عيد الدنح
تيطس2/11-3/7
لوقا3/15-22
الاحد الاول بعد الدنح
يوحنا 1/29-34
عيد الغطاس أو الدنح هو الاحتفال بتذكار معمودية الرب يسوع على يد يوحنا المعمدان في نهر الاردن، وهو في الثلاثين من عمره. فيُسمّى “الغطاس” للدلالة الى نزوله في مياه الاردن وقبول معمودية الماء للتوبة. وهو تذكار اعتلان سرّ يسوع انه ابن الله، واعتلان سرّ الله الثالوث: الآب بالصوت، والابن الحاضر في المياه، والروح القدس بشبه الحمامة التي استقرّت على الابن. فيُسمّى “الدنح” اي الظهور والاعتلان (لوقا3/21-22).
في غداة المعمودية والظهور، كانت شهادة يوحنا المعمدان، الممتلىء هو ايضًا من انوار الروح القدس، استكمالًا لما “اعتلن وظهر”في الامس، فاعلن ان يسوع هو “حمل الله” الذي يحمل خطيئة العالم “أي الفادي الالهي الذي “يعمّد بالروح القدس”، لانه “ابن الله” (يو1/29 و33 و34).
الله يعتلن لنا بالمسيح، ونحن مدعوون لمعرفته بالقلب والشهادة له بالحياة.
اولًا: يوبيل القديس بولس وشرح الرسالة والانجيل
- ما عرف القديس بولس عن حياة يسوع على الارض[1]
معرفة يسوع، كما معرفة كل شخص، نوعان: خارجية وداخلية. المعرفة الخارجية تقف عند مظهره الخارجي واقواله وافعاله وتصرفاته، ويسميها بولس الرسول ” المعرفة حسب الجسد” (2كور5/16). اما المعرفة الداخلية فهي معرفة الشخص بالقلب من خلال حياة الصداقة معه. انها معرفته في داخله وجوهره، وهي المعرفة الحقيقية. هذا التمييز أجراه يسوع بسؤاله المزدوج لتلاميذه: “من يقول الناس اني انا ابن البشر؟ – وانتم، من تقولون اني هو؟” (متى16/13 و15). كم من علماء يعرفون يسوع في تفاصيل شخصيته واقواله وافعاله! وكم من اشخاص بسطاء امّيين عرفوه في صميم حقيقته من دون ان يعرفوا تلك التفاصيل! “فالقلب يكلّم القلب”. إلى هذه المعرفة التي بلغها بولس، يدعونا هذا الرسول. فهو عرفه اولًا بالقلب، ثم بالتفصيل من الرسل والكنيسة الناشئة.
عرف بولس الرسول تفاصيل من كلمات يسوع وافعاله، فجعلها قاعدة حياة منتقلًا هكذا من معرفة العقل إلى محبة القلب والتزام الحياة. نعطي بعض الامثلة:
أ- مجانية الخدمة ومساندة المؤمنين
فيما يسوع يطلب من الجماعة ان تعتني بمعيشة من هو مكرّس لحمل انجيله اليها بقوله: ” كونوا في ذلك البيت تأكلون وتشربون مما عندهم. لان الفاعل يستحق اجرته” (لو10/7)، يؤكد بولس هذا الحق بقوله: ” ان الذين يخدمون الهيكل، فمن الهيكل يقتاتون. والذين يخدمون المذبح، فالمذبح يقاسمون. وربنا ايضاً هكذا امر: ان الذين ينادون ببشارته، فمن بشارته يعيشون”. لكنه يعلن تخلّيه عن هذا الحق، للتأكيد على واجب التبشر بالانجيل، لانه مفروض عليه من الله، ولا يقوم به عن هوى شخصي، من اجل مكسب وأجر. وهذه هي مدعاة فخره. ولهذا يقول: ” الويل لي ان لم ابشّر” (1كور9/13-17).
ب- قوة الرسالة من الله
يستوحي بولس الرسول من كلام الرب يسوع عن “المساكين بالروح” (متى5/3) و”البسطاء الاطفال” (متى11/25)، فاكّد ان الله يختار جهّال العالم ليخزي الحكماء، وضعفاء العالم ليخزي الاقوياء، والوضيعة أحسابهم في العالم، والمنبوذين، والذين ليسوا بشيء، ليبطل المعدودين، لكي لا يفتخر بين يديه كل ذي جسد” ( 1كور1/27-29). وبهذا يتوجّه إلى المسيحيين والمكرسين في الكهنوت والحياة الرهبانية بالقول: ” انظروا دعوتكم، يا اخوتي، فانه ليس فيكم كثيرون حكماء بحسب الجسد، ولا فيكم كثيرون اقوياء، ولا فيكم كثيرون من ذوي الحسب الشريف” ( 1كور1/26). لقد اختبر بولس في عمله الرسالي أن الودعاء وبسطاء القلوب هم المنفتحون على معرفة يسوع.
