من ثمار الروح: الصلاح
كالينيكوس ميتروبوليت بيرياس
نقلتها إلى العربية ماريا قبارة
“أمّا ثمر الروح فهو…. الصلاح“
الصلاح هو المحبّة العاملة. والإنسان الصالح هو الذي يحمل هموم الآخرين، فيقدم دواءً للمريض، وطعاماً للجائع، وكساءً للعريان، وعزاءً للحزين. هو الشخص الذي يعتني بالآخرين عناية ماديّة وروحية أيضاً. هو الشخص الذي يسير في خطوات المسيح؛ الذي كان يجول يصنع خيراً. فيسمع هذا الإنسان الصالح في اليوم الأخير، مع سائر المؤمنين الذين فعلوا الصلاح، القول: “تعالوا يا مباركي أبي، رِثوا الملكوت المعدَّ لكم منذ تأسيس العالم، لأنّي كنت جائعاً فأطعمتموني. وعطشاناً فسقيتموني. كنت غريباً فآويتموني. عرياناً فكسوتموني. مريضاً فزرتموني. محبوساً فأتيتم إليَّ. فيجيبه الأبرار حينئذٍ قائلين: يا ربّ متى رأيناك جائعاً فأطعمناك، أو عطشاناً فسقيناك؟ ومتى رأيناك غريباً فآويناك، أو عرياناً فكسوناك؟ ومتى رأيناك مريضاً أو محبوساً فأتينا إليك؟ فيجيب الملك: الحقّ أقول لكم، بما أنّكم فعلتموه بأحدِ إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي فعلتم” (متى 34:25-40).
1- الصلاح والاهتمام بالآخرين
يتحدث العهد الجديد عن سيدة فاضلة اسمها طابيثا: “كان في يافا تلميذة اسمها طابيثا (ومعنى اسمها غزالة) هذه كانت ممتلئة أعمالاً صالحة وإحسانات كانت تعملها“. امتلأت هذه السيّدة من الروح القدس، فأثمر فيها روح الله ثمرة الصلاح. ومرضت طابيثا، فصلَّت الكنيسة من أجلها كثيراً، لكنّها ماتت، فغسَّلوها ووضعوها في عليَّة، وأرسلوا يستدعون الرسول بطرس. وعندما دخل الرسول بطرس حيث كانت ترقد طابيثا، وقفت لديه جميع الأرامل يبكين ويُرينه أقمصة وثياباً مما كانت تعمل طابيثا وهي معهنّ. فأخرج بطرس الجميع خارجاً وجثا على ركبتيه وصلّى، ثمَّ التفتَ إلى جسد طابيثا الميت وقال: “يا طابيثا قومي“. ففتحتْ عينيها، ولمّا أبصرتْ بطرس جلست. (أعمال 36:9-43).
لقد ترجمت طابيثا صلاحها أقمصةً وثياباً، لم تعملها لأرملة واحدة، ولا لمجموعة أرامل قريباتٍ إلى قلبها، بل إلى كلّ الأرامل، لأنّ ثمر الروح فاضَ من شجرة حياتها، ليطعم ويُشبع كلّ من يقترب منها.. فإذا امتلأ قلبك بالروح القدس ستعمل الصلاح مع الجميع، مهما اختلفوا معك، لأنّ الروح القدس يملأك أعمالاً صالحة وإحسانات.
2- الصلاح والاهتمام بخدمة المسيح
عندما يملأ الروح القدس قلوبنا ويسيطر على تصرفاتنا، نقوم بعملٍ صالح للربّ نفسه، ونقدّم عملاً صالحاً لخدمته. ويقدّم لنا الكتاب المقدّس مثالاً في هذا عن سيدةٍ سكبت قارورة طِيبٍ كثير الثمن على رأس المسيح وهو متكئ. وعندما رأى تلاميذ المسيح الطِّيب المسكوب اغتاظوا وقالوا: “لماذا هذا الإتلاف؟ لأنّه كان يمكن أن يُباع بكثير ويُعطى للفقراء“. فدافع المسيح عن المرأة وقال: “لماذا تزعجون المرأة؟ فإنّها قد عملت بي عملاً حسناً” لأنّها قدَّمت تقدمتها، ولم يهمّها استحسان الموجودين أو انتقادهم. ولم يكن حكمهم عليها يغيّر شيئاً مما عزمت أن تفعله، فقد امتلكت محبة المسيح عقلها وقلبها، فلم يعد هناك شخصٌ آخر يستولي على تفكيرها أو مشاعرها إلاّ يسوع وحده. ولما أحبّته عملت به عملاً حسناً (متى 7:26-13).
إنّ الإنسانّ يميل بطبيعته وبعمله إلى الشرّ. قلبه خالٍ من كلّ صلاح لأنّ نفسه تأمره بالسوء، وهو لا يقدر أن يفعل أيّ صلاح إلاّ إذا غيَّر المسيح قلبه بعمل الروح القدس. أمّا الإنسان الطبيعي فلا يطلب الله ولا يُسرُّ بشريعته، كما هو مكتوب: “ليس بارٌّ ولا واحد. ليس من يفهم. ليس من يطلب الله. الجميع زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً. ليس ولا واحد” (رومية 10:3-12). ومن واجب كلّ إنسان أن يقبل خلاص المسيح فيولد ولادةً روحية ثانية، من فوق، بعمل الروح القدس. وسيجازي الله من يولدون من فوق، لأنّهم سيثمرون ثمر الروح. “سيجازي كلّ واحدٍ حسب أعماله. أما الذين بصبرٍ في العمل الصالح، يطلبون المجد والكرامة والبقاء (سيجازيهم) بالحياة الأبدية… مجد وكرامةٌ وسلام لكل من يفعل الصلاح” (رومية 6:2 و7 و10).
No Result
View All Result