الانتحار في الكتاب المقدس
سؤال: هل توجد آية في الكتاب المقدس تبيح أو لا تبيح الانتحار؟
الإجابة:
الانتحار هو قتل.. مثل أي قتل(*).. قتل النَّفس التي هي في سلطان الله؛ فهو تعدي على سلطان الله الذي له وحده السلطان في إعطاء الحياة أو أخذ النفس.. وعدم القتل كان من الوصايا العشر: “لاَ تَقْتُلْ” (سفر الخروج 20: 13). وهذا ليس تأويلًا أو غيره، بل رأينا مثلًا القديس أغسطينوس في القرن الخامس الميلادي يتحدث صراحة عن أن الانتحار هو ضد الوصية السادسة..
الانتحار هو أمر غير مُبَرَّر على الإطلاق.. فنرى من خلال خبرات العاملين في مجال الأزمات أن الانتحار غالبًا ما يكون محاولة للبحث عن حل دائم لمشكلة مؤقتة! فهو محاولة للهروب من جحيم المشاكل الذي لا يدوم، فمن أدراك أنك قد لا تُفاجأ بالجحيم الأبدي الذي لا ينتهي بسبب تلك الخطية..؟! وفكر معي ببساطة: بصفتك السائل فقد فكرت في الأمر أكثر من مرة.. أخبرني كم مرة فكرت سابقًا في الانتحار، وزالت الأسباب مع الزمن.. أو قلَّت.. أو تلاشَت.. أو عَرَفَت طرق التعامل مع المشكلة أو التعايش معها؟! فحين يأتي عليك مثل هذا الفِكر، قل لنفسك: ستعبر المشكلة كما عبرت سابقتها أو عرفت كيفية التعايش معها..
لاحظ نقطة هامة أيضًا.. وهي أن المُنتَحِر لا تصلي عليه الكنيسة بعد موته.. لأنه مجرم.. وقد تحدثنا سابقًا عن هذا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في إطار حديثنا السابق عن موضوع الانتحار.. فالكنيسة ترفض الصلاة على المُنْتَحِر إلا في حالة إذا كان قد فَقَدَ عقله (أصبح مجنونًا) وقتل نفسه بلا عِلم..
نماذج لأشخاص تمنوا الموت في وقت اليأس، ولكن هل أقدموا على هذا بالفعل؟!
إن كان كتاب الله يبيح الانتحار، لكان انتحر كثيرون ممن جابَهوا مشكلات كثيرة، بل وتمنى بعضهم الموت في أحيانٍ ما، أو يأسوا من الحياة في أحيان أخرى.. مثل:
-
موسى النبي: فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى الشَّعْبَ يَبْكُونَ بِعَشَائِرِهِمْ، كُلَّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ، وَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ جِدًّا، سَاءَ ذلِكَ فِي عَيْنَيْ مُوسَى. فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى عَبْدِكَ؟ وَلِمَاذَا لَمْ أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنَّكَ وَضَعْتَ ثِقْلَ جَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ عَلَيَّ؟ أَلَعَلِّي حَبِلْتُ بِجَمِيعِ هذَا الشَّعْبِ؟ أَوْ لَعَلِّي وَلَدْتُهُ، حَتَّى تَقُولَ لِي احْمِلْهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ الْمُرَبِّي الرَّضِيعَ، إِلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفْتَ لآبَائِهِ؟ مِنْ أَيْنَ لِي لَحْمٌ حَتَّى أُعْطِيَ جَمِيعَ هذَا الشَّعْبِ؟ لأَنَّهُمْ يَبْكُونَ عَلَيَّ قَائِلِينَ: أَعْطِنَا لَحْمًا لِنَأْكُلَ. لاَ أَقْدِرُ أَنَا وَحْدِي أَنْ أَحْمِلَ جَمِيعَ هذَا الشَّعْبِ لأَنَّهُ ثَقِيلٌ عَلَيَّ. فَإِنْ كُنْتَ تَفْعَلُ بِي هكَذَا، فَاقْتُلْنِي قَتْلًا إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ، فَلاَ أَرَى بَلِيَّتِي» (سفر العدد 11: 10-15). واستمر موسى النبي في خدماته العظيمة للشعب وعلاقته مع الله حتى مات وعمره 120 سنة.
-
إيليا النبي: “ثُمَّ سَارَ فِي الْبَرِّيَّةِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، حَتَّى أَتَى وَجَلَسَ تَحْتَ رَتَمَةٍ وَطَلَبَ الْمَوْتَ لِنَفْسِهِ، وَقَالَ: «قَدْ كَفَى الآنَ يَا رَبُّ. خُذْ نَفْسِي لأَنِّي لَسْتُ خَيْرًا مِنْ آبَائِي»” (سفر الملوك الأول 19: 4). ومع يأسه استمر في حياته حتى نقله الله، وما زال حيًّا في السماء حتى هذا اليوم.