ج- الجهوزية في تتميم ارادة الله
من تاكيد الرب يسوع عن جهوزيته لتتميم ارادة الآب عندما قال: ” طعامي أن اعمل بمشيئة الذي ارسلني، وان اتمم عمله” (يو4/34)، وعن روابط القرابة الروحية معه من خلال هذا العمل، بقوله: ” ان من يعمل بمشيئة الله، فذاك هو اخي واختي وامي” (مرقس4/35)، كانت دعوة بولس الرسول الى التشبّه باخلاق المسيح الذي ” واضع نفسه وأطاع الآب حتى الموت على الصليب” (فيليبي2/5 و8). فجعل الصليب محور كرازته على انه ” حكمة الله وقدرته”.
- رسالة بولس الرسول الى تلميذه تيطس:2/11-3/7: الولادة الجديدة بنعمة الرحمة والفداء
لأَنَّ نِعْمَةَ اللهِ قَدْ ظَهَرَتْ خَلاصًا لِجَمِيعِ النَّاس، وهِيَ تُؤَدِّبُنَا لِنَحْيَا في الدَّهْرِ الـحَاضِرِ بِرَزَانَةٍ وبِرٍّ وتَقْوَى، نَابِذِينَ الكُفْرَ والشَّهَوَاتِ العَالَمِيَّة، مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ السَّعِيد، وظُهُورَ مَجْدِ إِلـهِنَا ومُخَلِّصِنَا العَظِيمِ يَسُوعَ الـمَسِيح، الَّذي بَذَلَ نَفْسَهُ عَنَّا، لِيَفْتَدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْم، ويُطَهِّرَنَا لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا، غَيُورًا على الأَعْمَالِ الصَّالِحَة.تَكَلَّمْ بِهـذِهِ الأُمُورِ وَعِظْ بِهَا، ووَبِّخْ بِكُلِّ سُلْطَان. ولا يَسْتَهِنْ بِكَ أَحَد. ذَكِّرْهُم أَنْ يَخْضَعُوا لِلرِّئَاسَاتِ والسَّلاطِين، ويُطِيعُوهُم، ويَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِح، ولا يُجَدِّفُوا على أَحَد، ويَكُونُوا غَيْرَ مُمَاحِكِين، حُلَمَاء، مُظْهِرِينَ كُلَّ ودَاعَةٍ لِجَميعِ النَّاس. فَنَحْنُ أَيْضًا كُنَّا مِنْ قَبْلُ أَغبِيَاء، عَاقِّين، ضَالِّين، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَواتٍ ولَذَّاتٍ شَتَّى، سَالِكِينَ في الشَّرِّ والـحَسَد، مَمْقُوتِين، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا. ولـكِنْ لـَمَّا تَجَلَّى لُطْفُ اللهِ مُخَلِّصِنَا، ومَحَبَّتُهُ لِلبَشَر، خَلَّصَنَا، لا بِأَعْمَالِ بِرٍّ عَمِلْنَاهَا، بَلْ وَفْقَ رَحْمَتِهِ، بِغَسْلِ الـمِيلادِ الثَّاني، وتَجْدِيدِ الرُّوحِ القُدُس، الَّذي أَفَاضَهُ اللهُ عَلينَا بِغَزَارَة، بِيَسُوعَ الـمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا. فإِذا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ، نَصِيرُ وَارِثِينَ وَفْقًا لِرَجَاءِ الـحَياةِ الأَبَدِيَّة.
عرف بولس الرسول الرب يسوع معرفة القلب. يتحدث عن “نعمة الله التي ظهرت لنا بالمسيح”. وهي نعمة الفداء بسرّ موته وقيامته: لقد بذل نفسه عنا، ليخلّصنا من كل اثم، ويطهرّنا لنفسه شعباً جديداً يتنافس بالاعمال الصالحة”. انه يشرح في ذلك قول يوحنا المعمدان عن يسوع “هذا هو حمل الله الذي يحمل خطيئة العالم” (يو1/29).
