عيد الغطاس أو الدنح
المعمودية والولادة الجديدة
من انجيل القديس لوقا 3/15-22
وفيمَا كانَ الشَّعْبُ يَنتَظِر، والجَمِيعُ يَتَسَاءَلُونَ في قُلُوبِهِم عَنْ يُوحَنَّا لَعَلَّهُ هُوَ الـمَسِيح، أَجَابَ يُوحَنَّا قَائِلاً لَهُم أَجْمَعِين: “أَنَا أُعَمِّدُكُم بِالـمَاء، ويَأْتي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، مَنْ لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحُلَّ رِبَاطَ حِذَائِهِ. هُوَ يُعَمِّدُكُم بِالرُّوحِ القُدُسِ والنَّار. في يَدِهِ الـمِذْرَى يُنَقِّي بِهَا بَيْدَرَهُ، فيَجْمَعُ القَمْحَ في أَهْرَائِهِ، وأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لا تُطْفَأ”. وبِأَقْوَالٍ أُخْرَى كَثيرَةٍ كانَ يُوحَنَّا يَعِظُ الشَّعْبَ ويُبَشِّرُهُم. لـكِنَّ هِيرُودُسَ رئِيسَ الرُّبْع، وقَد كانَ يُوحَنَّا يُوَبِّخُهُ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ أَخِيه، ومِنْ أَجْلِ كُلِّ الشُّرُورِ الَّتي صَنَعَها، زَادَ على تِلْكَ الشُّرُورِ كُلِّهَا أَنَّهُ أَلقَى يُوحَنَّا في السِّجْن. ولـمَّا اعْتَمَدَ الشَّعْبُ كُلُّهُ، اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضًا، وكانَ يُصَلِّي، انفَتَحَتِ السَّمَاء، ونَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ القُدُسُ في صُورَةٍ جَسَديَّةٍ مِثْلِ حَمَامَة، وجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يَقُول: “أَنْتَ هُوَ ابْنِي الـحَبِيب، بِكَ رَضِيت”.
معمودية يسوع على يد يوحنا المعمدان تسمى ” الغطاس” او التغطيس في ماء المعمودية. وهبوط الروح القدس على يسوع بشكل منظور وسماع صوت الآب المعلن بنوة يسوع الالهية يسميان ” الدنح”، وهي لفظة سريانية تعني الظهور. انه ظهور الثالوث القدوس، واعتلان حقيقة يسوع ابن الله، على عتبة البدء برسالته العامة. وكانت اللفظة تعني سابقاً ظهور الاله انساناً او تجسد الكلمة الالهي عندما كان يعيّد الميلاد في اوائل اجيال الكنيسة في 6 كانون الثاني، قبل نقله الى 25 كانون الاول، ليحل محل العيد الوثني الاله-الشمس.
اولًا: شرح نص الانجيل
- المعمودية بالماء والروح
ان يسوع بمعموديته في نهر الاردن، وبحلول الروح القدس عليه من فيض محبة الآب، قدّس المياه، وجعلها “حشا المعمودية” التي يولد منها الانسان ثانية بقوة الروح القدس. كانت معمودية يوحنا رمزًا خارجيًا للتوبة، اما معمودية المسيح، التي تمارسها الكنيسة بسلطان كهنوتي منه، فعلامة خارجية واداة فاعلة في داخل الانسان. انها بالماء تغسل المعمّد من الداخل بقوة الروح القدس وتمحو منه خطيئة آدم المولود فيها، وخطاياه الشخصية المرتكبة بعد سن التمييز. وبحلول الروح القدس تجعله سكنى الثالوث القدوس: تظلله محبة الآب وتقدّسه نعمة الابن، وتحييه قوة الروح القدس. المعمودية تطعّمه غصنًا في كرمة المسيح وتجعله عضوًا في جسده السرّي وحجرًا مقدسًا في هيكل الله. يصبح المعمّد ابنًا لله بالابن الوحيد، ووريثًا لخيرات الملكوت، شريكًا في الحياة الالهية. معمودية المسيح “طريق الخلاص”.
هذا ما تنبأ عنه يوحنا المعمدان: “أنا اعمدكم بالماء، ويأتي بعدي من هو اقوى مني… هو يعمدكم بالروح القدس والنار… وينقي بيادره فيجمع القمح في اهرائه ويحرق التبن بنار لا تطفأ” ( لو3/16-17). تتصل هذه النبوءة بما كشفه يسوع لنيقوديمس: ” ما لم يولد الانسان من الماء والروح لا يستطيع ان يدخل ملكوت الله… ينبعي لكم ان تولدوا ثانية ” (يو 3/5و7)؛ وبما اعلنه للتلاميذ عندما ارسلهم ليعمدوا الامم، قبيل صعوده الى السماء: ” من يؤمن ويعتمد يخلص” (مر16/16)؛ وبما فعله الرسل وخلفاؤهم من بعدهم (انظر اعمال الرسل 8/34-39).
