ٢ /١١)
ب- في شفاء الأبرص:
“أتاه يتوسّل إليه، فجثا وقال له: إن شئت فأنت قادر أن تطهّرني!” إيمان الابرص بقدرة يسوع الشفائية والخلاصية يجثو (يركع): فهو يعتبر يسوع إله ويؤمن به. “قد شئتُ فاطهُر” جواب يسوع دليل على تجاوبه مع إيمان الابرص وحاجته، وهو تلبية وخلاص وشفاء من هذه الحالة التي يعيش فيها. (مرقس ١ / ٤٠ – ٤١)
ج- مع المنزوفة:
قال لها يسوع: “يا ابنتي ايمانك خلصّكِ! إذهبي بسلام”. الايمان مرتبط بالخلاص، وبالسلام، لأنه أيمان بإله يعطي الخلاص دون توقف وهو منبع السلام الحقيقي. (لوقا ٨ /٤٨)
ومع ابنة قائد المئة التي ماتت: يقول يسوع: “لا تخف!يكفي أن تؤمن فتحيا إبنتك!” (لو ٨ /٥٠).
الإيمان يبدّد الخوف الايمان يحيي، الايمان يتغلّب على الخوف والموت وفقدان الامل والرجاء.
د- مع الإبن الشاطر:
بعد أن عاش ما عاشه رجع الى نفسه…” أعود وأمضي الى أبي وأقول له…” (لوقا ١ /١٧ – ١٨) . آمن الإبن الشاطر بكرم وسخاء الآب وغنى محبته وعطفه ومجانية غفرانه وسماحه، لذلك أخذا المبادرة بعد فحص الضمير الذي عاشه وقرّر بفعل إرادي أن يعود الى الآب ويطلب منه المغفرة على كل ما ارتكبه.
هـ مع شفاء المخلّع:
“رأى يسوع إيمانهم فقال للمخلّع، يا أبني مغفورة لك خطاياك” (مرقس ٢ /٥).
إيمان الجماعة يساعد المريض والضعيف على الشفاء، فإيمان وصلاة ومبادرة الجماعة تساعد الخاطىء أن يحصل على التوبة ومغفرة الخطايا.
و- مع شفاء الاعمى:
فقال له يسوع: ” إذهب ! ايمانك خلصك”. (مرقس ١٠ /٥٢).
الإيمان يفتح البصر والبصيرة ويساعدني كي أرى مجد الله وعمله الخلاصي في حياتي وأميّز ما هو خير وصالح لي فأقوم به وما هو سبب خطيئة وبُعد عن الله فأجتنبه.
٢- الايمان حسب تعليم الكنيسة الكاثوليكية:
١٨١٤- الإيمان هو الفضيلة الإلهية التي بها نعتقد وجود الله، وكلّ ما كلّمنا به وأوصى وتعرضه الكنيسة المقدسة علينا لنعتقده
لأن الله هو الحق بذاته بالإيمان يسلّم الإنسان أمره كله لله. لذلك يسعى المؤمن الى معرفة إرادة الله والى فعلها. “البارّ بالإيمان يحيا”(روما ١ /١٧). والإيمان الحيّ “يعمل بالمحبة”. (غلاطية ٥ /٦)
١٨١٥- عطية الإيمان تبقى في من لم يخطىء إليها. ولكن “بدون الأعمال يكون الإيمان ميتاً” (يعقوب ٢ /٢٦).
وإذا فقد الإيمان الرجاء والمحبة فهو لا يجعل المؤمن متحداً اتحاداً كاملاً بالمسيح، ولا يجعله عضواً حياً في جسده.
١٨١٦- تلميذ المسيح ملزَم لا أن يحافظ على الإيمان ويحيا به فقط، وإنما أيضاً بأن يعترف به، ويشهد له باطمئنان، وينشره على الجميع أن يكونوا مستعدين للإعتراف بالمسيح أمام الناس، وأن يتبعوه على درب الصليب، وسط الإضطهادات التي لا تفارق الكنيسة أبداً. خدمة الإيمان والشهادة له لا بدّ منهما للخلاص .
“كل من يعترف بي أمام الناس، أعترف أنا أيضاً به قدام أبي الذي في السماوات وأما من ينكرني أمام الناس فسأنكره أنا ايضاً أمام أبي الذي في السماوات” (متى ١٠/ ٣٢ – ٣٣).
