لا شك في أن المال يشكّل في عصرنا الحاضر عنصراً أساسيًّا. هذا إلى حدّ قياس الإنسان وفقاً لمقتنيّاته الماديّة. أليس نافذو السياسة والحكم من المتمولّين أوّلاً. هذا ما يخلق الثورات في النهاية.
لماذا؟ لأن المال سلطة ونفوذ، ما يغذي شهوات البشر. المال يُستخدم كوسيلة ولا يعبد. الله وحده معبودٌ.
نعم، الإنسان بحاجة إلى المال من أجل تأمين عيش كريم. هذا أمرٌ شرعيّ. لكنه لا يمنعنا من أن “نطلب أوّلاً ملكوت الله”.
لماذا هذا الجشع اليوم ليس فقط وراء المال بل أيضًا وراء الأكل والشراب واللباس؟ هل قيمة الإنسان هي فقط في ظواهره؟ غالباً ما نرضخ لمتطلّبات المجتمع فتصبح هكذا عبوديّة ما العمل؟ أن نؤمن بالله ونحيا بحسب إيماننا بأن الله هو ضمانتنا لا المال ولا الضمان الصحيّ ولا الضمان الإجتماعي. شركة الضمان لا تكفل حياتنا بل شركتنا مع الله في تطبيق وصاياه.
“ليس ملكوت الله أكلاً وشراباً بل هو برّ وسلامٌ وفرحٌ في الروح القدس” (رومية 14: 16).
* * *
” لا تهتموا لأنفسكم…”
هذا لا يعني لا تعملوا، لا تشتغلوا. يقول الرسول بولس إلى تيموثاوس “ان كان أحدٌ لا يعتني بخاصته ولا سيّما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وهو شرّ من غير المؤمن” (1 تيموثاوس 5: 8). القصد من كلام السيّد هو أن نركز على العمل الداخلي.
الكنز الحقيقي هو في الداخل، هو في القلب. الإنسان قيمته في قلبه. أنت مالك في داخلك محبّة الله لذا تسعى، على الرغم من أعمالك الماديّة والمهنيّة، لا بل من خلالها أيضًا تسعى إلى محبّة الآخرين.
* * *
الإنسان يتأرجح بين محبّة الله ومحبّة المال. هذا جهاد الحياة كلّها عند المؤمن. أنت إنسان يملكك روح الله، “الإنسان الروحي يحكم في كلّ شيء ولا شيء يحكم فيه” (1 كور 2: 15). تهتمّ بكلّ شؤون العالم، تأكل تشرب تقتني المال، لكنك تبقى متطلّعاً على الدوام إلى وجه المسيح، آمين.