- حلول الروح القدس على يسوع، وعلينا بالميرون
“اعتمد يسوع ايضًا، وفيما هو يصلي انفتحت السموات وهبط عليه الروح القدس بشبه جسم حمامة” (لو3/21-22).
هذا الروح عينه سيهبط، كثمرة لموت المسيح وقيامته، على الرسل في العلية (اعمال2/1-13)، ومن بعدهم على كل معمّد في سرّ الميرون وغيره من الاسرار. فالمعمودية باب جميع الاسرار.
إن يسوع الذي “تجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء وصار انسانًا”، يمتلك الروح القدس، وبقوته يحقق الاتحاد الكامل بين الله والانسان. في نهر الاردن امتلأ يسوع من الروح القدس بشكل ظاهر، فكان ” المسيح” ابن الله الذي ” كرسه” الاب وارسله الى العالم من اجلنا ومن اجل خلاصنا. فبات كل عمل يقوم به المسيح، بعد المعمودية، تحقيقًا لقوة الروح الذي سيقود كما باليد، نحو عمل الخلاص. فقاده اولاً الى الصحراء ليحارب الشيطان وينتصر عليه بالصوم والصلاة بعد اربعين يومًا ( متى4/1-11). وفي كل حياة يسوع العامة سيظهر الروح القدس كقوة تحرير من قوى الشر بواسطة المعجزات.
وبقوة الروح عينه اقدم يسوع على الموت وقدم ذاته ذبيحة فداء للأب (عبر9/14-15). فاقامه الروح من الموت وفقاً لمشيئة الآب. بعد الموت والقيامة وهب الرب يسوع الروح القدس من فيض محبة الاب، يوم العنصرة، مدشناً الزمن الجديد زمن الروح في حياة البشرية والتاريخ، يعطيه للمؤمنين بواسطة الكنيسة وخدمتها. من يسوع، ينبوع الماء الحي، يجري الروح القدس على الكنيسة والعالم (يو7/37-39).
بسرّ الميرون يصبح المعمد شريكًا في عنصرة الروح القدس، يفاض عليه مع مواهبه السبع: الحكمة، والفهم، والعلم، والمشورة، والقوة، والتقوى، ومخافة الله.
بالميرون يختم المعمد بطابع الروح القدس فينتمي كلياً الى المسيح، يصبح في خدمته بشكل دائم، ينال الحماية الالهية في المحن الكبيرة. إن مسحة الروح بالميرون تطبعه بطابع لا يمحى، يجعل منه ” رائحة المسيح الطيبة” (2كور2/15) باقواله ومسلكه واعماله، ويصوره على شبه المسيح.
بالميرون الروح يساعد المسيحي على النمو بالمسيح. المعمودية تجعل المؤمن على صورة المسيح في الطبيعة بالولادة الثانية، اما الميرون فيجعله على ” شبه” المسيح في الاعمال. الطبيعة الجديدة المعطاة في المعمودية تنمو وتكتمل بنعمة الروح في سرّ الميرون وفقًا لتصميم الله، وتحقيقاً لمواهب الروح، وتظهر في حياة الشهادة بالايمان والرجاء والمحبة.
- العلاقة بين الاهل واولادهم
“هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت” ( متى3/17).
في معمودية يسوع على نهر الاردن اعتلنت بنوته الالهية وعلاقته بابيه السماوي.
عندما ارسل الآب روحه القدوس واستقر على يسوع بشبه جسد حمامة، اعلن انه ” ابنه الحبيب”. فالروح القدس هو حب الله، المتبادل بين الآب والابن في سرّ الثالوث الاقدس. حيث يستقر الروح القدس تحلّ محبة الله، كالشمس، حيث يستقر شعاعها يحلّ النور والحرارة. بادل الابن الالهي الحب للاب بقبوله رسالة الفداء وتتميم ارادته الخلاصية. وسينادي يسوع اباه، في حياته العامة، ” اباّ ” للتحبب والتودد (مر14/36)، كما ينادي اطفال اليوم والديهم بلفظة اصبحت عالمية ” papà اي ابتاه الحبيب”. هذا الروح اياه، يقول بولس الرسول، عندما يستقر فينا، وهو روح الابن المرسل الينا من الآب، ” يجعلنا نهتف يا ابانا” ( روم 8/15؛ غلا4/6).
