محبة المسيح الفائقة
كتاب في مديح القديس بولس – القديس يوحنا ذهبي الفم – القمص تادرس يعقوب ملطي
لا تحدثوني عن المدن أو الشعوب والملوك والجيوش والمال والولايات والسلطات، فهذه كلها فانيات، ولكن اهتموا بالفرح السماوي لتروا المحبة الفائقة التي في المسيح.
مجد الملائكة ورؤساء الملائكة وأي شيء آخر أقل شأنًا عنده من محبة المسيح، فأمتلك في أعماقه الداخلية أعظم ما يمكن للإنسان امتلاكه، أي محبة المسيح التي بها اعتبر نفسه أسعد الناس، وبدونها يفقد كل رغبة في أية سلطة أو مبادئ أو قوات. بهذا الحب فضًل أن يُحسب ضمن الرُتب الوضيعة على أن يُحسب ضمن أعظم النبلاء بدونه. كان العقاب الوحيد في نظره أن يتجرًد من هذا الحب، فذاك هو الجحيم نفسه، والتأديب والشر الأبدي. على عكس ذلك فإن امتلاك محبة المسيح هي السماء، وهي الحياة، وهي العالم كله، وهي أن يصير ملاكًا، وهي الفرح الحاضر، والفرح المقبل، وهي أن يصير ملكًا، وهي الوعد، وهي الصلاح الأبدي.
خارج هذا لا يوجد أي شيء آخر سواء كان مُبهجًا أو مؤلمًا. احتقر العالم المنظور كله كأنه ورقة شجرة جافة متعفنة، فالطغاة والناس المملوءين بنار الغضب في نظره مجرد حشرات صغيرة، الموت والاستبداد والاضطهاد في نظره كلهو الأطفال، طالما أنه من أجل المسيح. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فأحتضن كل هذا بفرح، واعتبر قيوده في سلاسل جائزة أثمن وأغلى من تاج نيرون، فصار سجنه سماءً واحتمل جراحات السياط باشتياق كاشتياق المتسابق نحو الجائزة، لذلك دعى الآلام، دعوني أشرح ما أقصده بذلك.
إن المكافأة الحقيقية هي أن ينطلق ويكون مع المسيح (في 23:1) فذاك أفضل من أن يكون في الجسد، لأن تلك هي الضيقة والتجربة. وبالرغم من ذلك فضٌل الضيقة عن المكافأة، وقال أنها أكثر ضرورة له. أن يكون محرومًا من المسيح فذاك هو القضاء المؤلم الذي يفوق كل ألم، ولكن من أجل المسيح فضًل أن يكون هو نفسه محرومًا منه عن أن يكون مع المسيح.
قد يقول قائل أن تلك الأشياء كانت موضع سروره بسبب المسيح. وأوافق على أن الذي يحزننا كان يفرحه… إذًا لماذا أذكر الأخطاء والإهانات؟ لأن آلامه الدائمة جعلته يقول: “من يضعف وأنا لا أضعف، من يعثر وأنا لا ألتهب” (2 كو 29:11).
No Result
View All Result