“ربيّ وإلهيّ”
لقد كان عملاً تدبيريًّا عدم وجود توما مع الرسل، وغيابه كان لهدف جوهريّ؛ وهو إرادة المسيح شفاء هذا الشكّ والنقص الحاصل في إيماننا. غريب أن يطلب الربّ أن يؤمن الإنسان به من دون أن يرى، ويصرّ على هذا الطلب؛ ذلك لأنّ الإيمان هو عطية وكشف من الله ذاته، والإنسان يفتح قلبه لا عقله فقط على هذه العطيّة الإلهيّة. لهذا سيُسأل الإنسان عن إيمانه في يوم الدينونة؛ ولهذا يصبر الله على قلّة إيماننا، ليشفينا ويُخلّصنا لا ليرضخ لضعفاتنا.
بقوله “هات إصبعك ويدك…”، أظهر المسيح محبّة لا تنتهي وصبرًا لا يملّ على خلاصنا. وهو بادر بالطلب قبل أن يسأله توما، فقدّم له جسده وجراحه. لقد تنازل المسيح لضعف تلميذه، كما يتنازل دومًا لضعفات البشر ويقبل أن يُفتّش منهم وأن يُشكّك فيه وبعمله الخلاصيّ.
بتواضع كثير قَبِل شكّ تلميذه الّذي رافقه ثلاث سنوات نهارًا وليلاً.
عاتبه ولم يدنه، لأنّه اعترف وتاب. وإلى اليوم، إن لم يعش المسيحيّون قيامة مسيحهم بالروح الحيّ، بالصلاة والصوم وتعب النسك، لا بالعقل المحدود، فإنّهم يحيون من دون مسيح.
إلى أن يأتي وقت نصرخ فيه من أعماق قلوبنا “ربيّ وإلهيّ” لقد قام المسيح، سيبقى إيماننا نظريًّا لا وجود حقيقيّ فيه للربّ الغالب. إيمانًا لا حياة فيه ولا مواهب روحيّة، لا نعمة فيه ولا خلاص
(الكرمة العدد١٨ أيار ٢٠٢٢)
No Result
View All Result