عندما احبت مريم الله، وعاشت بملء النعمة وقبلت الرسالة الموكولة اليها على يد الملاك، ارسل الآب اليها الروح القدس اي حبه الاسمى، فاصبحت حاملاً بابنه الوحيد. كانت مرضاة الله عليها، كما ستصير على ابنه المتأنس. هذا شأن كل واحد منا، اذا احب الله وحفظ كلامه وعاش بمقتضى وصاياه، احبه الله وارسل اليه روحه القدس، فينال مرضاة الله.
من خلال علاقة الله الاب بالابن الالهي، تعتلن علاقة كل اب بابنائه في العائلة الدموية، الناتجة من الانجاب والتربية، كما تلك الناتجة من كل ابوة وامومة روحية في الكنيسة (راجع افسس 5/22-31).
من بين المشاكل العائلية، تُطرح اليوم العلاقة بين الاهل والاولاد، وهي في الاساس ينبوع فرح وسعادة ونضج لدى الاهل ولدى ابنائهم وبناتهم. اذا اختلت هذه العلاقة او تشوهت، وقعت المأساة في العائلة. من مظاهر الخلل من جهة الاهل: عدم الاكتراث بشؤون الابناء لانشغالهم بشؤون اخرى، كالعمل او اللهو او الادمان على الكحول او المخدرات او لعب القمار، وكالتسلّط، والابوية والامومة المفرطة (maternalisme paternalisme)؛ ومن جهة الابناء او البنات: التمرد، الرفض، عدم التواصل. وقد تفشت “عقدة اوديب” كما يسميه علم النفس التحليلي، اي الرغبة الدفينة بقتل الاب او الام. هذا الخلل نجده ايضاً بين المسؤول والجماعة سواء في الكنيسة ام في المجتمع.
نرى اليوم عملية شيطانية ترمي الى التفرقة والقطيعة والانفصال، ليس فقط بين الطبقات الاجتماعية والرجل والمرأة وهذا وذاك من الناس او الفئات، بل ايضاً بين الآباء وابنائهم وتضع الابناء ضد آبائهم. نقول “عملية شيطانية”، لان لفظة “شيطان- diabolos” تعني ذاك الذي يفرّق ويقسّم بين الناس. وهكذا تُسمم الحياة العائلية التي هي أصفى ينبوع للفرح في الحياة البشرية، والعامل الاهم لاتزان الشخص ونضوجه. فكم من آباء يتألمون المًا عميقًا لشعورهم بانهم مرفوضون من ابنائهم أو محتقرون بالرغم مما ضحوا في سبيلهم! وكم من ابناء يتألمون المًا شديدًا بسبب عدم فهمهم او رفضهم من قبل ابيهم أو أمهم وربما يسمعون في لحظة غضب “أنت لست ابني او ابنتي!”.
حدد الملاك مهمة يوحنا المعمدان بانه “يردّ قلوب الآباء الى البنين، وقلوب الابناء الى الآباء” ( لو1/17؛ ملاخي3/24). من الضرورة متابعة هذه المهمة اليوم، باطلاق مبادرة مصالحة كبيرة هي مبادرة شفاء العلاقات المريضة بين الآباء والابناء، والتغلب على عمل الشيطان بالتماس حلول الروح القدس هاتفين: “هلم ايها الروح القدس! نقِّ ما كان دنسًا، أرو ما كان جافًا، إشف ما كان معتلًا، ليّن ما كان صلباً، دفّء ما كان باردًا، وقوّم منا الانحراف!”
المطلوب، في هدي انوار الروح، فعل ايمان واقتداء. الايمان بان الابوة والامومة ليستا مجرد عملية بيولوجية، بل مشاركة في ابوة الله. والاقتداء بابن الله المتأنس، المنتمي الى عائلة نما فيها بالطاعة والقامة والنعمة والحكمة ( راجع لوقا 2/51-52). هكذا يختصر بولس الرسول هذا الحل: “أيها الآباء لا تغيظوا ابناءكم لئلا يصدموا! ايها الابناء اطيعوا آباءكم لانكم بهذا ترضون الرب!” (كول3/20-21). عدم اغاظة الابناء تعني صبر الوالدين عليهم وتفهمهم، وانتظار نضوجهم، وعدم المطالبة السريعة بما يرغبون لهم او منهم، ومعذرة اخطائهم، وتشجيعهم وعدم اقناطهم، وتقدير مبادراتهم. مطلوب من الاب والام ان يكونا للاولاد الصديق ومحط الثقة والمثال والكنز الاثمن.