-
يونان النبي: “وَحَدَثَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَنَّ اللهَ أَعَدَّ رِيحًا شَرْقِيَّةً حَارَّةً، فَضَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِ يُونَانَ فَذَبُلَ. فَطَلَبَ لِنَفْسِهِ الْمَوْتَ، وَقَالَ: «مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي».” (سفر يونان 4: 8). وقد كانت أمنية يونان هذا بسبب كبرياءه الشخصي، وقد أعطاه الله درسًا واضحًا في أهمية خلاص البشر، وأن المجد الشخصي زائل ولا قيمة له.
-
يأس بولس الرسول من الحياة في مرحلة ما: “فَإِنَّنَا لاَ نُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ ضِيقَتِنَا الَّتِي أَصَابَتْنَا فِي أَسِيَّا، أَنَّنَا تَثَقَّلْنَا جِدًّا فَوْقَ الطَّاقَةِ، حَتَّى أَيِسْنَا مِنَ الْحَيَاةِ أَيْضًا” (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 1: 8). هذا يقوله أحد أعظم كارزي المسيحية، ولكننا نراه يعرض الأمر في حجمه أنه مجرد فكرة عارِضة مستحيلة التنفيذ لثقته في الله، وفي الأصحاح ذاته نرى عرضًا لخططه المستقبلية، والمدن التي سيذهب إليها لاحقًا وخلافه..
-
وفي الأصحاح الثالث من سفر طوبيا رأينا كيف أن طوبيا الأب يأس بسبب عماه وتمنى الموت: “وَالآنَ يَا رَبِّ، بِحَسَبِ مَشِيئَتِكَ اصْنَعْ بِي وَمُرْ أَنْ تُقْبَضَ رُوحِي بِسَلاَمٍ لأَنَّ الْمَوْتَ لِي خَيْرٌ مِنَ الْحَيَاةِ” (طو 3: 6)، وكذلك قريبته سارة ابنة رعوئيل هي الأخرى بسبب موت أزواجها: “أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ يَا رَبِّ أَنْ تَحُلَّنِي مِنْ وِثَاقِ هذَا الْعَارِ أَوْ تَأْخُذَنِي عَنِ الأَرْضِ” (طو 3: 15). وكليهما أنقذه الله في الوقت المناسب، وأفادتنا تجاربهما في معرفة طرق الله، وأن له حكمة عظيمة في كل شيء.
-
ولو كان الانتحار مباحًا لكن انتحر أيوب الصديق الذي قضى ما يقرب من 33 سنة في مرض صعب ومتعب جدًا جسديًا ونفسيًا، بخلاف خسارته لحياته ومستقبله ممثلًا في أولاده وماله واحترام الناس له ومعونة أصدقاءه وحتى شريكة عمره! ونراه يقول: “«قَدْ كَرِهَتْ نَفْسِي حَيَاتِي. أُسَيِّبُ شَكْوَايَ. أَتَكَلَّمُ فِي مَرَارَةِ نَفْسِي” (سفر أيوب 10: 1)، ويتمنى الموت في قوله: “يَا لَيْتَ طِلْبَتِي تَأْتِي وَيُعْطِينِيَ اللهُ رَجَائِي! أَنْ يَرْضَى اللهُ بِأَنْ يَسْحَقَنِي، وَيُطْلِقَ يَدَهُ فَيَقْطَعَنِي” (سفر أيوب 6: 7، 8). ولكنه استمر في صلواته وصراعه مع الله حتى فتح الله عينيه وأراه طريقه..
أما الذين قتلوا نفسهم بالفعل بسبب مشاكل، فلهذا السبب أو لغيره، ماتوا في خطيتهم، وخرجوا عن رحمة الله، وقطعوا على أنفسهم احتمالات التوبة والعودة إلى حضن الله، مثل يهوذا تلميذ المسيح! فالانتحار هو من أعظم الخطايا، لأنه لا يوجد بعده توبة!! وكما يقول آباء الكنيسة القبطية: “ليست خطية بلا مغفرة، إلا التي بلا توبة”.
من الممكن أن نأخذ أيضًا آية: “إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 3: 17) بأن لها علاقة بالانتحار.. فإن كانت هذه الآية تُفَسَّر على أنها تتحدث عن الأعمال المسيئة للجسد والمدمرة له، مثل: التدخين – تعاطي المخدرات – الزنى – عمل علاقات جنسية خارجة عن الطبيعة.. إلخ. فإن كان هذا مستوى السمو المسيحي بعدم الإساءة للجسد ذاته، فكم وكم نقول عن الذي يقتل جسدًا بأكمله؟! وهناك آية أخرى لها علاقة بنفس السياق: “أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 6: 19).