ونعمة الله هي “الرحمة” التي من فيضها تبررنا، لا من اعمالنا، بل من الفداء بالمسيح هذا الذي غسل خطايانا بدمه وافاض علينا الحياة الالهية بالروح القدس، بقيامته. ويُجري ذلك في انسان كل زمن وجيل ومكان بالمعمودية التي هي ” غسل الميلاد الجديد والتجدد بالروح القدس”. ان بولس يشرح شهادة يوحنا المعمدان الذي قال: ” انا اُرسلت لاعمّد بالماء، اما الآتي بعدي، وكان قبلي، لانه أقدم مني، فهو يعمّد بالروح القدس” (يو1/30 و33).
اما مفاعيل النعمة الالهية والميلاد الجديد من المعمودية فهي: الطاعة والخضوع للرؤساء، الاستعداد لكل عمل صالح، الامتناع عن الشتم والخصومة والعصيان والاستعباد للشهوات، وعن الحسد والضغينة والحقد (تيطس3/1-3).
ميزات ” شعب الله الجديد”، المولود بالمعمودية المتفجّرة من موت المسيح وقيامته، هي: التنافس بالاعمال الصالحة، تقديس الذات بالنعمة، العيش في الرجاء واستحقاق ميراث الحياة الدائمة (تيطس2/14؛3/7).
- بالمعمودية اصبحنا ابناء الله بالابن الوحيد (يو1/29-34)
شهد يوحنا المعمدان ان يسوع الذي يعمّد بالروح القدس هو ابن الله الذي اشركنا ببنوته للآب، لا في الطبيعة والجوهر، بل بالنعمة والهبة.
ماذا تعني بنوتنا لله من الناحية اللاهوتية، وماذا تقتضي منا على مستوى الحياة، وما الهدف الذي ينير دربنا؟
لقب ابن الله يعني في شهادة يوحنا المعمدان ما كان يعنيه في العهد القديم، أي البنوة بالتبني التي تقيم بين الله وخليقته علاقات مودة وحياة حميمة خاصة . فلا يتعدى اللقب بشرية الانسان. وقد كان يطلق على الملوك مثل سليمان: ” يا داود أقيم من يخلفك من نسلك، وانا اثبّت عرش ملكه الى الابد . انا اكون له اباً وهو يكون لي ابنًا” (2صموئيل 7/12-14)؛ وعلى ابناء شعب الله: “انتم ابناء للرب الهكم….لانك شعب مقدس للرب الهك ، وقد اختارك الرب لتكون له شعبًا خاصًا من بين جميع الشعوب التي على وجه الارض” ( تثنية 14/1-2)؛ وعلى الشعب المختار: اسرائيل هو ابني البكر . قلت لك ( الرب لفرعون بلسان موسى ): “اطلق ابني ليعبدني ، وان أبيت ان تطلقه فهاءنذا قاتل ابنك البكر” ( خروج4/22-23)، وعلى ملائكة الله التي تشكل بلاطه الملوكي: ” واتفق يومًا ان دخل بنو الله ليمثلوا امام الرب” (ايوب1/6).
بهذا المعنى نحن اصبحنا بالعمودية ” ابناء الله “، حسب لاهوت القديس بولس الرسول. هو الروح القدس الحال فينا يجعلنا خاصة الله: ” من لم يكن فيه روح المسيح فما هو من خاصته ” (روم8/9)، ويجعلنا ابناء الله: ” ان الذين ينقادون لروح الله يكونون ابناء الله. انتم لم تتلقوا روح العبودية، بل روح التبني به ننادي: ابّا، يا ابتِ؛ وهذا الروح نفسه يشهد مع ارواحنا بأننا ابناء الله ” (روم8/14-16)، وورثة الله وشركاء المسيح في الميراث: ” اذا شاركناه في آلامه، نشاركه في مجده ايضاً ” (روم8/17).
بنوتنا لله تأتينا من ابن الله المتأنس: ” ارسل الله ابنه مولوداً لامرأة، مولوداً في حكم الشريعة ليفتدي الذين هم في حكم الشريعة، فنحظى بالتبني ” ( غلاطية 4/4-5). هذا ما تفعله فينا المعمودية.