***
ثانيًا: الكنيسة والفكر السياسي
للخروج من الانحطاط في مفهوم السياسة والممارسة السياسية، نواصل تعليم الكنيسة حول الشأن السياسي، وكيفية تصرّف السياسيين والحزبيين في خدمة الخير العام. موضوع اليوم: الخلقية السياسية.
فيما الكنيسة تعتمد على العلمانين في ادارة الشؤون الزمنية السياسية، اي النشاط الاقتصادي والاجتماعي والتشريعي والاداري والثقافي الهادف الى الخير العام، فانها تذكرّهم بمبادئ الحياة السياسية، ليمارسوها ممارسة ملائمة لروح الانجيل.
ليس للمسيحي حياتان متوازيتان : حياة روحية قائمة بذاتها وحياة علمانية لها نهجها الخاص، وتجهل الواحدة الاخرى. بل ينبغي على الاولى ان تروحن الثانية وتملأها قيما” روحية وانسانية وخلقية ، فتضحي الحياة واحدة ببعدين: الواحد عامودي متصل بقيم الروح، والثاني أفقي متصل بالافعال اليومية، حيث المسيحي يبث الروح المسيحية في النظام الزمني. ذلك ان البشرى الانجيلية تنير جميع الشؤون البشرية، من اقتصاد وسياسة وتجارة وقضاء وادارة واعلام وسواها، وهي كلها وسائل معدة، في آن معا”، لان تبني الاسرة البشرية ، وتقودها الى خيرها وسعادتها وكرامتها (الارشاد الرسولي: رجاء جديد للبنان،112).
وفيما الكنيسة تعترف باستقلالية الشؤون الزمنية، فانها بتعليمها، وحكمها الادبي على صلاح الافعال وشرها، تدعو الذين يقومون بخدمة الشأن العام ان يحسنوا التصرف بعقل سليم، انسجاماً مع الحياة الفائقة الطبيعة التي تسمو هذا العالم بقيمها الروحية والانسانية والخلقية ما يجب ان يقوموا به او لا يقومون (البابا يوحنا بولس الثاني: تألق الحقيقة،59).
يمتاز لبنان بخصائص سياسية ثلاث على المستويين الافقي والعامودي.
افقيًا، لبنان دولة ديموقراطية يريدها كل ابنائها، وديموقراطيته قائمة على امكانية العيش المشترك كهدف واساس للسلطة الشرعية (مقدمة الدستور اللبناني).
عاموديًا، على مستوى توزيع السلطات، لبنان يعتمد العدالة والانصاف في توزيع السلطات بموجب الميثاق الوطني والصيغة اللبنانية وفقاً للمادة 95 من الدستور، يتم التوزيع بحسب نسبة الطوائف اللبنانية.
هي الممارسة السياسية السليمة التي تجمع دائماً بين الافقي والعامودي. فان فُقد احدهما وقع الخلل في الكيان اللبناني، وانهارت الهوية والرسالة. لا بدّ، على مستوى الفكر السياسي، من فهم ما يسمى “بالطائفية السياسية” كتعبير عن توزيع السلطات.
الديموقراطية والطائفية مترابطتان. لولا التعدد الطائفي لما كانت الديموقراطية التي هي نظام سياسي يقوم على التعددية والعيش المشترك. لقد علّمنا الاختبار، في سنوات الحرب، ان لا المسيحيون لوحدهم ولا المسلمون لوحدهم معدّون لممارسة الديموقراطية ضمن حدودهم. كفانا انتقاداً غبياً للطائفة (المطران انطوان حميد موراني: الارشاد الرسولي “رجاء جديد للبنان” في ابعاده اللاهوتية والروحية والانتروبولوجية، صفحة 239).
من الضرورة تحديد الديموقرتطية ومعرفة الجانب الذي تعوق فيه الطائفة الديموقراطية السليمة.
الديموقراطية هي ارادة العيش معاً والاتحاد بين الجميع، لكن الطائفية تحول الى حدّ ما دون الوحدة الافقية في العيش المشترك. فكيف التوفيق بين الطائفية، التي هي اساس الديموقراطية، وشرها الذي يعيق فعلياً الديموقراطية؟
السبيل الاول، توعية جميع اللبنانيين الى واقعهم السياسي في خيره وشره، واعطاؤهم ثقافة سياسية شاملة وموضوعية، ينشأ على اساسها الالتزام السياسي والانتماء الكامل الى لبنان في بُنيته، لا على اساس تعصّبي او جزئي. فيكون العمل بموجب العقل الساعي الى الخير العام، والى تجاوز الحدود الطائفية لصالح الكفاءة والخير العام.
