من ثمار الروح القدس – السلام
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ السلام هو صفاء وهدوء النفس وراحة الروح والضمير كثمرة من ثمار الروح القدس للمؤمن تجعله يحيا في وئام وأنسجام وأرتياح مع نفسه والله والغير. فلا يوجد داخله صراع أو خصام أو كراهية بل يحيا فى مخافة الله. {ليملاكم اله الرجاء كل سرور وسلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس} (رو 15 : 13). ونحن نصلي ونطلب ان يمنحنا الله والسلام دائما ونقول يا ملك السلام أعطنا سلامك، قرر لنا سلامك وأغفر لنا خطايانا وهو يجيبنا قائلاً {سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب} (يو 14 : 27). الله فى محبته ورحمته يعطينا الوعود بان لا نخاف { فان الجبال تزول والاكام تتزعزع اما احساني فلا يزول عنك وعهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب} (اش 54 : 10). ورغم الضيقات والتجارب التى نتعرض لها فان الله أمين { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33) . لقد نجا الله يونان قديما من بطن الحوت وخلص الفتية من أتون النار المتقدة ناراً وأنقذ دانيال من جب الأسود ، وكان القديس بطرس الرسول نائما فى سلام وهو مقيد فى السجن وجاء الملاك وفك قيوده وفتح ابواب السجن وخلصه من موت محقق، والله هو هو أمس واليوم والى الابد.
+ لقد واجه اجدادنا القديسين كل ظروف الحياة فى سلام داخلى عميق بالروح القدس الذي ملاء قلوبهم بالثقة في الله ومنحهم حكمة لم يستطيع جميع أعدائهم أن يقاوموها وعمل الله معهم المعجزات أن لانهم وثقوا في الله وأمنوا بكلامه وهو قادهم فى موكب نصرته. لقد خلق الله الإنسان ليعيش معه في سلام وشركة عميقة مع الله ، وبالخطية فقد سلامه وشركته مع الله { لا سلام قال الهي للأشرار.لأن الشرير كالبحر المضطرب الذي لا يستطيع أن يهدأ بل تقذف مياهه حمأة وطينا} (اش 2:57). ويأتي السلام مع الله من حياة التوبة والرجوع إلي الله ، فالإنسان التائب يتمتع بسلام إلهي عميق{ إذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله} (رو1:5). والسلام مع الله كنتيجة لتسليم الحياة بكاملها لله والاتكال عليه والثبات فيه. أما السلام مع الناس فانه نتيجة لروح المحبة والتعاون بين الناس وبعضهم، وبوجود حسن الظن والعواطف الصادقة وحب الخير للغير علينا أن نتصف بطول البال { أَخِيراً أَيُّهَا الإِخْوَةُ افْرَحُوا. اكْمَلُوا. تَعَزَّوْا. اهْتَمُّوا اهْتِمَاماً وَاحِداً. عِيشُوا بِالسَّلاَمِ، وَإِلَهُ الْمَحَبَّةِ وَالسَّلاَمِ سَيَكُونُ مَعَكُمْ }(2كو 13 : 11). علينا أن نصلي ونعمل من أجل السلام ونجد فى اثره، فالذى يحتمل الغير هو الأقوى أما الذي يثور ويغضب ويعيب في الآخرين فهو الأضعف {يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعف الضعفاء ولا نرضي أنفسنا} (رو2:15).
+ السلام مع النفس هو نتيجة لعلاقة طيبة بالله يشعر فيها المؤمن بانه يرضى الله ويعيش فى حماه وبضبط المؤمن لنفسه وقناعته الداخليه ورضاه عن واقعه مع سعيه الجاد ليحيا فى أطمئنان وهدوء بدون تشويش أو صراع بين الرغبات والميول {سلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع} (في 7:4(. السلام الحقيقي هو انتصار للمحبة وسيطرتها على حياة الإنسان. أننا أذ نعلم ان الله يقبلنا كما نحن لنصير الى حال أفضل نستطيع ان نقبل الإخرين كما هم ونغفر لهم زلاتهم نحونا ونقول مع السيد المسيح { يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون }(لو 23 : 34). لابد ان نجاهد لكى ما نحصل على حياة السلام ونبتعد عن الغضب والكراهية والشهوات بضبط النفس وترويضها ولو بالتغصب ومعاقبة النفس { ولكن كل تاديب في الحاضر لا يرى انه للفرح بل للحزن واما اخيرا فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر للسلام }(عب 12 : 11). علينا بالصلاة طالبين عمل نعمة الله فينا بتواضع وثقة. نعم قد توجد حروب ومعوقات خارجية او داخلية ولنستمع لنصيحة القديس ثيؤفان الناسك لكسب السلام الداخلى ( يوجد اضطراب في الداخل وهذا تعرفه من الخبرة. يجب أن تقضي عليه، وهذا ما تريده وقد قررت ذلك. ابدأ مباشرة بإزالة سبب هذا الاضطراب. السبب هو أن روحنا فقدت أساسها الأصلي، الذي هو في الله، وهي تعود إليه مجدداً بتذكر الله. إذاً، الأمر الأول هو هذا، ضروري أن تتعوّد على تذكّر الله بدون انقطاع، إلى جانب خوفه وتوقيره. كًنْ مع الله، مهما فعلت، ووجّه نحوه كل عقلك، محاولاً أن تتصرّف كما في حضرة ملك. سوف تعتاد على هذا سريعاً، فقط لا تستسلم أو تتوقف. إذا تبِعتَ هذا القانون البسيط بضمير حي، سوف تقهر الاضطراب الداخلي) .
+ نحرص أن نكون هادئين فالهدوء شجرة حياة لا يموت الذين يأكلون منها لقد جاء عن مخلصنا الصالح { لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته} (مت 12 : 19). يجب ان يكون لنا هدوء ورقة اللسان {هدوء اللسان شجرة حياة واعوجاجه سحق في الروح } (ام 15 : 4). { كلمات الحكماء تسمع في الهدوء اكثر من صراخ المتسلط بين الجهال} (جا 9 : 17) . {انه هكذا قال السيد الرب قدوس اسرائيل بالرجوع والسكون تخلصون بالهدوء والطمانينة تكون قوتكم فلم تشاءوا }(اش 30 : 15). ان كنا لا نستطيع ان نتحكم فى الظروف الخارجية او الضجيج فيجب ان نسرع لاقتناء الهدوء الخارجي من هدوء الحواس والفكر والقلب وعدم التقلب فى الاراء او السير وراء الاهواء وفى الهدوء نتحدث الي الله ونصغى لصوته الحنون ونقتنى بالإيمان نعمة قيادة الروح القدس لنا ذلك الروح الوديع الهادئ يقودنا فى سلام عبر أمواج العالم ويعطينا الحكمة للعيش فى هدوء { البغضة تهيج خصومات والمحبة تستر كل الذنوب } (ام 10 : 12).{ المحبة تتانى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ }(1كو 13 : ). ان كثيراً من الصرعات الفردية والجماعية تنشأ من الأنانية ونزعات السيطرة ومحبة الذات واللذات ولهذا نجاهد ونفرح لا لشهوة ننالها ولكن لرغبة غير مقدسة نُخضعها ونسيطر عليها فضابط نفسه خير من مالك مدينة. نصلي ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا ونحيا مذاقة الملكوت من الأن { لان ليس ملكوت الله اكلا وشربا بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس} (رو 14 : 17).
No Result
View All Result