“لذلك يترك الرجل أباه واُمه ويتحد بإمرأته فيصيران جسداً واحداً”
(تك 24:2)
الزواج هو أسمى العلاقات بين البشر. فبالزواج يصبح الجسدان جسداً واحدآ لذلك يقول بولس في رسالته الى أهل كورونثس
“لاسلطة للمرأة على جسدها فهو لزوجها؛ وكذلك الزوج لاسلطة له على جسده فهو لإمرأته “، وكذلك يقول في نفس الرسالة
“على الزوج أن يوفي إمرأته حقها كما على المرأة أن توفي زوجها حقه”.
لقد كثرت المشاكل والفراقات والطلاقات في أيامنا الحالية فكل يوم نسمع عن فلان انفصل عن زوجته، والآخر ترك زوجته، وغيرها من المشاكل التي جعلت مشروع الزواج مشكلة . فأول ما يتبادر الى الذهن: هل لو تزوجتُ ستكون إمرأتي وفية لي؟ او كيف أستطيع أن أتزوج وأنا لا أملك شيئاً! أو غيرها من العقبات والطلبات التعجيزية التي يطلبها الطرف الآخر.
لذلك يجب أن نعرف على ماذا نبني قراراتنا عندما نقرر الزواج .
كثير من شبابنا وشاباتنا يبنون اختياراتهم على أشياء غير أساسية لاختيار شريك أو شريكة حياتهم. فمنهم من يختار على أساس الجمال: إنها جميلة، عيونها زرقاء، وجهها جميل . أو أنه جميل المحيا، عاقد الحاجبين، أو أنه غني يملك سوبر ماركت أو مارسيدس او او….الخ
كل هذه الأسباب تنفع لعقد صفقة بين الطرفين وليس عقد زواج. لأن العقد ينتهي بانتهاء السبب، فالجمال والمال والشهرة والأشياء الأخرى تنتهي أو ممكن أن تفقد. وعندما ينتهي السبب ينتهي بريق النصف الآخر وتبدأ المشاكل، أو بالأحرى نخلق المشاكل لكي ننهي هذه العلاقة وبسهولة نفترق وعندما يسألوننا ماذا حدث؟ نجيب لقد كانت تجربة فاشلة .
لقد قدّس الرب سر الزواج. فيقول الكتاب: خلق اللـه آدم، وبعدها ألقى الرب الإله سباتا على آدم وأخذ أحد أضلاعه وصنع منه المرأة وسميت إمرأة لانها من امرىء اُخذت. ويقول الكتاب أيضا : إن الرب أخذ الضلع الأقرب من القلب لكيما تكون المرأة قريبة من الرجل.
لقد خلق اللـه رجلاً وامرأةً، اي رجل واحد وامرأة واحدة. لم يخلق اللـه رجلاً وخمسَ نساء، لذلك يقول ربنا يسوع المسيح من طلق امرأته لغير علة الزنى فهو زان، ومن تزوج مطلقة زنى.
وهنا يسأل الكثيرون كيف يختارون الزوج أو الزوجة المناسبة. كيف يستطيعون أن يتأكدوا أنه أو أنها ستسعده إلى النهاية، أو إذا حدث له مكروه أو خسر نفوذه أو غيرها من الأمور إنها ستبقى معه أو سيبقى معها او ….
سمعت من أحد الاصدقاء جواباً يُضحك ويبكي في نفس الوقت ومثيراً للانتباه فيقول “إن الزواج مثل البطيخة، يا بيضة يا حمرا” ولكن نسى صديقي إننا نستطيع أن نرمي البطيخة البيضاء في الزبالة ولكن كيف نستطيع أن نرمي إنسانة!
أجل يا اخوتي: إن الزبالة هي الطلاق، فاذا لم نتفق نطلق. دعونا نجرب لن نخسر شيئاً، (زينه! خير على خير، وان كانت مو زينه نطلق. احنا لا أول ولا آخر من يطلق)….
