(( ثمر الروح – الوداعة ))
قدس أبونا كيرلس منصور
■ احتار الآباء الرسل والقديسين في تعريف الشخص الوديع : فهو شخص طيب..بشوش .. محبوب .. سهل التعامل معه.. شخصيه جميله لا توصف ، وأعظم مثال للوداعة كانت أمنا العذراء مريم ؛ نجدها وديعه في حوارها حوارها مع الملاك عند البشارة : « هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ ».. «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ،وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي،لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ.» وأيضا مع اليصابات؛ ما أجمل الكلمات التي نقولها في قسمة أعياد القديسة العذراء ( يا الله الساكن في الأعالي والناظر من علو سماه إلى قلوب المتواضعين ..)
■ والكتاب المقدس تكلم في 3 أمور للوداعه :
١-دعوه وتطويب
٢-ثمره وعطيه
٣-سلوك وحياة
١- الوداعة دعوه وتطويب
•• الوداعة دعوة … لأن رب المجد دعانا بنفسه ومن لسانه المبارك قال : ” وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.” صدقوني يا إخوتي هناك أناس لم تقراء كتاب مقدس أو تحضر اجتماعات ولكنها تتعامل بوداعه المسيح لأنهم عاشوا المسيح علي عاشوا صورته ومثاله
•• الوداعة تطويب … لأن رب المجد طوب الودعاء “طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ.” .. ما أجمل طيبة وحنية ووداعه السيد المسيح نجدها مع..
+ مع بطرس : لقد تسآل وقال له« هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ » لو كان معلم آخر لغضب ولكنه يرد عليه بكل وداعة قائلا ” يَأْخُذُ فِي هذَا الزَّمَانِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي”
+ مع المرأة الزانية : فقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي أُمسِكَت في ذات الفعل ويا لهُ من موقف صعب حتى على تلك المرأة الخاطئة، حينما “أَقَامُوهَا فِي الْوَسْطِ”، لكي تقع عليها كل عين، تحكم عليها بنظرات قاسية وإهانة. السيد المسيح قد تجاهلهم وبدأ يكتب على الأرض بإصبعه وقال لهم: “مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!” وعندما خرج الجميع ولم يتبقى سوى السيد المسيح والمرأة الزانية، قال لها بكل وداعة : “يَا امْرَأَةُ، أَيْنَ هُمْ أُولئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟”، فأجابته بالنفي، فقال لها الديان الإلهي: “وَلاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضا”
الوديع نجده يحفظ ويطبق كلام كورنثوس ١٣ ” المحبة …” نجده دائما يختفي خلف الصليب وينسب كل عمل لرب المجد يسوع المسيح..
٢- الوداعة ثمرة وعطيه
•• نجد في رسالة بولس الرسول إلى غلاطية ” وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام، طول أناة لطف صلاح إيمان ، وداعة تعفف.” نجد ثمرة روح الوداعه هي الثمرة رقم 8 ورقم ٨ يشير إلى القيامه ..
•• وفي صلاه باكر وهي رمز ايضاً تشير للقيامة ، نقول فيها. ” أسْألُكُم أنَا الأسِيرُ فى الرَّبِّ أنْ تَسْلكُوا كَمَا يَحقُّ للدَّعْوةِ التِى دُعِيتُم إليْها، بكلّ تَواضُعِ القَلْب والوَدَاعةِ …”وليس هذا كله صدفه بل كتبوها ناس تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُس ( ثمره وعطيه ) ثمرة الوداعة هي ثمرة من ثمار الروح القدس وثمار الروح هي روح الله الساكن فينا فالله يريد أن الجميع يخلصون ..
لكن ..
أنت غصن في الكرمة ” أنا الكرمة وأنتم الأعضان “ احذر أن ينكسر الغصن ويجف فلا يوجد فيه ثمر ، فأثبت في الكرمة دائما بالتناول والاعتراف والكتاب المقدس ” اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ،”
٣ – الوداعة حياه وسلوك :
•• يقول الكتاب : « أَنْتُمْ رِسَالَتُنَا، مَكْتُوبَةً فِي قُلُوبِنَا، مَعْرُوفَةً وَمَقْرُوءَةً مِنْ جَمِيعِ الناس »
ما اجمل ان نكون رساله المسيح يروا المسيح فينا بأعمالنا ، يروا المسيح الوديع فينا ، فنحن غير العالم ، فلا تسلكوا كما يسلك الامم ، وليس هذا ضعف بل قوة ، انتم تصمتون والله يدافع ..
•• ما أجمل كلمات المسيح الوديع ..” اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي …”
ولو علمنا ماهو النير ..!! ( النير هو العصا التي تضع علي الثور ) ، تصوروا أننا ربطنا حملاً بنير على ثور ، فالذي سوف يحمل كل الحمل هو الثور.. يا له من تواضع ووداعة للسيد المسيح يشبه نفسه بثور يحمل وأنا وأنت مجرد ضوء على النير ..
لكن ..
الوداعه لاتلغي تلغي الشجاعة والشهامة ، فنجد المسيح الوديع في الهيكل يطرد الباعه والصيارفه قائلًا : “مكتوب بيتي بيت الصلاة يُدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص” أن موقف المسيح في تطهير الهيكل يرينا إن كان وديعًا ومتواضع القلب، إلا أنه حينما يلزم الأمر يكون حازمًا جدًا، يتصرَّف بكل شجاعة.
ربنا يعطينا ثمره الوداعه ونتعلم منه لأنه وديع ومتواضع القلب ولإلهنا المجد الدائم آمين.
( قدس أبونا كيرلس منصور ك.الاباجية – نهضة ٢٠١٩)