🕆 شرح أيقونة البشارة 🕆
هي أيقونة تجمع بين جبروت الله أي “جبرائيل” وعنوان التدبير الخلاصي أي “والدة الإله”.
– مقدمّة:
أيقونة البشارة توضع عادةً على الباب الملوكي، باب المقدس المقدس(VIMA) وذلك كرمزٍ لدخول المسيح حياتنا وتجسّده بيننا. الكلمة صار جسدًا وأصبح المقرِّب والمقرَّب. عهد الذبائح الحيوانيّة إنتهى ومن تأنّس أضحى الذبيحة بحد نفسها. به ندخل قدس الأقداس ونكتشف ونحيا الملكوت.
– ملاحظة:
يتكلّم الدارسون عن وجود لأيقونة البشارة في محيط هيكل كنيسة القدّيس سرجيوس في غزّة وتعود إلى قبل العام 536م.
وهذا ما نقرأه في إحدى القراءات في غروب العيد:” فقال لي الرب هذا الباب يكون مغلقا لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله اسرائيل دخل منه فيكون مغلقًا” (حزقيال 2:44).
فما تبرزه أيقونة البشارة قد يبدو للوهلة الأولى بسيط جدًا: ” ملاك يقف أمام امرأة، جالسة أو واقفة، ويلاحظ الناظر أن هناك حوارًا يجري بين الإثنين.
ولكن في الحقيقة خلف هذا الظاهر البسيط عمقًا لاهوتيًا لم تدركه حكمة الحكماء وعجزت عن وصفه السنة العلماء وانحنى أمامه كبار الباحثين والدارسين. فتنشد مع بولس الرسول:” أين الحكيم. أين الكاتب. أين مباحث هذا الدهر. ألم يجهّل الله حكمة هذا العالم؟” (اكو20:1).
++ العذراء مريم ++
نشاهد العذراء في الأيقونة صغيرة السن.
فبحسب أبيفانيوس (القرن التاسع) كانت العذراء في عمر يناهز الرابعة عشرة. كما يصفها على الشكل التالي: طولها معتدل، حنطية البشرة، شعرها فاتح اللون أفتح من البنّي، لون عيونها بني عسلي، الحواجب داكنة، أنفها نحيف، ووجها ممشوق وطويل.
وبالنسبة لثيابها قال: كانت تحب أن ترتدي ثيابًا ذات ألوانًا طبيعيّة، أي البنّي والترابي.
– ملاحظة:
نشاهد اليوم في الأيقونات الحديثة أن العذراء ترتدي في أغلب الأحيان رداءً (maforion) نبيذيًّا، وتحته رداءً أخر أزرق اللون.
هذا في الحقيقة تطوّر مع الزمن، ولكن في البداية كان اللون البني الغامق والترابي هو الغالب، وهذا يذكّرنا بالأرض الصالحة التي تنمو فيها البذار وتعطي ثمراً. “سلام لك أيتها الأرض”.
+ على رداء العذراء نشاهد نجمات ثلاثة. واحدة على الرأس وواحدة على كلّ كتفٍ.
يشير هنا القدّيس يوحنا الدمشقي إلى هذه تشير إلى قداسة الثالوث القدّوس كونها والدة الإله، وعن كونها الدائمة البتوليّة أي بتول قبل وأثناء وبعد الولادة. وحده الرّب يسوع وُلد منها.
+ الشعر غير ظاهر يستره وشاح تلبسه على رأسها ويتدلّى على كتفيها.
وضعية الجلوس تشير إلى العرش، لأنّها ملكة.
+ تحت أقدام العذراء نشاهد منصّة Piedestal دلالةً على ارتفاع مكانتها وقامتها.
+ تلبس في رجليها حذاءً بنفس لون الرداء والمسند خلفها في حال الجلوس. وهذا كله ليشير إلى الحالة الملكيّة التي أصبحت فيها بالحبل الإلهي وحلول الروح القدس عليها.
+ اللونين الخمري والذهبي مرتبطان منذ القدم بالملوك والأباطرة.
+ كوكب الخيطان التي تحمله في يدها اليسرى يشير إلى أن العذراء نسجت من لحمها ودمها ثوبًا للمسيح، وهذا طبعًا يشير إلى التجسّد.
وهنا بالذات نسمع القدّيس أفرام السرياني ينشد بإبتهاج ويقول: ” قوّة العلي تسكن فيك، ومن نسيج جسدك يا عذراء سينسج المسيح ثوبًا ويلبسه”.
+ الملاك:
– البركة، الجناح، الوقفة.
– الربطة على شعر الملاك ترمز إلى التأهب والخدمة.
– الصولجان:
يرمز إلى سلطة الله وسيادته.
– ارتفاع الجناح إلى فوق يُشير إلى الجهة التي أتى منها الملاك.
– لباس الملاك جبرائيل يغلب عليه اللون الأبيض دلالةً على طهارة الحدث ونقاوته.
– وقفة الملاك تعبّر عن أن الملاك هو على عجلة من أمره وهذا ما تؤكّده حركة يده اليمنى. فنراه ينظر بإكرام إلى العذراء مريم ويباركها على إسم الثالوث القدّوس.
+ وضعية مريم:
تُشير إلى الخضوع ورفعة يدها اليمنى تُشير إلى الطاعة.
– مريم لا تحدّق بالملاك بل تحني رأسها لتدخل في التأمل والصلاة.
فمن الذي رأى قط ولادةً من غير زرعٍ؟
ولكن حيث يشاء الإله يُغلب نظام الطبيعة.
– لباسها يجمع بين الأخضر الذي يُشير إلى الحياة الجديدة واللون النبيذي الذي يُشير إلى المجد الإلهي.
+ يتجّه نحو العذراء حمامةً:
ترمز إلى الروح القدس.
+ الرداء الأحمر:
يُشير إلى المجد الإلهي والرداء الأزرق إلى بدء العهد الجديد.
– الروح القدس:
يُجسّد قداسة الله والعذراء تُجسّد قداسة الإنسان.
المصدر:
بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس