ثمر الروح
(غلاطية 5: 16-26 )
أعمال الجسد، (ثمر جسد الخطية)، (الخطية الساكنة فيَّ) ثمارها معروفة «زنى، عهارة.. الخ» (غل 5: 19–21).
“وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف” (غل 5: 22، 23).
لقد انسكبت محبة الله في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا (رو 5: 5)، فهو لم يعطنا قطرة بل سكيباً من المحبة، والروح القدس هو الذي يملأ قلوبنا من هذه المحبة. والمحبة هي الثمرة الأولى من ثمار الروح القدس والتي هي:
• محبة
أكثر ما يميز الشخص الممتلىء هو المحبة لأنه ممتلئ من روح المحبة من روح الله. ثمر الروح محبة؛ لله، وللإخوة، وللأعداء.. محبة لمن لا يحبهم أحد؛ للمنبوذين، وللمرفوضين، وللمحتقرين من الناس، لأنها هذه هي النوعية التي يحبها الله، فهو يساوي في محبته بين الجميع.
في العددين السابقين (غل 5: 13، 14) نجد التركيز على المحبة: «بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضاً» «تحب قريبك كنفسك». والمسيح نفسه أعطى توضيحاً لمعنى القريب وهو السامري الذي يحتقره اليهودي.
الروح القدس يفيض بالمحبة والفرح والسلام وطول الأناة.. فهل نختار واحدة أو اثنتين؟ لا! ثمر الروح هذه جميعها معاً، لأن الروح القدس يعبِّر عن وجوده في حياتنا أمام الناس بأكثر من صورة؛ أحياناً بالفرح، وأحياناً بالسلام، وأحياناً بالمحبة. إنه عنقود واحد به تسع حبات.
• فرح
وكما أنه روح الحب فهو روح الفرح (كما ذكرنا من قبل في الروح المعزِّي)
لأنه يعطينا أن نفرح بالرب وفي الرب كل حين (في 4: 4)
وهذا هو وعد الرب لتلاميذه: «سأراكم أيضاً فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم» (يو16: 22). وعندما نسلك بالروح نعيش في الرب لا في الظروف المحيطة بنا، ونرى الرب أمامنا حتى في وسط العاصفة، فتفرح قلوبنا ولا ينزع أحد فرحنا ، وهكذا نعيش وصية نحميا للشعب: «لا تحزنوا لأن فرح الرب هو قوتكم» (نحميا 8: 10)
.• سلام
يغمرنا الروح القدس بسلام الله الذي يفوق كل عقل، الذي يحفظ قلوبنا وأفكارنا في المسيح يسوع (في 4: 7).
السلام الحقيقي الذي لا يعرفه العالم ولا يعطيه إلا الرب بالروح القدس. هو السلام الذي يفوق حسابات العقل والمنطق البشري، لأنه يَرى من لا يُرى.. لأنه يعلم أن القارب الذي فيه المسيح بالروح القدس لا يمكن أن يغرق في بحر المشاكل والاضطرابات، حتى ولو بدا أن الرب نائماً فيه.
• طول الأناة
في طول الأناة نتمتع بصبر المسيح…. بطول البال وبقدرة أكبر على الاحتمال والمثابرة. كثيراً ما تقصر أناتنا مع أقرب الناس لنا: مع أولادنا، ومع شريك الحياة، ومع الزملاء في العمل، ومع الإخوة في الكنيسة. لكن عندما نرى طول أناة الرب معنا بشكل شخصي سنتعلم كيف «ننتظر الرب ونصبر له» (مز 37: 7)، وسنتعلم كيف ننتظر رحمته للناس فلا نفقد صبرنا على الناس، كما كان المسيح يفعل «قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ» (مت 12: 20).
• اللطف
الشخص اللطيف هو الشخص الرقيق المليء بالحنان والذي لا يقسو على أحد. فقلب الله مليء باللطف من نحونا، وروح الله لطيف ويتعامل معنا باللطف والرقة، فيجعل منا أناساً يتمتعون بلطف المسيح.