لكن شهادة يوحنا تضيف على مفهوم العهد القديم وجهاً الهياً يسمو الحدود البشرية : ” يأتي بعدي رجل قد تقدمني، لانه كان قبلي”. لم يكن قبله من ناحية التاريخ البشري، بل من ناحية الوجود الالهي، وشهادته تستند الى اعلان الصوت من السماء: “انت ابني الحبيب”. وعندما يعترف سمعان ? بطرس ان يسوع ” هو المسيح ابن الله الحي” ( متى 16/16)، فأنه بفضل الوحي الالهي يعلن كل الوهيته (متى16/17). والسيد المسيح يسمي نفسه “الابن ” بمفهوم البنوة الالهية الكاملة : هو الابن الذي يعرف الآب (متى11/27)، ويفوق كل الخدام الذين ارسلهم الله قبله (متى21/33-39). ويميز بين بنوته وبنوة التلاميذ: ” اني صاعد الى ابي وابيكم ” (يو20/17). لم يستعمل قط صيغة ابانا لتشمله معهم بل اباهم وحدهم: ” كونوا انتم كاملين، كما ان اباكم السماوي كامل هو” (متى5/48)، ” لان اباكم يعلم ما تحتاجون اليه قبل ان تسألوه ” (متى6/8)، ” صلوا انتم هذه الصلاة: ابانا الذي في السموات …” (متى6/9). عندما يعنيه الامر يقول ” ابي”: ليس من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات ، بل من يعمل بمشيئة ابي الذي في السموات ” ( متى7/21).
من الناحية الخلقية علينا كأبناء واجب الخضوع والطاعة لله، والاتكال على عنايته الوالدية، والبحث عن ارادته، والسماع لنداءاته، والقيام بالرسالة التي أوكلها الينا، والمحافظة على الشبه الالهي فينا، ولنا في ” الابن الوحيد”، الابن بالامتياز ، كل القدوة.
من الناحية الاسكاتولوجية نعلم اننا الى الله خالقنا ومخلصنا ومقدسنا نحج في مسيرة الدنيا. الكنيسة المنظورة ترمز الى البيت الابوي الذي يسير نحوه شعب الله. انها بيت جميع ابناء الله، المفتوح على مصراعيه ليستقبل الجميع. في هذا البيت نعيش بنوتنا لله بكل ابعادها ومقتضياتها. وفي طقوسها نستبق ليتورجيا السماء، كما يرويها يوحنا الرسول في كتاب الرؤيا (الفصل 19).
***
ثانيًا: اللقاء العالمي السادس للعائلات
العائلة وتربية الانسان الجديد
تستعد العائلات في العالم للقائها العالمي السادس مع قداسة البابا في مدينة مكسيكو (14-18 كانون الثاني 2009) والموضوع العام: العائلة منشّئة على القيم الانسانية والمسيحية. وضع المجلس الحبري للعائلة كتيّباً بعشرة مواضيع تحضيرية لهذا الحدث الكنسي العام. نعرض منها اليوم الموضوع الثامن: الرعية والمدرسة معاونتا العائلة في التربية.
يرتكز هذا الموضوع على قول للقديس بولس الرسول: ” انتم تعلّمتم المسيح تعليماً مطابقاً للحقيقة، وهي انكم بالمسيح نبذتم الانسان العتيق الذي أفسدته الشهوات الخداّعة، في سيرتكم الاولى، وتجددتم في اذهانكم تجدداً روحياً، ولبستم الانسان الجديد الذي خُلق على مثال الله، في البّر وقداسة الحق” (افسس4/21-24).
في العائلة، بموآزرة الرعية والمدرسة، يتربى الشخص البشري على ان يعيش بحسب الانسان الجديد في البّر وقداسة الحق، ويسهم بفاعلية في اعطاء العالم وجهاً مسيحياً (البيان المجمعي في التربية المسيحية،2).
من اجل هذه التربية في العائلة، يعنى الوالدون، وهم المربّون الاُولون والاساسيون، بخلق مناخ عائلي يحييه الحب والتقوى والقيم الانسانية والاجتماعية، وبتربية اولادهم على معرفة الله وعبادته، وعلى محبة القريب ولاسيما الفقير والضعيف والمريض.
تحتاج العائلة ايضًا الى المدرسة الخاصة والرسمية، بحيث تكون الحليف الافضل للوالدين، فتوفر للاولاد كل ما لا يستطيع الاهل توفيره، وتساهم في تحقيق ما يبتغيه الاهل لاولادهم. ان المدرسة تهيىء للمجتمع مواطنين مخلصين.
