نرى يوسف المتّقي سانداً قدمي السيّد بخشوع بينما نيقوديموس يتسلّق السلّم يعاونَه بشغف. نتساءل من هو الشخص الثالث إلى اليسار، الواضع إبطَ يسوعَ على عنُقهِ؟ قد يكون إنساناً سخّرهُ يوسف، على غرار سمعان القيرواني، الذي ساهم في حمل خشبة المصلوب على طريق الجلجلة، لمساعدته على إنزال الجسد الطاهر عن العود، لأنَّ رداءه يختلف عن رداء الأشخاص الآخرين. عمليّةُ الإنزالِ كانت صعبة بعض الشيء ودقيقة لأنَّ الجسد مُسمَّر ويحتاج عناية خاصَّة؛ ولا يبدو الجسد الطاهر في الأيقونة جامداً، بصلابة الأموات عادة، إنّهُ “مائت كنائم”، ليِّن، مرن.
مريم هنا صورة حيَّة للنوح والتوجُّع، فمقلتا مريم ذابلتان من الألم وكأنّ جسدها كلّهُ ينتفض مذبوحاً من شدّةِ الوجع. كأنَّ الرسّام حينما كان يرسُمُ لوحتَهُ، عاشَ المأساة التي عاشتها مريم في صميم قلبِهِ، كأنَّهُ يشعرُ بالجمرةِ تَحرِقُ قلبها. تستَنِدُ مريم إلى يوحنّا الجبيب، الممثّل الوحيد للتلاميذ الفارقين خوفاً؛ هو الذي سندَ رأسَهُ على كتفِهِ أثناء العشاء السريِّ، بقيَ الآن بجانبِهِ حتَّى النهاية، ويحاول أنْ يعزّي أمَّهُ بالتبنّي.
نرى بالقربِ من يوحنَّا حاملتي طيبٍ في اللوحة: الأولى مُنشغلة بمؤساة مريم، مُقبِّلةً يدها، واضعة إناء الطيب على الأرض بقربِها؛ والثانية فوافقة حاملة قارورة الطيب منتظرة انتهاء عمليّة الإنزال لتعبّر عن محبَّتِها بدهنِها الجسد بالمرّ الزكيّ الرائحة، الغالي الثمن