• الصلاح
الصلاح هو الذي يجعل إرادتنا صالحة للناس، خيِّرة تحب الخير للغير وتحب أن تصنعه لهم. الإنسان الصالح هو إنسان «غير ذاتي» في كل الأمور، يطلب ما هو لخير الآخرين.
• الإيمان
الإيمان يعني «التصديق» كما يعني «الأمانة» فأصل الكلمتين في العربية واليونانية أصل واحد: «الرب صالح. إلى الأبد رحمته، وإلى دور فدوراً أمانته».(مز 10: 5) يستطيع الروح القدس أن يعطينا هذه النوعية من الأمانة غير القابلة للتغيير، فلا تتغير مواقفنا، أو مبادئنا، أو كلامنا. الناس تستريح للشخص الأمين. وهذه الأمانة أصيلة في طبيعة الله «إن كنا ننكره فهو أيضاً سينكرنا. إن كنا غير أمناء فهو يبقى أميناً، لن يقدر أن ينكر نفسه» (2تي 2: 13)، فمن يمنحها لنا سوى روحه القدوس؟ «كنت أميناً في القليل أقيمك على الكثير»(مت 25: 21، 23). ولكننا في مرات كثيرة نكون غير أمناء على القليل فلا يأتمنا الرب على الكثير، ولا الناس أيضاً! لكن ثمر الروح يعطينا أن نعيش بالأمانة فنكون أمناء.
• وداعة
القلب الوديع هو قلب متواضع، وبسيط، ومرن، وقابل للتشكيل والتعديل، فهو غير متصلب.. لم يفقد القدرة على التغيير بحسب مشيئة الله وقصده.، كثير من المؤمنين شعارهم: «هكذا أنا ولا أستطيع أن أتغير» لا تعليم جديد ولا اختبار جديد ولكن يقول السيد المسيح: «تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب» (مت 11: 29). لقد كان هو قابلاً للتعليم ومتواضعاً، فكم بالحري نحن؟ علينا أن نتشكل كل يوم ونتعلم أشياء جديدة، ونسلك طريق النضوج مقتنعين أننا أطفال نحتاج للتعليم والتشكيل والتصحيح.
• تعفف
التعفف ليس هو الطهر بل هو ضبط النفس والقدرة على السيطرة على المشاعر. قد نغضب لكن لا نخطئ. قد تجول في القلب أفكار شريرة، لكن نستطيع أن ننتهرها. لا نعيش ما نعتقد أنه صواب بل ما دعانا الرب له، فالذي يعرف أن يضبط نفسه خير من الملوك والرؤساء: «مالك روحه خير ممن يأخذ مدينة»(أم 16: 32). يعلمنا الروح القدس كيف لا تسوقنا عواطفنا حيث تشاء هي، بل نسوقها نحن حيث يشاء الروح القدس. لا أحد يستطيع أن يختبر التعفف إلا إنسان قريب من الروح القدس ممتلئ منه.. ترك للروح القدس أن يجعل التعفف ثمرة ناضجة في كل مجالات حياته وفي كل علاقاته.
ثمر الروح القدس ثمر واحد، والممتلئ من الروح القدس تظهر فيه كل هذه الصفات، وبالتأكيد شخص بهذه الصفات لا بد أن يكون شخصية مريحة للناس ومحل ثقتهم، ويكون سبب بناء من حوله، ومثاله الأعظم الرب يسوع المسيح.
ثمر الروح تسعة ومواهب الروح تسعة أيضاً. ثمر الروح حتمي في الحياة المسيحية فهو يعبر عن الحياة والسلوك، لذلك يقول «اسلكوا بالروح» (غل 5: 16)، أما المواهب فهي إمكانيات للخدمة. المواهب بدون ثمر كارثة، وذلك ما يؤكده الرسول بولس في (1كو 13: 1): «إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاساً يطن أو صنجاً يرن»، فالمحبة هي أول ثمر للروح، فإن فقد الثمر لا معنى للمواهب، ويصير الإنسان صوتاً بلا حياة.
إلى اللقاء في الدراسة القادمة من مدرسة المسيح