أيقونة غسل الأرجل
غسل الأرجل كان معروف في منطقة الشرق الأوسط في زمن مجيء السيد المسيح، لأن السير على الأقدام كان هو وسيلة المواصلات الأكثر استعمالا في ذلك الوقت وكانت أرجل المسافرين تمتلى بالتراب وتكون متعبة من الطرق الطويلة، وكان من واجب المضايف ومن التواضع والترحيب بالضيف هو غسل الأرجل.
شرحها
يقف المسيح منحنياً تجاه تلاميذه ليغسل لهم أرجلهم ، ففي انحناءته عظمة وفي خدمته كِبَر وفي عمله محبة وفي تواضعه قوة . نرى حول رأس المسيح هالة ذهبية نورانية يتوسطها صليب رمز لصلبه وقيامته حُفرت عليه ثلاث أحرف يونانية معناها أنا هو أي الكائن . والكائن لا يستمد وجوده من أحد لأنه ينبوع الحياة المتدفق .
يرتدي المسيح ثوباً أرجوانيَّ اللون رمزاً لألوهيته ويأتزر بمنديل أزرق اللون ليجفف به أرجل التلاميذ بعد غسلها. عندما نتمعن في هذه الأيقونة نرى أحد عشر رسولاً لم يظهر كاتب الأيقونة يهوذا ضمن باقي الرسل لعله أراد بذلك تطبيق قول المسيح : “أنتم أيضاً أطهار ولكن لستم كلكم” .
يغسل المسيح أرجل التلاميذ وهو يمسح بالمنديل رجل القديس بطرس، رفض بطرس أن يغسل له رجليه سيده ومعلمه تهيّباً واحتراماً، فقال أأنت يارب تغسل قدميّ، لن تغسل قدميّ. فأجابه المسيح محذراً : إن لم أغسلك فلا نصيب لك معي .
رفض بطرس للوهلة الأولى أن يغسل له المسيح رجليه لأنه لم يفهم معنى عمل المسيح ، كما أنه لم يفهم بعد قيمة موت المسيح الخلاصية. لكنه سيموت بدوره من أجل المسيح ، أَلَمْ يقل بطرس للمسيح :
يارب إني لعازم أن أمضي معك إلى السجن وإلى الموت . ألَّح يسوع على بطرس ومزج إلحاحه بنصيبه ، “إن لم أغسلك فلا نصيبلك معي .
يدل إلحاح المسيح على غسل رجليّ بطرس الذي سلمه كنيسته بأنه سيصبح الكبير ولكن الكبير هو الذي يخدم ، فكان جواب بطرس للمسيح : “يارب ليس قدميَّ فقط بل يديَّ ورأسي أيضاً” .
يوحنا وباقي الرسل
ميّزَ كاتب الأيقونة يوحنا عن باقي الرسل ووضعه وراء بطرس على الطاولة وهما وحدهما موجودان على الطاولة . فنرى يوحنا يلقي برأسه على ركبته فيذكرنا بالمشهد الذي ألقى فيه برأسه على صدر المسيح في العشاء الفصحي بعدما أومأ إليه سمعان بطرس أن يسأل المعلم عمَّن عساه أن يكون خائن.
الرسل في حالة تعجب ينظرون إلى معلمهم مذهولين كأنهم يتساءلون لماذا ، بينما بعضهم يحل شريط حذائه بانتظار أن يغسل لهم المعلم رجليه . فليس التلميذ إذاً أفضل من معلمه وهو مدعو على مثال معلم أن يسلك الطريق ذاته ويتمثل بمعلمه أي أن يخدم الآخرين وأن يعطي ذاته وحياته حباً بالآخرين.
بعدما غسل المسيح أرجل تلاميذه أصبح بإمكانهم أن ينتقلوا معه إلى صهيون إلى جبل الزيتون وأن ينقلوا بشارة الخلاص.
يذكر أن إنجيل يوحنا انفرد بتفصيل ذلك الحدث، ويضيف على لسان يسوع، أن سبب الذي دفعه للقيام بغسل أرجلهم هو تقديم مثال بالتواضع وتبيان أهمية خدمة الآخرين والمساواة بين جميع الناس،وقد فسّر لهم ذلك بالقول: “ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله، فإن كنتم قد عرفتم هذا فطوبى لكم إذا عملتم به.( يوحنا 13:17 )
No Result
View All Result