٣- الإيمان في العائلة:
إيمان بماذا؟
– إن مشروع الله الخلاصي للبشر، قد أوحيَ وتحقّق بواسطة المسيح الكلمة المتجسّد، عبر فصحه، عبر موته وقيامته وصعوده الى السماء وإرساله الروح القدس.
– سُلِّم هذا الوحي للكنيسة والرسل بقوة ومساندة الروح القدس لتحمل بكل صدق الخلاص لكل الناس.
– إن قبول هذه البشارة، يقودنا الى الإرتداد والإيمان الذي هو عطية مجانية ودائمة من الله.
لكنه يقتضي جواباً وتعاوناً من الإنسان من خلال انفتاحه وقبوله لهذه البشارة.
– الايمان غير ممكن من دون إعلان صريح لمضمون الوحي وسماع كلمة الله.
– القاعدة هي: البشارة الصريحة بسّر الله، إعلان الإيمان، قبول المعمودية. ،Baptême/foi/kérygme
٤- دور العائلة في نقل الإيمان:
تشارك العائلة بحمل هذه البشارة من خلال المعمودية والزواج بوصفها كنيسة بيتية.
ومن خلال إنجاب الاولاد ومنحهم سرّ المعمودية يساهم الأهل بنقل الإيمان لأولادهم، لأنهم يتلقون ويعتنقون الإيمان الأول الذي يحصلون عليه من أهلهم.
كلّ معمّد يشارك في المهام الكهنوتية الثلاث:
أ- التقديس: الصلاة في البيت والمشاركة بحياة الرعية والاسرار ومطالعة الكتاب المقدّس.(إستمداد القداسة من نبع القداسة, يسوع في الإفخارستيا).
ب- التعليم: تعليم الإيمان الصحيح الموروث عن الأجداد وتعليم الكنيسة على كافة الأصعدة، الروحية، الاجتماعية، الانسانية، الاخلاقية …
ت- التدبير: تدبير شؤون المنزل كما كانت مريم ويوسف يتدبران شؤون عائلة الناصرة بالإتكال على العناية الإلهية.
العائلة ليست مؤسسة مستقلة منعزلة لكنها تنتمي الى رعية تساعدها في توجيه إيمانها بطريقة مستقيمة وترشدها الى تعليم الكنيسة ورسائلها وتوصياتها في كافة المجالات.
لعبت شهادة الأهل دوراً حاسماً حتى أصبحت العائلة المكان الأول بإمتياز لنقل الإيمان…
إن استرجاع كنيسة قوية ومبشّرة يمّر عبر إعادة ترسيخ العائلة كمدرسة اساسية للإيمان الصحيح ولنقله الى الاجيال.
٥- دور التقوى الشعبية في نقل الإيمان:
التقوى الشعبية:
الزياحات المريمية، زيارة المعابد والمزارات، التساعيات، أسبوع الآلام، زيارات الحج… صلاة البركة قبل الطعام، صلاة المسبحة في البيت، تبريك البيوت، زيارة كنيسة شفيعنا…
لما كان الإيمان في أساس هذه الممارسات والعادات الدينية، فمن الملائم والجيّد أن يستمر الاهل في نقل هذا االنهج الى الاولاد، على بساطته وقوته في آن معاً، بعيشهم علاقتهم بالله في كل ظرف من حياتهم، إستثنائياً كان أم عادياً.
في الختام
أثّرت هذه الممارسات والعبادات كثيراً وما زالت، على هوية الشعوب وعلى التعبير الخارجي عن الايمان المعلَن. فعندما تأخذ هذه التظاهرات منحى إجتماعياً، تصبح شهادة سارّة عن الايمان الشخصي تجاه غير المؤمنيين، وحافزاً للضعفاء.
أسئلة:
١. كيف تستطيع عائلة اليوم إعلان بشرى يسوع المسيح الى أفرادها؟
٢. هل يدرك أزواج اليوم أن العائلة هي الينبوع الاول والأساسي لنقل الإيمان؟ أم يتخلّون عن هذه الرسالة؟
٣. هل تعير التقوى الشعبية أهمية في عائلتك كونها مكاناً لنقل الإيمان؟
المراجع:
– الكتاب المقدس العهد الجديد
– التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية
– معجم اللاهوت الكتابي
– نقل الإيمان في العائلة (محاور للتأمل والحوار)، المجلس الحبري لشؤون العائلة، منشورات اللويزة
الاولاد ربيع العائلة والمجتمع، (محاور للتأمل والحوار)، المجلس الحبري لشؤون العائلة، ٢٠٠٠، الفاتيكان ١٩٩٩.
Discussion about this post