يميز ويفرق القديس أغسطينوس بين :
+ عفه الشاب الناضج المجاهد .
+ وبين طهاره الطفل العاجز .
فلا يجاهد الشاب ويصارع من أجل العفه ، فقد يسقط ليقوم ، وقد يجرح فى جهاده الروحى ، لكنه لا ييأس قط فكل جهاد حتى وان صحبه أحياناً سقوط فهو علامه نضوج وحيويه وحب ، وللآسف الشديد فأن كثير من الشباب ييأس عند أول ضعف أو سقوط ، حاسبين أن العفه أمر مستحيل ، فخلال اليأس ينهار من سقوط الى سقوط ليخسر المعركه الروحيه تماماً .
فأن أولاد الله بالروح القدس يعلون بالغريزه ويرتفعون لبنيانهم الروحى ، فأن هنا الروح القدس يعلى بالغريزه للحب بالعمل والبذل الحقيقى بروح الرب ولا يعود الانسان يتعرض لحرب الفكر أو النظر ؟
الحق ياعزيزى أن الروح القدس يهب شبعاً للنفس بكل طاقتها والجسد بغرائزه حتى يفيض الانسان على الغير بألحب الطاهر بلا دنس ، يود الانسان أن يموت من أجل جميع أخوته و أخواته ، لا ليشبع غرائزه ولا بقصد البلوغ الى لذه جسديه ، بل يجب بلا حدود ، بلا تمييز ما استطاع
… لكن الروح القدس لا ينزع عن المؤمن الحرب مع الفكر الشرير حتى لا يحُرم من التمتع بالنصره والغلبه ليصير له أكليل أبدى ..
فمن حق الجسد أن يهاجم بشهواته ، وبأمكانيه الروح القدستمتص هذه الثوره ، وتستوعب وتصُبغ بالصبغه الجديده وتوُجه لطاقات حب وبذل غير محدودين ، فينطلق الشاب بنفس القوه الاولى ، وبنفس الثوره الاولى فى طاقم أعظم و أقوى بصوره جديده وتتعدى حدود الجسد منطلقه بكل الكيان الداخلى والخارجى للصلاه والخدمه والدراسه والامانه فى الحياه .
فأن الروح القدس الألهى يصيَّر عينك بسيطه ، فيكون جسدك كله نيرَّاً ، فأن تعرضت العين مثلاً لمنظراً ما فأن الروح القدس يقوم بالستر على العين ، فيطلب الانسان ان يستر الله عليه ، وعلى صاحب المنظر ليكونا مقدسين فى الرب .
هذه هى عفه النضوج ، حيث لا تعود إلى عفه الطفوله الطبيعيه التى لا تخطئ جنسيا بالطبيعة البشريه ، بل تتقبل حياه الطفوله البريئه الناضجه خلال عمل الروح القدس المقترن بالصليب ، كسكينيبترفينا
ماهو ليس حق او ليس عفه واهباً لنا قدره للحرب والجهاد .
قد تتعرض ياصديقى العزيز لما حدث مع يوسف الشاب ، حين قدُمت له الخطيه فى أخدع صورها …. سيدته الأمره الناهيه تجبره وتتوسل اليه وتضغط عليه وهو بلا معين ، ليس له أهل ولا كنيسه ولا كتاب مقدس ولا مرشد روحى …. ولكن الرب الذى يسنده ستر على عينيه فرأى الفرصه سانحه للنصره والغلبه بالله القدير !!! .
الصديق يسقط سبع مرات ويقوم …. لا عن أستهتار أو بلاده …. ولكن فى حرب وجهاد مع صلوات مستمره و أِشيتاق للعفه …
فالشاب الذى وهبه له غرئز يحاربه الانسان العتيق شهوات الجسد وتحأربه مغريات العالم ويصارع مع شيطان الزنا … هذا الشاب المسكين أن تسلح بنعمه الله وجاهد فى صلوات واعترافات وتناول من الاسرار المقدسه ، وحتى و أن هاجمه الفكره مره ومرات ، وأن سقط طالما فى ألم وحزن وصراخ وأوهات ، بغير إستسلام أو يأس ولا فى أستهتار وتراخ ….. بل فى حزم مع نفسه وطلب النعمه يجاهد …. مثل هذا الشاب يكلل بأكاليل العفه …. عفه الجهاد والغلبه لا العجز …
كيف تميز بين العفه بمفهومها الأيجابى والمفهوم السلبى ؟!!!!
أولاً : العفه طبقا للمفهوم السلبى :
يظن البعض أن العفه مجرد أمتناع عن الزنا ، أو عدم ممارسه لبعض العادات والممارسات المنحرفه المثيره للشهوه أو للذه الجنسيه مع أحاسيس عاطفيه جنسيه . أو هى مجرد هروب من أماكن أو أشخاص أو أوضاع مثيره ، أو عدم أنشغال الفكر والقلب بالعواطف والاحاسيس والافكار الخاصه بالجنس …. هذه كلها نواح سلبيه للعفه ..
هذه المفاهيم السلبيه حطمت كثيرين فى جهادهم وأفقدتهم تذوق العفه وعذوبتها ..
ثانيا : العفه طبقاً للمفهوم الأيجابى :
العفه من الجانب الأيجابى فهى إمكانيه داخليه ، هبه الله للأنسان ، بمعنى أنها التصاق الله بالانسان ، حب وعشق له ، ليتغنى القلب بالحب ، وتمتلئ النفس من فيض نعمته فيفيض بالحب على الغير ليعطى فرح دون ان يطلب ما لذاته ، العفه ليست كبتاً واغلاقاً على العواطف والاحاسيس والغرائز ـ إنما هى شبع وفيض ، هى أنطلاقه قويه بهذه جميعها فى مؤضعها السليم واتجاهها الحقيقى .