السبيل الثاني، تحويل التعددية الطائفية إلى اساس تعددي للدولة يحمي الديموقراطية والحرية الدينية. وتبقى الممارسة السياسية وفقًا للدستور بعيدة عن التجاذبات والحسابات الطائفية.
السبيل الثالث، جعل الثقافة معيارًا للحصول على وظيفة، فلا يعود الفرد محتاجًا اللجوء إلى طائفته لهذه الغاية. هذا السبيل يقتضي افراغ الطائفية من مضمونها، وجعلها في حالة عدم النفع على مستوى الحصول على وظيفة.
كل هذه المعايير تدعو المواطنين لحسن اختيار ممثليهم في السلطة السياسية، ولتقييم عملهم ومحاسبتهم ومساءلتهم.
****
ثالثًا: الخطة الراعوية لتطبيق المجمع البطريركي الماروني
تواصل الخطة الراعوية تقبل النص المجمعي السادس: “البطريرك والاساقفة”. فتناول خمسة من واجبات الاسقف في ابرشيته.
- الاهتمام بالكهنة (الفقرة 33)
يدرك الاسقف ان رسالته لاتكتمل ولا تنجح الا بالكهنة معاونيه. فمن واجبه الاولي الاهتمام بهم على صعيد العمق الروحي والثقافة اللاهوتية والكفاءة والحس الكنسي المسؤولية والمشاركة في حمل الرسالة، وتأمين معيشة لائقة بهم.
- راعوية الدعوات الكهنوتية (الفقرة 34)
الدعوات الكهنوتية ضمانة المستقبل. يعتني الاسقف ومعاونيه المعنيين بتعزيز هذه الدعوات، وتنشئتها والتواصل الشخصي مع المدعوين ومع المسؤولين في المدارس الاكليريكية، والسهر على ان تنضج شخصية المدعو، وتتزين بالعلم والفضيلة، وتتميز بحسن العلاقات البشرية، وتنفتح على الغيرة الرسالية.
- العلاقة بالرهبان والراهبات (الفقرة 35).
إن وجود الرهبان والراهبات في الابرشية عطية ثمينة من الله بفضل ما لهم من رسالة في الاديار وفي المؤسسات التربوية والاسشفائية والاجتماعية، ما يعزز خدمة الانجيل والاسرار والمحبة الاجتماعية.
يحوطهم مطران الابرشية بالمحبة والاحترام، ويتعاون معهم ويشركهم في هموم البشارة الانجيلية ورسالة الكنيسة. ويكون لهم الاخ الاكبر والمثال، وهم يحفظون له في قلوبهم عاطفة الابناء والبنات الصادقة، ويحرصون على التعاون والتنسيق معه في اعمال الرسالة.
- دور العلمانيين الرسولي (الفقرة 36).
أبرز المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني دور المؤمنين العلمانيين ومشاركتهم الفاعلة والمسؤولة في حياة الكنيسة ورسالتها. من واجب الاسقف ان يوفر لهم الثقافة اللازمة والكفاءة ليضطلعوا بدورهم ومسؤولياتهم،في حياتهم المسيحية والرعوية من خلال المنظمات الرسولية والهيكليات القانونية والرعوية، بما تشمل من مجالس ولجان وهيئات . ان دور المؤمنين في حياة الكنيسة ورسالتها حق لهم وواجب عليهم بحكم المعمودية والميرون .
- الزيارات الراعوية (الفقرة 37).
بالزيارة الراعوية الى رعايا الابرشية يمارس الاسقف خدمته التعليمية والتقديسية والادارية. يحرص عليها لكي يطّلع من خلالها على حاجات ابناء الابرشية وقضاياهم، وعلى مسيرة الرعية على كل صعيد، فيتمكن من اتخاذ ما يلزم من تدابير.
****
صلاة
أيها الرب السماوي، لقد جعلتنا ابناء لك بالابن الوحيد يسوع المسيح، فولدنا لك ابناء بالمعمودية، وجعلتنا هيكل روحك القدوس بالميرون. اعطنا النعمة والقوة لنشهد في حياتنا ونشاطاتنا الزمنية للحياة الجديدة التي فينا. نوّر عقولنا بمبادىء الانجيل وتعليم الكنيسة، لكي نبني مدينة الارض على اسس قيم الروح، فيلتقي الجميع، مع تنوّعهم الثقافي والديني، في وحدة العيش معًا بسلام وتضامن واحترام متبادل. احفظ وحدة شعبك حول رعاة الكنيسة لخير كل انسان. فنمجدك ونشكرك، أيها الاب والابن والروح القدس إلى الابد، آمين.
Discussion about this post