غير ان الحاجة الى الدولة تبقى هي ايضاً ملّحة. فمن واجب المجتمع المدني تأمين الحقوق والواجبات للوالدين والمعلمين والاداريين، والمحافظة على الاداب العامة وسلامة الحياة الاجتماعية واستقرارها.
***
ثالثًا: رسالة البابا بندكتوس السادس عشر ليوم السلام العالمي 2009
“محاربة الفقر، بناء السلام” بعد اظهار العلاقة بين الفقر والسلام، يتناول قداسة البابا في رسالته تبعات الفقر الاخلاقية في خمسة مجالات، نذكر منها اليم اثنين:
- مجال النمو الديموقراطي: الفقر هو بمثابة السبب المباشر للنمو الديموقراطي. وهذا ما يحمل الدول على القيام بحملات لخفض نسبة الولادات، باعتماد وسائل لا تحترم كرامة المرأة، ولا حق الازواج في اختيار عدد بنيهم بروح المسؤولية، ولا الحق في الحياة، في أغلب الاحيان. وبذلك يبيدون ملايين من الاطفال غير المولودين.
من بين الدول الاكثر تقدمًا، فإن تلك التي لها نسبة نمو مرتفع للولادات انما هي التي تنعم بافضل القدرات للنمو. هذا يعني ان السكان ثروة لا عامل فقر.
- مجال الامراض الوبائية كالملاريا والسّل والسيدا: بقدر ما تصيب هذه الامراض القطاعات الانتاجية من السكان، بقدر ذلك تؤثر، وبشكل كبير، على تدهور الاوضاع العامة في البلاد. من المؤسف ان محاولات الحدّ من هذه الامراض وتبعاتها على السكان لا تأتي دائماً بالنتائج المرجوّة. فان الدول ضحايا هذه الامراض تضطر الى الانصياع للابتزا التي تمارسه الدول اذ تربط تقديم المساعدات الاقتصادية بشرط بتطبيق سياسات معادية للحياة.
تجدر الاشارة الى انه من الصعب محاربة السيدا، هذا العامل المأساوي للفقر، من دون مواجهة المشاكل الاخلاقية المرتبط بها انتشار هذا الفيروس. فلا بدّ من تنظيم حملات تثقيفية تربّي الشبيبة على مفهوم الممارسة الجنسية وفقاً لكرامة الشخص البشري. ولقد أعطت مبادرات مماثلة نتائج وافرة في هذا المجال. ويجب ثانياً تأمين الادوية والعلاجات الضرورية للشعوب الفقيرة. وينبغي ثالثاً ان ينطلق التزام جدّي في البحث الطبي، وفي التجديدات العلاجية، وفي تطبيق القواعد الدولية التي تنظّم الملكية الفكرية، من اجل ضمانة العلاجات الصحية الاساسية للجميع (الفقرتان 3 و4).
صلاة
أيها الرب يسوع، لقد أظهرت لنا ذاتك وسرّ الله في يوم دنحك، بشهادة من السماء ومن يوحنا معمّدك. هبنا ان نعرفك مثل يوحنا وبولس، معرفة القلب فنحبك ونلتزم تعليمك ونشهد لك في حياتنا اليومية: في العائلة والمجتمع، في الكنيسة والدولة. لقد جسّدت لنا الرحمة الالهية وغسلت نفوسنا من خطاياها بدمك المراق على الصليب وبماء المعمودية وقوة الروح القدس. ساعدنا لنعيش مقتضيات الانسان الجديد الذي تحقق فينا بالولادة الثانية، ولان نكون بأجمعنا شعباً جديداً، نتنافس بالاعمال الصالحة، نعيش البنوة لله والاخوّة بعضنا لبعض.
بارك عائلاتنا لتكون دائماً المدرسة الطبيعية التي تربي انساننا الجديد على القيم الانسانية والمسيحية، ولتحسن التعاون مع المدرسة والرعية من اجل استكمال هذه التربية. ألهم المسؤولين في الدولة والكنيسة لايجاد السبل الفضلى لمحاربة الفقر وحماية الشبيبة والعائلات من تبعاته التي تقوّض القيم الاخلاقية، فيضعوا بذلك اسس السلام العائلي والاجتماعي. ولك ايها الآب والابن والروح القدس، نرفع كل مجد وشكر وتسبيح، الآن والى الابد، آمين.
- خطاب البابا بندكتوس السادس عشر في المقابلة العامة، الاربعاء 8 تشرين الاول 2008.
Discussion about this post