ويقول الكتاب: “اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ” (رسالة يعقوب 1: 2-4). فيجب أن يفحص الإنسان سلوكه وطريقه ليعرف ماذا يريد الله أن يقول له من خلال التجربة.. لأن كل شيء يحدث بسماح من الله.. فيجب أن تتكلم مع الله في الصلاة وتطلب أن يرشدك لصوته وما يريد.. وإن لاحَظت أن سبب التجارب هو أي أخطاء تكون فيها، يجب أن يبحث الإنسان عن الأسباب كما يقول الكتاب: “لِنَفْحَصْ طُرُقَنَا وَنَمْتَحِنْهَا وَنَرْجعْ إِلَى الرَّبِّ” (سفر مراثي إرميا 3: 40).. وإن كانت أسباب التجارب أمورًا غير واضحة، تمسَّك بالرب ولا تُرْخِهِ.. وتذكر ما قاله الرسول بولس: “مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ. مُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ. حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا” (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 4: 8-10).
ولا تنسى يا أخي الحبيب أن الانتحار هو ضد الإيمان.. فإن كنت مؤمنًا فأنت مطمئن إلى أن “نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ.” (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 8: 28). حتى ما هو قد يبدو مضرًا أو صعبًا.. ونرى فوائد التجارب: “وإنما أذِنَ الرب أن تعرض له هذه التجربة لتكون لمن بعده قدوة صبره كأيوب الصديق” (سفر طوبيا 2: 12)، “مَنِ اتَّقَى الرَّبَّ لاَ يَلْقَى ضُرًّا، بَلْ عِنْدَ التَّجْرِبَةِ يَحْفَظُهُ الرَّبُّ، وَيُنَجِّيهِ مِنَ الشُّرُورِ.” (سفر يشوع بن سيراخ 33: 1)، “ألم يكن إبراهيم في التجربة وُجِدَ مؤمنًا فُحُسِبَ له ذلك برًا” (سفر المكابيين الأول 2: 52)، “لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا.” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 10: 13)، “طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» الَّذِي وَعَدَ بِهِ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَهُ” (رسالة يعقوب 1: 12)، “يَعْلَمُ الرَّبُّ أَنْ يُنْقِذَ الأَتْقِيَاءَ مِنَ التَّجْرِبَةِ، وَيَحْفَظَ الأَثَمَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ مُعَاقَبِينَ” (رسالة بطرس الرسول الثانية 2: 9)..
كل هذه وغيره الكثير آيات عن الاحتمال بصبر في التجارب لأن الرب يعرف الصالح لنا.. فأين هو احتمال التجارب والإيمان والثقة بالله وأنت تيأس من المشاكل وتريد الانتحار؟!
سؤالك عن آية صريحة عن الانتحار، وعدم الاهتمام بباقي الشواهد والآيات هو أمر غير سليم، وخارج عن المسيحية، فهناك بدعة نضعها في قائمة البدع وهي بدعة الآية الواحدة! أي أنه يجب عليك أن تأخذ الموضوع من كل جوانبه، والسياق المذكور فيه داخل الكتاب المقدس، لتخرج منه بعقيدة ونتيجة.. وليس من خلال موقف واحد أو آية واحدة.
هناك مَثَل شعبي يقول: “لا تفكر في المفقود، حتى لا تفقد الموجود”، أو كما كان يكرر البابا شنوده المثل القائل: “ما لا يُدْرَك كله، لا يُتْرَك كله”.. إن الحزن والضيق و”الانهباط” فِتْنة لا محالة.. أو يتعلَّم الإنسان كيف يتعامل معه.. وأتذكر في هذا السياق رباعية الشاعر الكبير صلاح جاهين: “حاسِب من الأحزان وحاسِب لها، حاسِب على رقابيك من حَبْلَها. راح تنتهي و لا بُد راح تنتهي، مش انتهت أحزان من قبلها؟! عجبي”. فاهتم بـ”هنا والآن”، أي اخرج من الوضع الحالي الذي أنت فيه بخيط، تستطيع أن تستخدمه لبدء البحث عن الحل والوصول له..
فكن حكيمًا يا صديقي، ولا تضع فوق كتفيك أحمالًا لا طائل لها، وتظن أن الحياة ستقف بسبب المشكلة التي أنت بها، أو أن آمالك انهارت، وَخَسِرْتَ الكثير والكثير.. (ولو انت مكتئب أوي ومش لاقي حد تكلمه، إدينا رنّة وندردش مع بعض شوية 🙂 ) أو تواصَل معنا كذلك إن كنت في مجال المشورة وتحاول مساعدة أحدٌ ما يعاني من هذا الأمر لنتكلَّم في المحاور التي ينبغي الانتباه إليها.. وبالطبع هذا الأمر لا علاقة له بالدين..
_____
الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت www.st-takla.org (م. غ.) – مراجعة لغوية: سامي فانوس.
-
مقال أمام الله – من مقالات الأنبا شنوده الثالث في جريدة الأهرام.