لا تدعِ على أعدائك وتطلب من الله هلاكهم!
القديس يوحنا ذهبي الفم
المستمع القاسي القلب، اذ له مثل هذا الآب السماوي، عليه أن لا يسلك سلوكاً ارضياً، لأن دعوته هي من السماء. لأننا لا ينبغي أن نكون أولاده بالنعمة فقط لكن بأعمالنا أيضاً، ولا شئ يجعلنا متشبهين بالله بقدر أن نمنح غفراناً للأشرار ولكل الذين يسيئون إلينا …
فكم يستحقون العقاب الذين بعد كل هذا ليس فقط لا يغفرون، بل يدعون الله لكي ينتقم من أعدائهم! … المحبة هي أصل كل صلاح … ولكي نتخلص من خطايا كثيرة أعطانا الله طريقاً سريعاً وسهلاً، لا يجلب علينا أي متاعب (المغفرة)، فهل يصعب عليك أن تغفر للذي أخطأ اليك؟! انك لا تحتاج أن تجوب البحار، ولا أن تسافر أسفاراً طويلة، ولا أن تتسلق قمم الجبال، ولا أن تقترض نقوداً، ولا أن تعذب جسدك، بل يكفي فقط أن تبغيها وسوف تُمحَي كل خطاياك.
فأي رجاء لك لتخلص ان كنت لا تغفر لعدوك! بل بالإضافة إلى ذلك تصلي إلى الله ضده ! لربما تظهر كأنك تصلي بينما انت في الحقيقة تصرخ بصراخ “وحشي” وتحول سهام الشرير الي نفسك! … فكيف تكون في حاجة الى رحمة الله وتتمسك بغضبك ! بالرغم من أنك تعرف جيداً أنك بموقفك هذا تصوب سهام الشرير (الشيطان) الي ذاتك ! متي تصير اذن محباً؟! ومتي تطرد عنك هذا السم الشرير؟!
اذا يأتي اليك شخص يطلب رحمتك جاثياً على الارض ثم وقتما انتهي من توسله هذا رأي عدوه قادم فنهض للتو وأخذ يضربه ويهدده! ألن تغضب منه أكثر مما كنت؟ … تأمل … فان نفس الأمر يحدث بينك وبين الله! فبينما أنت تتضرع الي الله، اذ بك تترك تضرعك وتضرب بكلامك عدوك! بل تفعل أكثر من هذا اذ انك تحرض المُشَرّع (الله) حتي يصب جام غضبه علي الذين يسيئون اليك! وكأنك لا تكتفي بأن تخالف ناموس الله بل تريد أن يفعل الله نفس الأمر!! هل نسيت كل ما أعلنه لنا!! أتظن أن الله مثل الانسان؟!! …
لا تقل لي انك لم تغرس اسنانك في جسد الذي أساء اليك، فانك قد فعلت شيئاً سيئاً جداً، وذلك عندما أعلنت رغبتك في أن يسقط فوقه غضب السماء، لأنك تود أن تسلمه لعقاب أبدي! وتود أن تدمره هو وكل عائلته! اليس هذا الأمر هو اسوأ من كل اللدغات؟! أليس هو أكثر الماً من كل النبال؟! ألم يعلمك المسيح بأن مثل هذه الأمور هي أسوأ من الأفواه الملطخة بالدماء؟! كيف بعد ذلك تريد أن تقترب من الذبيحة؟! وكيف لك أن تتذوق دم الرب؟! فانك عندما تصلي وتقول: “اسحقه ! دمر بيته ! دمره من كل جهة!”، فأنت لم تختلف في شئ عن أي “قاتل”! ولا اختلفت بشئ عن أي “وحش مفترس”! ليتنا نوقف هذا المرض وهذا الهوس! ودعونا نقدم محبة للذين اساءوا الينا، لكي نصير متشبهين بالهنا السماوي …
فان كنا نلعن أعدائنا في صلواتنا ! فمن أين ننال رجاء الخلاص؟ هل سنناله من الخطايا التي نفعلها؟!! بل ونضيف اليها هذا الهذيان الذي نقوله في الصلاة !! ليتنا نطرد السموم من داخلنا، ونصلي كما يليق بنا. دعونا ننال “هدوء الملائكة” بدلاً من “ضوضاء الشياطين”، ليتنا نلجم غضبنا أمام كل المظالم التي أصابتنا طالما نحتفظ في ذهننا بالأجر الذي سوف ينتظرنا بعد تنفيذ الوصية، ليتنا نكبح جماح الأمواج لكي نقضي الحياة الحاضرة بلا اضطراب حتي نصل الي الرب.
ولو كان هذا الأمر نعده ثقيل ومخيف، فدعونا نجعله خفيفاً ومحبوباً، ليتنا نفتح كل الأبواب البهية المؤدية نحوه. حتى ان ما لم نحققه بالكف عن خطايانا يمكننا ان نحققه بأن نصير مسالمين تجاه هؤلاء الذين يذنبون الينا، وهذا ليس ثقيلاً ولا صعباً، إذ باحساننا الى الأعداء نكون جديرين برحمته الجزيلة علينا. وبفعلنا هذا في هذه الحياة سوف يحبنا الجميع وسيحبنا الله أكثر من الجميع، سوف يحبنا ويكللنا ويجعلنا مستحقين للخيرات العتيدة والتي جميعنا ننالها بنعمة ومحبة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والقوة الي أبد الآبدين. آمين
No Result
View All Result