انها مأساة حقيقية عندما نفكر بهذا الانحطاط .مأساة عندما نبني زواجنا على لحظة انبهار، أو يكون الزواج للتخلص من وضع للدخول في عالم جديد ( كالبنات والشباب الذين يحلـمون بالدخول الى أمريكا وأوربا) لأن زواجهم مبني على فيزا الدخول…
لقد نسينا وعود اللـه لنا فهو يقول ” محبة أبدية احببتك، دعوتك باسمك انت لي” او “لن اهملك لن اتركك عيني عليك” وغيرها من الآيات التي تحكي عن محبة الآب. هل ننسى كيف اختار عبد ابراهيم زوجة لسيده اسحاق وكيف استشار جدعون اللـه أو يشوع بن نون وغيرهم. لماذا لانكون مثل هولاء ونستشير ربنا في أمور حياتنا وخصوصا موضوع الزواج . فهل نظن أن إله الامس يسمع وإله اليوم لايسمع! كثيرا ما نفكر اين انت يا اللـه، لماذا لا تستجيب، لماذا عندما نريدك لانجدك. ننسى أننا عندما نقرر نلغي وجوده، عندما نريد ان نفعل شيئاً لا نعير أهمية لوجود اللـه. كثيرا ما نجد انفسنا في مأزق او وضع ما لا نعرف كيف اصبحنا به، ونسأل لماذا حدث هذا، ننسى أننا قررنا دون اللجوء إلى استشارة اللـه، فلا نلوم أنفسنا لأننا قررنا دون أن نقرأ الكتاب المقدس ولم نصلِّ لإلهنا كي نعرف مشيئته كما يقول الكتاب: فصلى عبد ابراهيم ووضع علامة وأعطاه اللـه العلامة فعرف أن البنت التي تسقيه و تسقي جماله هي المختارة لسيده، أو نرى جدعون يضع علامته في جزة الصوف. فيا ترى ماهي علامتنا نحن؟ هل نستخدم اي علامة أو صلاة وننتظر اللـه أن يستجيب لنا!
إن أخطر ما نواجهه هو أن نكره حياتنا الزوجية ونبحث عن بديل لها بحجة اننا تعساء ونقع في فخ الخيانة الزوجية، وهنا يقول الكتاب في سفر الامثال: احذر المرأة الاجنبية فكل امرأة ليست زوجتك هي أجنبية.
ولنرى ما حدث لداؤد الذي كان الفتى الذي فرح قلب اللـه وصرع جليات بقوة اللـه عندما وقع بخطيئة الزنى مع بثشباع فمات الولد الذي ولدته لداؤد. امنون اعتدى على أخته، ابشالوم قتل أخاه وأخيرا أراد أن يغتصب العرش من أبيه. لقد تصرف داؤد بغير حكمة اللـه فحصد المآسي. وهذا ما نفعله بالضبط، نتصرف بغير صلاة واستشارة اللـه فمن أول مشكلة نغضب نترك البيت، نطلق، ننفصل بهدوء، أو ربما الأحسن أن نبقى أصدقاء.
وهنا أوجّه سؤالي ما ذنب الاطفال أن يتربوا بعيدا عن أحدهم (الأب أو الأم)؟ هل ذنبهم أنهم ولدوا لأهل اختاروا بعضهم على أسس خاطئة ؟ الجمال… الغنى.. وغيرها، ونسوا أن يختاروا بالمحبة، محبة اللـه ..
لذلك نحتاج أن نبني حياتنا الزوجية على محبة اللـه. فهو يقول “أيها الرجال أحبوا نساءَكم كما أحب المسيح ايضا الكنيسة وسلّم نفسه لأجلها” افسس25:5. وكيف أحب المسيح الكنيسة؟ لقد مات من أجلها او بالأحرى صُلب من اجل الكنيسة. فهنا يطرح السؤال نفسه: أيها الزوج! هل انت مستعد ان تُصلب من اجل زوجتك؟ هل إن محبتك هي أبدية ومستعد أن تموت من أجل من تحب؟
وأنت أيتها الزوجة! هل تخضعين لزوجك كما تخضع الكنيسة للمسيح …….إننا نتزوج لبناء بيت سعيد وأن نربي أطفالنا في مخافة اللـه …. هذا هو الهدف الذي من أجله نتزوج …
فيا أخي لو تزوجتَ عن عدم اقتناع، أو انت يا اُختي لو تزوجتـِه لأنه غني أو لانبهاركم ببعض المزايا ثم اختفى هذا البريق، هل تظنون أن الفراق او البحث عن شخص آخر سيحل المشكلة؟ من الممكن ان تُحل وقتياً ولكن ثقوا إنها نصف الحل.
أما المحبة فهي الحل الأمثل، فحاولي أن تحبي زوجك حتى لو اعتقدت أنه تغير. حاول أن تحب زوجتك حتى لو فـَقـدَت جزءا من جاذبيتها، حاولي أن تحبي زوجك حتى لو جعلته الظروف فقيرا معدما. حاول أن تحب زوجتك حتى لو أنها مرضت واحتاجت للخدمة، وانظر كيف ذهب يسوع الى الموت وماذا تحمّل من أجل كنيسته.
أود أن أقول لكم إن اللـه قد أعطانا سر الزواج لكي نقدسه لا أن ندنسه، أعطانا هذا السر لنصونه ونمجد اسمه القدوس من خلاله وأن نقول ونرنم مع يسوع “أما أنا وبيتي فنعبد الرب”.
Discussion about this post